قمة في الإبداع
بارك الله فيك
عرض للطباعة
قمة في الإبداع
بارك الله فيك
السلام عليكم
هذه اول مشاركه لى فى هذا المنتدى الاكثر من رائع واحببت ان تكون فى اول المواضيع التى اثرت بى جدا بالرغم من انى مسلمه ولكن جعلتنى افهم كيف يفكر الملحد وحجم الدوامات والتخبطات التى يعانون منها ولكنهم يكابرون ... جزاك الله اخيرا اخى هشام وجعله فى ميزان حسناتك وارجوك لاتحرمنا المزيد منها ....تقبل تحياتى
أحسن ما في هذه اليوميات الأخيرة سيدي هشام تصاعد الجودة في اتقان الخلطة التي تكتنفها بين الخير و الشر دون ادعاء امتلاك الصواب كله من طرف واحد ..ثم حتى اذا استوت السخرية بالذين يحسبون انفسهم انهم يسخرون من المومنين بهذه الخلطة ...من بين الأسطر ظهر ان الحق غير منوط لا بمومن و لا كافر ...فيكون اخراج الفرقان الحق بعدها من بين فرث و دم لبنا خالصا سائغا للشاربين...متابع لكم سيدي
ما شاء الله أخي هشام .......
أنت تبني هنا معينا ًجيدا ًللنشر على النت وغيره : لفضح أولئك المشعوذين !
أدعو الله تعالى لك ولناقله بجزيل الثواب والعطاء : وألا ينقص ذلك من أجرك
شيئا ً..
إنه ولي ذلك والقادر عليه ..
اسلوبك جميل اخى هشام
لا تنسانى من الدعاء
يشرفني تعليقك أخي الكريم, وفيك بارك الله.
وجزاك الله خيرا, والحمد لله أن وجدت فائدة في كلماتي.
سيدي الكريم عياض, أصدقك القول أني سررت كثيرا بقراءتك النقدية, وآمل أن تؤدي هذه اليوميات ما أرتجيه منها, سأضع في الحسبان ملاحظاتك القيمة.
بارك الله فيك أخي الكريم, سررت بتعليقك وتشجيعك, وليتك تسهم معي في نشر هذه اليوميات.
ولك مثل ما دعوت لي به وأكثر أخي الفاضل.
بارك الله فيك وغفر لي ولك أخي محمد.
إخواني الكرام, يشرفني أن أرحب بكم جميعا قراء لهذه الصفحات, وأرحب أكثر بالنقد مهما كان لونه, وأعني ما أقول.
وأهديكم جميعا اليومية التالية, التي ستكون خاتمة يوميات سنة إلكترونية من سنوات أبي الإلحاد العجاف.
27 استعداد أهل الإلحاد لشهر المحنة والأصفاد
مشى أبو الإلحاد إلى بيته غارقا في هلوساته كديدنه, حين تسللت رائحة نفاذة إلى خياشيمه. وسرعان ما بدأت تستثير فيه عوالم كامنة في أعماقه, رغم أنه استمر في شروده كأنه منفصل عن هذا العالم. تداعت مع ذلك الشذى ذكريات الطفولة الحالمة إلى عقله. ما أغرب أمر حاسة الشم. لقد نقلته فجأة في نفق عابر للسنين إلى أيام الصبا الأول. ربما كانت الخياشيم هي المنفذ الأمثل للسفر عبر الزمن. حملته الرائحة الزكية التي لم يتبينها بعد إلى مطبخ أمه حيث تجمعت الجارات لإعداد الحلوى لإستقبال مناسبة سعيدة. ها هو يعود من المدرسة جائعا, يلقي محفظته ويهرع مسرعا ليذوق حلوى بمذاق اللوز والسمسم وماء الورد, سال لعابه حين تمثلت حلوى رمضان مغموسة في العسل أمام عينه. فجأة انتبه من شروده وتسمر في مكانه كمن نزلت به مصيبة. قال يحدث نفسه: " حلوى رمضان؟ يا للهول, لقد عاد رمضان, كيف مرت سنة بهذه السرعة؟ عندها وصل إلى باب بائع الحلوى, وجده يصفها في الأطباق, تماما كما كانت أمه تصنع مع جاراتها. وقف هنيهة يهمّ أن يقول شيئا, فمد إليه البائع قطعة وقال: "ذق هذه" أخذها ووضعها في فمه, فشعر بها تذوب كأنها قطعة سكر, تذكر أيام رمضان, تذكر التمر والحلوى, وتذكر صبيان الحارة وحالهم في آخر ليلة من شعبان. رأى نفسه عبر جدار السنين يترقب مع أخيه وأصحابه الهلال في شوق, حتى إذا رأوه انصبوا كالسيل عبر الأزقة والحارات مبتهجين كل يسعى أن يكون أول من يبث البشرى: "رمضان, رمضان, رأينا الهلال, هلال رمضان."
