من المسؤول : الطفرة و الصدفة والانتخاب الطبيعي؟ ام روعة الخلق ؟
الشيئ الجميل في ايات الخالق في مخلوقاته أنها آيات متجددة متوالدة لا تنتهي عجائبها و لا حد لبداعتها التي يُسبّح عقل المؤمن لعظمتها و يحار عقل الجاحد لرصانتها و انتظامها ليقف عاجزا عن تبريرها فيحيلها الى الفرضيات و المجهولات , ولو اخذنا مخلوقا واحدا و محّصنا فيه لنستخرج عجائب الخَلق و الصنعة او لنراقب الاليات التي تتسلسل فيها بكل روعة للزمنا المئات بل الآلاف من الصفحات و التي لن تحيط بكل اسرار ذلك المخلوق مهما كُتب و مهما سُطِّر و الكلام يطول في ذلك ...لكن الذي لفتني اليوم هي لطيفة من لطائف الخالق تعالى شأنه في خلقه و الذي لن تجد الصدفة و لا الطفرة لترويضها لصالحها سبيلا ... جسم الكائن البشري مغطى بالشَعر في عديد الاماكن كالرأس و الحاجبين و الرموش و الوجه و و اليدين و الساقين و بعض المناطق الاخرى ....الامر العجيب الملفت في قضية نمو الشعر امران اثنان (لو تركنا عجائب خلقها التشريحي و الفسيولوجي جانبا) : اولها: كيف لهذا الشعر الذي هو عبارة عن نسيج كيراتيني متقرن ان يحدد اتجاه نموه الى الخارج سلفا و هو لا يزال بصلة داخل الجلد ؟ انظر الى اتجاه نمو شعر الحاجب لترى ما اقصد , فلو افترضنا بأن في احد حاجبيك ألفا شعرة فإن لكل شعرة منها حق النمو بأي اتجاه كان , ما المانع ؟ ولو حسبنا انا و انت عدد الاتجاهات التي يمكن ان ينمو بها كل شعرة فسنصل الى عدد فلكي يكاد يكون لا نهائي , حسنا لقرة عيون الصدفة استطاعت احد الشعرات ان تكتشف الاتجاه الصحيح للنمو فاتخذت ذلك السبيل, لكن كيف تواطئت تلكم الشعرات جميعا على النمو بذلك الاتجاه الصحيح من بين ملايين الاتجاهات التي كان من الممكن سلوكها و بكل يسر و من غير أن يشكل ذلك عائقا فعليا للإنسان ؟ فحتى إن نمتْ بإتجاهات عشوائية غير منظمة فليس من الممكن ان تكون سببا ينقرض الكائن به إن حدث (هذا لكي لا يجعجع اصحاب البقاء للأصلح بالانتخاب الطبيعي).
و كيف لها ان تتفق فيما بينها لكي تقوم الشعرات التي تنموا بمحاذاة حافة العين الخارجية فقط بتغيير اتجاه نموها لكي تواكب و تستمر مع مستوى تقوس العين للخلف ؟ ثم تقف فجأة عن الامتداد الى الخلف كونها وصلت الى حافة العين ! رهيب و الله رهيب , وكيف لها ان تحافظ على ثبات هذه العملية و توارثها جيلا بعد بنفس الالية المتقنة ؟ سبحان من هدى الشعر فوق حواجبنا , و هذا الامر كذلك يطبّق على الرموش , فالرموش العليا تنمو و تبزغ باتجاه الاعلى بينما الرموش السفلى تتقوس نحو الاسفل و لك ان تتخيل ما الذي سيحصل لو كان الامر بالعكس((آآخ عيني)) , و أُذكّر بأن الكائن لن يموت لو تعاكست الشعرات لكن هذا سيتعارض مع الخلق في احسن تقويم .
ثانيها : معدل نمو الشعر المحسوب و المُحكم مسبقا , اين هي تلك الطفرة العمياء البلهاء التي تقيد نمو شعر الحواجب و الرموش بحد معين لكي لا تطغى على العين فتحجب البصر او تعيقه بينما تسمح لشعر الرأس بالنمو و تسهل التحكم في طوله , و اين الصدفة في توقف نمو شعر اليد و الرجل و الصدر دون الرأس ولو حدث العكس لكانت مشكلة ...
فسبحان من قدّر فهدى ... و سبحان من صرف عن آياته و أعمى .
