المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مُستفيد
الحكمة والتعليل في أفعال الله فرع عن الإيمان بوجود الله ووالإيمان بصدق ما أخبر به الرسل
لهذا من العبث الخوض في مثل هذه المسائل مع من لا يؤمن بوجود الله أصلا. فمهما ذكرنا وما سنذكر من الحكم الإلهية فلن نجد من الملحد غير الإنكار لأنه وبكل بساطة من لا يؤمن بوجود الله لن يؤمن بغضب هذا الإله كحجة في تعليل الأفعال..ومن لا يؤمن بوجود الله طبيعي جدا أن لا يؤمن بابتلاء الله لعباده كحجة في تعليل أفعال هذا الإله..ومن لا يؤمن بوجود الله طبيعي أيضا أن لا يؤمن بحجة ( لعلهم يرجعون )..وطبيعي أيضا أن لا يؤمن بالعقاب الدنيوي وطبيعي أن لا يؤمن بالأجل ( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ).
لهذا على الزميل أن يناقش أصل معتقده في وجود الله إن كان ملحدا وفي صدق الرسالة إن كان لا دينيا أما النقاش في الفروع وهو منكر للأصل لهو عين العبث!
مغالطة في كلام الزميل بنى عليها كل أفكاره أرجو أن يتأملها جيدا:
التصميم الكامل هو التصميم الذي يؤدي غاية المصمم وليس هو التصميم الذي يؤدي غايات أخرى لم يردها هذا المصمم
مثلا لو شخصا ما صنع ثلاجة..أن تحفظ هذه الثلاجة الطعام وتُبَرِّد بشكل جيد وفعال فعندها يكون تصميمها تصميما كاملا وإن أتى شخص ما وادعى أن هذا التصميم معيوب وغير كامل وأن الشركة المصنعة مخادعة بادعائها كمال الثلاجة لأن الثلاجة لا تطير مثل الطائرة وليس فيها مقاعد كافية مثل الباص أو يدعي أن بها عيوب كأن تتعطل عند قطع التيار الكهربائي وإن تجاوزت زمنيا عمرها الإفتراضي فلن تعمل وإن سقطت من علو ثلاث طوابق فأيضا لن تعمل إذن هو تصميم غير كامل ومعيوب!..فعلى هذا الشخص أن يراجع معلوماته عن التصميم الكامل وإن أصر فمن السهل اتهامه بالجنون.
نفس الشيء في قضية خلق الإنسان..فلو تأمل الزميل كلامه وقاسه على مثال الثلاجة سيجد أن ما يعتبرها عيوب قادحة في الكمال هي عين الكمال..فالله سبحانه وتعالى أراد أن يخلق هذا الإنسان بتلك المواصفات تحديدا..فالإنسان في المفهوم الإسلامي ليس خالدا لهذا فإن كل ما سيذكره الزميل من مسببات الموت هي تصب من حيث لا يدري في تحقيق غاية المصمم من تصميمه دون القدح في الغايات الأخرى كتعمير الأرض أو العبادة. أتدري يا زميل متى يكون كلامك حجة علينا ؟...عندما يتمكن العلم من خلق الإنسان الكامل بالمفهوم الإلحادي أي الإنسان الخالد الذي لا يمرض ولا يموت ولا ولا..أما ما دون ذلك فإن ما تقوله وما ستقوله لن يكون إلا تكريسا وتصديقا للفكرة التي دافعت عنها الأديان. الثلاجة كمثال -ابتسامة-
أما عن ( وخلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) فالآية تتحدث عن الخلقة من حيث الشكل والخلقة ومن حيث الفطرة القويمة السليمة. ولو حملنا الآية على الخلقة من حيث الشكل فلا أظن الزميل ينكر أن غالبية البشر في أحسن تقويم فهذه هي القاعدة..وما شذ عن ذلك فإما لأسباب متعلقة بالإنسان وإفساده الحرث والنسل وإما متعلقة بحكم إلهية وراجع ما ذكره القرآن في الأعرج والأعمى والأصم فأنتَ لم تأتنا بالجديد.
وأما عن كون هذ ا الشذوذ يقدح في العدل بزعمك فيكفي أن تجد أعمى وكسيح يقول الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به غيري! (وبشر الصابرين) وفي الحديث (( إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة )) ومن يدري لعل لو لم يُبتلى بهذا الإبتلاء ما كان ليدخل الجنة فيكون الله قد عامله بفضله لا فقط بعدله! فمرتبة الفضل أعلى من العدل...والمجنون يرفع عنه القلم والتكليف ومن يدري لعله من باب الفضل ولو عامله الله بعدله ورد عليه عقله لهلك (( ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون )) وقس على ذلك ما شئت ولا ننتظر منك تسليما إلا أن يتغمدك الله بفضله كحال من ذكرنا..فما أدراك أن من أوتي كل شيء هو خير له!.وما أدراك أن من حُرم تلك النعم هو شر له!
تحتج علينا بالخير والشر العدل والظلم! هي مصطلحات دينية خالصة واحتجاجك بها علينا هو من باب التطفل يستحيل استنباطها بالمناهج المادية ونتحداك أن تثبت أيٍّ من هذه المعاني من منطلق إلحادي مادي بحت. ومن ثم احتج علينا بها كما شئت.