"تساؤلات حول القرآن الكريم" من حوارات القسم الخاص

[مراقب 1]

سائل

اهلاً بالأخ المحاور الجديد.

في البدايه كنت أرى أنه لا يوجد ذكر لحجية السنة في القرآن، وعندما شرح لي الأخ المحاور الآيات وجدت أن فهمي كان خاطئ.
وانتهى الموضوع بأن القرآن ذكر السنة بكلمة (الحكمة)، فكان طلبي الأخير حول مدى أن تكون كلمة (الحكمة) ذاتها تعني السنة وليس مجرد الحكمة كقول (حكيم).

أما عن سؤالك:

هل يوحى الله إلى أنبيائه وحيـًا خلاف الكتب السماوية ؟

ففي الحقيقة لا أدري تماما، لأن بعد حوار الأخ محاور تبين أن لا مانع نقلي من ذلك، مع التحفظ على سؤالي الأخير بخصوص الحمكة.
أما المانع العقلي فيمكن أن لا نميز بين وحي الله لنبيه في الكتاب وبين وحيه الأخر،
وأيضا عدم الحاجة إلى هذا الوحي الإضافي اذا كان الوحي الكتابي شاملاً،
وأيضا قد يلغي الطابع البشري لتفكير النبي واجتهاده الخاص وأخطائه.

هذا ما يخطر ببالي الآن.
والسلام عليكم ورحمة الله................

[مراقب 1]

مجيب 2

الأخ الكريم ..

دمت طيبـًا بخير وسعادة.

كان سؤالنا الذى نتباحثه : هل يوحى الله إلى أنبيائه وحيـًا خلاف الكتب السماوية ؟

وفهمت من كلامك أنه ليس لديك مانع من النقل، إذا بينا الاعتراض المحتمل على لفظة (الحكمة). لكن لديك مانعـًا من العقل، ذكرت له ثلاثة أوجه. فأبدأ بالكلام على (الحكمة) أولاً لننتهى من إزالة المانع النقلى، ثم أثنى برأيى فى المانع العقلى.

========================================

تفسير (الحكمة) فى الآيات محل البحث بالمعنى العام لها وهو إصابة الحق، لا يتعارض مع تفسيرها بالسنة؛ لأن اتباع السنة إصابة للحق. فالسنة من الحكمة، لكن (الحكمة) لا تقتصر على السنة. و(الحكمة) فى الآيات محل البحث يُراد بها سنة الرسول عليه الصلاة والسلام بالدرجة الأولى، أى تدخل فيها السنة دخولاً أوليـًا. ويتأكد هذا الفهم بإنعام النظر فى الآيات، خاصة مع ذكر ألفاظ مثل {وَيُعَلِّمُكُمُ }، و{وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ}، و{وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ}.

========================================

نأتى الآن للمانع العقلى ..

أولاً:
بالنسبة لعدم تمييزنا بين وحى الله لنبيه فى الكتاب وبين وحيه الآخر، فالله علىٌ قدير، ويقدر سبحانه أن يجعل نبيه يميز بين الوحيين، ويقدر سبحانه أن يأمر نبيه فينص على تمييز وحى الكتاب من وحى غيره. وهذا هو الذى وقع بالفعل. فإن المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كان يبين أن ما سيتلوه ـ أو تلاه ـ هو من آيات القرآن، وكان الصحابة يعقلون عنه ذلك، بل كان يرشدهم إلى ترتيب الآيات بعد تلاوتها، فيقول ضعوها فى سورة كذا بعد كذا أو قبل كذا.

ثانيـًا:
لا تصح دعوى عدم الحاجة إلى الوحى الإضافى مع شمول الوحى الكتابى؛ لأن هذا الوحى الكتابى الشامل هو الذى دلنا على حاجتنا إلى هذا الوحى الإضافى، فأرشد إليه، وأمر بطاعته، وحذر من مخالفته. ومن شمول القرآن الشامل أنه اشتمل على الإرشاد إلى لزوم السنة.

ثالثـًا:
القول بأن وجود وحى غير الكتاب قد يلغي الطابع البشري لتفكير النبي واجتهاده، فيه نظر. لأنه يقوم على دعوى عدم التمييز بين السنة الواجب اتباعها وبين اجتهاد النبى عليه الصلاة والسلام. وهذه الدعوى لا تصح على عمومها؛ لأننا بذلك نهدر جهود العلماء على مر القرون فى مجال أصول الفقه، إذ قد تكلموا فى ذلك وفصلوا. ومن أمثلة ذلك الواضحة: حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن الذين تكلموا فى المهد. ففيه خبر زيادة على خبر القرآن الذى لم يذكر إلا عيسى عليه السلام. لكن لا يشك عاقل أن ما أخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام ليس من اجتهاده، وإنما هو خبر عن الله.

========================================

فلو وافقتنى على ما سبق، لاتفقنا على أن الله قد يوحى إلى أنبيائه وحيـًا خلاف كتبه المنزلة.

وقد حرصت فيما سبق على الوصول إلى هذه النتيجة دون ذكر أدلة الإثبات، واكتفيت بانعدام أدلة النفى (لو اتفقنا إن شاء الله).

وأزيد هنا فأذكر واحدًا من أدلة إثبات أن الله يوحى إلى أنبيائه وحيـًا بخلاف كتبه المنزلة.

قال تعالى فى سورة الصافات عن خليله إبراهيم: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102)}.

فهذا وحى من الله لخليله إبراهيم، وليس وحيًا فى كتاب، ولا هو فى (صحف إبراهيم)؛ لأنه كان وحيـًا فى المنام. وقد اشتمل هذا الوحى على (أمر) أطاعه الخليل وولده عليهما السلام. فذلك يدل على أن الله يوحى إلى أنبيائه وحيـًا خلاف كتبه المنزلة، وقد يشتمل على أخبار أو أوامر. وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم، ليس بدعًا من الرسل، فيوحى الله إليه بإذنه ما يشاء.


وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.

[مراقب 1]

سائل

الأخ الكريم ، أود شكرك وشكر الأدارة على مساعدتكم لي والوقوف بجانبي في الأيام الماضيه،
الحمد لله لقد زالت معظم المشاكل التي واجهتها، وعندما اقارن نفسي الآن بالايام الماضيه فهناك فرق كبير....
أشكرك مره أخرى وادعو الله ان يزيدك علما وتوفيقا.

[مراقب 1]

انتهى

[فخر الدين المناظر]

خيرٌ مافعلتم أخي المراقب.

[صادق]

ما شاء الله
لو كانت كل مواضيع القسم الخاص على هذا المستوى من الرقي ، فأننا محرومون من خير كثير .
نرجو تكرار هذه التجربه الشيقه في أكثر من موضوع .
وجزاكم الله خير .

[الباحث عن الحقيقه]

حوارشيق وممتع ومفيدونرجو المزيد من هذه الحوارات ليستفيد الجميع