توقف لحظة عن التفكير وسأل نفسه: "أين اختفت تلك الفرحة العارمة؟ لماذا حافظ عليها الناس من حوله وضيعها هو؟" سأل البائع: "متى يحل رمضان؟" فأجابه: "الأسبوع المقبل إن شاء الله" طار صاحبنا من الفزع, ومشى كالسهم يريد اللحاق برفاق "الجرب والجذام" ليبثهم شكواه وليستشيرهم في ملمته. على الأقل صار له على الشبكة بيت يؤويه. كان يود أن يسألهم عن شيء أهم من هذا. إنه أمر مخجل أن يكون لرمضان كل هذا الأثر عليه بعد سنوات الإلحاد العجاف. لكنه يعلم أنه ليس وحده, إن جحافل التنوير اللاديني في ديار الإسلام لا تبغض زمانا قدر بغضها لشهر الصيام. دخل بيته وجلس إلى حاسوبه. افتتح موضوعه في قسم الإستشارات بأنامل مرتعشة. كتب العنوان: "أرشدوني, باغتني رمضان دونما استعداد فماذا أصنع؟" ثم استرسل يتتبع أفكاره ويبث إخوانه شكواه: "أيها الزملاء, لم أكد أنسى نكد رمضان الفائت حتى أطل علينا من جديد, جاءكم شهر الجوع والعطش, شهر ترفرف عليه رايات التعبد والصلوات والأذكار, جاءكم شهر يزحزحكم من قمة الإلحاد وكبريائه إلى حضيض النفاق وريائه, أيها الزملاء, لقد استخفيت العام الفائت بالطعام والشراب حتى استحييت, بل إن رمضان انقضى وبقيت أياما لا آكل إلا بعد أن أوصد الأبواب, وأجتهد ألا يسمع لي صوت فكنت أبلع الطعام ولا أكاد أمضغه. لقد أصابتني عقدة رمضان, وهاهو على الأبواب. فما العمل؟"
مضت دقائق فانهالت الردود على صاحبنا, وشعر أنه نطق على لسان كثير من زملائه. كتب أحدهم: "أيها الزميل, هون عليك, أوصيك بالصبر فنحن في زمان غربة, واملإ الجيب باللوز والسكر, واختل بنفسك في الحمام بين الفينة والأخرى لتختلس لقيمات وجرعات تقيم أودك, حافظ على إلحادك واجتهد أن تبقى حيا, وإياك والدخان فإن الفتوى بتحليله للصائم لم تلق القبول الذي نتمناه بعد, وإن أمنت الأخطار فعليك بالتبغ الممضوع, واغسل فمك جيدا بالنهار قبل أن تبرز للناس, وتصنّع الإعياء, وأقل الكلام, وأظهر الترقب قبيل الغروب والفرح عند الإفطار, وإياك والمشوي والمقلي أول النهار, واقنع بما لا رائحة له حتى يدنو الليل, وإياك والأكل عند الشرفات والناس صيام, و لا تنس إسدال السُّتر, وأنعم بالقبو ملاذا للمتنور المنبوذ, فاجعله واحة تهرب إليها من شهر الجوع والأصفاد, وهيئ فيه ما لذ وطاب من زكي المطاعم وبارد الشراب."
ثم عقب عليه زميل غاضب قائلا: "اخرس يا جبان, ألهذا القدر يرعبك رمضان؟ تأكل طعام نفسك وتستخفي من الناس؟ بئس هل التنوير أنتم, تطايرون كالفراش في الشبكة وتنزلقون إلى الأقبية والجحور كالجرذان, متى تبرزون للناس وأنتم على هذا الهوان؟ أما أنا فلا أستخفي ولا آكل إلا على مرأى من الناس." فأجابه ثالث: "يا فيلسوف, أنت في سيدني فممن تخاف؟ هل ستخاف أن تجرح مشاعر الكنغر الأسترالي؟ تعال هنا حيث سنغرق في بحار من الصائمين, ثم أرنا جراءتك"
بدا أبو الإلحاد كالمستجير من الرمضاء بالنار, ولم يجد في أكثر الردود إلا بعض المسكنات, لكنها لم تهبه الجواب الشافي الذي يستأصل هذا الشعور الغريب الذي ينتابه. إنه يشعر بالإشمئزاز من رمضان الذي صوره له الإلحاد وأهله, ويكاد يشعر بالشوق والحنين إلى رمضان الذي نشأ على الفرح بمقدمه والإحتفاء بشعائره. يا ترى, هل هو الوحيد بين أقرانه من يشعر بأن الإلحاد يحجزه عن النظر إلى هذا الشهر بتجرد؟
طفق صاحبنا يقلب البصر في الردود حتى وقع على جواب لأحد الزملاء نزل على رؤوس القوم كالصاعقة المحرقة, والغريب أنه أحد كبارهم. لم يدر كيف يصنف كلامه لكنه جمع أشتاتا من الأسئلة والهواجس التي تتنازعه فسلكها في نسق واحد. أحس أبو الإلحاد بعدها أنه يكاد يقترب من فهم سر الحاجز الذي يفصل في نفسه بين نكهة حلوى رمضان ولذة ذكرياته, وبين الرعب والضيق الذي كاد يغص به حين أدرك أن الشهر يكاد يطرق بابه. إنه خيط الإلحاد الذي يحيط بعنقه ويخنقه.
