لماذا يحاسبني الله وهو قد علم ما سأفعله وكتبه عنده ؟
سؤال من أكثر الأسئلة ورودا من الملحدين ....ويقع فيه كثير من المشككين ...
لماذا يحاسبني الله وهو قد علم ما سأفعله وكتبه عنده ؟
أقول :
الحمد لله وبعد :
لحل هذا الإشكال لابد أن تكون على علم بأن صفات الله تعالى مطلقة ، فالله عز وجل عليم ذو العلم المطلق ...الأزلي ، فالله يستوي في علمه الأزلي الزمن بأنواعه الثلاثة التي نعرفها -الماضي والحاضر والمستقبل - إذا فعلم الله تعالى أزلي لا نقص فيه .... يعني المستقبل ليس غيب بالنسبة له !! بل هو كالماضي بالنسبة لنا ....
الله تعالى يعلم ما فعلته في الماضي ويعلم بحالك الآن وأنت تقرأ هذه الكلمات في الحاضر ويعلم بحالك في المستقبل ، ويعلم ما سيحدث إذا اختارت شيئا ما ، ويعلم ما يحدث إذا اختارت شيئا آخر غير الذي اختارت ... فهو يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون ....فعلم الله تعالى لا دخل فيما فعلت أنت وما ستفعل ، انت حر افعل ما تشاء ، لكن اعلم أنك ستحاسب !!.
أما عن المحاسبة : فكما قلنا في المرة السابقة أن الله تعالى خلقك مسير مخير ...فأنت محاسب على ما تم تخييرك فيه ...غير محاسب على ما أنت مسير عليه ...
الله تعالى لم يتدخل فيما اختارت وهذا من مشيئته ، حيث كان من مشيئته وقدرته أن يترك لك الخيار لتختار ، ولذا سيحاسبك على اختيارك دون إجبار ، فأنت تستطيع أن تؤمن بالله ، وتستطيع أن تكفر بالله ، تستطيع أن تعمل الحلال وتستطيع أن تعمل الحرام .
وليتضح المقال بمثال :
نفترض أني جئتك زائرا ، ولديك ولدين ، ثم أعطيت أحدهما أ خمسون جنيها ، وأعطيت الآخر ب مثل ذلك ، ثم انصرفا ، فإذا بك تخبرني أن ابنك أ سيصرف 10 جنيهات ، وسيتصدق بعشر أخرى ، وسيعطي والدته عشرون ، وسيحتفظ بالعشرة الباقية ...
ثم اخبرتني بأن ابنك الاخر ب سيصرف الاربعون جنيها كاملة ، وسيعطي والدته عشرة جنيهات فقط ....
وبعد ساعتين جاء كلا من الولدين وإذا بهما فعلا مثل ما اخبرتني به تماما ....وذلك لعلمك السابق بهما وبخبرتك وتعاملك معهما ...
هل هذا يعني أنك أجبرت أحدا على فعل شيء ؟! وهل هذا يعني أنه لا يحق لك حسابهما ؟! وهل هذا يعني أنهما لا يحسنان التصرف فيما يملكان ما دمت قد علمت مسبقا بما سيفعلان ؟!
بلطبع لا ...بل ينبغي أن يجتهد كل منهما ما دام يعرفان أنك تعلم ما سيفعلان
لنأخذ مثال آخر فيزيائي :) حتى تتضح الصورة أكثر و أكثر
السفر عبر الزمن ....هو فكرة نتجت لدى الفيزيائيين نتجت تطور الفيزياء وبخاصة النظرية النسبية في القرن العشرين ...المهم ...نفترض أن رئيس المجهورية كلفك بعمل خلال سنتين ....وقال إن أكملته على أكمل وجه كما ينبغي فسأكفأك بكذا وكذا ...وإن قصرت وأهملت فسأسجنك وأعذبك ......ثم قام هذا الرئيس برحلة عبر الزمن إلى المستقبل بخمس سنوات ...وعلم ما ستفعله أنت وما ستقوم به ، سواء من إتمام العمل كما ينبغي أو بالإهمال ، ثم كتب كل ذلك وأيده عنده ، ثم أخبرك أنه كتب كل ما ستفعله مستقبلا ، وذلك لعلمه الذي حصل عليه ، فهل هذا يعني أنه لا يحق له أن يحاسبك بعد السنتين بحجة علمه ، وهل هذا يعني أنه أجبرك على شيء مما تعمل أو ما ستعمل ؟! أم أن هذا يكون دافعا أن تحسن العمل ؟!
فما بالك بربك ....ولله المثل الأعلى ...والكمال والعلم المطلق ...الذي يعلم السر وأخفى .
هذه الأمثلة هي فقط مجرد تشبيه لتقريب المعلومة ...