النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: حول الصيام

  1. #1

    افتراضي حول الصيام

    إخوتي الأفاضل

    قرأت فيما قرأت في القرآن الكريم الآية التالية

    {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }الحجرات14

    وعند بحثي عن تفسير الآية في التفسير الميسر وجدت مايلي :

    قالت الأعراب (وهم البدو): آمنا بالله ورسوله إيمانًا كاملا قل لهم -أيها النبي-: لا تدَّعوا لأنفسكم الإيمان الكامل, ولكن قولوا: أسلمنا, ولم يدخل بعدُ الإيمان في قلوبكم, وإن تطيعوا الله ورسوله لا ينقصكم من ثواب أعمالكم شيئًا. إن الله غفور لمن تاب مِن ذنوبه, رحيم به

    وفي تفسير الجلالين وجدت مايلي :

    (قالت الأعراب) نفر من بني أسد (آمنا) صدقنا بقلوبنا (قل) لهم (لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) انقدنا ظاهرا (ولما) لم (يدخل الإيمان في قلوبكم) إلى الآن لكنه يتوقع منكم (وإن تطيعوا الله ورسوله) بالإيمان وغيره (لا يلتكم) بالهمزة وتركه بابداله ألفا لا ينقصكم (من أعمالكم) من ثوابها (شيئا إن الله غفور) للمؤمنين (رحيم) بهم

    والملاحظ إخوتي من هذه الآية أن المجتمع الإسلامي ليس على درجة واحدة من التوحيد فهناك على الأقل قسمان المؤمنون والمسلمون
    وعلى العموم فإن كل المدينين بالديانة الإسلامية سيكونون مسلمين في البداية ومن ثم فإن بعضهم "وليس كلهم" سيدخل الإيمان في قلبه ويصبح من المؤمنين
    إذاً أخوتي نجد أن طائفة المسلمين أكبر بكثير من طائفة المؤمنين لأن الأولى تحتوي الثانية

    فيصبح لدينا النتيجة التالية :
    كل مؤمن مسلم ....... وليس كل مسلم مؤمن

    بالطبع هذه النتيجة صحيحة لان للإيمان شروط أصعب من شروط الإسلام فيكفي الإنسان لكي يكون مسلماً أن ينطق الشهادة ويمارس الشعائر الإسلامية ولكن الإيمان يحتاج إلى رسوخ الدين في القلب والترفع عن الشهوات التي تطلقها النفس الأمّارة بالسوء أي هو الإيمان بالقلب والإعتقاد بالعقل والممارسة بالفعل

    أسأل هنا .... هل نحن مؤمنون ....؟؟
    الجواب لا ... لا نستطيع أن نجزم بذلك أبداً ...... نستطيع أن نقول بأننا مسلمون ولكن الإيمان هذه حكاية لا نجرؤ على القول بها أليس كذلك......؟؟

    نصل الآن إخوتي إلى نقطة هامة وهي الخطاب

    من المعروف أن الخطاب إذا وجه للعامة فالخاصة ملزمون به أي كأن أقول يا أيها الناس فيصبح الخطاب موجهاً لجميع الناس مسلمين ومسيحيين ويهود وكفرة ومشركين وإلخ .... أما إن وجه الخطاب للخاصة فلا تلزم العامة به ... كأن أقول يا أيها المسلمون فيصبح الخطاب موجهاً للمسلمين فقط وليس لبقية الناس شأن به فأنا أتكلم مع طائفة خصصتها عن العموم أليس كذلك


    إن كنا اتفقنا على السابق ولا أظن أننا لم نتفق فهذا ما يفرضه المنطق السليم في فهم الاشياء نكون قد وصلنا الآن للسؤال الذي أريد طرحة وهو

    بمطالعة الآية الكريمة :

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{183} أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ{184} شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{185} البقرة من 183 إلى 185

    نجد أن الخطاب في هذه الآية قد وجّه لطائفة خاصة وهي طائفة المؤمنين ولم يشمل الخطاب الطائفة الأشمل وهي طائفة المسلمين

    إذاً لماذا يقوم المسلمون بمخالفة قرآنهم وكلام إلههم ويصومون طالما أن الله نهى عن تعذيب النفس بدون أمر إلهي والله قد خصص المؤمنين بالصيام ولم يخصص المسلمين

