ثانيًا : الإكراه لطبيعة الحياة المادية :
لا تكلف المرأة و لو كانت جارية ما يفضي بها إلى البغاء ، و كم من حكم شرعي كانت حكمته أو كان أصله سد الذريعة إلى البغاء ..
و من ذلك قول ابن قدامة رحمه الله في المغني (
الإجماع منعقد على أن صاحب الثلث في الوصية وما في معناها ، لا يحصل له شيء حتى يحصل للورثة مثلاه ، وفي مسألتنا يعتقون الثلث ، و يستسعون العبد في الثلثين ، فلا يحصل للورثة شيء في الحال أصلا ، ويحيلونهم على السعاية ، وربما لا يحصل منها شيء أصلا ، وربما لا يحصل منها في الشهر إلا درهم أو درهمان ، فيكون هذا في حكم من لم يحصل له شيء ، وفيه ضرر على العبيد ؛ لأنهم يجبرونهم على الكسب والسعاية ، عن غير اختيار منهم ، وربما كان المجبر على ذلك جارية ، فيحملها ذلك على البغاء ، أو عبدًا فيسرق أو يقطع الطريق ، وفيه ضرر على الميت ، حيث أفضوا بوصيته إلى الظلم والإضرار ، وتحقيق ما يوجب له العقاب من ربه ، والدعاء عليه من عبيده وورثته .)
فشرعة هذا محل النظر فيها و مبدأ البحث في فقهها فأين محل هذا السؤال فيها ؟!!
لا محل لهذا السؤال في الإسلام ، فالمرأة لها وليها ، يقوم على شأنها و على نفقتها ، فإن كان الأب و الأخ و الجد و العم و الخال و الزوج و الابن على قيد الحياة فعليهم الإنفاق عليها .
و لو عدمت كل هؤلاء فلها نفقتها من بيت مال المسلمين .
و لو عدمت بيت المال فقد أبيحت لها أموال الزكاة (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) و ليس في ذلك حطة من شأنها في الإسلام ، فالمال لله يرزق من يشاء ، و الغني مأمور بإعطاء الفقراء من ماله كما أمره الله ، و هذا القدر الذي أمر به الغني حق للفقير كما قال تعالى (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ، لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) ..
فأين بالله في مجتمع مسلم امرأة تعدم كل أوليائها ثم تعدم السلطان و بيت المال ثم تعدم الأغنياء ؟!!!
ثم هبها عدمت كل هؤلاء فأين الله ؟؟؟؟؟
(أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ )
فهذا السؤال لا مكان له في المجتمع المسلم لأنه غير متصور إلا في مجتمع انتزعت منه شرعة الله و صار كل يغني على بلواه و لا ثم تكافل و لا غيره ، و عندها تسعى المرأة وحدها على أمرها ، و تنبشها الذئاب بلا رادع ، و أني يكون الرادع ؟!!
Bookmarks