صفحة 2 من 6 الأولىالأولى 1234 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 16 إلى 30 من 81

الموضوع: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ

  1. افتراضي

    إفرض أني عندي صورة فوطوغرافية لك ، فقمت أنا بالتلاعب بها بواسطة الفوطوشوب فركبتها على صورة رجل مصلوب بحيث أصبحت تبدو في الصورة مصلوبا فعلا، فوزعت صورتك على الناس الذين يعرفونك ، فصدق الناس الصورة واعتبروك قتلت صلبا.
    ماذا أكون في نظرك؟
    سأكون في نظرك كذاب ومزيف وغشاش ومزور وأفاك.

    فهل تقبل هذه الأوصاف على الله العزيز الحكيم ؟
    هل الكذب والتزييف والغش والتزوير والإفك من صفات العزيز الحكيم؟

    إذن خرافة الشبيه تتناقض مع الحكمة ومع العقل. فلو كنت مقتنعا بصلب الشبيه لما كتبت هذا الموضوع ، فلماذا تجادلني بشيء أعتبره باطلا!!
    إن كان عندك استدراك منطقي حكيم فتفضل بطرحه أما أن تأتيني بنصوص بشرية فالبشر ليسوا أربابا لي لأعتبر كلامهم هو الحق اليقين. أقبل كلامهم إن كان حكمة مقبولة عقلا ، أما إذا كان باطلا غير معقول فإن الله عاب على الأولين اتباع الآباء بدون تعقل للموروث: أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ).
    لاحظ ربط العقل (يَعْقِلُونَ) بالهدى (يَهْتَدُونَ).
    كذلك نحن إذا أردنا أن نهتدي فعلينا أن نقدم العقل على النص البشري ، أي عكس تصرف آدم عليه السلام.
    أما النص الإلهي فهو هدى ، والهدى يتفق مع العقل تماما ، قال تعالى عن الهدى (القرآن ) : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ (قُرْآنًا) عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ (تَعْقِلُونَ) } ، فالآية توضح صلة القرآن بالعقل ، وتعقلون هنا حلت محل (تهتدون).

    إذن يا ناصر أنت مبرمج مسبقا على صحة النص البشري ، ومهما أتيتك بأدلة عقلية تهدي إلى الحكمة فإنك لن تجد ما تفنذها به سوى تكرار ما قلته وأن (شبه) لهم تعني وجود شبيه، لذلك لا داعي لإضاعة الوقت معك .


    أنت تتبع فقط الظن (قيل إنه ألقي شبه المسيح على رجل ...) ، والقيل ظن، أما أنا فواثق من صحة ما أقول لدرجة اليقين بحيث أقسم على صحته ، وتفسير الآية : وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ) هو ما سبق أن ذكرته ، فهو شبيه تماما بهذا المثل الذي ضربته لك ، وها أنا أعيده لأذكرك به :

    كنت أنا وأنت ضمن جماعة من الناس جالسين على مقاعد بجانب الطريق فمر علينا رجل يمشي مشيا مضطربا: يتمايل يمينا ويسارا، فظن فريق من الناس وومن ضمنهم أنت أن الرجل سكران.
    وظن فريق آخر من الناس ومن ضمنهم أنا أن الرجل دائخ وليس سكرانا.
    فإذا ثبت أنه لم يكن سكرانا فما هو التعبير الحكيم لتشخيص ما ظننته أنت؟
    بالعامية نعبر عن ذلك بعبارة (تهيأ لك أنه سكران).
    أما بالفصحى فإن التعبير الدقيق والحكيم هو : شبه لك أنه سكران.
    لماذا (شبه لك) هو التعبير المناسب؟
    لأنك ما ظننت أنه سكران إلا لأن حاله وطريقة مشيه (تشبه) طريقة مشي السكارى. (تشابه لك) حاله مع حال السكران.
    إذن فالتعبير الحكيم هوأن نقول : شبه لك أنه سكران.

    فلو أن مرافق ذلك الرجل جاء ليحكم في اختلافنا وليفند مزاعم الذين ظنوا أن صديقه كان سكرانا فإنه سيقول عنكم :
    ( ما كان صديقي سكرانا وما شرب قطرة خمر ولكن شبه لهم، وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه، ما لهم به من علم إلا اتباع الظن ، والخبر اليقين هو أنه لم يكن سكرانا.)

    إذن فهو الذي يعلم علم اليقين بحال مرافقه، أما نحن فلسنا على علم وإنما قلنا ما قلنا ظنا لأننا شاهدناه من بعيد.
    وبما أن حالة ذلك الرجل تحتمل فرضيتين (دائخ أو سكران) فإن رفيقه إذا نفى عنه السكر فإن فرضية أنه كان دائخا هي الفرضية الصحيحة.


    ما هي الفرضية الشبيهة بالقتل؟
    إنها : الموت، فالقتل والموت يتشابهان في كونهما يشتركان في نتيجة واحدة ألا وهي فقدان الحياة.

    فهل نحتاج بعد هذا إلى شبيه يصلب !!


    وداعا يا صاحبي.
    التعديل الأخير تم 01-09-2008 الساعة 10:07 AM
    الحسن الهاشمي المختار.


    ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة. )
    (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)

  2. #17
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    5,513
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحسن الهاشمي مشاهدة المشاركة
    إفرض أني عندي صورة فوطوغرافية لك ، فقمت أنا بالتلاعب بها بواسطة الفوطوشوب فركبتها على صورة رجل مصلوب بحيث أصبحت تبدو في الصورة مصلوبا فعلا، فوزعت صورتك على الناس الذين يعرفونك ، فصدق الناس الصورة واعتبروك قتلت صلبا. ماذا أكون في نظرك؟ سأكون في نظرك كذاب ومزيف وغشاش ومزور وأفاك..
    نعم ... وفي نظر الجميع كذلك

    فهل تقبل هذه الأوصاف على الله العزيز الحكيم ؟
    لا اقبلها ولا يقبلها مسلم ولا عاقل


    هل الكذب والتزييف والغش والتزوير والإفك من صفات العزيز الحكيم؟
    لا طبعا

    إذن خرافة الشبيه تتناقض مع الحكمة ومع العقل. فلو كنت مقتنعا بصلب الشبيه لما كتبت هذا الموضوع
    كيف تكون خرافة والناس شاهدوا شخصا يصلب على الصليب ؟؟!! بل وشاهدوا هذا الشخص يشبه المسيح تماما ..
    لذلك انا اقول هذا تخريف منك ..
    وحكمة الله ورحمة الله تثبت ان الله انجاه من مكرهم الذي مكروه للمسيح .. وكلام الله يثبت عكس ما تدعيه ..
    الله سبحانه يقول : وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ
    وانت تقول :
    لا .. فقد صلبوه ومسمروه .. ولكن لم يشعر بوخز المسامير ..
    والله تعالى يقول : إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا .
    وانت تقول :
    لا ..لم يرفعه الله .. فقد مات المسيح ..
    كيف ولماذا يرفعه اليه وهو ميت ؟!
    وكيف ينجيه من مكرهم ويميته الله .. واماتته كانت هدف الكفار .. فمعنى كلامك ان الله حقق مكر الكافرين ..ولم يبطله !!
    كلامك غريب جدا ومؤداه اغرب



    إن كان عندك استدراك منطقي حكيم فتفضل بطرحه
    طرحته لك .. فتفضل بقبوله ..


    أما أن تأتيني بنصوص بشرية فالبشر ليسوا أربابا لي لأعتبر كلامهم هو الحق اليقين.
    يعني هل جابوا اقوالهم من دار ابيهم !! ام ان لهم مرجعيات من نصوص وآثار اوصلتهم الى ما قالوه .. ؟


    إذن يا ناصر أنت مبرمج مسبقا على صحة النص البشري
    نعم
    انا مبرمج على صحة فهم النص القراني والنص البشري .. وليس مبرمجا على فهم القول الذي ما انزل الله به من سلطان .. كما تفعل انت هنا بموضوعك هذا ..

    ومهما أتيتك بأدلة عقلية تهدي إلى الحكمة فإنك لن تجد ما تفنذها به سوى تكرار ما قلته وأن (شبه) لهم تعني وجود شبيه، لذلك لا داعي لإضاعة الوقت معك .
    اي أدلة عقلية ؟
    الله وضّح الحقيقة .. واخبرنا حقيقة ما جرى في امر يغيب عنا علمه لاننا لم نكن شاهديه ..
    والله رد على اليهود الذين يظنون ان مكرهم بالمسيح قد تحقق .. وبيّن الله لنا الحقيقة .وان مكرهم لم يتحقق .ز فلم يقتل المسيح ولم يصلب ولم يمت .. بل هو حي الى ان يشاء الله ان يميته .. فهنا يموت ..
    سيدنا نوح عاش 950 سنة وهو يدعو الى الله .. فمعنى ذلك انه عاش فوق الالف سنة ..
    قال الله تعالى : وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (العنكبوت14)


    أنت تتبع فقط الظن (قيل إنه ألقي شبه المسيح على رجل ...) ، والقيل ظن
    آآآآآآآآآآه .. اأنا الذي يتبع الظن ؟!!
    أم الذي ياتي لنا بقول لم نسمعه الا أقلة من قليل ..وخالفوا فيه الكثيرين .. فرد عليهم العلماء وصححوا لهم قولهم هذا .
    فاعلم انه لا يصح الا الصحيح ..

    أما أنا فواثق من صحة ما أقول لدرجة اليقين بحيث أقسم على صحته
    كيف .. فحتى لو كنت شاهدا للواقعة لخفيت عنك الحقيقة ..كما خفيت عن الاخرين . لولا ان المسيح - في زمانه - اخبر بها حوارييه وخاصته .. ونشروها بين الناس .. ولذلك قتل بعضهم وقتل من امن بعدم صلب المسيح .. وان الله نجاه من الصلب ومن القتل ومن الموت .

    وتفسير الآية : وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ) هو ما سبق أن ذكرته ، فهو شبيه تماما بهذا المثل الذي ضربته لك ... إذن فالتعبير الحكيم هوأن نقول : شبه لك أنه سكران.
    هل التعبير الحكيم هو انه شبه لك أنه سكران !؟
    انا لكوني لا اعلم الحقيقة ولا اعلم الغيب .. ظننت أنه سكران .. وربما قلت او اقول أنه سكران بالفعل .. وليس شبهته بالسكران .. والا فالدايخ قد يكون لمرض .. وقد يكون لشرب خمر .. وقد يكون لانه مضروب على نافوخه .. وقد يكون لانه ضربته ضربة شمس ... فالاحتمالات كثيرة .. ولكن الحقيقة واحدة .. اخذها من العالم بها ..

    إذن فهو الذي يعلم علم اليقين بحال مرافقه، أما نحن فلسنا على علم .
    نحن لسنا على علم .. وطالما ان الذي يعلم علم اليقين اعلمنا بهذا اليقين .. إذن ناخذه ولا نجادل فيه .. ولا نخوض فيه .. ولا نفبرك فيه تحليلات جديدة .ز لم يسبق ان قال بها عالم او عامي


    ما هي الفرضية الشبيهة بالقتل؟ إنها : الموت، فالقتل والموت يتشابهان في كونهما يشتركان في نتيجة واحدة ألا وهي فقدان الحياة. فهل نحتاج بعد هذا إلى شبيه يصلب !!
    انت تناقض نفسك ..
    تقول ان واقعة الصلب هي التي شبهت لهم ..وليس ان الصلب وقع لشبيه المسيح .. وتقول ايضا انه الموت للمسيح .. ولا تحتاج إلى شبيه يصلب .. بل وناقضت كلام الله ايضا .. لان الله يقول : وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ

    وداعا يا صاحبي
    قبل ان تقول لي وداعا .. قل لنفسك ان تودع هذا الذي تقوله

    فلماذا تجادلني بشيء أعتبره باطلا
    فلأجل هذا جادلتك .
    للحق وجه واحد
    ومذهبنا صواب لا يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ لا يحتمل الصواب
    "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ"

  3. #18

    افتراضي

    من عجيب أمر منكري السنة أنهم عندما يردون الأخبار المسندة ابتعادا منهم عن الظنون فيما يحسبون نجدهم بعد ذلك يجهدون أنفسهم غاية الإجهاد في تفسير نصوص القرآن بظنونهم هم ، وبأوهامهم التي تدور في مخيلاتهم ، مع خواء من علم العربية فضلا عن علوم التفسير .
    وحينها لا يستغرب أن يكون لهم عند كل نص قرآني ظنون مظلمة وأوهام واهية .


