وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا

[امجاد]

( وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )

الفساد كلمة دائما نتجنب الخوض فيها وكأننا فى منأى عنها .. نتأذى ونشمئز منها واذا ما تناولناها نكون على استحياء .. نصف بها جوانب خارج محيطنا ومجالنا نصف بها غيرنا وكأنها بعيدة عنا وعن احوالنا .. ونحن عن جهل و دون ان ندرى او نعلم قد نكون والعياذ بالله من المفسدين او ساهمنا ولو بقدر فى جلب الفساد الى امتنا وأراضينا بل وديارنا
الفساد لفظ قبيح ومذموم فى مضمونه وتفاصيله لكنه ليس بالغريب عنا اذا ما تأملنا احوالنا وواجهنا انفسنا وحددنا موقعنا منه بكل صدق وأمانة دون مواراه ولا هروب .. الفساد فى الارض عدو يجب مواجهته ومحاصرته وإضعافه بل وازالته ومحو اثاره ولنبدأ من بيوتنا

فى الحديث (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض )
الراوي: أبو هريرة
أمتنا هى بيتى وبيتك .. دارى ودارك وديار المسلمين .. واذا ما أسس هذا البيت الذى هو نواة لمجتمع اسلامى صحيح على تقوى الله .. لاصبح بنيانه اكثر عمقا و صلابة وتماسكا وارتفاعا .. ولكن هل هذا حال بيوتنا .. هل هذا هو حقا حالنا .. كم بيت أسس على تقوى الله .. كم بيت أعطى فيه الاهل القوامة لرجل ذو دين وخلق حفظا للأمانة .. كم بيت ساهمنا فى إفساده دون ان نشعر ودفعنا فيه بأخواتنا وفتاياتنا ونسائنا لأزواج لا ترجو لله وقارا اشربوا فى قلوبهم مناهج باطلة بعيدة كل البعد عن شريعتنا .. غريبة عن اسلامنا .. لرجال اخلصوا العمل لدنياهم وفتنوا بها اهليهم ورعاياهم .. واستثنوا الدين من حياتهم اليومية وهمشوا الكتاب والسنة فضلوا وأضلوا بهم السبيل
ما الأسس التى يأخذ بها اولى الامر والاهل اذا ما تقدم رجل لخطبة فتياتهم .. ما المقاييس التى تتعامل بها الفتاه لقبول الخطيب وتفضيله عن غيره .. ما هى المعايير التى بالفعل تسلكها الأسر فى اختيار الزوج واعطاء القوامة له فى زمننا الحالى ولمن تكون له المفاضلة والاولوية .. الوضع الاجتماعى .. المركز المرموق .. القدرة المادية .. النسب المشرف .. الوسامة .. وغيرها من المواصفات التى يرى فيها الاهل الاولويات والأفضلية لزوج يأملون معه لابنتهم بيت لامع براق فى مظهره وهو فى حقيقته على شفا حفرة من النار

اين اتباع الكتاب والسنة فى اختياراتنا .. اين مكانة اصحاب الدين والخلق من عقول تشبعت حب المادة وزينة زائلة خادعة تدعو الى هلاك وفتنة وفساد عريض وزهو كاذب مرده ليوم لا انساب بينهم ولا مفخره
وفى الحديث ( يا أبا أمامة ! ما أنا وأمة سفعاء الخدين سفعاء المعصمين آمنت بربها وتحننت على ولدها إلا كهاتين ، وفرق بين السبابة والوسطى ، والله أذهب نخوة الجاهلية وتكبرها بآبائها ، كلكم لآدم وحواء ، كطف الصاع بالصاع ، وإن أكرمكم عند الله أتقاكم ، فمن أتاكم ترضون دينه وأمانته فزوجوه )
الراوي: أبو أمامة
من المؤسف حقا ان ننحى شباب و رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه التزموا الكتاب والسنة ونستبعدهم من اختياراتنا ونحرم انفسنا وأهلينا وبيوتنا شرف الانتساب إليهم .. من المؤسف ان نعطى القوامة لرجل لا دين له حتى لو كان على خلق دون خوف من الله وتقوى .. كيف نأمن على انفسنا وفتياتنا ونسائنا وبيوتنا مع من اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا فخانوا الله وخانوا أماناتهم .. كيف نأمل ان نعمر ديارنا وقد بنيناها على معايير ومقاييس فاسدة على شفا جرف هاو وهار ركنا فيها الى زينة الحياة الدنيا واستثنينا الباقيات الصالحات وأخرانا من قواميسنا ومفاهيمنا ومرجعيتنا ( أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )

عار علينا ان يجد اصحاب الدين والخلق كل هذا التجاهل والاهمال وان نضعهم فى ميزان جائر مع من هم دون ذلك ونقدم عليهم علمانيين لاعهد لهم ولا إلا .. نعهد اليهم باخواتنا وهم بعهد الله وشريعته مستهزءون ومضيعون .. من الظلم ان يجد من قالوا ربنا الله كل تلك الصعوبات اذا ما فكروا فى الاقتران بمن تهوى اليهم انفسهم من خيار بناتنا واخواتنا للاستقرار وبناء اسرة على تقوى من الله .. من الغباء والقصور فى الفكر بل والجهل بأمور العقيدة ان يصل الهلع والفزع بالفتاة واهلها من صاحب الدين وأن يوصف بالتزمت والشدة دون بينة الا انه صاحب لحية ويؤدى الفروض بمواقيتها فى المساجد ويغار على اهل بيته .. من العبث بمصائر نساء الامة وفتياتها ان ينفر الاهل من اصحاب الغيرة على دينهم وأهليهم مفضلين عليهم كل ديوث جالب من الغرب والشرق لكل مفسدة ومهلكة .. حتى وصل الامر بالبعض الى الخوف من الاقتران بمن يعرفونهم حق المعرفة من ذويهم ومعارفهم لمجرد ان التزم الشاب او الرجل دينه ومسجده .. وكأنه اصبح مصدر خطر لا أمان
الحديث (- إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد . قالوا : يا رسول الله ! وإن كان فيه ؟ قال : إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه . ثلاث مرات )
الراوي: أبو حاتم المزني

.. اين العقل والوعى الدينى .. اين الاخلاص لله ورسوله .. اين الاسلام الحق .. أين نحن من سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وقد ألقينا بكتاب الله وسنة نبيه المصطفى وراء ظهورنا .. اين نحن من فساد عريض ساهمنا فيه وجلبناه لديارنا بأيدينا عن عمد او دون قصد الا جهل منا بعقيدتنا او عزة بالاثم أخذت منا عقولنا وأخذتنا حتى من أنفسنا
(وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ )

يتبع بإذن الله .. معا نستعرض ابواب المفاسد والمهالك التى فتحناها بأيدينا

[امجاد]

( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ (12) )

بدعوة الاصلاح قامت ثورات وتغيرت نظم .. واطيح بعروش وممالك وهوت امبراطوريات .. باسم الاصلاح تعددت الاهواء والفلسفات وسموم الافكار والاحزاب وذهب كل حزب بما لديهم فرحون
مفسدون تمردوا على الفطرة السليمة وقوانين وشريعة الله على ارضه وباتوا يحرضون ويشيعون كل مفسدة لاهية متمردة على اى التزام لدعوة الحق وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) )
صاغوا القوانين ومكروا مكرهم مستكبرين ومتعاليين على الله .. عملاء لاقوام ضلوا واضلوا بهم السبيل .. داعين لحريات ما انزل الله بها من سلطان غاويين لامم وشعوب وقبائل وقالوا انما نحن مصلحون ألا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون

ماموقعنا وموقفنا نحن من هذا الاصلاح الفاسد الواهم واصحابه على اراضينا .. متفرجين مهللين مدعمين لهم .. يقودنا دعاة الاصلاح ولسان حالنا يقول انا كنا لكم تبعا .. كيف وصل بنا الجهل بأسس العقيدة حتى أفسحنا المجال للطاغوت واوليائه فدخلوا الى ديارنا واعلامنا ومنابرنا من اوسع الابواب على ايدينا .. يعربدون باهوائهم ومناهجهم الباطلة .. لو يجدوا كل سبيل للغى والاغواء اتخذوه سبيلا .. ولا يتخذوا لله سبيلا .. كلمات وخطب وبرامج شرك وكفر خرجت من افواههم ونطقوا بها كفرا وظلما وعلوا وعدوانا وهم يحسبون انهم على شىء (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ (113) )

حماية الأمة واجيالنا وابنائنا من هؤلاء الذين يطلقون على انفسهم مصلحيين وتنويرين ومثقفين وفنانين واجب وفرض يمليه علينا اسلامنا واخلاصنا لرب العالمين .. وحفظا للامانة التى حملها لنا السلف الصالح عندما اخرجونا من الظلمات الى النور باذن الله فهانت علينا فتوحاتهم ودمائهم وجهادهم وفرطنا فى اسلامنا وانفسنا وتركنا امورنا لحثالة من المضللين لا يرجون لله وقارا عمت اصواتهم كل ميادين الحياة استفزازا على اراضينا باسم الاصلاح والتنوير يدعمهم اعداء الدين
الاصلاح الحق إن لم يكن مبعثه من الحق فهو فساد بين صريح وبهتان عظيم .. الاصلاح الحق جاء به رسل الله وانبيائه ونطقوا به رحمة وعدلا وحكما وعلما (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيب) .. وماعداه باطل من فعل الطاغوت واوليائه ( يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا )

ولكن للاخلاص فى مواجهة دعاة الاصلاح الواهم الفاسد ومدارسهم المشركة والالحادية وغيرها .. لابد ان نطهر انفسنا ونجردها مما علق فى اذهاننا وعقولنا من افكار هؤلاء المفسدين .. اذا اردنا ان ننأى بانفسنا بعيدا عن الفساد وان يكون لنا دور فى التصدى له لا يجب ابدا ان نبقى على ما نظنه حسنا من تلك المناهج الباطلة .. فلا يصح ان نسلم اسلاما خالصا لله وقد مزجنا اسلامنا ببنود او اخلاقيات او معاملات من مناهج اخرى غربية كانت ام شرقية ونحرص على بقائها بدعوة انها من حسنات الشرق او الغرب .. هذا شرك يفتح ابوابا للفتن والافتتان
ولكن اذا اردنا ان نتحول من الفكر العلمانى الى الاسلام الصحيح لابد ان نتجرد ونننزع ماعلق فى وجداننا ونشأتنا وقناعاتنا من مناهج هذا الفكر انتزاعا .. ولا نبقى فى صدورنا على اى اثر لجذور هذا الفكر او ذاك ولا منبت له فى عقولنا بدعوى ان هذا المنهج يتفق مع الاسلام فى هذا فنبقيه او ذاك لا يتعارض مع الاسلام فلا بأس به مثل الاسلام الديمقراطى او الاشتراكية فى الاسلام وغيرها .. ما اتفق مع الاسلام فشريعتنا تغنينا عنه وما اختلف عن اسلامنا فلا حاجة لنا به

لمحاربة الفساد على اراضينا لابد من تحقير كل النظم الاخرى فى انفسنا وامام اعيننا وبعقول ابنائنا وننشئهم على ذلك ولا نستحسن منها شىء ولا نتوهم منها ماهو افضل من الاسلام ولا نظن بها خيرا .. لابد من استصغار شأن تلك المناهج الباطلة ديمقراطية كانت او علمانية او شيوعية والاستهانة بها والتحقير من شأن اوليائها وحاملين شعارها وعدم وصفهم بمثقفين ولا تنويريين ولا غيرها من الالقاب البراقة التى اصبغها عليهم اولياؤهم من اعداء الله لجلب نظمهم الفاسدة التى تحادى وتعادى الله ورسوله الى أراضينا
( لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )

[امجاد]

الانفال :ان الذين امنوا وهاجروا وجاهدوا باموالهم وانفسهم في سبيل الله والذين اووا ونصروا اولئك بعضهم اولياء بعض والذين امنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وان استنصروكم في الدين فعليكم النصر الا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير (آية:72)والذين كفروا بعضهم اولياء بعض الا تفعلوه تكن فتنه في الارض وفساد كبير )

هجر الفساد واعتزاله واهله وملازمة اهل التقوى والصلاح ومخافة الله هو هجرة فى سبيل الله حتى لو كانت بالولاء دون السفر والانتقال .. بالمؤازرة والمؤانسة بالمشاعروالوجدان والدعاء دون حراك الابدان .. هجرة مطلوبة ليس فقط بزمن الفتن والمفاسد وعصور الضعف والهوان ولكن ايضا باحوال الامن والرخاء ..

التزام المؤمنين بعضهم البعض هو حصن للنفس وخطوة فعالة فى التصدى للفساد واصحابه .. اختيار الجليس والرفيق والصاحب فى اسفارنا ومساعينا ومحطات ومراحل الحياه هو امر هام و خير معين من الله لاجتناب الفساد والمفسدين والنجاه من هلاك فى الدنيا والآخرة ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )

بأيامنا هذه لم تعد الوحدة و الوحشة والغربة عن الدين والاوطان ببلاد الكفر والشرك قط تستوجب الهجرة منها الى بلاد الاسلام .. بل اصبح الفرار بالنفس الى الله ضرورة ملحة حتى بديارنا .. ديار الاسلام حيث طاحت وطافت وماجت تيارات الفساد بكل مسمياتها العلمانية اشتراكية كانت او ديمقراطية او ما تسمى بحقوق الانسان تعثوا فى اراضينا الفساد باعلامنا ومناهجنا وشوارعنا وبيوتنا لاسبيل للنجاة منها الا التزام المؤمنين بعضهم البعض فى كيان متماسك كالبنيان المرصوص .. كالجسد الواحد لا تخفى عن عضو منه شكوى ولاجرح ولا ألم اصاب جزء منه مهما كانت ضئالته .. تفرحنا وتوجعنا مشاعر واحدة

اعتزال الفساد والمفسدين وضرورة التزام وتقارب المؤمنين هو حصن منيع لهم ورهبة فى قلوب اولياء الطاغوت رافعى راياته الداعيين والممولين والحاميين لكل سبل الغى والاغواء بديار الاسلام .. لاتفزعهم مخافة الله ولاتجد بقلوبهم مكان الا مارحم ربى بقدر ما ترهبهم اجتماع المؤمنين على قلب رجل واحد .. ذلك بانهم قوم لا يفقهون ( لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ )

الدعوة الى التزام المؤمنين بعضهم البعض بالولاء قلبا وقالبا يجب ان تكون هدفا وغاية لنا فى تلك الايام .. هى منهج ربانى وأساس عميق متين للعلو والثبات .. دعوة متجددة لكل زمان ومكان
خليل الله ابراهيم اعتزل قومه وليست مناهج الشرك بزمننا والتى تخالف شريعتنا اقل فتنة مما كان عليه قومه (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا )
اعتزال اهل الفتن والمفاسد حتى لو تعثر بالمكان دون القدرة على الهجرة الى حيث يقام شرع الله يستوجب ملازمة المؤمنين لبعضهم وتواصلهم .. هو منهج ربانى اخذ به كليم الله موسى حين اشتد به وبقومه البلاء (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ )

كم من ساعى الى النجاة باءت مساعيه بالفشل وخيبة الامل حين اخطأ السبيل .. فلا هو التزم اخوانه فى الايمان ولا اعتزل صحبة السوء من رفاقه او اهله حرجا منهم فارتد على ادباره خاسئا وهو حسير (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا (29)

احيانا نسمع عن انسان ما من العامة او المشاهير .. او مشرك من عبدة الطاغوت وثنيا كان او من اهل الكتاب نصارى ويهود انفتح قلبه للايمان وهم بالالتزام وبالفعل بدأ مسيرتة مع الايمان فلم يجد بنفسه عزما ولاثباتا .. خاوت وخارت وخابت قواه .. لم يغير ما بنفسه من محبه لصحبة كانت او قرابة وهو على علم بمناهجهم الضالة .. ولا انتزع من قلبه حنين اليهم حين ابقى على صحبتهم دون اعتزال او جفاء او حتى أسفا عليهم ( الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) .. ولا استبدلهم بالولاء والوصل والتواصل مع اخوانه فى الايمان ( كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَىَ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) .. أخذه الحياء من أناس ليسوا اهلا للحياء حين لم يستحوا من الله باتباعهم لمناهج باطلة ما انزل الله بها من سلطان فرضى باستمرارية صحبته لهم ونسى يوما (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) ) .. ظنا منه وثقه فى قدرته على الثبات دون الحاجة لهذا الاعتزال والبراء الثقيل على نفسه .. ولا الولاء الذى لم يعتاد عليه ولم يعايشه فانجرف معهم بعيدا عن الحق وأعيد اليهم حيث كان ..

لابد من تجديد تلك الدعوة والحث عليها واحيائها باذن الله والتذكير بها لاغلاق باب من مداخل الفساد .. دعوة جادة مخلصة لاعتزال الفساد واصحابه واعوانه والبراء منهم مهما تراءت للمؤمن ظاهر الخسائر فهى كسراب البقيع (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) .. وضرورة التزام المؤمنين لولاء بينهم قوى متين .. محبة واخاء بين مهاجر ونصير .. لركن واحد شديد وحصن منيع على صراط ربهم المستقيم

[د. هشام عزمي]

عودة قوية لأختنا الكبيرة أمجاد !

بارك الله فيك ..
كلام خرج من القلب ، فلا مناص أن يدخل القلب !

[امجاد]

وجزاك الله خيرا دكتور هشام .. تعجز الكلمات على ان تعبر عن عميق شكرى لمشاركتك الطيبة ومرورك الكريم

[سيف الكلمة]

جزاك الله خيرا أخت أمجاد
حقا عودة قوية أختنا الفاضلة
استغرق بناء الإنسان المسلم 13 سنة بمكة
حتى إذا تم الناء وأقيمة دولة المسلمين بالمدينة جاءت الإنطلاقة وانتصر الدين
وصلاح هذه الأمة بما صلح به أولها
وهو إعادة بناء الإنسان المسلم على أساس هذا الدين العظيم
فإن كان الأساس صلبا وقويا صلح البناء كله إن شاء الله

[امجاد]

اضافة قيمة سيف الكلمة .. بارك الله فيك وجزاك خيرا