اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mrkira
الأخت لميس أشكرك على بيان إشكاليتك بشكل أوضح لأنني هذا ما ظننته بالفعل.
هذا الإشكال حدث لديك لأنك ظننت أن مصير البشر يكون اعتمادا على عوامل خارجية. المشكلة في هذا التحليل هو أننا لا نستطيع تحديد مصير البشر بمعادلة منطقية اعتمادا على العوامل لأننا نتكلم عن حرية الإرادة. حرية الإرادة ليست خاضعة للأنظمة الجبرية مثل المعادلات الرياضية أو المنطقية. لأن نتيجة الأنظمة الجبرية اعتمادا على عوامل معينة هو حتمي أي أنه ذو نتيجة واحدة دوما. وهذا يناقض حرية الإرادة لأن هناك عدة احتمالات لاختيارات صاحب الارادة الحرة. فلذلك فالإرادة الحرة هو نظام غير حتمي وهو غير خاضع للأنظمة الجبرية. فمهما تعدد العوامل، لن تستطيع هذه العوامل فرض نفسها على اختيارات الشخص. وقد تكلم الأستاذ عبدالواحد في هذه النقطة بشكل أوسع؛ ولمن أراد الرجوع الى موضوعه فسوف تجدونه من هنا :
http://www.eltwhed.com/vb/showthread...CA%CE%ED%ED%D1
لكن المشكلة التي تتحدّث عنها الاخت الفاضلة هي مشكلة اختلاف الخيارات المتاحة لتلك الإرادة الحرّة ...
فعندما يولد إنسان في بيئة تحيط به ديانات وثنية و لا يوجد فيها دين الاسلام كخيار متاح ، فإنه حتى و إن امتلك الإرادة الحرّة في أن يختار الدين الصحيح ، فهو لن يجد الدين الصحيح أمامه ...
فسيجد نفسه يبحث في الأديان التي حوله ، حتى يتوصلّ إلى أنّها جميعا ليست صحيحة . ثم يفترض أنّ هناك دين صحيح ما في مكان ما .. ثم يحاول البحث عن ذلك الدين بالسفر و السؤال حتى يصل إلى الإسلام ...
و هذه الفرصة لا تساوي فرصة إنسان ولد و وجد الإسلام أمامه ، فيجد نفسه يختار الخيار السهل المتاح أمامه بدل اختيار الديانة الهندوسية التي هو لا يعرف شيئا عنها !
فأصبح الاختيار يعتمد على الخيار المتاح أكثر منه على كون الإرادة حرّة ...
من هنا تتولّد أسئلة عند البعض عن علاقة العدل باختلاف الخيارات حتى و إن تساوى الناس في امتلاكهم للإرادة الحرّة .. !
من هنا يأتي الجواب الكاشف للّبس هو أنّ حساب الله للنّاس هو حساب فردي ، بمعنى أنّ كل إنسان يُحاسب وفق المعطيات المتاحة له .. و ليس الحكم بالجملة كما يعتقد البعض ، بأنّ الناس صنفين ، الصنف الأول إلى الجنة و الباقي إلى النّار .. !
بل الحكم على الإنسان من حيث دخوله الجنّة أو النّار يعتمد على ظروفه هو ، أكثر من اعتماده على المجموعة التي ينتمي إليها .. فقد نجد شخصا يصفه النّاس بأنّه كافر ، و لكنّه في واقع الأمر غير مقتنع بديانته الباطلة ، و لكن و لأنّه لا يعرف الديانة الصحيحة لازال يوصف بتلك الديانة . و نصف في المقابل شخصا يدين بالإسلام لأنّ المجتمع الذي هو فيه مسلم ، و لكن غير مقتنع بالاسلام و إنما يساير المجمتع . فيكون الأول من أهل الجنة برغم أن ظاهره الكفر ، و الثاني من أهل النار برغم أن ظاهره الإسلام !