عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا ، ثم قال : اذهب فسلم على أولئك من الملائكة فاستمع ما يحيونك ، فإنها تحيتك وتحية ذريتك . فقال السلام عليكم فقالوا : السلام عليكم ورحمة الله . فزادوه : ورحمة الله فكل من يدخل الجنة على صورة آدم ، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن ) رواه البخارى و مسلم
هناك جملة من الإشكاليات يطرحها هذا الحديث النبوى الشريف أولها أنه لو افترضنا أن أدم كان على هذه الصورة بعدما أهبط إلى الأرض مع المعدل البطىء جدا كما هو ملحوظ فى تناقص أطوال بنى آدم فإنه يقتضى أن وجود بنى آدم على الأرض يعود ربما إلى ملايين السنين و هذا يتعارض مع الإطار الزمنى لوجود بنى آدم الذى يمكن ان نستشفه مثلا من حديث أن الرسل يبلغ عددهم ثلاثمائة وبضعة عشر كما فى الحديث الذى رواه أحمد فى مسنده وصححه الألبانى فى مشكاة المصابيح مع أن الله أرسل فى كل أمة على الأقل رسول على أن الفترة التى بين النبى صلى الله عليه وسلم و بين عيسى عليه السلام و التى قال الله فيها انها انقطاع من الرسل لم تتجاوز 600 عام فالمدى الزمنى الذى أرسل فيه الرسل على افتراض انه كان يرسل كل 600 عام رسول لا يتجاوز 200 الف عام مع العلم أن هذا ليس الواقع فالفترة بين الرسول و الآخر كانت فى واقع الأمر أقل من ذلك وهناك أمم كان يرسل إليها أكثر من رسول و هناك رسل لأمم مختلفة يرسلون فى نفس الوقت هذا من جهة.
من جهة أخرى فإن وجود آدمى بهذا الطول الشاهق من الناحية الفيزيائية و البيولوجية فى ظل الظروف السائدة على الأرض أمر غير مرجح فى أحسن الأحوال هذا إن كان واردا بالأساس لأنه بناءا على قانون مربع - مكعب الذى وضعه جاليليو فإنه لا يمكن لأى كان حى أن تحتفظ بنيته بنفس التصميم و التركيب و المكونات إذا تضاعفت أبعاده لأن حجمه ومن ثم كتلته و وزنه يزداد بشكل مضاعف أضعافا كثيرة بالنسبة لطوله و مساحة سطحه و هذا يتطلب أن يتكون هيكله من مادة أخرى غير العظام الآدمية كى تتحمل هذا الوزن أو أن تتضخم عظامه بصورة تجعله أقرب إلى المسخ منه إلى هيئة الآدمى فضلا عن الأعباء الحيوية التى يفرضها حجم كهذا مثل ضخ القلب للدماء المحملة بالغذاء و الأوكسجين بمعدل كافى بحيث يدعم تغذية و تنفس أنسجة هذا الكائن و القدرة على التخلص من الحرارة و كمية الغذاء التى يحتاجها لانتاج الطاقة التى تحتاجها أنسجة الجسم مما يجعل فرصة بقاء الكائن على هذه الصورة و هذا الحجم ضئيلة إن لم تكن معدومة.
و الذى يغلب على ظنى ان آدم عليه السلام لم يهبط إلى الأرض على هذه الصورة وإن كان الحديث سكت عن هذا الأمر فإن الاعتبارات آنفة الذكر تدفعنا دفعا للاعتقاد فى أن آدم لم يهبط على هذه الصورة بل تقلص حجمه و طوله دفعة واحدة إلى طول و حجم يناسب ظروف الحياة على وجه الأرض و ربما كان طوله أكثر بقليل من الطول المعتاد لبنى آدم ثم أخذ هذا الطول فى التناقص بشكل تدريجى عبر آلاف أو عشرات الآلاف من السنين مصداقا للحديث وإلا فما العلة من تناقص الطول إن لم يكن لغرض أن يناسب ذلك ظروف الأرض التى تختلف عن الحال فى الجنة على أن من يدخل الجنة من بنى آدم يعود لنفس الطول مرة أخرى .
كما أن هناك دلائل تشير إلى أن أطوال الآدميين وأحجام أمخاخهم وهم من يشار إليهم فى علم الأحياء بالهومو سابينز Homo sapiens أخذت بالتناقص تدريجيا منذ أن ظهروا على سطح الأرض وأن هذا التناقص كان ملحوظا بشكل أكبر فى آخر عشرة آلاف عام باستثناء الفترة الأخيرة و هى بطبيعة الحال تالية لعصر النبوة و أن هذا التناقص مرتبط بطبيعة النشاط الآدمى و نمط الحياة و التغذية و الظروف البيئة و التقنية المتاحة.
http://up.arabseyes.com/uploads2013/...9111361851.gif العاب
نقلا عن Perspectives in Human Growth, Development and Maturation, p.139
راجع الرابط التالى :
http://australianmuseum.net.au/how-h...first-appeared