    ومن ذلك تكذيب منكر السنة المدعو بالحسن الهاشمي المختار !! بما نص عليه القرآن من عدم صلب المسيح عليه السلام ، متكلفا التأويل المتعسف لمجرد عداوته للسنة النبوية ، هذه العداوة التي أوقعته في غرائب لا تستغرب من مثله ، ومهاو لا يتوقاها منكر لسنة النبي صلى الله عليه وسلم .

    وسأجمل الرد عليه هنا قبل تفصيله على مواضعه من كلامه ، لعل في ذلك هدى له ورشاد إن لم يكن من أهل الشغب والعناد .

    فأس شبهته خوضه في حكمة الله تعالى بالجهل ، حتى تعدى عليها بقصرها في أمر المسيح على إماتته حتى لا يكون للنصارى حجة في تأليهه ؟ فكان بهذا القول مرتكبا مخازي منوعة أجارنا الله وإياكم منها ، وهذه المخازي التي تلزمه أنه بهذا القول المتهالك تجاهل أن نبوة المسيح وعدم إلاهيته ثابتة من أول نشأته وفي كل لحظة من لحظات دعوته ، فقد كان وليدا رضيعا ، تكلم في مهده بعبوديته لربه جل جلاله ، ونشأ طفلا فصبيا فشابا فكهلا يأكل ويشرب ويمشي في الأسواق ويحزن ويفرح ويعرض له ما يعرض للبشر وهو في كل ذلك معلن عبوديته لربه يقر بذلك ويعترف هو والحواريون والمؤمنون به ، وينكر نبوته اليهود في غير تأليه منهم له . فمن قال أن للنصارى حجة على الله يوم القيامة في تأليه المسيح لو لم يمت على الصليب لا يكون إلا جاهلا بحكمة الله تعالى وبدعوة رسله وحاله مع أقوامهم .

    فما أسخفه من منطق أن يقال لو لم يمت المسيح على الصليب لكان للنصارى حجة على الله يوم القيامة في تأليههم له!!
    فأين ذهبت عنك حجج الله الكثيرة على بشرية المسيح من مبتدأ أمره ومنتهاه ، بل أين الشبهة في تأليهه بعد كل البراهين العظيمة على كونه عبد لله ورسول من الله ؟!

    ثم كيف تقصر حكمة الله وآياته في إثبات بشرية المسيح على موته على الصليب ؟ فهذا القصر والحصر لحكمة الله تعالى تحكم وجهل وجراءة على الله عز وجل وعلى حكمته التي لا يبلغ قدرها ولا ينتهى عدها إلى حد محدود .

    فإذا تبين أن بشرية المسيح وعدم ألوهيته ثابتة مستمرة من أول نشأة المسيح عليه السلام إلى أن رفعه الله بطل بذلك ما بنيت عليه شبهتك من حصر ظالم وقصر جاهل لحكمة الله تعالى وحجته على أهل الكتاب وغيرهم .

    ثم ننتقل إلى مخازٍ أخرى في ما قلته ، وهو زعمك أن إلقاء الشبه على أعين الناظرين كذب وغش وتدليس ، فأين منك قوله تعالى : {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ }
    فأرى الله كل طائفةٍ الأخرى قليلة العدد حتى تقدم على الأخرى فيقع أمر الله الذي قدره من نصر المسلمين على الكافرين، أفيكون ذلك عندك تدليسا وخداعا وغشا أم ابتلاء من الله لعباده وكرامة لأوليائه ؟

    وأين منك قول الله تعالى : { إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }
    فلم تبصر عيون المشركين رسول الله وصاحبه وهما في الغار قريبا منهم ، فهل ما فعله الله بأعينهم يكون غشا وخداعا وتلبيسا أم كرامة من الله لأوليائه ؟

    وأين منك ما حكاه الله عن نبيه سليمان عليه السلام في قوله تعالى : { قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41) فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ}
    فهل كان هذا الذي حكاه الله عن نبي الله سليمان غشا وخداعا وتلبيسا أم ابتلاء واختبارا وكرامة من الله لأوليائه ؟

    وأين منك فعل العبد الصالح حين ركب السفينة مع موسى عليه السلام فخرقها ، : { أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا }
    فهل كان فعله هذا تلبيسا وغشا وخداعا ، أم هو صلاح ومعروف ودرء لمفسدة عدوان الملك على السفينة ؟

    فما لها كلها ليست غشا وتدليسا وخداعا ثم عندما نأتي إلى آية صريحة واضحة في كرامة الله لنبيه عيسى عليه السلام بإنجائه من أعدائه وإلقاء الشبه على غيره ورفعه إليه يكون ذلك عندك غشا من الله جلا جلاله وخداعا وتلبيسا !! معاذ الله من ذلك .
    بل حكمة الله التي جهلتها ظاهرة في هذا الإنجاء كما هو فعل الله مع رسله والمؤمنين به { ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ }.

    فكيف إذا أضفت إلى ذلك ما في قوله تعالى { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ }
    فهل ورود المتشابهات في القرآن التي يتبعها أهل الزيع فيضلون بها ويضلون غيرهم يعتبر تلبيسا وتدليسا ؟
    وكذلك أمر الملكين هاروت وماروت وفتنتهما ، وتسور الخصمين على داود عليه السلام وهما ملكان في صورة بشر ، ومحاجة إبراهيم قومه بنظره في السماء ، وغير ذلك من الآيات أيكون ما ورد فيها غشا وخداعا وتلبيسا أيضا ؟!!