    أرجو الإجابة عن سؤالي هذا لأعرف إن كان يجب علي الصيام أم لا ولكن أرجو أن تكون الحجج عقلية مقنعة مستشهدين بآيات من التنزيل الكريم ولكم جزيل الشكر
    أنا لا أتحامل على أحد ............ بل أكره الجميع بالتساوي


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    5,513
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    نعم
    وستاتيك الاجابات والتوضيحات .. وكما طلبت ..
    ما دخلت الا لأرحب بك لحسن ادبك ولحسن اسلوب وطريقة طرحك للأسئلة
    فمرحبا بك
    أكثر الله من امثالك بخصوص الادب وحسن اسلوب الطرح .. وقلّل الله من اتباع مذهبك اللاديني .. وهداك الله الى الحق والى الصواب
    التعديل الأخير تم 10-25-2007 الساعة 04:56 AM
    للحق وجه واحد
    ومذهبنا صواب لا يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ لا يحتمل الصواب
    "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ"

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    May 2005
    الدولة
    فلسطين
    المشاركات
    2,498
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    تعقيب سريع في انتظار الرد الشافي إن شاء الله من أستاذي ناصر التوحيد.
    الزميل برولاريو تقول:
    نجد أن الخطاب في هذه الآية قد وجّه لطائفة خاصة وهي طائفة المؤمنين ولم يشمل الخطاب الطائفة الأشمل وهي طائفة المسلمين
    إذاً لماذا يقوم المسلمون بمخالفة قرآنهم وكلام إلههم ويصومون طالما أن الله نهى عن تعذيب النفس بدون أمر إلهي والله قد خصص المؤمنين بالصيام ولم يخصص المسلمين
    بما أن الآية تخاطب المؤمن خاصة وليس كل مسلم إذاً -حسب كلامك- على المسلم الغير المؤمن أن لا يصوم لأنه غير مكلف.

    1- حسب علم الله: لا حاجة لله بصيام من لم يكن مؤمناً. فما هو وجه اعتراضك إذا طالب الله المؤمنين بالصيام؟
    2- حسب علم البشر: المقياس عندنا هو الإسلام لاننا لا نعلم ما في صدور الناس. كيف ستعلم أن فلان بعينه لمّا يدخل الإيمان قلبه؟

    --------

    اعتراضك سيكون له معنى إذا كانت الآية تستثني في التكليف شخص يستحق الثواب. وهذا ليس صحيح لان شرط قبول أي عمل - بما في ذلك الصوم - هو الإيمان. الدليل تجده في قوله تعالى :

    النساء {124} وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا
    النحل {97} مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
    الإسراء {19} وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا
    طه {112} وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا
    الأنبياء {94} فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ
    غافر {40} مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ

    {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    4,556
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    طبعا الموضوع لغوى بحت وإن كان له تعلق بالعقيدة فى انتظار تفصيل الأخ ناصر التوحيد فالموضوع جميل وصنف فيه ابن تيمية كتاب الإيمان وخلاصة الكلام فى لفظ المؤمن والمسلم أنهما إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا ..ولو كان صاحب السؤال لديه معرفة ولو محدودة بعلم الدلالة اللفظية لما سأل هذا السؤال ولعلم أن لفظ المؤمن والمسلم تستخدم مترادفة إذا ذكر أحدها غالبا وتستخدم بمعان مختلفة يختص فيها المؤمن و المسلم بصفات معينة فسرتها السنة إذا ذكرت مجتمعة .
    التعديل الأخير تم 10-25-2007 الساعة 11:03 PM
    قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ

  5. #5

    افتراضي

    الزميل برولاريو.

    عندما تتكلم عن المصطلحات الشرعية فلا بد أن تراعي معانيها الشرعية لا معانيها التي تفهمها أنت بفهمك غير الشرعي.

    فيكفيك أن تعلم أن (الإسلام) و (الإيمان) من الألفاظ التي يقول عنها علماء الشريعة من خلال استقرائهم نصوص الكتاب والسنة أنها :
    " من الألفاظ التي إذا اجتمعت افترقت ، وإذا افترقت اجتمعت" .

    ومرادهم بذلك أن الخطاب الشرعي إذا وردت فيه كلمتي (الإسلام والإيمان) معا ، فإنه يكون لكل واحد منهما معنى مختلفا عن الآخر، وإذا ورد أحدهما بمفرده عن الآخر فإنه يشمل معناه ومعنى اللفظ الآخر .

    فما معنى (الإسلام) و (الإيمان) عند الاجتماع ، وما معناهما عند الافتراق؟

    معناهما عند الاجتماع : أن الإسلام هو الأعمال الظاهرة على اللسان والجوارح . أما الإيمان فهو الأعمال الباطنة في القلوب.

    فإذا افترقا : كان الإسلام شاملا للظاهر والباطن ، وكان الإيمان شاملا للظاهر والباطن. ولكن يراعي القرآن الكريم في استعمالهما معان بليغة بحيث يكون اختيار الإسلام ليدل على معناه ومعنى الإيمان ، واختيار الإيمان ليدل على معناه ومعنى الإسلام مفيدا معاني أخرى تستفاد من السياق القرآني ، وكذلك الأمر في السنة النبوية.

    فمثلا في آية الصيام صدرها الله بقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا } لأن الصيام وإن كان تركا للطعام والشراب وهو أمر ظاهر إلا أن ظهوره خفي ، فأشبه الأعمال الباطنة ، كما أنه يستدعي من الإنسان من المراقبة القلبية لله ما قد لا يستدعيه غيره من الأعمال الظاهرة.
    أضف إلى ذلك ما في حث المؤمن على التزام الصيام باستحضار إيمانه وتخصيصه بالنداء على أنه محقق لإيمانه فلا يتأخر عن الصيام شوقا إليه وحبا أعظم مما يشتاق الجائع للطعام والضامئ للشراب .

    من هنا نعلم أن تقسيم الأمة إلى من يصوم رمضان ومن لا يصومها !!! إنما هو تقسيم سقيم لا وزن له .

    كيف إذا أضفت إلى أن معيار وصف الإنسان بإنه مسلم غير مؤمن معيارا غير بشري ، فلا يمكن أن يطلع عليه إلا المطلع على القلوب سبحانه وتعالى ، فهل ستشق عن قلوب الناس لتعرف المؤمن من المسلم ، وهل سيكون لدى الإنسان جهاز يقيس به إيمانه وإسلامه ليصوم بعض رمضان ويفطر بعضه !!!


    ومن دخل في غير علمه أتى بالعجائب!!

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    5,513
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    نعم
    الخطاب الشرعي اي الخطاب التكليفي
    فمن فهمه فهم ان الفرق يكون في :
    الاعمال ... وأثر قوة الايمان في اداء صالحها او ضعف الايمان في تجنب ارتكاب طالحها
    ومن هنا جاء التصنيف للمسلم بحسب احسان عمله - الاسلام - , والمؤمن - الايمان - , والمحسن - الاحسان - . والاحسان هو اعلى الدرجات لان المسلم فيه يستشعر مراقبة الله له في كل كلمة يريد ان يقولها وفي كل عمل يريد ان يعمله .. جعلنا الله من المحسنين

    فإحسانك في العبادة هو تزيينك لها، فالإيمان له إحسان، والإسلام له إحسان، وكل عبادة لله فيها إحسان، فالإسلام يحسن، هناك مسلمون ولكن لم يحسنوا إسلامهم، وهناك مؤمنون لكن لم يحسنوا إيمانهم، فتحسين الإيمان يقتضي من صاحبه رقابة لأوامر الله، ورقابة لنواهيه، وطلبا لمرضاته، وخوفا من عقابه وأداء لحقه، هذا تحسين الإيمان. وتحسين الإسلام أن تكون الطاعات على وفق ما شرع الله، فتأتي بالفرائض ثم تكملها بالسنن ثم تكملها بالمندوبات
    ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن العبد إذا أسلم فحسن إسلامه محا الله عنه كل سيئة كان زلفها، ثم كان بعد ذلك القصاص، الحسنة بعشر أمثالها والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عنه" . و " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" .


    ----
    برولاريو
    قرأت فيما قرأت في القرآن الكريم الآية التالية
    {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }الحجرات14
    تفسير ابن كثير
    يقول تعالى منكرا على الأعراب الذين أول ما دخلوا في الإسلام ادعوا لأنفسهم مقام الإيمان ولم يتمكن الإيمان في قلوبهم بعد ...وقد أستفيد من هذه الآية الكريمة أن الإيمان أخص من الإسلام كما هو مذهب أهل السنة والجماعة ويدل عليه حديث جبريل عليه الصلاة والسلام حين سأل عن الإسلام ثم عن الإيمان ثم عن الإحسان فترقى من الأعم إلى الأخص ثم للأخص منه ... وقد فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين المؤمن والمسلم .... قيل لهؤلاء تأديبا "قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم" أي لم تصلوا إلى حقيقة الإيمان بعد ثم قال تعالى "وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا" أي لا ينقصكم من أجوركم شيئا كقوله عز وجل "وما ألتناهم من عملهم من شيء" وقوله تعالى "إن الله غفور رحيم" أي لمن تاب إليه وأناب.

    نعم .. أي ورغم ذلك ..أي ورغم أن الايمان لم يدخل الإيمان في قلوبكم أي لم تصلوا إلى حقيقة الإيمان .. فإن تطيعوا الله ورسوله لا ينقصكم الله من أجوركم شيئا أي فإن لكم اجركم على ذلك كاملا .. وذلك لانكم أسلمتم ..
    فالاسلام هو شرط اداء التكاليف وشرط نيل الاجر الكامل على الاداء ..
    وهذه الاية الكريمة - وكما ذكر المفسرون - 14 - تخص نفرا من بني أسد .. اطلع الله على قلوبهم فلما قالوا آمنا قال لهم الله .. قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ .. ولم تصلوا إلى حقيقة الإيمان ولم تعرفوا حقيقة ما يستوجبه الايمان ..
    وهذه ليست مذمة .. بل تحفيزا لهم على ان يملأ الايمان قلوبهم على الشكل الذي يرتضيه الاسلام من المسلم ..
    ومن مقتضيات الايمان .. انه " لا يؤمن احدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به " , " ولا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه " , و" لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده " .. وهكذا
    قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما . أن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار " .
    ومعنى هذه الاحاديث ان الايمان له مقتضيات .. ان لم يقم بها المؤمن فلا يكون ايمانه ايمانا كاملا ولا يكون ايمانا قويا .. ولا يعني هذا نفي الايمان عنه .. بل نفي أثار الايمان التي يتوجب وجودها في المؤمن ..
    كقوله عليه الصلاة والسلام : " من غش فليس منا " فهذا لا يعني ان المسلم اذا غش فرط وانتهى اسلامه .. لا .. بل يعني ان الغش ليس من الاسلام .. والاحق بالمسلم الملتزم بالاسلام ان لا يغش وان يتجنب ويبتعد عن الغش لان الغش ليس من الاسلام .
    ومثل ذلك كقوله عليه الصلاة والسلام : " لا صلاة لجار المسجد الا في المسجد " . فالمعنى لا صلاة كاملة .. والمعنى يتعلق بصلاة الفرض .. وذلك لان من السنة صلاة الفرض جماعة .. ومن السنة اتباع قوله عليه الصلاة والسلام حين صلاة السنن والتطوع : " صلوا في بيوتكم ولا تجعلوها عليكم قبورا " . ف" صلاة الرجل في بيته افضل الا المكتوبة " .

    ستقول لي .. لم افهم ولم تجبني على كلامي ..
    فاقول لك ..
    يؤذن المؤذن لصلاة الفجر .. فترى مسلما يقوم من فراشه .. مهما كان البرد قارسا .. ويتوضأ .. ويخرج الى المسجد للصلاة جماعة .. وترى مسلما آخر كسل وصلى في بيته وليس له من عذر شرعي .. وخسر أجر الجماعة .. فمن افضل من الاخر ؟ الاول هو الافضل طبعا .. ولماذا هو الافضل .. لان ايمانه قوي وجعله يقوم بما يقتضيه منه هذا الايمان .. ولان ايمانه جعله يتبع اوامر دينه ولو على حساب راحة جسمه ..
    فمثل هذا المسلم الكسول يمكن ان يقال له ايضا : قل أَسلمت وَلمَّا يدخُلِ الإِيمانُ فِي قلبك .
    لذلك لا تجد اية كريمة تتحدث عن الايمان الا وترفق معه العمل الصالح ..

    ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن , ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن , ولا يشرب يعني الخمر حين يشرب وهو مؤمن فإياكم إياكم " .
    يعني حال مواقعته لهذه المعصية لا يكون مؤمناً كامل الإيمان، لماذا لا يكون مؤمناً كامل الإيمان؟ لأنه لو كان مؤمناً كامل الإيمان لترك المعاصي؛ لأن الإيمان الكامل هو اسم للعمل بجميع ما أمر الله به ورسوله، وترك جميع ما نهى الله عنه ورسوله، فلما كان هذا مخالفاً لما أمر الله به ومنتهكاً لما نهى الله عنه فإنه لا يستحق هذا الاسم. ولكنه مع ذلك يظل مسلما .. ولا يخرج عن الاسلام . وان خرج عن مقتضيات الايمان .. فهو مؤمن ناقص الإيمان، ضعيف الايمان . ومثل هذا المسلم العاصي يمكن ان يقال له ايضا : قل أَسلمت وَلمَّا يدخُلِ الإِيمانُ فِي قلبك .


    ---
    والملاحظ إخوتي من هذه الآية أن المجتمع الإسلامي ليس على درجة واحدة من التوحيد فهناك على الأقل قسمان المؤمنون والمسلمون
    ل .. بل كل افراد المجتمع الإسلامي على درجة واحدة من التوحيد .. لان التوحيد مفهومه واحد .. ومقتضياته واحدة .. واركان الاسلام هي نفسها اركان الاسلام .. ولا يخل مسلم بواحد منها ..
    ولا فرق بينهم في في مقتضى ومفهوم الشهادة .. مقتضى ومفهوم " لا اله الا الله " ... وهو يشمل توحيد الالوهية والعبودية والربوبية .. وهذا ما عليه المسلمون بلا استثناء ولا اخلال بها .. لذلك فكل : " من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل الجنة " .

    إذاً أخوتي نجد أن طائفة المسلمين أكبر بكثير من طائفة المؤمنين لأن الأولى تحتوي الثانية
    هذا كلام صحيح

    فيصبح لدينا النتيجة التالية : كل مؤمن مسلم ....... وليس كل مسلم مؤمن
    المسلم هو مؤمن .. لان يقول ويؤمن بجميع اركان الايمان ..
    فيكون هو مسلم مؤمن .. ولكن ناقص الايمان .. وهنا التفاوت بين المسلمين .. بل ويوجد تفاوت بين المؤمنين كذلك .. لكن في العمل .. في الاتباع للوامر والمناهي .. اما ان كان في الايمان نفسه , فاركان الايمان واحدة وملتزم بها .. فيكون التفاوت في قوة الايمان وفي ما يقتضيه الاسلام وما يقتضيه الايمان من المسلم ومن المؤمن .. فلا يخرج عن دائرتهما اذا قصر ايمانه عن العمل والتكليف كما يجب .. انما يقال له مسلم ناقص الايمان بسبب نقص عمله ونقض بعض مقتضيات حقيقة وكمال الايمان

    الاية الكريمة تحدثت عن نفر خاص من قوم ولم تتحدث عن كل الاعراب بما تحدثت عن هذا النفر الخاص .. فلغيرهم .. لا ننفي الايمان عنهم .. ولكن نصف ايمانه بالناقص او الضعيف ..

    أسأل هنا .... هل نحن مؤمنون ....؟؟ الجواب لا ... لا نستطيع أن نجزم بذلك أبداً ...... نستطيع أن نقول بأننا مسلمون ولكن الإيمان هذه حكاية لا نجرؤ على القول بها أليس كذلك......؟؟
    هذا الكلام له نفس الكلام السابق ..
    فلنا ان نسال ايضا هل نحن مسلمون .. فالجواب اننا مسلمون بالتاكيد .. هل نحن مؤمنون .. نعم .. مؤمنون
    لذلك السؤال مثل سؤالك هذا يطرح كما يلي .. هل نحن مؤمنون حق الايمان ؟ هل نحن مؤمنون الايمان الكامل ؟
    وهنا الناس تتفاوت .. وكثير من الناس مؤمنون كمال الايمان .. ويتقون الله في كل همسة او لفتة منهم .. وتراهم شاكرون حامدون لربهم راكعون ..
    فالايمان الحقيقي والكامل يشمل العمل القلبي وقول اللسان وعمل اللسان وعمل الجوارح
    ولكن..
    و" كل ابن ادم خطاء .. وخير الخطائين التوابون " .
    فترى المسلم ولو قوي الايمان قد يخطئ .. فلا يوجد بشر معصوم الا الانبياء .. ولكنه يتوب بسرعة ويندم ويعاهد الله على عدم العودة الى ما فعله من معصية .. وهذا سببه الايمان القوي..

