ما معنى لا أقول "علمي بالشيء" وإنما "عدم علمي بالشيء" فيزيائياً؟
قد نسلّم أن للملحد المادي/التطوري أن يفسّر علمنا بوجود شيء أو بصحة قضية ما على أنه حالة إثباتية وجودية مردّها الأول والأخير تغيرات حيوفيزيائية معينة. فقول الإنسان: "أنا أعلم..." - بناء على مذهب الملحد - هو تعبير عن حالة وجودية إثباتية تكافيء (إن لم تكن هي عين) مجموع الشروط والعلميات الحيوفيزيائية اللازمة لها ولا تتعداها.
لكن قولوا لي: ما العمل مع قول الإنسان: "أنا لا أعلم...."، إذ لا يوجد في هذه الحالة شيء معلوم يُتَرجم على أنه حالة وجودية إثباتية من نوع ما بحيث يمكن تفسيرها على أنها تشكّل المادة على نحو معين، والسبب هو لأن نفي العلم بشيء ما يعني عدم وجود العلم والعدم لا تُكوّنه أو تصنعه تشكلات مادية أو بعبارة أخرى: كيف يكون انعدام العلم (حالة عدمية) هو نفسه تشكّلات حيوفيزيائية معينة (حالة وجودية) ؟
وهذا كما ترون خلاف الإثبات فإنه شيء وجودي ولذلك قد يمكن أن ينازع الخصم ويدّعي أن وجوده هو عين وجود تشكلات معينة للمادة لا غير.
المخرج الوحيد في هذه المسألة هو الإقرار بأن "وعينا" بعدم علمنا مع أنه قد يكون معتمداً جزئياً على تشكّل معين المادة - بل هو كذلك - إلا أنه لا يمكن أن يكون معتمداً عليها من كل وجه أو على كافة المستويات، وإلا أدّى ذلك إلى الوقوع في الإشكال الذي سلف ذكره.