    ثم خزي آخر وقعتَ فيه حين رفضت حكمة الله تعالى في إنجائه المسيح عليه السلام فجعلت مكان ذلك حكمة ادعيتها وهي أن يموت على الصليب غير مقتول بما غرز فيه من المسامير ولا ما طعن به من الحراب في تلك الحالة المهينة وإنما ميت مات بعد لحظات !! من وضعه على الصليب وغرز المسامير في جسده !! ، ثم بعد ذلك يرفع جسده الميت إلى السماء بعد أن فعل به ما فعل ، جسد مثخن بالدماء مغروزة فيه المسامير مطعون جنبه قد فرح قاتليه حوله بما فعلوه في جسده ؟! فأي حكمة تتصورها في كل هذه الإهانة لجسده الشريف ؟

    وخزي آخر هو تأويلك المتهالك للتشبيه ، فجعلته منصبا على الوفاة أهي بالقتل والصلب أم هي وفاة طبيعية حدثت على الصليب بعد غرز المسامير وطعن الجنب بلحظات ؟!
    فأي تشيبه وأي اختلاف سيكون لو كانت هذه هي الصورة ، وأي موضع للحكمة بين أن يختلفوا في موته أهو بالقتل أو بالوفاة الطبيعية ؟! فهل اختلاف سبب الوفاة هو محل الحجة والحكمة أم الوفاة نفسها وعدمها ؟
    وكل هذا لقاعدة مضحكة اخترعتها وهي أن التشبيه لا يكون إلا بين متقاربين ، فهل إلقاء الله شبه مخلوق على مخلوق يشترط له ما ذكرته ، وهل تقيد قدرة الله تعالى بقواعدك البشرية ؟
    أليس الله عز وجل قادر على أن يلقي شبه مخلوق على مخلوق وبينهما ما بين السماء والأرض من الفرق والتمايز ؟
    فما محل قاعدتك البلهاء عند واسع قدرة الله تعالى وحكمته ؟!
    فإذا شاء الله عز وجل أن يلقي شبه عيسى عليه السلام على غيره فهل لا بد أن يخضع هذا لما اقتعدته أنت من عند نفسك بلا برهان من الله ولا سلطان ؟!

    وبهذا تبين أن لا محل لقاعدتك ولا ميزان لها ، فإلقاء الله الشبه لا يتقيد بعجزك وقدرك ، وإينما يرتبط بعظيم قدرة الله تعالى ومشيئته وحكمته التي لا يعجزها شيء .


    ثم جهالة أخرى منك حين صورة حادثة الصلب وكأنها حدث شهده الجمع الغفير والكبير والصغير والقريب والبعيد بينما هي حادثة حدثت في جنح الظلام يتخفى بها فاعلوها وغاب عنها المؤمنون بعيسى وهم يتخفون من عدوان اليهود وجنود الوالي ، فلم يحضرها إلا قلة قليلة من أولئك المجرمين فعلوا فعلتهم ثم عنهم نقل الخبر فصدقه من صدقه وشك فيه من شكك ، فكان الاختلاف في أمره .
    ثم هؤلاء الذين زعموا أنهم قتلوه كما أخبر الله عنهم لم يقتلوه وهم متيقنين في أمره بل قتلوا شخصا وهم في شك من أمرهم أهو عيسى أو غيره ، وهذا الشك منهم لم تبين الآيات سببه ، ولكنه شك حاصل عند مدعي قتله .
    وعلى هذا فيكون تصويرك للحادثة وكأنه حضرها جمهور كما هو تعبيرك جهل آخر ينبغي أن تصححه وتتراجع عنه ، فلا جمهور ولا شيء من ذلك ، إنما هم عدد قليل متخف في جنح الظلام متعجل في قتل من يظنونه المسيح وهم في شك من أمرهم ، وقد أذاعوا فيما بعد أنهم قتلوا المسيح وكان قد رفعه الله واختلف الناس في تصديق دعواهم والشك في خبرهم.

    ومن الجهالات التي أوقعتك في هذه الضلالات اعتبارك أن الصلب لا يكون إلا إذا مات المصلوب ، مع أن الصلب هو أن يوضع المرء على الصليب مشدودا إليه ، ثم قد يموت أو ينجو ، فمسألة الموت مسألة أخرى ، وإن كان الغالب أن الذي يوضع على الصليب لا يترك حتى يموت عاجلا أو آجلا ، ولكن قد يصلب المرء تعذيبا له ثم ينزل عن الصليب ، وهذا لا يستغربه من عرف شيئا من أساليب التعذيب القديمة والحديثة ومنها الصلب ، أم أن رحمة قلبك وشدة عاطفتك تستبعد أن يصل ظلم الجبابرة وعدوانهم إلى درجة التعذيب بالصلب مرارا وتكرارا لمن يعذبونهم ؟!!

    والعجيب أنك حين ترفض تفسير قوله تعالى { إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } بأنه النوم والغشية ونحو ذلك بدعوى أن الوفاة لا تكون إلا الموت إلا عند وجود قرينة ، تأتي إلى الصلب فتجعل الموت لازما منه دون قرينة مستدلا بقوله تعالى : { إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }
    مع أن الآية الثانية مليئة بالقرائن الدالة على أن الصلب هنا المراد به القتل ، بينما آية { وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ } صريحة في نفي القتل وفي نفي الصلب ، فدل على أن الصلب يكون للتعذيب والإهانة والإذلال بدون قتل ، كما يكون بها مع القتل ، ولهذا نفى القتل ونفي الصلب ليثبت حياته وعدم إهانة جسده الشريف .

    فكان في جملة ما ذكرته من المخازي والجهالات :
    1- قصرك حكمة الله في إثبات عدم ألاهية المسيح في إذلال اليهود له على الصليب في آخر لحظات حياته في زعمك!
    2- دعوى عدم قيام الحجة على النصارى في بشرية المسيح إلا بما حدث من ذلك الإذلال له في آخر عمره بزعمك !
    3- استمرار عدم قيام الحجة على النصارى في بشرية المسيح عند من لم يثبت لديه من النصارى صلب المسيح !
    4- اعتبار ما نقله أفراد وآحاد من البشر الذين شهدوا بزعمهم صلب المسيح حجة على بشريته أعظم مما احتج به الله على بشرية المسيح وأمه من كونهم كالبشر يأكلون ويشربون !! {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }
    5- احتجاجك بنقل اليهود والنصارى لحادثة الصلب مع اختلافهم فيها وانتشار الكذب فيهم في حين رفضك لنقل المسلمين العدول الثقات الأخبار الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعجبا لأمركم معشر منكري السنة !!
    6- تعجيزك لقدرة الله عز وجل عن أن يلقي شبه المسيح عليه السلام على من شاء من خلقه بدعوى أن الشبه لا يكون إلا بين متقاربين !! فأين قدرة الله تعالى ؟!
    7- زعمك أن الصلب لا يكون إلا إذا حدثت معه الوفاة ، مع أن الصلب هو وضع المرء على الصليب تعذيبا له أو إرادة لقتله ، كما هو الأمر مع وسائل التعذيب المميتة الأخرى كالشنق والتغريق في الماء والتحريق بالنار ، ولو صلب مصلوب ساعات ثم أنزل وعولج لما كان استمراره حيا مانعا من القول أنه صلب على الصليب.
    8- زعمك أن المسيح عليه السلام قد أمكن الله اليهود من إذلاله وإهانته ثم طهره بعد أن توفي بأن رفع جسده الميت إليه !! فأي تطهير بعد الإذلال وتمكين إخوان القردة والخنازير منه ؟ مع أن التطهير المراد في الآية يتحقق بأعظم ما يكون في إلقاء الشبه على غير المسيح وإنجاء المسيح من مكر اليهود وعدم تمكينهم منه أصلا .
    9- تصويرك للحادثة وكأن جمهورا غفيرا حضرها بينما لم يحضرها إلا عدد من اليهود والجنود المتخفين بأسيرهم عن الناس في جنح الظلام وفي أوان فرار الحواريين منهم خوفا من قتلهم أو تعذيبهم .

    وإذا كنت لم تقل ما قلته إلا وأنت موقن به مستعد لأن تقسم عليه الأيمان المغلطة فما برهانك على أن الصلب لا يكون إلا إذا مات المصلوب لزاما ؟
    وهات برهانك على أن الذين شاهدوا حادثة الصلب كانوا عدولا ثقاة مؤتمنين في نقل الأخبار ؟
    وهات برهانك على أن الشبه إنما كان في أمر القتل أو الوفاة ؟
    ودع المثال السخيف الذي ذكرته عن الميت الذي شنق بعد موته وقولك أنه لم يقتل ولم يشنق ، إذا أنه صحيح لم يقتل ولكنه شنق ، وهذا الشنق حاصل بعد الوفاة ، فهل كذلك الصلب حاصل بعد الوفاة ، أم حصلت الوفاة بعد الصلب بلحظات كما حسبتها حضرتك بدون برهان من الله !!

    ودع مثال السكران الذي يستند إلى أن إلقاء الشبه لا يكون إلا بين متقاربين بينما غاب عنك أن قدرة الله على إلقاء شبه مخلوق على مخلوق لا تتقيد بقاعدتك الخرقاء .


    وأما تفصيل الرد على مواضع الجهل والتخبط الكثيرة من كلامك ففي رد تال بإذن الله تعالى .
    التعديل الأخير تم 01-09-2008 الساعة 11:07 PM

  4. #19

    افتراضي

    فمن ذلك قوله :
    قال تعالى : تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ).
    هذه الآية هي موضوع رسالة الإسلام وآيته الكبرى، فالإسلام جاء ليعلم الناس أن الله عزيز حكيم ردا على ملة النصارى الذين تتناقض عقيدتهم مع الحكمة ، وبالتالي نفوا بغير علم أن يكون الله حكيما .
    فليس موضوع رسالة الإسلام وآيته الكبرى أن الله عزيز حكيم وفقط ، بل موضوع رسالة الإسلام هو توحيد الله تعالى وما يتبع ذلك ويستلزمه ، وآيته الكبرى هو القرآن الكريم ، وهذه من أبجديات الإسلام التي خفيت على منكر السنة !!


    قوله :
    لقد أنكرت قبل أيام أن يكون الله قد شق القمر لأهل مكة لأن القول بذلك يترتب عليه ما يلي :
    1) تبديل كلام الله (البداء) ، فالذي يتراجع عن كلامه لا يعتبر حكيما ، والله تعالى ليس حكيما فقط بل هو عزيز حكيم ، فإذا قال : وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ...) ثم أرسل آية حسية بعد ذلك فهذا بداء، والعزيز الحكيم منزه عن أن يغير كلامه.
    2) رسالة الإسلام ليست فقط لقريش بل هي للناس كافة ، فلو شق الله القمر لقريش لكانت حجة للناس غير الناطقين بالعربية أن يدافعوا عن عدم إيمانهم برسالة الإسلام لأن القرآن لوحده ليسا كافيا لهدايتهم بدليل أن القوم الذين أنزل بلسانهم لم يكن كافيا لهدايتهم فعلم الله ذلك فأرسل إليهم آية انشقاق القمر ، وبناء عليه فإن الياباني أو الصيني أو الموزمبيقي يحتاج إلى آية حسية كتلك التي آتاها الله قريشا.
    ما هو إلا نفخ للموضوع بما لا علاقة له به ، وكان يكفيه أن يواصل حواره حول انشقاق القمر في هذا الموضوع الذي تغيب عنه :
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=10832&page=5
    ولو كان منكر السنة يفرق بين آيات الهلاك وآيات المعجزات لما اعتبر انشقاق القمر من البداء ! ولا أدري هل سيعتبر النسخ من البداء أيضا كالرافضة ؟!
    والنقطة الثانية التي ذكرها ليس لها معنى يفهم حتى يرد عليها ، فأحسن صياغتها ثانية حتى تصلح للقراءة ، وناقشها في الرابط المذكور حتى لا يتشعب النقاش هنا بعيدا عن مسألة الصلب .


    قوله :
    لنحلل هذا التفسير بمنطق الحكمة ثم نرى ما هي النتيجة:
    إلقاء شبه المسيح على رجل آخر يعتبر كذبا وغشا وتزييفا للحق، فهل يحتاج العزيز الحكيم إلى الكذب والغش والتزييف لتحقيق النصر؟
    قد يقول قائل إن الكذب والغش والتزييف كل هذا جائز في الحرب.
    أقول ; نعم يجوز ذلك للبشر أما الله العزيز الحكيم فلا يقارن بخلقه، فهو غني عن أن ينتصر بالكذب والغش.
    هل يعتبر الكذب حكمة أم مناقضا للحكمة!؟.
    طبق منطق الحكمة الذي اخترعته على ما ذكرته لك سابقا بقولي :
    ثم ننتقل إلى مخازٍ أخرى في ما قلته ، وهو زعمك أن إلقاء الشبه على أعين الناظرين كذب وغش وتدليس ، فأين منك قوله تعالى : {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ }
    فأرى الله كل طائفةٍ الأخرى قليلة العدد حتى تقدم على الأخرى فيقع أمر الله الذي قدره من نصر المسلمين على الكافرين، أفيكون ذلك عندك تدليسا وخداعا وغشا أم ابتلاء من الله لعباده وكرامة لأوليائه ؟

    وأين منك قول الله تعالى : { إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }
    فلم تبصر عيون المشركين رسول الله وصاحبه وهما في الغار قريبا منهم ، فهل ما فعله الله بأعينهم يكون غشا وخداعا وتلبيسا أم كرامة من الله لأوليائه ؟

    وأين منك ما حكاه الله عن نبيه سليمان عليه السلام في قوله تعالى : { قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41) فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ}
    فهل كان هذا الذي حكاه الله عن نبي الله سليمان غشا وخداعا وتلبيسا أم ابتلاء واختبارا وكرامة من الله لأوليائه ؟

    وأين منك فعل العبد الصالح حين ركب السفينة مع موسى عليه السلام فخرقها ، : { أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا }
    فهل كان فعله هذا تلبيسا وغشا وخداعا ، أم هو صلاح ومعروف ودرء لمفسدة عدوان الملك على السفينة ؟

    فما لها كلها ليست غشا وتدليسا وخداعا ثم عندما نأتي إلى آية صريحة واضحة في كرامة الله لنبيه عيسى عليه السلام بإنجائه من أعدائه وإلقاء الشبه على غيره ورفعه إليه يكون ذلك عندك غشا من الله جلا جلاله وخداعا وتلبيسا !! معاذ الله من ذلك .
    بل حكمة الله التي جهلتها ظاهرة في هذا الإنجاء كما هو فعل الله مع رسله والمؤمنين به { ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ }.

    فكيف إذا أضفت إلى ذلك ما في قوله تعالى { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ }
    فهل ورود المتشابهات في القرآن التي يتبعها أهل الزيع فيضلون بها ويضلون غيرهم يعتبر تلبيسا وتدليسا ؟
    وكذلك أمر الملكين هاروت وماروت وفتنتهما ، وتسور الخصمين على داود عليه السلام وهما ملكان في صورة بشر ، ومحاجة إبراهيم قومه بنظره في السماء ، وغير ذلك من الآيات أيكون ما ورد فيها غشا وخداعا وتلبيسا أيضا ؟!!


    قوله :
    كيف علم هذا المفسر تفاصيل حادثة الصلب وهو لم يكن شهيدا عليها ؟
    وكيف علمت أنت ما ذكرته من تفصيلات حادثة الصلب كقولك :
    كذلك المسيح عليه السلام توفاه الله (رحمة به) بعد لحظات من دق المسامير في يديه وفي رجليه فظن الناس أن المسامير هي التي سببت الموت.
    فما أدراك أنه كانت هناك مسامير وكان هناك ناس ظنوا ما ذكرت وأن الوفاة حصلت بعد دق المسامير بلحظات ؟! هل كنت شهيدا عليها ؟

    قوله :
    ما هي الآية المناسبة التي يتقي بها النصارى فتنة اتخاذ المسيح إلها؟
    إنها آية الموت ، فالإله الحق هو الحي الذي يملك الحياة فلا يموت.
    إذن فآية الموت هي الحجة التي يجب أن تقام على النصارى في المسيح ليتقوا بها اتخاذه إلها لعلهم يعقلون فيتذكروا أنه لو كان إلها لكان يملك الحياة فلا يموت أبدا.
    هذا قول من جهل براهين بشرية ونبوة المسيح عليه السلام مع أنه أول نبي أظهر الله نبوته وعبوديته لله منذ أول يوم في مولده !! يقول الله تعالى : { فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) }
    وكيف لا يكون المسيح عليه السلام قد أعلن للمؤمنين به عبوديته لله ووحدانية الله تعالى ، والله عز وجل يقول : {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }

    وكيف لا تكون حجة الله على النصارى ظاهرة في شأن المسيح عليه السلام والله يقول : { مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }
    وتأمل كيف ختم الله هذه الآية بقوله تعالى :
    {انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } فهي آيات مبينة لا آية واحدة !
    وقارن كل ذلك بزعمك أن الحجة غير قائمة على النصارى إلا بموت المسيح عليه السلام على الصليب ذليلا مهانا قد مكن الله إخوان القدرة والخنازير منه يفعلون به ما يشاءون !!

    قوله :
    ما هي الكيفية الحكيمة التي يثبت الله بها للناس موت المسيح؟
    إن أحكم كيفية يستيقن بها النصارى موت المسيح هي أن تكون وفاة المسيح آية مبصرة يراها الناس بأعينهم فأعلى مراتب اليقين هي المدركة بالأبصار والبصائر وتلك هي الحجة البالغة.
    هذا من عناوين جهلك ، وبراهين خوضك فيما لا تحسن ، فما برهانك على أن الناس بهذا التكثير الذي توهم القارئ به قد أبصروا صلب المسيح حتى بلغ الناس اليقين من ذلك ووقعت به الحجة البالغة ؟! من هم هؤلاء الناس وما عددهم وما مبلغ كثرتهم ؟ ومن ادعى هذا غيرك وزعمه كزعمك ؟
    فحادثة الصلب كانت في ليل مظلم لا في نهار مبصر ، وكان في جمع من قاتليه لا المؤمنين به حتى ينتفعوا بما رأوه ، وكان في عدد قليل غاب عنه الحواريون متخفين هاربين ، ولم يدره الناس الغافلون عن مكر اليهود الذي مكروه ، وباستثناء الجنود واليهود القلة الذين شهدوا حادثة الصلب لم يكن لغيرهم إلا السماع لخبرهم وتناقل ما قالوه .
    فهل هذه هي الآية المبصرة التي رآها الناس بأعينهم ؟ أهذه هي الحجة البالغة اليقينية ؟
    ولم كل هذا الخفاء والسرية والظلمة والعجلة لو كان المقصود أن يكون موت المسيح آية مبصرة ، أما كانت الحكمة ستقتضي أن يموت في وضح النهار بين آلاف من المؤمنين به والكافرين به بسهم أو سيف أو حجر أو وفاة طبيعية أو غير طبيعية يقدرها الله عليه ، فيكون في ذلك آية مبصرة على وفاته لا يشكك فيها شاك ولا تكون في جنح من الظلام لا يخبر بها إلا شرذمة من اليهود الأنجاس ؟!

    أم أن الحكمة لا تتحقق عندك إلا على يد إخوان القردة والخنازير ؟!


    قوله :
    لنأخذ سليمان عليه السلام كمثل لنبي آتاه الله فضلا منه، فهو كان يأمر الريح فتحمله إلى حيث شاء، وجنوده من الجن والإنس والطير ، وله قدرة على تصفيد الشياطين ، وكان يعلم منطق الطير.
    هذه النعم قد تجعل الناس يفتنون في سليمان فيتخذوه إلها فيوسوس لهم الشيطان أن سليمان ما كان له ذلك السلطان على هذه الأمم من الجن والإنس والطير إلا لأنه إله تجسد في إنسان. فكانت الآية التي يتقي بها الناس الفتنة هي آية الموت التي جعلها الله آية مبصرة فخر سليمان ميتا بعد أن أكلت دابة الأرض منسأته على مرأى من الناس ليشهدوا على أنفسهم.
    هذا من براهين فهمك السقيم لآيات الكتاب الكريم .
    فإن الناس ما كانوا ليتوهموا أن سليمان إلاه وهم يعلمون إعلانه بالنبوة والعبودية لله تعالى كأبيه داود عليه السلام ، وما يعلمونه من تسخير الله الجن له كما قال تعالى : {وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }.
    وإنما كان ما يحتاج إلى تفنيد وإبطال هو ما قد يظنه البعض من قدرة الجن على علم الغيب ، فلهذا أخفى الله أمر وفاة سليمان عليه السلام على الجن حتى أكلت دابة الأرض منسأته فتبينت وفاته ، وعلم الناس أن الجن لا تعلم الغيب وإلا لما استمرت فيما هي فيه من العمل المضني الشاق ، يقول الله تعالى : { فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ } .
    فوفاة سليمان كان تأخيرها آية على عدم علم الجن بالغيب لا لمجرد نفي أنه إلاه فهذا أمر لم يكن خافيا في حياة سليمان حتى لا يتبين إلا بوفاته عليه السلام ، وكيف يكون ذلك خافيا وهو نبي يدعو المؤمنين به إلى توحيد الله عز وجل والخضوع لشرعه وحكمه ؟!
    كيف يظن ذلك وسليمان يعلن للناس اعترافه بفضل الله عليه ، يقول الله تعالى : {وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ } .
    كيف يشتبه في أمر بشريته وهو في جنده يعلن هذا الدعاء : {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ } .

    كيف يشتبه من حوله بأنه عبد لله رسول منه وهم يسمعون قوله : { قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ }.

    فبأي برهان تستدل أيها المنكر للسنة ؟ وبأي عقل تفهم نصوص القرآن الكريم فتلويها هذا اللي المتعسف؟!

    قوله :
    ولنأخذ فرعون مثلا لمن ادعى الربوبية والألوهية، هل أغرق الله فرعون في اليم وجعل بدنه طعاما للسمك أم نجاه ببدنه ليكون آية يراها المخدوعون بألوهيته فيتعظوا ويستيقنوا أنه لو كان إلها لكان يملك الحياة فلا يموت.
    هذا من الجهل أيضا ، فإن المصريين لم يكونوا يجهلون أن الفراعنة تموت ، بل كانوا يعتبرون الموت مرحلة مقدسة يعود منها الميت يوما ما فيضعون له من الطعام والشراب والمال ما يجده عند عودته فيقتات منه وينفق . وما كان موت فرعون بدليل لديهم على عدم تقديسه أو ألوهيته بتفسيرهم للموت ذلك التفسير المقدس .
    ولكن إذلال الله لفرعون بإنجاء موسى وقومه ، وتغريق جيشه وتغريقه هو ثم إنجائه ببدنه دون روحه ملقى على الساحل على تلك الحالة السيئة والصفة المنكرة لدليل واضح على حقارة أمره ووضاعة شأنه وكذب دعواه أنه الرب الأعلى وقد سفل هذه السفالة المهينة .
    ولو كان الأمر لا يحتاج سوى إلى الموت لما كان هناك داع إلى التغريق فإنه سيموت كغيره من الفراعنة دون أن يؤثر ذلك في تقديسهم وتأليههم عند أتباعهم وكهنتهم .

