دعوى وجود اللحن في القرآن الكريم !!
قال مصطفي لطفي المنفلوطي رحمه الله :
( بلغ التعصب الديني بجماعة من المبشرين أن حكموا بوجود اللحن في القرآن بعد اعترافهم بأنه كتاب عربي نظمه علي حسب معتقدهم رجل هو في نظرهم أفصح العرب .
و ليست مسألة الإعراب و اللحن مسألة عقلية يكون للبحث العقلي فيها مجال ، و إنما الإعراب ما نطق به العرب ، و اللحن ما لم ينطقوا به ، فلو أنهم اصطلحوا علي نصب الفاعل و رفع المفعول مثلًا لكان رفع الأول و نصب الثاني لحنًا .
و لكن جهلة المبشرين لم يدركوا شيئا من هذه المسلَّمات ، و استدلوا علي وجود اللحن في القرآن بقواعد النحو التي ما دونها مدوِّنوها إلا بعد أن نظروا في كلام العرب و تتبعوا أساليبه و تراكيبه ، و أكبر ما اعتمدوا عليه في ذلك هو القرآن المجيد .
فالقرآن حجة علي النحاة و ليست النحاة حجة علي القرآن .
فإن وجد في بعض تراكيب القرآن أو غيره من الكلام العربي ما يخالف قواعد النحاة ، حكمنا بأنهم مقصرون في التتبع و الاستقراء ، علي أنهم ما قصَّروا في شيءٍ من ذلك ، و ما تركوا كثيرًا و لا قليلًا و لا نادرًا و لا شاذًّا إلا دونوه في كتبهم .
فلا القرآن بملحون ، و لا النحاة مقصرون ، و لكن المبشرين جاهلون ) { النظرات : 1 \ 272-273 ، مقال : الإسلام و المسيحية } .
قال ابن الجوزي رحمه الله :
( و ما رأيت من غير إبليس و زاد عليه في الجنون و التغفيل مثل " أبي الحسن ابن الراوندي " ، فإن له كتبًا يزري فيها علي الأنبياء عليهم السلام و يشتمهم ، ثم عمل كتابًا يرد فيه علي القرآن و يبين أن فيه لحنًا .
و قد علم أن هذا الكتاب العزيز قد عاداه خلق كثير ، ما فيهم من تعرض لذلك منه ، و لا قدر ، فاستدرك هو بزعمه علي الفصحاء كلهم ) { أخبار الحمقي و المغفلين : 30 } .
سبحانك اللهم و بحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك .