الحمد لله العزيز الحكيم
الإخوة الكرام : خالد200 ، أبو مريم ، ناصر التوحيد ،أحمد،متروي، مراقب2.
السلام عليكم
أود لو تكرم الأستاذ مراقب2 بنقل هذا الرد إلى الشريط المغلق (مرة أخرى .... انشقاق القمر !!! ).
أخي أبو مريم له مآخذ علي لأني قلت (هذا ما شهد الله به) ولأني لم أقل (الله أعلم).
أما إني لم أقل (الله أعلم) فلأن تلك حقيقة مطلقة لا تحتاج إلى إثباتها كتابة ، ولأن الناس اعتادت أن تفهم من كل كلام ختم بعبارة (الله أعلم) على أنه (ظن) وليس (يقين) ، والظن لا يستحق أن يسمى علما: (مالهم به من (علم ) إلا اتباع (الظن).
أنا العبد لله لا أقول كلاما إلا بعدما تطمئن له نفسي وأستيقن أنه هو الصواب 100% بحيث أكون متأكدا كل التأكيد بصحة ما أقول ، وحينما قلت (هذا ما شهد الله به) فلأن الله هو الحق المبين وكتابه كتاب مبين واضح ، لو كانت آية انشقاق القمر قد حصلت لبينها الكتاب المبين وبالتالي لما وجدت اختلافا بين اثنين عليها.
أما في وجود الاختلاف فإن الله يقول : وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ.
أعود للكلام عن سورة القمر بمزيد من التوضيح :
لقد ذكر الله 5 قصص متتالية ترتيبا: قوم نوح وقوم عاد وثمود وقوم لوط وفرعون.
ما الهدف من ذكر هذه القصص؟
إن قلنا إن هذه القصص ذكرت لإخبارنا بما حصل لهم فقد سبق أن جاء القرآن على ذكرهم من قبل ، فإذا عاد القرآن ذكرها فقط لمجرد التذكير بها فذلك يعتبر تكرارا لا داعي له.
أرى أن الله يضرب الأمثال بالقصص ، يأتي بقصص تتناسب مع مقاصد السورة فيضرب الأمثال بها وحيا بالمعنى ثم يدعوك لتدبرها بإحسان استخدام العقل لتستنتج مراد الله فتستيقن حق اليقين حكمة الله.
مثلا : قصة يوسف عليه السلام وردت في القرآن مرة واحدة ومع ذلك لم يكن الهدف من ذكرها فقط لإخبارنا بما حصل ليوسف مع إخوته وإنما ضرب الله بقصة يوسف المثل للوحي القرآني ، قبل أن يقص الله علينا قصة يوسف نبهنا بقوله : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ (تَعْقِلُونَ) لكي لا نستقبل القصة على أنها مجرد قصة يخبرنا الله فيها عن يوسف وإخوته وإنما لنتفكر فيها بالعقل لكي نصل إلى معرفة المثل المضروب بهذه القصة ، فوجدنا أنها ضربت مثلا للقرآن ورسالة الإسلام :
المثل المضروب : نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ .
المضروب له : بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ.
رؤيا يوسف وحي من الله، يوسف يمثل أمة الإسلام ، ورؤياه ضربت مثلا لوحي الله القرآن.
لم تتحقق الرؤيا إلا بعدما بلغ يوسف أشده واستوى عندئد آتاه الله حكما وعلما وعلمه التأويل فرأى تأويله للرؤيا يتحقق في من عبر الله ورآى رؤياه التي رآها في الصغر تحققت في نفسه .
كذلك حينما تبلغ الأمة أشدها يؤتيها حكما وعلما ويريهم الله آياته في الآفاق وفي أنفسهم ، ويمكن الله لأمة الإسلام في الأرض كما مكن ليوسف.
هكذا كانت قصة يوسف مثلا للقرآن ولأهل القرآن.
مثل آخر: سورة النمل تحمل الهدى والبشرى للمؤمنين ، فأتى الله بأربع قصص ضربها الله مثلا لتلك البشرى:
قصة موسى مع فرعن ضربت مثلا ل = (النصر).
قصة داوود وسليمان ضربت مثلا ل = (التمكين).
قصة صالح ضربت مثلا = (للإصلاح في الأرض)
قصة لوط ضربت مثلا = (للقضاء على الفساد والمفسدين )
هذا ما بشر الله به المؤمنين : نصرهم بإظهار دين الحق على الدين كله، ويؤتيهم حكما وعلما ويمكن لهم في الأرض فيصلحوا في الأرض بعد إفسادها من المفسدين والقضاء عليهم.
وسيكون هذا بفضل الهدى الذي سيبينه الله للناس فيعرفونه ويدخلون في دين الله أفواجا وهو ما عبرت عنه الآية الأخيرة من سورة النمل : وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
إذن فالله تعالى سيري آياته للناس جميعا فيستيقنون أن الإسلام هو الدين الحق ، وسينقسمون إلى قسمين :
1) قسم استيقن الآيات فآمن .
2) قسم استيقن الآيات فجحدها ظلما وكفر.
