هل محمد أصابه مس و سحر أيعقل؟
روى البخاري ومسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «سحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل من بني زريق، يقال له لبيد بن الأعصم، حتى كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله، حتى إذا كان ذات يوم - أو ذات ليلة - وهو عندي، لكنه دعا ودعا، ثم قال: يا عائشة، أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه؟ أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ فقال: مطبوب[1]، قال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطة[2]، وجف طلع نخلة ذكر[3]. قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذروان، فأتاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ناس من أصحابه، فجاء فقال: ياعائشة، كأن ماءها نقاعة الحناء[4]، وكأن رءوس نخلها رءوس الشياطين. قلت: يارسول الله أفلا استخرجته؟ قال: قد عافاني الله، فكرهت أن أثير على الناس فيه شرا. فأمر بها فدفنت»
هل يعقل أن يقع السحر على نبي مؤيد من ربه مبلغ للرسالة و الامانة أن يصيبه شيئ من هذا القبيل و ربه يقول والله يعصمك من الناس
وان صدقنا جدلا الحديث على فرض صحته فمن باب اولى أن نصدق القرآن الذي يقول (إن تتبعون إلا رجلا مسحورا) فتصبح النتيجة أن القرآن أهم دليل أنه منتوج السحر والشيطان
ومن ناحية أخرى، لو أن النبي سُحر بالفعل لكان حديث كل النّاس، نقصد الصّحابة وغيرهم، ولكان الخبر متواترا. فكيف ننقله فقط عن عائشة أو بمعنى آخر لما لم تُخبر عنه أزواجه، وقد كن يُخبرن النّاس بأصغر التّفاصيل كالجنابة والجماع
و في المقابل، لنفرض أن الحديث صحيح، فهو من حيث النوع آحاد، والآحاد لا يؤخذ بها في باب العقائد، وعصمة النّبي من العقائد لا ننفيها عنه إلا باليقين، ولا يجوز أن يؤخذ فيها بالظن والمظنون. وفي هذا الشأن قال الأستاذ محمد عبده : " ولا يخفى أن تأثير السحر في نفسه حتى يصل به الأمر إلى أن يظن أنه يفعل شيئاً وهو لا يفعله ليس من قبيل تأثير الأمراض في الأبدان ولا من قبيل عروض السهو والنسيان في بعض الأمور العادية بل هو ماس بالعقل آخذ بالروح وهو مما يصدق قول المشركين فيه : ( إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا رَجلا مَسْحُورًا) وليس المسحور عندهم إلا من خولط في عقله وخيل له أن شيئاً يقع وهو لا يقع فيخيل إليه أنه يوحى إليه ولا يوحى إليه. :39: