بل أنت الجاهل ، فالله تعالى عزيز حكيم لا يستدرك عليه أحد ولا يترك للناس حجة يعتذرون بها عليه بل هو الذي يقيم عليهم الحجة، فإذا قال كلاما فهو يطبقه واقعا ولا يبدل كلامه ، فإذا قال: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا).
هذه الآية من سورة الفرقان تبين الفرق بين الإله الحق والإله الباطل، فإذا كان الله يعلم أن الناس ستفتتن في المسيح فإن الحكمة تقتضي أن يطبق الله كلامه فيثبت للناس أن هذا الذي ستتخذوه إلهالا يملك حياة لنفسه فكيف يكون إلها!!
أنا أثبتت أن الله يفعل ما يقول، أما أنت فتزعم أن الله يقول ما لا يفعل ، تعالى الله عما تزعم علوا كبيرا.
كيف يثبت الله آية موت المسيح كحجة على النصارى؟
الحجة البالغة التي تستيقنها الأنفس هي أن تكون آية مبصرة يراها الناس ، فمثلما رآه الناس يحيي الموتى بإذن الله كذلك يرى الناس آية موت المسيح فيستيقنوا أنه مات.
لو توفاه الله في بيته ولم يشهد موته إلا أقاربه لبقي احتمال عدم تصديق موته من كثير من الناس أمر وارد خاصة وأنه لم يقبر وإنما سيرفعه الله إليه، إذن في هذه الحالة سيختلف الناس في المسيح، فريق يقول : مات المسيح ، وفريق آخر ينفي موته.
إذن فالحجة ضعيفة جدا إذا توفى الله المسيح بهذه الطريقة لأن اختلاف الناس سيكون اختلافا متباينا (فريق ينفي موته وفريق يثبته).
إذن فالحجة الذامغة هي أن يتوفى الله المسيح بكيفية لا يختلف فيها الناس اختلافا متباينا، فأتى الله بالكيفية الحكيمة التي لا يختلف فيها اختلافا متباينا وإنما هو اختلاف تماثل ، فكانت عملية ما يسمى بالصلب ، فلم يختلف الناس بحيث قال فريق إنه مات وقال فريق آخر إنه لم يمت ، وإنما اختلفوا فقال فريق إنه مات وقال فريق آخر إنه قتل . والموت والقتل كلاهما يعنيان فقدان الحياة.
إذن فالحجة قائمة على الفريقين ، فالذي يقول إنه قتل يقال له :
كيف يكون إلها ويقتل !! والذي يقول إنه مات يقال له : كيف يكون إلها ويموت!!
إنه اختلاف حكيم أراده الله ليقيم به الحجة على الفريقين لذلك عقب الله بعد أن حكم في اختلافهم فقال : وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا.
هل اختلف النصارى قديما أو حديثا اختلافا متباينا في حقيقة وفاة المسيح!!
كلا، الكل يزعم أن المسيح مات على الصليب. إذن فالحجة قائمة عليهم.
Bookmarks