دوغمائية الماركسية

"إن سبب دوغمائية الماركسية أو جمودها تتحدد في تقديري في سببين اثنين هما:
1- النسقية، و2- التوظيف السياسي.

وأوضح بإيجاز، إن الماركسية ليست فلسفة جزئية ، بل هي فلسفة نسقية متكاملة ، لها موقفها من الميتافزيقا، كما لها إجرائيتها الميتودولوجية( الديالكتيك)، مثلما لها من خلال "بيانها الشيوعي" ونقد فائض القيمة الذي بلوره كارل ماركس في كتابه " الرأسمال" رسالة سياسية واجتماعية واضحة ومحددة.
إنها إذن نسق، وبالخبرة في قراءة تاريخ الفلسفة ، أقول إن جميع الأنساق الفكرية التي نظمها الفلاسفة تعجز عن أن تجدد نفسها. خذ الأرسطية مثلا ، وأخبرني عن مقدار التجديد الذي مارسه أتباع أرسطو من بعده وهم كثر ، وتأمل تجديداتهم المزعومة، ستلاحظ أنهم عجزوا عن التجديد ، وأن أفضل الفلاسفة الأرسطيين كانوا من بعده مجرد شراح لأرسطو، وأفضل ما أنتجه الارسطيون من بعد إمامهم ، هو ذلك الجدل الحاد الذي قسمهم إلى تيارات فيما يخص تأويل معنى العقل الفعال والعقل المنفعل عند أرسطو. هذه هي الفكرة التي دار من حولها تلامذة أرسطو وشراحه بدءا من الأفروديسي وحتى ابن رشد.
وهنا يجب علي وعلى القارئ أن نتسائل :لماذا تعجز الأنساق عن تجديد ذاتها؟
والجواب إنها تعجز لأنها نسق ،والنسق منظومة مترابطة، وبوصفها كذلك يصعب عليك أن تجدد في النسق دون خدشه ، فالنسق يشبه تماما زربية النسيج ما إن تجذب منها خيطا حتى ينساق ورائه باقي الخيوط.ولا يغرنك ما تسمعه من الفيلسوف أنه دينامي أو جدلي ومستعد لتطوير موقفه الفلسفي ، و لاتظن أنه يقول هذا عن نفسه وعن فلسفته كذبا ، بل هو يقوله حقيقة وصدقا ، ولكنه لن يستطيع ، ولن يستطيع من سينتظم داخل نسقه أن يجدده.
هذه هي الحالة الطبيعية لأي نسق فلسفي.
أما لو انضاف إلى خاصية النسقية ، خاصية التوظيف السياسي ، فإن الأمر يكون أقبح والدوغما تكون أصلب، لأن الفلسفة عن ذاك لم تعد فكرة ، بل استحالت إلى أرضية يدافع عنها ، وقد تدفع من أجل حفظ شبر واحد منها وديان من الدماء.
وهذا هو حال الماركسية. بالضبط ، إنها نسق وسياسة معا.فأنى لكم فيها مدخل من مداخل التجديد.اللهم إلا إذا كانت لكم جرأة وشجاعة لكي تقولوا هنا أخطأ ماركس ،وهنا انزلق إنجلز ، وفي هذا الطريق ارتطم لينين. وعندها فقط ستبدؤون رحلة تحرركم العقلي من إسار فلسفة ولدت لزمن خاص ولمعالجة مشكلات خاصة لاتتناسب مع مشكلاتنا."

ملحوظة :
هذه الفقرات السابقة لم تكتب لتكون مقالة مفردة لها قوامها المنهجي المضبوط ، بل هي سطور قام أحد الإخوة - مشكورا - باجتزائها من مداخلاتي في أحد المنتديات ، لذا سيرى فيها القارئ بعض العبارات القلقة والأفكار المبتورة ، وذلك لأنها لم تكتب لتكون مقالة مستقلة بل هي فقرات مأخوذة من سياقها.
لذا وجب التنويه.