المختصر القويم في دلائل نبوة الرسول الكريم (7) ..
المختصر القويم في دلائل نبوة الرسول الكريم (7) ..
(أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ)
إعداد/ وليد نور
مقدمة عن تعريف المعجزة وخصائصها:
من أعظم دلائل صدق الأنبياء ما أعطاهم الله من معجزات وآيات خارقة للعادة، وقد أُعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم منها الكثير، والمراد من المعجزات الشيء الخارق للعادة الذي يعجز البشر عن الإتيان بمثله فيكون ما يأتي به النبي معجزًا لغيره من سائر الناس، بحيث لم يقدروا عليه أفرادًا أو جماعات؛ لأنه خارج عن طوق البشر واستطاعتهم.
ولفظ المعجزة غير وارد في القرآن الكريم، وإنما الوارد لفظ الآية؛ لأنّ الأصل في الآية العلامة الدالة على الشيء، إذ يقول الإنسان لأخيه: فلان يقول لك: أعطني كذا أو كذا، فيقول له: ما آية ذلك؟ أي: ما علامته أنه قال: أعطه كذا أو كذا؟ فيريه خاتمه أو كتابه أو سيفه أو أي شيء خاص به فيكون ذلك آية وعلامة على صدق ما ادعاه وطالب به.
ولا تحصل المعجزة الخارقة للعادة إلا مع النبوة الصادقة، فالمعجزة دليلٌ على النبوة الصادقة
هي: آية الله الخارقة الدالة على النبوة الصادقة.
خصائص المعجزة:
أخص خواص المعجزة خرق العادة، والمقصود بخرق العادة: مخالفة سنن الطبيعة، وخواص المادة، وقانون الأسباب والمسبّبات.
ومن خصائص معجزات الأنبياء أنها لا تقع إلا لنبي فلا يستطيع ساحر أو كاهن أو غيرهما أن يأتي بمثلها، وإذا قررنا ذلك فإن المعجزات لا يأتي بها أو بمثلها من يكذّب بنبوة الأنبياء، ولا من يدّعي نبوّة كاذبة.
ومن خصائص المعجزة أنها لا تكون إلا في زمن النبوات وقد ختمت النبوات ببعثة سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم.
ولا يشترط في معجزات الأنبياء أن يقرنها النبي بتحدي معارضيه أن يأتوا بمثلها، وذلك لأن المعجزة قد تكون لنصرة النبي أو لمساعدة أتباعه مثل ما حدث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من تكثير الطعام ونبع الماء بين يديه.
ومن أخص خصائص المعجزات أنّه لا يُمكن معارضتها، فإذا عجز النوع البشري غير الأنبياء عن معارضتها، كان ذلك أعظم دليل على اختصاصها بالأنبياء، بخلاف ما كان موجوداً لغيرها، وكان ذلك دليل على صحة نبوة صاحب هذه المعجزة، وسوف نرى في معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أنه لم يستطيع أحد في السابق ولا في الحاضر معارضتها أو الإتيان بمثلها، وأعظم معجزاته صلى الله عليه وسلم في ذلك القرآن الكريم.
روى الإمامان البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: أنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ مِنْ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ أُومِنَ أَوْ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ فَأَرْجُو أَنِّي أَكْثَرُهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
يقول الحافظ ابن حجر في فتح الباري: "قوله: (ما من الأنبياء نبي إلا أعطي) هذا دال على أن النبي لا بد له من معجزة تقتضي إيمان من شاهدها بصدقه، ولا يضره من أصر على المعاندة، (من الآيات) أي المعجزات الخوارق.
قوله: (ما مثله آمن عليه البشر).. المثل يطلق ويراد به عين الشيء وما يساويه، والمعنى أن كل نبي أعطي آية أو أكثر من شأن من يشاهدها من البشر أن يؤمن به لأجلها، وعليه بمعنى اللام أو الباء الموحدة، والنكتة في التعبير بها تضمنها معنى الغلبة، أي يؤمن بذلك مغلوبا عليه بحيث لا يستطيع دفعه عن نفسه، لكن قد يجحد فيعاند، كما قال الله تعالى: (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما)
وقال الطيبي : الراجع إلى الموصول ضمير المجرور في عليه وهو حال، أي مغلوبا عليه في التحدي، والمراد بالآيات المعجزات وموقع المثل موقعه من قوله: (فأتوا بسورة من مثله) أي على صفته من البيان وعلو الطبقة في البلاغة".
يتبع ..
المعجزة مستلزمة للإيمان بالنبي