أُخَيَّ يامن هبت عليه نسائم الإيمان في عنفوان الفتوة والشباب,
أنت أنا وأنا أنت, لقد أتى علي يوم مثل يومك,
تنفس فيه صبح الهداية فسلكت ذات الطريق,
فأصابني ساعتها ما أصابك ورابني من جفوة القريب ما أصابك,
كأن القوم اجتمعوا في صعيد واحد وأجمعوا أمرهم,
أجمعوا على طي كتاب الود والصفاء وافتتاح سجل النكير والجفاء,
فأصخ السمع يا شقيق الروح أهمسْ في أذنك كلمات,
لعل الله ينفعك بهن ومن شاء من عباده,
إنهم جفوك وما نسوك, إنهم هناك غير بعيد, يرقبونك,
يترقبون ضعفك يتساءلون متى تذبل زهرة إيمانك,
متى تحن إلى خلانك, متى ترتد إلى لغوهم ولهوهم على عقبك؟
فلا تقر أعينهم بما يغضب ربك, بل اثبت وتجلد,
أجبهم بلسان العلم والعمل بمعاني الصبر والثبات,
إنهم يرقبونك, يرون في قوتك ضعفهم, وفي يقينك حيرتهم,
وفي صفائك تخليطهم, وفي ثباتك تقلبهم,
وما يدريك, لعل الله صرفهم عن بابك حتى تتفرغ له,
لعله غار على عينيك أن تلتفت إلى سواه, وعلى أذنيك أن تلتذ بغير كلامه,
وعلى قلبك أن ينشغل بغير ذكره,
فلذ بجناب الله, أقبل على العلم به وبأسمائه وصفاته, تفقه في أمره ونهيه,
تعاهد نخلة الإيمان في قلبك حتى يشتد عودك, حينها سيحتاجون إليك,
سيحتاجون إلى علمك حين استغنيت عن دنياهم,
أبحر بسفين العلم والعمل وافتح شراع الخوف والرجاء تبلغْ شاطئ النجاة,
شاطئ المخلصين الذين صنعهم الله على عينه واستخلصهم لنفسه,
حينها تهب عليك نفحات القرب وستحمد عاقبة الصبر,
وفي الأخرى تنادى: ( يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون )
إذن أيها الفتى التائب, إنهم سيقلونك ثم يرقبونك ثم يأتونك,
سيملك عليهم ثباتك شغاف قلوبهم, سيلوذون بعلمك لجهلهم,
ليس في ساعة الرخاء بل إذا جد الجد وادلهم الخطب,
حينها سيلوذون بثباتك كما يلوذ الغريق بطوق النجاة,
فاثبت وتجلد وابتسم ولا تجزع, وتشجع فالشجاعة صبر ساعة,
ومن علم ما يطلب هان عليه ما يبذل,
ونسأل الله ألا يكون حظنا من هذا الكلام لي اللسان,
وأن يصبغنا في بحر الوحي صبغة تطهرنا من أدران الشرك والرياء
وأن يجعل عاقبة أمرنا يسرا
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.