    من المعروف أن الخطاب إذا وجه للعامة فالخاصة ملزمون به أي كأن أقول يا أيها الناس فيصبح الخطاب موجهاً لجميع الناس مسلمين ومسيحيين ويهود وكفرة ومشركين وإلخ .... أما إن وجه الخطاب للخاصة فلا تلزم العامة به ... كأن أقول يا أيها المسلمون فيصبح الخطاب موجهاً للمسلمين فقط وليس لبقية الناس شأن به فأنا أتكلم مع طائفة خصصتها عن العموم أليس كذلك
    لا .. ليس كذلك .. اي وليس على الاطلاق ..
    فهناك اية كريمة تقول : يا أيها الذين آمنوا ..خطاب موجه الى كل الناس كفارا ومؤمنين ..
    وتأمل قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمَنوا آمًنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي انزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا) (سورة النساء: 136).
    خطاب موجه الى كل الناس كفارا ومؤمنين ..
    فللكفار معناه .. يا ايها الكفار أذكّركم بالايمان .. فآمنوا ..
    وللمؤمنين معناه دوموا واثبتوا على ايمانكم وازدادوا ايمانا بالله وطاعة واستكثروا من الاعمال الصالحة التي تزيد في ايمانكم ..وتجنب ارتكاب المعاصي والذنوب .
    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ) .. والخطاب هنا موجه للمؤمنين .. لانه الناس سيطلب منهم الايمان قبل ان يطلب منهم ان يكون ما يقدموه لاجل الله طيبا .. فالتصدق شرطه الايمان

    نجد أن الخطاب في هذه الآية قد وجّه لطائفة خاصة وهي طائفة المؤمنين ولم يشمل الخطاب الطائفة الأشمل وهي طائفة المسلمين
    المعنى الحقيقي هو ان الصوم هو من مقتضيات الايمان ولذلك على المسلم ان يصوم .. ولذلك على المسلم ضعيف او ناقص الايمان ان يصوم .. فهي تحفيز لمثل هذا المسلم للعمل والصوم .. لانه بذلك يرتقي الى وصف المؤمن الحق والمؤمن القوي ..
    وليس معناها نفي الصوم عن المسلم .. وكما قلت لك فالمسلم هو مؤمن .. ولذلك هو مشمول في الخطاب ..
    وال فانت بفهمك هذا تريد ان تنفي الكثير من الحكم من فرض الصوم على المسلمين .. ولذلك من شروط الصيام ان يكون الشخص مسلما .. اي ان الاسلام هو شرط الصيام ..

    إذاً لماذا يقوم المسلمون بمخالفة قرآنهم وكلام إلههم ويصومون
    المقدمة الغلط لا بد وان تاتي بنتيجة غلط

    فالمسلمون يجب ان يصوموا لانهم مشمولين في هذا الخطاب
    وهم بصومهم يتبعون اوامر القران الكريم .. اي يتبعون اوامر الله إلههم .. وإله كل البشر
    للحق وجه واحد
    ومذهبنا صواب لا يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ لا يحتمل الصواب
    "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ"

  7. #7

    افتراضي

    شكراً للأخ العزيز ناصر التوحيد الذي كان بحق كما وصفه أحد الإخوة أستاذاً في العلوم التشريعية فقد أجبت بدقة وعلمية تامة مستنداً إلى أمور عقلية محضة لا يختلف فيها اثنان وكان جوابك شافياً كافياً وافياً فشكراً لك ولكل من ساهم في توضيح الفكرة من الإخوة
    تحياتي
    أنا لا أتحامل على أحد ............ بل أكره الجميع بالتساوي


معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. من حكم الصيام
    بواسطة دكتور أشرف في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06-13-2015, 10:47 AM
  2. كتاب .. الصيام سؤال وجواب - تعلّم الصيام وأحكامه بكل سهولة
    بواسطة مبدع قطر في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-16-2012, 11:45 AM
  3. لماذا شرع الله لنا الصيام: (تأملات في مقاصد الصيام في ضوء الشريعة الإسلامية)!!
    بواسطة عبدالملك السبيعي في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-23-2009, 03:46 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء