تعليق موجه لغير صاحب الرد
الزميل (ناصر التوحيد)،
تحية طيبة لك إن استخدمت الخلق الرفيع في الخطاب مستقبلا،
أما بعد،
لم يكن عندي نية للرد على آخر ما رددتَ به عليّ، لما كان يحمل من عجرفة وتعابير غير مناسبة، ولكن قلت في نفسي عسى أن ينتبه غيره إلى ما سأكتب فيفيده الكلام عندما يراجع كل منا نفسه دوريا،
فأقول لك:
ذكرتَ:
اقتباس:
يعني انت تخليت عن هذه الاخلاق الاسلامية منذ تركت اسلامك
كلا يا زميلي، احتفظت وتمسكت بما رأيته صالحا، وتركت ما رأيته غير صالح، (...) فترى الأديان والمذاهب كل قد أخذ بجانب من الحق وترك آخر، وهذا من أسباب بقاء أصحاب النيات الحسنة للحق على أديانهم، لأنهم يخدعون بما يرونه من حق ، ويغفلون عما هو موجود من باطل ألبس مع هذا الحق.
ولا تنسَ ما ذكرتُه سابقا من أني أؤمن ببعض القضايا الإسلامية بحد ذاتها دون ارتباطها الديني أو أنها منزلة من السماء.
ثم لا تنسَ إن هناك الكثير من أصحاب الأخلاق الرفيعة في الإسلام وفي المسيحية وفي اليهودية، وفي البوذية وفي الهنودسية وفي الكونفوشيوسة على حد سواء، وكذلك عند الكثير من العلمانيين والليبراليين، واللادينيين سواء أكانوا ملاحدة أو ألوهيين أو لاأدريين.
بمعنى أن الأخلاق (فطرة) إنسانية لا تختص بدين دون دين. فلا تجعلها مقتصرة على دينك الإسلامي، ولا أعلم هل من الأخلاق مشروعية استرقاق العبيد في دينكم سواء بالشراء أم بالغزوات، وهل من الأخلاق قتل المرتد إذا لم يثبت عنده في بحثه صحة معتقده السابق، وهل من الأخلاق أن تجعلوا النساء ناقصات حظوظ وعقول ودين وتعتبرون شهادتهن بنصف شهادة الرجل، وهل من الأخلاق أن تعاملوا الأقليات على ما جاء في العهد الذي عقد بين المسلمين والنصارى في بلاد الشام من ذلة ومهانة وانتقاص، وغير ذلك الكثير الكثير ذكرت ما ذكرت مستعجلا.
وأما قولك:
اقتباس:
كيف ترى اذن .. ابعين عوراء ام عمياء .. وهل انت من البشر المشمولين بالتحدي القراني ام ممن دونهم من الخلق .. فخرجت عن قبول التحدي الالهي في الاعجاز القراني
فعلى ما فيه من عدم احترام للآخر في أسلوبه، أجاوبه - أي كلامك - افادة للغير، فأقول:
نعم أنا لست من البشر المشمولين بالتحدي القرآني، لأني من بشر القرن الحادي والعشرين، وليس من العرب في القرن السابع الميلادي، بمعنى آخر: قِوام تحدي القرآن للناس كان بما يدعيه من الإعجاز اللغوي - ولا تقل لي إن هناك جوانب كثيرة للإعجاز مثل العلمي التاريخي ..... فهذا تكلف واضح - فإذن لن يكون مشمولا بهذا التحدي إلا من تكلّم اللغة العربية على السليقة، وهم العرب الفصحاء وقت الدعوة المحمدية، أما غير العرب في ذلك الوقت أو عموم البشر الذين جاؤوا بعد ذلك فليسوا مشمولين بالتحدي لأنهم أصلا لا يتكلمون العربية على السليقة وحتى من يتكلمها فهو أما متعلم أو قد تكلم بها وهو ناشئ في بيئة غير نقية لغويا، أي بعد دخول العجمة إلى المجتمعات العربية.
أما قولك في جوابك على سؤالي عندما سألتك عن دليلك على أن الدين نزل مع نزول آدم إذ قلت:
اقتباس:
دليلي هو تكويني البشري الادمي .. دليلي هو غريزة التدين المزروعة في جسدي .. دليلي هو فطرة الايمان التي توجهني الى الله في السراء والضراء
فيا زميلي، أنا تكويني بشري وكذلك بقية إخواني من الألوهيين والملاحدة واللاأدريين وغيرهم، ومع ذلك لا نرى ذلك.
أما قولك: (غريزة التدين المزروعة في جسدي)، فلا أرى مثل هكذا غريزة مزروعة في جسدي أنا أو عند الأصناف التي ذكرتها آنفا. نعم توجد عندي غريزة الأخلاق والضمير (إن صح تسميتها بالغريزة)، نعم عندي حب التوجه إلى قوة عظيمة خلقت هذا الوجود. توجد في داخلي (غريزة) حب الكمال والسعي إليه. أما إذا أردت أن تسمي هذه دينا -على مفهومكم- أو أن تحصرها على إسلامك فأنت مخطئ وواهم جدا.
وأما ما ذكرته عن (فطرة الإيمان التي توجهني إلى الله في السراء والضراء) فيا زميلي، هذه أيضا عندي رغم أني لست متدينا ولا اراها مختصة بدين أو غيره، صحيح الدين يركز عليها ويستغلها لخير أو شر.
تحياتي
متابعة إشرافية
مراقب 1