اقتباس:
يبدو ان الرد ناقص فأنت لم تذكر الاراده الشرعيه وهي ان الله يحب ان يعبد لذلك خلق العباد ...ولكي يظهر اثار صفاته ...فالله من صفاته المعبود ولابد ان يكون له عباد لكي يظهر اثر هذه الصفه .....انت تقول ان الله هو المعبود حتى لو لم يكن هناك عباد ارجو التوضيح ,,,وكذلك شرح الاقتباس ....يبدو ردك للوهله الاولى غير مقنع بالنسبه لموضوع لماذايكلفنا الله وهو غني عنا ؟؟؟ ارجو التوضيح وجزاكم الله خيرا
توضيح الأمر أن حُسن التكليف من الله تعالى للعباد ثابت بوجوه عدة أهمها ..
داعى العقل :
** وبيانه كما يقول إبن القيم ..
يقول أبن القيم رحمه الله – في كتابه مفتاح دار السعادة :
(فلا ريب أن إلزام الناس شريعة يأتمرون بأوامرها التي فيها صلاحهم وينتهون عن مناهيها التي فيها فسادهم أحسن عند كل عاقل من تركهم هملا كالأنعام لايعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا وينزو بعضهم على بعض نزو الكلاب والحمر ويعدوا بعضهم على بعض عدو السباع والكلاب والذئاب ويأكل قويهم ضعيفهم ولا يعرفون الله ولا يعبدونه ولا يشكرونه ولا يمجدونه ولا يدينون بدين بل هم من جنس الأنعام السائمة ومن كابر عقله في هذا سقط الكلام معه ونادى على نفسه بغاية الوقاحة ومفارقة الإنسانية وما نظير مطالبتكم هذه إلا مطالبة من يقول نحن نطالبكم بإظهار وجه المنفعة في خلق الماء والهواء والرياح والتراب وخلق الأقوات والفواكه والأنعام بل في خلق الأسماع والأبصار والألسن والقوى والأعضاء التي في العبد فان هذه أسباب ووسائل ووسائط * أما أمره وشرعه ودينه فكماله غاية وسعادة - في المعاش والمعاد - , ولا ريب عند العقلاء أن وجه الحسن فيه أعظم من وجه الحسن في الأمور الحسية - وأن كان الحس هو الغالب على الناس - وإنما غاية أكثرهم إدراك الحسن والمنفعة في الحسيات وتقديمها وإيثارها على مدارك العقول والبصائر قال تعالى (ولكن أكثر الناس لايعلمون*يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون)- الروم -7,6
** وما أسلفناه .. من كون ترك الإنسان بلا تكليف هو من المستقبح عقلاً ..
حيث قلت ..
اقتباس:
ولو قدر أن الأمر كما يقولون : (( وهو أن يترك العبد لزمام الإختيار يفعل ما يشاء
جرياً على رسوم طبعه المائل إلى لذيذ الشهوات ثم يجزل له العطاء من غير حساب ))
وظنهم أن هذا مستحسن للعقل وأفضل للإنسان ..فإن كلامهم هذا من أبطل الباطل ..
يبطل عقلاً ونقلاً
أما العقل فهو أقبح شئ وأعظمُ نقص فى الآدمى ..
ولو ترك لرسوم طبعه لكانت البهائم أكمل منه ..
ولم يكن مكرماً مفضلاً على كثير من خلقِ الله ..
ولصار شراً فى الطباع من الذئاب والخنازير والحيات ..
وأما الشرع فالله أنكر هذا الأمر فقال .. (( أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى )) ..
وأخبر أن الحكمة تقتضى الحساب فقال (( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ))
ثم أخبرقائلاً ((فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ))
لأن مقتضى حكمته وربوبيته وإلهيته عدم العبث ..
والخلق والإثابة بدون حساب ..
ومثيله قوله تعالى ((وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ
مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ))
والحق هنا هو إلهيته وحكمته وأمره ونهيه ووثوابه وعقابه ..
وداعى الفطرة ..
وقد نقلت فيه ما يلى
اقتباس:
أن التكليف بالعبادة هو مقتضى الفطرة التى أتى الشرع لتأكيدها .
((فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ
ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ. مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ ))
فجعل مقتضى الفطرة التقوى والإنابة والإقبال عليه بمحبته وحده والإعراض عما سواه ..
وداعى الشرع ..
وهو ما تعقبته أخى الكريم ولم أذكره إبتداءً لكون السؤال عقليا عن التكليف ..
لكن بلا شك فإن أى أمر يريده الله تعالى فإرادته الشرعية له كافية فى بيان حسنه وتمامه وكماله ..
وأى حُسن فوق حُسن ما أمر الله به وشرعه ..
وأى شر أكبر مما نهى الله عنه ومنعه ..
فمن الواضح حسن التكليف بناءً على أمر الله تعالى به ..
......
وأصل القضية الخلاف بين أهل البدع وأهل السنة ..
فإنهم إختلفوا فى علة التكليف وحكمته مع إقرار الجميع بغنى الله عن العباد ..
فقالت الجبرية ..ذلك صادر عن محض المشيئة ولا علة له إلا الإرادة ...
وقالت القدرية .. أن التكليف إستئجار من الله لعبيده لينالوا أجرهم بالعمل فيكون ألذ من إقتضائهم الثواب بلا عمل ..
وأهل السنة ..شهدوا بحكمة الله التى تفوق أفهام البشر ..وأن التكليف مقتضى العقل والفطرة والشرع ..وهو ما أسلفناه
والله أعلم ...
هناك قضية أخرى
فى سؤال لماذا يكلفهم وهو الغنى عنهم ...
وهى قضية أن ثبوت الغنى التام لله عز وجل ثابت خارج مناقشة قضية لماذا يكلفهم عقلا ونقلا ...
فكونه الغنى قد أقرته العقول والنقول ..
فالعقول أقرت بأن معطى الكمال أحق بالكمال ..وأن كل كمال ثبت للمخلوق غير مستلزم النقص فخالقه ومعطيه أولى به ..
والنقول إستفاضت بأن الله عز وجل لا يبلغ العباد ضره فيضروه ولا نفعه فينفعوه ..
وأنهم لو كانوا على أتقى قلب رجل أو أفجر قلب رجل فيهم ما زاد ذلك ولا نقص من ملكه عز وجل شيئاً ..
قضية ثالثة
وهى كون الله هو المستحق للعبادة حتى قبل وجود الخلق ..
وقد اسلفتها فى هذا المكان ...
اقتباس:
وكونه سبحانه وتعالى أهلاً لأن يعبد ويثنى عليه أمر ثابت له لذاته ..
فكما أنه الغنى الحى القيوم السميع البصير فهو الإله الحق المبين ..
والإله هو الذى يستحق أن يؤله محبةً وتعظيماً وخشيةً وخضوعاً وتذللاً وعبادة ..
فهو الإله الحق ولو لم يخلق خلقه .. وهو الإله الحق ولو لم يعبدوه ويحمدوه ...
فهو الله الذى لا إله إلا هو قبل أن يخلقهم وبعد أن خلقهم .. وبعد أن يفنيهم ..
لم يستحدث بخلقه لهم ولا بأمره إياهم إستحقاق الإلهية والحمد ..
بل هى صفاته الذاتية يستحيل مفارقتها له ...
كحياته وجوده وقدرته وعلمه وسائر صفات كماله ..