القومية (حمية الجاهلية ) التي هدمها الاسلام وأحياها أعداءه

الحمد لله الذي أرسل نبيه العربي الأمي رحمة لكل العالمين
الذي نزّل عليه كتاب عربيا مبين للعرب و الأعجمين
الذي جمع كل البشر تحت راية التوحيد والدين

ثم أما بعد
قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كان العرب قبائل متشتتة في الجزيرة العربية والشام والعراق , متفاخرين بشيوخهم وأنسابهم وأمجادهم متنافسين بينهم على كل صغيرة وكبيرة , كما قال المبارك فوري في كتابه الرحيق المختوم ص 36 :( أما العلاقة بين القبائل المختلفة فقد كانت مفككة الأوصال تماما , وكانت قواهم متفانية في الحروب. ) فكانت القومية القبلية مسيطرة على العرب قبل الاسلام فجعلتهم قوما اتفقوا على أن لا يتفقوا إن أمكننا القول وإن كانت في بعض الحالات تجمعم كفترة الأشهر الحرم وكذا الأحلاف وغيرها . لكن الحالة العامة كانت حربا لا تنتهي .
فأرسل الله عز وجل نبيه محمدا الذي سيختم الرسالات جميعها ويوحد العالمين على كلمة الحق العليا في هذه البيئة المليئة بالحروب بدعوى القومية والعصبية لتكون أول أمة تجتمع على كلمة واحدة هي هي أمة العرب , أكثر الأمم تفرقا ذاك الوقت . فجاء صلى الله عليه وسلم وساوى بين ذي النسيب وعديمه وبين الحر والعبد وبين العربي والأعجمي وجعل مقياس الأفضلية وبينهم جميعا هي التقوى .
حيث قال صلى الله عليه وسلم كما في سنن أبي داود : (ليس منا من دعا إلى عصبية وليس منا من قاتل على عصبية وليس منا من مات على عصبية) وقال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم : (إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد) فمعيار الأفضلية أيها الأحبة بيننا ليس كوني عربيا وكونك أعجميا أو كوني قرشيا أو كونك تميميا بل بالتقوى . فلو تأملنا , فإنك تقرأ بداية كل ركعة (17 مرة في اليوم على الأقل ) عبارة قرآنية خالدة (الحمد لله رب العالمين ) رب العالمين دون استثناء .
سرنا على هذا النهج لقرون , فكان العالم الاسلامي الدولة العظمى عالميا , فكان منا أبطال كبار عرب وأتراك وزنج ومغول وأمازيغ جاهدوا في الله حق جهاده تحت راية الاسلام , فهل حارب الصحابة والتابعين وفتحوا البلدان من أجل نشر العروبة ؟ لا . وهل حارب يوسف بن تاشفين ومن معه من المرابطين في افريقيا وأرويا من أجل نشر المزوغة ؟ لا . وهل توسع الأتراك في عهد آل عثمان وفتحوا القسطنطينية من أجل القومية التركية ؟ لا . فصدقوني هذا هو سبب قوتنا السابقة , هذا هو ماجعلنا سابقا أسياد العالم , أن الاسلام وعزه كان ماء عينينا وليس قوميتنا وجنسنا .
الآن تغيرت المفاهيم , عادت القومية الجاهلية من جديد , عاد من جديد كابوس الأجناس . يكفينا أن نفتح النت لنجد مواقع عربية أو أمازيغية أو كردية تمدح في أعراقها وتسب غيرها من الأجناس , فصار الفتح الاسلامي غزوا عربيا , وصارالصحابة مجرمين ,وصار المرابطون بربرا همج رعاع وصار صلاح الدين الأيوبي محرر الأقصى مسرى النبي وطارد عباد الصليب كرديا حاقد على مصر , وصارنا أجناس مستقلا , فلا استغراب من ضعفنا , لا تنسوا أن العرب كانوا قوما نساهم التاريخ لم يصيروا أقوى دولة إلا بعد أن أسلموا وتوحدوا , فهدموا عرش كسرى (الامبراطورية الفارسية الساسانية) وكسروا شوكة أقوى دولة في العالم (الامبراطورية الرومانية الشرقية المعروفة بالدولة البيزنطية ) فهذا درس لكل الأمة ( والله لا قوة لنا إن لم نتوحد ) وما تفرقنا إلا بسبب القومية .
فتبا للثورة العربية التي دبرها الجاسوس البريطاني الملقب بلورنس العرب وتبا للظهير البربري الذي تسبب في إقصاء الأمازيغ من القضاء الاسلامي وجعل الجهال من شبابهم إلى اليوم يرفضون كل ما هو عرب وكذى من الأكرا وغيرهم من الأعراق . التي يدعي جهالها أن عزهم خارج الاسلام .
فالعربي الذي يدعي أن الاسلام دين العرب وأقصى لا فرق بينه وبين اليهود الذين حصروا المؤمنين في بني اسرائيل دون سواهم , والأعجمي الذي يرفض الاسلام لأنه لم يبعث من جنسه فهو كأبي جهل الذي رفض الاسلام لأن النبوة لم تكن من عشيرته .
لكن هل الافتخار بالأصل يعتبر بقومية ؟
بالطبع لا , فنحن في النهاية ننتقد التفاخر والقومية التي نهى عنها الاسلام , فلا حرج في الافتخار بالاصل والعسيرة والقبيلة أو الجنس لأنه في نهاية يعكس صورة جميلة مفادها (هذا هو الاسلام الذي جمع مختلف الشعوب تحت راية التوحيد والشريعة )

هذا والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين
والسلام عليكم