كتب الزميل: "أيها المتنورون, يا من تسيرون وسط المؤمنين كأنكم مجذومون, تسترون إلحادكم كما يستر المؤمن عورته, وتنزوون في هذه المنتديات الكالحة ينظر بعضكم إلى بعض كأنكم من كوكب آخر. طبعا إنكم تعيشون وسط المسلمين, من يستمع إليكم يحسبكم ما اكتشفتم هذا إلا الساعة! أفيقوا من سكرتكم, إنكم أنتم أنفسكم لستم في أعين الناس حولكم سوى مسلمين, انظروا إلى أسمائكم الحقيقية, وتناسوا معرفاتكم الطنانة, أنت إبراهيم أحمد ولست سبينوزا, وأنت يا نيتشه العربي, أليس اسمك عبد الغفور سلامة؟ وأنت يا تروتسكي ألست عبد الرحمن سليمان؟ إني أعرفكم واحدا واحداو دعونا نصارح بعضنا بعضا, إنكم حزب النفاق لا حزب التنوير. تخافون من رمضان؟ هل نسيتم حالكم قبل شهور, ألم تفرحوا بالكريسمس؟ ترى كم ملحدا أقعى ليلتها تحت الشجرة؟ قلتم هي فرصة للفرح وإنما هي تقاليد اجتماعية. عجبا لكم تفرحون لشيء لا وجود له على أرضكم ويكاد يصيبكم الجنون لموسم يفرح فيه آباؤكم وذووكم؟ أنتم فاشلون بكل المقاييس, خصوصا مقاييس التنوير الذي تتشدقون به. إن كان هذا الشهر بغيضا إليكم فلِم لمْ تستطيعوا أن تقنعوا من حولكم بما ترونه؟ تجلسون هنا في هذا العالم الوهمي تتباكون كالأطفال, كأن رمضان سيختفي بعدها من الوجود, أشعر بالتقزز من سلبيتكم القاتلة. أما لو سألتموني فإني أفرح لقدوم رمضان, إني أنغمس وسط الناس, وأستمتع بوقتي, ألا ترون أن زملائنا من شياطين الفن يؤدون عملا إيجابيا خلافا لكم, إنهم فرسان الفضائيات ومهندسو المسلسلات, إنهم يسلسلون الألوف المؤلفة في البيوت, ويغسلون أدمغتهم في مكر بالغ كما يصنعون طيلة الوقت خصوصا في رمضان, ربما يملك هؤلاء فرصة لقهر هذا الشهر الذي يخيفكم, أما أنتم فقد استمرأتم العويل والصياح. تخافون من الجوع والعطش؟ ومن ذا الذي حال بينكم وبين ما تشتهون؟ أم تريدون أن تأكلوا في الطرقات؟ ثم ماذا يكون بعدها؟ هل ستزحزحون بذلك شهرا من شهور السنة فيتبخر في الهواء؟ أف لكم, لستم سوى شرذمة من الأغمار. أنتم لا تشعرون بالخطر الحقيقي الذي يشكله رمضان, إنه يغربلكم غربلة ويهدم في أيام ما تبنونه في سنة, أين اختفى كثير من الزملاء؟ أين القبطان التائه؟ أين المتشكك؟ أين سبيل الحقيقة؟ ألم يختفوا قبل رمضان الماضي؟ إنكم تشهدون نقصان أمركم كل ساعة, إن هذا الشهر شهر ارتداد الزملاء, إنه شهر نقصان الإلحاد, إنه موسم الحساب السنوي لكم أيها المهرجون, وقصارى همكم الطعام والشراب, ألا تمتد أبصاركم لترى العالم وراء بطونكم؟ ما زالت أمامكم فرص التخفي في بحر من عوام المسلمين, ستقضون الساعات في المقاهي في لعب الورق, ستمضون الليالي في التسكع في الطرقات, لكن ذلك لن يدوم لكم, إن مجتمعاتكم تمور بحركة دينية لا تكاد تهدأ, إن الحشود تنفض من حولكم وتعود رويدا رويدا إلى تدين يشمل سائر مناحي الحياة, وكلما جاء رمضان اشتد الخناق عليكم, ويوما ما -وأراه قريبا- ستقفون أفذاذا في العراء, حينها لن تهتموا كثيرا بغسل أفواهكم من بقايا الطعام الذي تلتهمونه خلسة ورهبة من الناس, لأنهم سيسألونكم: "لماذا لا نراكم معنا في صف الصلاة؟" إلى ذلك الحين استمتعوا بحربكم الكلامية يا رفقاء الجرب والجذام وتنعموا بالحلوى فإني لا أرى فيكم لبيبا, وأبشركم أني سأراجع نفسي, فلم ينلني منكم إلا العنت ونقصان العقل, لذا أقر مرة أخرى أني أفرح برمضان, ومن يدري, ربما يهب حياتي معنى بعدما صارت كأنها صحراء يباب منذ عرفتكم, فسحقا لكم وليتني لم أعرف أحدكم يوما من دهري."
قرأ أبو الإلحاد هذا الكلام اللاذع مرارا, وشعر أن الطفل فيه يحثه أن يفرح برمضان كما كان يصنع أيام براءته, ثم عاد فندم أنه كتب الموضوع ابتداء, لقد تعكر صفو المنتدى بهذا الجواب الذي نزلت حروفه على القوم كالحراب المسننة, إنه زميل آخر يتساقط أمام أعين أقرانه كما تتساقط أوراق الخريف, يبدو أن مغامرة الإلحاد قد انتهت لديه بهذه المشاركة. تمنى صاحبنا في قرارة نفسه لو كان صاحب تلك الكلمات القوية, لكنه يأبى أن يفرط بسهولة في مذهب التنوير, إنه سيجتهد أن يمر عليه رمضان بسلام, وسيزحف على الأرض كما صنع طوال تلك السنين, ويؤجل جواب الأسئلة الكبيرة إلى حين.
سلمت يمناك استاذ هشام
يوميات اكثر من رائعة
--------------
لكن هناك ملاحظة صغيرة
..
..
..
..
..
هناك خطأ في الترقيم فرقم 26 مكرر
الرجاء التعديل :)
بارك الله فيك أستاذي الكريم,
سبحان الله, لقد اكتشفت ذلك اليوم. سأراسل الإخوة في الإشراف لتصحيح الخطإ. إنها إذن ثمان وعشرون يومية تحاول أن تسبر أغوار الإلحاد الإفتراضي الذي يملأ أصحابه الشبكة ضجيجا. وبهذا ينتهي الجزء الأول من يوميات أبي الإلحاد.
(:
(:
شكرا لك
بارك الله فيك أخي الكريم.
أيها الإخوة الفضلاء,
لقد تم بحمد الله الجزء الأول من فصول الكوميديا الإلحادية, وأعدكم بالمزيد إن شاء الله لو بقي أبو الإلحاد بعد رمضان على حاله.
وإليكم فهرس اليوميات السابقة:
1 أبو الإلحاد الرقمي في أزمة
2 أبو الإلحاد ورحلة البحث عن "معرف"
3 أبو الإلحاد في زمن الصحوة
4 السلفية الإلحادية
5 نحو تنوير النحو
6 تطهير العلم من الإيمان
7 بين الإلحاد الافتراضي والأرضي
8 صراع الأجيال: نسخة إلحادية
9 موت الإلحاد
10 تأملات داروينية
11 الآلهة الإلحادية
12 فصل لتعليم الإلحاد
13 من سيربح الغليون؟
14 مأساة الأبوة الإلحادية
15 الإلحاد وإيقاف الزمن
16 ملحدستان
17 هل الإلحاد عسير الهضم؟
18 الإنجاز في شفاء الملحد من عقدة الإعجاز
19 أبو الإلحاد في بلاد العجائب
20 أبو الإلحاد ولغز الأحافير
21 أبو رقاقة العدمي
22 من أدب الطفولة الإلحادية
23 شرنقة الإلحاد
24 هلوسات إلحادية
25 كازينو الإلحاد
26 ألاعيب الحارات الإلحادية
27 اختراق الإلحاد
28 استعداد أهل الإلحاد لشهر المحنة والأصفاد.
وبارك الله فيكم.
بارك الله فيك اخي.... وجعلها في موازين حسناتك
وفيك بارك الله أخي الكريم.
يُرفع
للترفيه عن النفوس على نسائم الهواء في امسيات رمضان المباركة