هدية أخرى للزميل تخينن - هاتوا معاولكم هذا صنم نهاية العصر: "القراءة"
هاتوا معاولكم هذا صنم نهاية العصر: "القراءة"
كتبه / أبو عبد المعز
المصـــدر
مدخل:
هدفنا من هذا المكتوب الكشف عن زيف فكري ومنهجي خطير...مداره على تهافت الطائفة التي تسمي نفسها " الطائفةالحداثية " ورفعها لصنم جديد يعبدونه ويلهجون بذكره ألا وهو مفهوم "القراءة".وقد نشأ هذا المفهوم في غيابات الحضارة الغربية واستورده القوم منهم...ولعبوا به في النقد الأدبي وتخطفوه فيما بينهم.....وهاهم تسول لهم أنفسهم التسور على حرم القرآن .....فوجب التنبيه ووجب عمل المعول.
مقدمة ترفيهية قبل استجماع الهمة.
إي والله , لقد آن الأوان لنقول " لملوك" الحداثة إنكم عراة كما ولدتكم أمهاتكم !
ولملك الحداثة-الذي أمسى الآن في جحر الضب بجسمه كاملا–أن يقول:
- في كلامك "تناص " كما شرحه سيدنا ومولانا "ميشال ريفاتير".
فأقول :
-هو ذاك .والنص الغائب تلك الأسطورة التي تعرفها ....ليس من دأبنا أن نتهافت على الأساطير كدأبكم , لكن ميزة أسطورتنا هذه أنها فاضحة لأساطيركم: ما تبدون منها وما تخفون.
-وكيف كان ذلك؟
حسنا.....
" كان في قديم الزمان خياط أصابت حرفته الكساد , ولأن في السفر سبع فوائد فقد عزم على الضرب في أرض الله..وحط عصا ترحاله في مدينة من مدن الناس.ولأنه كان ألمعيا أوعز إلى ابنه -الذي كان يرافقه-أن يشيع في المدينة أنه يخيط ما لا قبل للناس به...فتناهت الأصداء إلى حاكم المدينة .ولأن الحاكم لا يحب أن يسبقه غيره إلى شيء نادر أو تحفة طريفة فقد أرسل بسرعة في طلب الخياط...فكان هذا الحوار:
-من أنت؟
-خياط.
-ما هذا الذي يقوله الناس عنك؟
-هو صحيح يا مولاي...فأنا أخيط ما لا يحسنه غيري.
-......
-أستطيع يا مولاي أن أخيط كسوة لا يراها إلا الأذكياء! والبلداء هم عنها عمون.
- إن لم تصنعها لي ,أو صنعتها لأحد قبلي ,قطعت رأسك.
وانصرف الخياط إلى أجل مسمى بينهم.وقد انقلب بحسنيين: جناح في القصر وأمر لخازن المال ألا يعصي له أمرا.
مضى الأجل ولم يحضر الخياط....وطافت الشكوك.فأرسل الحاكم حاجبه ليستطلع الخبر.فلما مثل الحاجب بين يدي الخياط وجده منكبا على ثوب" لايراه هو".ويتعجب من الزر " غير المرئي" الذي يناوله الخياط إلى ابنه .ويشتد عجبه أكثر من هذا الصبي الصغير الذي يقلب الزر في يده ويثبته في صدر الثوب " غير المرئي" دائما.أيكون الصبي يبصر الزر والثوب لأنه ذكي ويكون الحاجب (......)؟
وفي الطريق استقر رأي الحاجب على ما لا بد له منه...
-هل رأيت الثوب بعينك؟
-نعم يا سيدي...وما رأيت في الدنيا أحسن منه .لله دره من خياط!
(وماذا تريدون : هل تريدون أن يشهد الحاجب على نفسه بالبلادة؟ لله دره من خياط فقد أحكم الكيد إحكاما !)
ثم يأتي دور الوزير بعد أموال وأموال اقتطعت للخياط.
وعند عودته من عند الخياط لم يكن في ذهن الوزير إلا سؤال واحد:
أفيكون الحاجب أذكى منه؟
ليكن ما يكون:
-................
-نعم يا سيدي...وما رأيت في الدنيا أحسن منه .لله دره من خياط!
ثم جاء دور الملكة....ولا يحسن بالملكة أن تكون أقل ذكاء من الحاجب والوزير وصبي الخياط...
ثم جاء دور الملك....
فلم يملك إلا أن "يبتهج" أكثر من غيره....لأنه يدعي أنه" رأى" من دقائق الكسوة ما لم يره أحد.كيف لا وهو أذكى واحد في مدينته.
وجاء الاحتفال....
وخرج الحاكم "في كامل زينته" التى لا يراها إلا الأذكياء.وتعالت صيحات الجمهور" الذكي "إستحسانا وإعجابا.....
إلا طفل صغير بدأ يضغط على كف أمه ويقول :"أنظري أماه إن الملك يسير عاريا".
ولو قدر للملك وسمع كلام الطفل لازداد افتخارا بكسوته وخياطه المقرب فله أن يقول:"...ولما كان الطفل قليل العقل فقد حرم من رؤية الكسوة!!!""
يتبع .....
2-ورطة مدرس أدب حديث ولا تلميذ لها.
2-ورطة مدرس أدب حديث ولا تلميذ لها.
الحداثي طفل صغير تعجبه الفرقعات وتلؤلؤ الأشياء –حتى لو أحرقته!- خاصة الألفاظ والمصطلحات...وعنده شغف شديد بالكلمات التي تنتهي ب"لوجيا".....ولا يجد لذته إلا في لوك الكلمات ذات الرطانة الأجنبية.....فهو قلما يقول مثلا "من وجه نفسي واجتماعي وحضاري" بل يفضل أن يتفيهق على نحو :"على المستوى السايكولوجي والسوسيولوجي والانتربولوجي"ثم ينظر وقع الكلمات على مخاطبيه بزهو واضح كالطاووس....أما مخاطبوه فلا يملكون إلا أن يشهدوا له بالعلم والتعمق فيه بسبب تأثير "مكيدة الخياط".ولنا وقفة مع درس سوكال بعد حين.
المدرس المتورط الذي أريد أن أتحدث عنه هنا ليس أحدا غيري!!!
فمن المحاور التي ينبغي أن نلقنها للتلاميذ محور المناهج النقدية ومن ضمنها بطبيعة الحال آخر العنقود: التفكيك واستراتيجية القراءات.(تخيلوا وقع كلمة استراتيجية على التلميذ المغفل وهرولته إلى استعمالها في أقرب مناسبة!!)
ومن المفروض علي –باعتباري مدرسا-أن أتحدث عن التفكيك بتمجيد شديد (حسب ما خطوا في الكتاب المقرر) ومن المفروض أن أحدثهم عن النص المفتوح وتعدد القراءات وتكوثر المداخل....وعلي أن أشرح لهم إجمالا نظرية اليهودي الهالك "دريدا" التي تنص على أن كل قراءة لا تكون إلا خاطئة.....وأن النص لا وجود له إلا في القراءة..فأضرب لهم مثلا قائلا:هذه القصيدة واحدة وأنتم ثلاثون....وكل واحد منكم سيقرأ القصيدة ويؤولها كما يشاء....فتكون الحصيلة ثلاثين قراءة أي ثلاثين قصيدة...وفي الحصة القادمة سيصبح العدد ستين......وهلم جرا.
لكن خاطرا يؤرقني دائما فأحمد الله ان التلاميذ لا يخطر ببالهم-إلى حد الساعة على الأقل- ماذا لو قدمت للتلاميذ في الامتحان قصيدة للمتنبي في مدح صاحبه سيف الدولة ثم خطر للتلاميذ أن يكونوا "تفكيكيين" في إجاباتهم:
-ماذا لو كتب تلميذ : "هذا هجاء مقذع مؤولا كل كلام المتنبي على قاعدة الاستعارة التهكمية...."!! هذه قراءته.
-ماذا لو كتب زميله:"هذا غزل رقيق....فالمتنبي أسقط على سيف الدولة صورة الأنثى التي لم يجدها في الواقع!! هذه قراءته.
-ماذا لو كتب ثالث :"هذه قصيدة في الفخر .فالثنائية متوهمة فقط وليس "سيف الدولة "في القصيدة إلا الأنا الأخرى – alter-ego-للمتنبي...والحوار المتوهم ليس إلا مونولوجا داخليا.(لاحظوا إرهاب الكلمات) هذه قراءته.
-ماذا لو قدم الرابع الورقة بيضاء....هذه قراءته.
كيف يمكن للحداثي أن يصحح كل هذا دون أن يتورط تورطا قبيحا جدا:
-فإن وبخ التلاميذ وحاكمهم إلى معيار ما...فقد ناقض نفسه وكذبها وللتلاميذ أن يقولوا له....كيف توبخنا وأنت أمليت علينا بالأمس أن كل القراءات مشروعة ؟
-وإن سار مع منطق التفكيك فهي الفوضى لا محالة.....وحتى الورقة البيضاء ينبغي ان تعطى لها نقطة جيدة....لأن المدرس سيقرأها على النحو التالي:سكوت التلميذ تعبير استفزازي حداثي عن الثورة على كل نص تراثي ورفض لكل اسقاطات عصرية على شاعرية المتنبي".
الحداثة نسيج عنكبوت .....بوسع أي تلميذ أن يبطلها ويضع أستاذه الحداثي في حيص بيص.
يتبع.......