وما يكفر الكافر متعمدا إلا لأنه غره هواه ، والهوى الذي يغر الإنسان هو هوى النفوذ والسلطان أو هوى المال، فصاحب النفوذ والسلطان يخشى أن يحد الإسلام من سلطانه ويقلص من نفوذه ، وصاحب المال الذي يجمعه من الحرام يود لو بقي الحال كما كان لينتفع.
فأتى الله بسورة تتكلم عن الفريق الكافر وهي سورة القصص ، وضرب المثل بفرعون الذي غره سلطانه ونفوذه ، وضرب قارونا مثلا للذين غرهم المال.
ثم أتى الله بعد ذلك بسورة تخص فريق المؤمنين وهي سورة العنكبوت،
فإذا كان فريق الكافرين معفى من الاختبار لأنهم خسروه بكفرهم فإن المؤمنين لا بد من اختبارهم ليعلم بالحجة الصادق من الكاذب ، والفوز في الفتن سيكون حليف الصابرين، وقوة الصبر تقاس بطول المدة وبشدة التحمل ، فضرب الله نوحا مثلا لطول مدة الصبر (لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما)، وضرب إبراهيم مثلا لشدة التحمل والصبر على الأذى حتى أنه لم يستسلم وفضل أن يلقى في النار على أن يكفر بالله ، وضرب الله شعيبا مثلا للضعفاء الصابرين كحجة على من يتعلل بأنه لم يقو على الصبر لأنه ضعيف ، وضرب الله لوطا مثلا للذي يتعلل بأنه كان ضعيفا ووحيدا بين الكفار لم يجد من يحثه على الصبر.
كانت هذه أمثلة بينت فيها أن الله يضرب الأمثال للحدث الأبرز الذي تهدف إليه السورة بما يتناسب معه من قصص الأولين.
ماهو الحدث الأبرز لسورة القمر؟
إنه اقتراب الساعة وانشقاق القمر.
ما هو الوصف الأبرز لهذا الحدث؟
إنه (النذر) الذي نسميه يتعبير آخر (الإنذار).
الإنذار هو إلإعلام بشيء مكروه يأتي في زمن المستقبل.
إذا قلت لابني : أنذرك أن ترسب في الامتحان إذا لم تذاكر دروسك.
هل تفهم من كلامي أن ابني رسب في الماضي أم رسب الآن في الحاضر أم سيرسب في المستقبل؟
لا شك أنه سيرسب في المستقبل إن هو لم يذاكر دروسه.
كذلك وصف الله اقتراب الساعة وانشقاق القمر ب (النذر) = حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ.
وأتى الله بأمثلة من النذر التي كانت عذابا للأمم السابقة ، فذكر قوم نوح أولا وكان نذرهم الذي أهلكوا به هو الطوفان ، فعقب بقوله (فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ).
ثم ذكر بعدها قوم عاد وكان نذرهم الذي أهلكوا به هو ريح صرصر ، فعقب الله بقوله (فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ).
ثم ذكر بعدها ثمود قوم صالح وكان نذرهم الذي أهلكوا به هو الصيحة ، فعقب الله بقوله (فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ).
ثم ذكر بعدها قوم لوط وكان نذرهم الذي أهلكوا به هو الطمس على الأعين والحجارة من سجيل ، ولأن هؤلاء كانوا أكثر إجراما وخروجا على الفطرة فإن تعالى قال عنهم (فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ) وكررها مرتين.
ثم بعد ذلك ذكر فرعون وتكذيبه بالنذر.
أليس في ذكر كل قصة ووصفها ب (النذر) علاقة بلب الحدث الأبرز الموصوف هو أيضا ب (النذر) ؟
ألا تكون تلك القصص المذكورة في سورة القمر هي تشخيص لحالة العذاب الذي سيهلك به الناس بسبب انشقاق القمر؟
هي والله تشخيص وأمثلة لما سيحل بسبب انشقاق القمر.
وزيادة في التوضيح أضرب هذا المثل لكيفية فهم سورة القمر :
قال الطبيب للمريض : ستصاب بمرض خطير مميت إذا لم تقلع عن التدخين ، هذا (إنذار) لك ، خالد أصيب بسرطان الرئة ، كم (أنذرته) من عاقبة التدخين، فهد مات بالذبحة الصدرية ،كم (أنذرته) من عاقبة التدخين، سالم مات بسرطان الحنجرة، كم (أنذرته) من عاقبة التدخين.
هذا تمثيل لما عنته سورة القمر.
آية انشقاق القمر بالنسبة لي يقينا ستحصل في المستقبل ، وما كنت لأرجح الظن على اليقين ولو أجمع الناس على صحته لأن الله لا يفرض أمره بالظن ، والظن مهما قيل عنه إنه صحيح فإنه يبقى اسمه (ظن).
لقد ثبت بطلان ما اتبعه الذين من قبلنا لأنهم اتبعوا الظن الذي سموه (إصحاح) حتى لو خالف الحق والمعقول فوصفهم الله بأنهم اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، فهل سنخالفهم أم نتبع سننهم شبرا بشبر!!
ربنا اجنبنا أن نعبد الأصنام الحجرية والأصنام البشرية.
Bookmarks