السؤال السادس و الثلاثين : أليس رهان باسكال ضد المتديّنين ؟! فالمتديّن يعتقد بأنّه اختار أفضل الخيارات ، حيث يعتقد المؤمن بأنّه " لو كان الله موجودا و آمنت به فإنّ المصير هو الجنّة ، و إن لم يكن موجودا و آمنت به فليس هناك نار ، بينما لو كان الله موجودا و كفرت به فإن المصير هو النّار ، و إن لم يكن موجودا و كفرت به فليس هناك جنّة ، و بالتالي فالرهان الصحيح هو الإيمان بالله بغضّ النظر كان الله موجودا أو لا "... و هذا الرهان الذي طرحه باسكال مردود عليه ، فلو كان الإله الحقيقي هو إله المسيحيّة فإن المسلم سيكون مصيره بحيرة الكبريت يتعذّب فيها ! و لو كان الإله الحقيقي هو إله الإسلام ، فالمسيحي سيدخل جهنّم يتعذّب فيها ! و لو كان الإله الحقيقي هو إله البوذيّة ، فالمسلم و المسيحي يتعذّبون في عذاب إله البوذيّة . و حيث أنّ عدد الأديان في العالم أكثر من 4000 دين ، فإنّ احتمال أن يكون الإسلام هو الدين الصحيح يساوي 1/4000 بمعنى أنّ نسبة أن يكون الإسلام صحيحا هي 0.025 % ، بمعنى أن نسبة دخول المسلم للجنّة هي 1% ، بينما نسبة تعرّضه للعذاب و العقاب هي 99% ، ففي حال كان أي دين آخر غير الإسلام هو الدين الصحيح ، سيكون المسلم خاسرا. بينما الملحد لا يؤمن بأيّ إله ، و بالتالي بغض النظر عن الإله الصحيح فإنّ نسبة دخول الملحد للجنة هي 50% ؛ لأن الملحد لم يعبد إلها باطلا ، فلو كان الإله الحقيقي هو إله المسيحية فقد يسامح الملحد ، و لو كان الإله الحقيقي هو إله الإسلام فقد يسامح الملحد ، لأنّ الملحد لم يختر إلها آخر باطل. بينما المسلم اختار إلها واحدا ضمن أكثر من أربعة آلاف إله ، ففي حال كان الإله الحقيقي هو أحد الآلهة التي ينكرها ، فإنّ الإله الحقيقي لن يسامح المسلم لأنّه فضّل إلها غير حقيقي على الإله الحقيقي ، بينما الملحد لم يقم بهذا التفضيل ، و ساوى بين جميع الآلهة . و بالتالي أليس الإلحاد هو الاختيار الأحوط و الرهان الأفضل ؟؟؟!!
الجواب :
الإلحاد هو أسوء خيار موجود على الإطلاق. فلو افترضنا أنّه لا يوجد إله ، و أنّ الطبيعة تسيّر نفسها بنفسها ، فلا فائدة يستفيد منها الإنسان من الإلحاد , فالطبيعة لن تكافئ الملحد بإعادة الحياة له من جديد ، و لن تكافئ الملحد بتطويل عمره ليعش مئات السنين ! و لن تكافئ الملحد بالمحافظة عليه من الأمراض و الكوارث و المصائب و الهموم ! و بالتالي فالطبيعية تساوي بين الملحد و المؤمن ، و لا تميّز الطبيعة بين من يقدّس الطبيعة و يعتقد بأنّها غير مخلوقة ، و بين من يستحقر الطبيعة و يعتبرها مخلوقة ذليلة مأمورة ! فالملحد و المؤمن في نظر الطبيعة سواء ، فلم يستفد الملحد من إلحاده لا في الدنيا و لا بعد الموت ...
بينما لو كان هناك إله خلق هذه الطبيعة و سيقوم بإحياء البشر مرّة أخرى ليحاسبهم على أعمالهم في الدنيا ، فبغضّ النّظر عن اسم هذا الإله و اسم الدين الصحيح الذي يمثّله ، فالمؤمن بوجوده أفضل من الملحد بوجوده . فلو كان الإله الحقيقي يعاقب النّاس بسبب إنكار وجوده ، فالملحد ضامن العذاب بنسبة 100 % ، بينما المتديّن احتماليّة العذاب 50% ، لأنّه يؤمن بوجود إله و لكن يختلف المؤمنون في اسم الإله و صفاته و الدين الصحيح الذي يمثّله . و بالتالي فكلّ مؤمن بوجود إله يُحتمل أن ينجو بنسبة 50% و يحتمل أن يهلك بنسبة 50% . بينما الملحد لا يملك احتمال نجاة لأنّه أصلا لا يؤمن بأيّ إله ! و بالتالي فاحتمال هلاك الملحد هو 100% ، إلا إذا افترضنا أنّ الإله الحقيقي لا يهمّه من يلحد بوجوده ! و إذا كان الإله الحقيقي لا يهمّه إنكار وجوده ، فهذا يلزم افتراض أنّه لا يهمّه أن يعبد الإنسان إلها آخر باطل .. و بالتالي سيتساوى المؤمن و الملحد في احتمال النجاة أمام الإله الغير مكترث ! أمّا في حال أنّ الإله الحقيقي لا يرضيه إنكار وجوده و لا يرضيه عبادة إله آخر غيره ، فالملحد ضمن العذاب ، بينما المؤمن يحتمل النجاة إذا كان إلهه هو الإله الحقيقي .
و إذا نظرنا إلى الأديان في العالم ، فليس من الصواب اعتبار الأديان أكثر من 4000 ! لأنّ هناك عقائد مشتركة كثيرة تجمع الأديان و بالتالي تصنيف الأديان يعتمد على معيار التصنيف .. فنحن عندما ننظر إلى الحيوانات ، قد يقول قائل بأنّ هناك أكثر من 20 مليون نوع من الحيوانات ! لكنّنا ببساطة يمكن أن نقسّم هذه المليارات من الحيوانات إلى سبعة أنواع فقط هي الثديات و الطيور و الزواحف و البرمئيات و الأسماك و الحشرات و الرخويات ! و بالتالي لو افترضنا أن هناك نوع واحد من الحيوانات سيدخل الجنة فنسبة أن يدخل أي حيوان الجنة هي 1/7 أي 14.2 % . و بالمثل ، يمكن تقسيم جميع الأديان إلى ثلاث مجموعات فقط : المجموعة الأولى : تؤمن بوجود خالق و لا تؤمن بصحّة أيّ دين. المجموعة الثانية : تؤمن بوجود خالق و لها دين يعتقد بأن الإله واحد. المجموعة الثالثة : تؤمن بوجود خالق و لها دين يعتقد بتعدد الآلهة. و عليه ، فكل المؤمنين بوجود خالق يمكن إدخالهم في هذه المجموعات الثلاثة ... المتدين الذي ينتمي للمجموعة الثالثة نسبة هلاكه أكبر ، لأنّه لو كان الإله واحد ، فإنّ التعدّد سيكون سببا للهلاك و العذاب. بينما المجموعة الأولى و الثانية لها نسبة نجاة كبيرة.
و عليه ، فإن الرهان الصحيح الذي هو أفضل من رهان باسكال هو الاعتقاد بوجود خالق واحد لهذا الكون و أنّ الخالق هو الإله الوحيد الذي يستحقّ العبادة ، سواء اعتقد الانسان بوجود دين من الإله أو لم يعتقد بوجود دين صحيح يمثّل الإله ، فإنّ هذا الخيار يكون هو أحوط خيار و أفضل احتمال .. أما تعدّد الإلهة أو إنكار وجود أيّ إله ، فإنّه احتمال يؤدّي إلى العذاب و الخسارة بنسبة كبيرة جدا.
و تستمرّ سلسلة الأسئلة و الأجوبة ،،