    قوله :
    إذن ها نحن توصلنا إلى أن الآية الوقائية التي يجب أن تقام على متخذي بشرا إلها هي آية الموت ، فهل في الكتاب نص يؤيد ما توصلنا إليه؟
    نعم، قال تعالى : وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا).
    لو لم يقم الله الحجة على النصارى بوفاة المسيح لكان لهم العذر ، والنص الذي يجيز لهم ذلك هو الآية السابقة من سورة الفرقان.
    ففي هذا النص يعترف منكر السنة أن للنصارى العذر في تأليه المسيح عليه السلام لو لم يصلب ؟!!
    فأي جهل هذا الجهل ؟!!
    وأين حجج بشرية المسيح عليه السلام منذ تكلمه في المهد ودعوته إلى توحيد الله طيلة حياته ؟!!!
    وما الحاجة إلى موت لا يشهده إلا شرذمة من إخوان القردة والخنازير ولا يطلع عليه أقرب الناس إلى المسيح ؟!!
    وما هذا الإيجاب والقصر لهذه الحجة دون غيرها ، حتى لا يكون اتخاذهم البشر آلهة باطلا إلا بعد أن تمضي عشرات السنين من حياة من يألهونه ثم لا تكتمل الحجة ولا تقوم عليهم إلا إذا مات ؟
    فما حال من مات من مؤلهيه في سنوات حياته ؟ ألهم العذر في تأليههم لذلك البشر بأنهم ماتوا قبله ؟!!
    أترى لهم العذر أيها المنكر للسنة ؟ أم لا عذر لهم ؟
    عياذا بالله من هذا الضلال .


    يتبع إن شاء الله تعالى ...
    التعديل الأخير تم 01-10-2008 الساعة 12:22 AM

  5. افتراضي

    إن كنت تصفني بأني منكر للسنة حسب قياسك فإني لا أرد عليك امتثالا لقوله تعالى : خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)
    .
    أنا ضال في نظرك ، وأنت جاهل في نظري.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر الشريعة مشاهدة المشاركة
    فمن ذلك قوله : ثم ننتقل إلى مخازٍ أخرى في ما قلته ، وهو زعمك أن إلقاء الشبه على أعين الناظرين كذب وغش وتدليس ، فأين منك قوله تعالى : {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ }
    فأرى الله كل طائفةٍ الأخرى قليلة العدد حتى تقدم على الأخرى فيقع أمر الله الذي قدره من نصر المسلمين على الكافرين، أفيكون ذلك عندك تدليسا وخداعا وغشا أم ابتلاء من الله لعباده وكرامة لأوليائه ؟ .
    قياسك هذا قياس لا يصلح أن تقيس به إلقاء شبه المسيح على
    رجل آخر .
    أنت استعملت هذه الآية كقياس : {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ }.
    هذه الآية ليس فيها خداع للبصر كما زعمت بل كل فريق قاس الأمور بمقياسه.
    الكافرون رأوا المؤمنين على حقيقتهم ، فهم في الحقيقة كانوا أقل عددا من الكافرين ، إذن فالكافرون قيموا أسباب النصر بالعدد والعدة.
    وأما المؤمنين فقد رأوا الكافرين على حقيقتهم ، فهم في الحقيقة كانوا أكثر عددا من المؤمنين ، ولكن المؤمنين لديهم معيار قرآني يقول : إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا
    يفقهون).
    إذن فحتى لو كان عدد الكافرين ضعفي أو ثلاثة أضعاف المؤمنين فإنه عدد قليل طبقا لمعيار الآية 65 من سورة الأنفال.
    فأين الخدعة البصرية التي تزعم !!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر الشريعة مشاهدة المشاركة
    وأين منك قول الله تعالى : { إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }
    فلم تبصر عيون المشركين رسول الله وصاحبه وهما في الغار قريبا منهم ، فهل ما فعله الله بأعينهم يكون غشا وخداعا وتلبيسا أم كرامة من الله لأوليائه ؟.
    هذا أيضا ليس بقياس، فالله تعالى صرف عنهما الأبصار ، وقد يعطل الله حاسة البصر لأنه هو مالكها ، لكنه لم يلق الله شبه رسوله عليه الصلاة والسلام على رجل آخر فيلاحقونه بخيلهم لكي ينجو رسول الله وأبو بكر رضي الله عنه.


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر الشريعة مشاهدة المشاركة
    وأين منك ما حكاه الله عن نبيه سليمان عليه السلام في قوله تعالى : { قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41) فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ}
    فهل كان هذا الذي حكاه الله عن نبي الله سليمان غشا وخداعا وتلبيسا أم ابتلاء واختبارا وكرامة من الله لأوليائه ؟
    هذا أيضا ليس بقياس ، فسليمان عليه السلام هو الذي نكر عرش بلقيس وليس الله تعالى ، وليسا ذلك خداعا وإنما هو لاختبار مقدرتها على التعرف على عرشها، فالعرش هو هو لم يستبدله بعرش آخر مقلد وإنماأجرى عليه بعض التغييرات.


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر الشريعة مشاهدة المشاركة
    وأين منك فعل العبد الصالح حين ركب السفينة مع موسى عليه السلام فخرقها ، : { أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا }
    فهل كان فعله هذا تلبيسا وغشا وخداعا ، أم هو صلاح ومعروف ودرء لمفسدة عدوان الملك على السفينة ؟
    هذا أيضا قياس فاسد ، فالرجل الصالح خرق السفينة حقيقة ، لأنه كان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة سليمة غصبا، فالملك ورجاله رأوا السفينة مخروقة فعلا وليست خدعة بصرية بحيث رأوها مخروقة وهي لم تكن مخروقة.
    إذن فقياساتك كلها باطلة.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر الشريعة مشاهدة المشاركة
    فكيف إذا أضفت إلى ذلك ما في قوله تعالى { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ }
    فهل ورود المتشابهات في القرآن التي يتبعها أهل الزيع فيضلون بها ويضلون غيرهم يعتبر تلبيسا وتدليسا ؟
    هذه مغالطة أو جهل منك بالمتشابه، الآية 157 فيها حكم الله في ما اختلف فيه المشاهدون فكيف تكون من المتشابه وقد حكم الله في الاختلاف وأكد بعدها بقوله (وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا).

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر الشريعة مشاهدة المشاركة
    فما أدراك أنه كانت هناك مسامير وكان هناك ناس ظنوا ما ذكرت وأن الوفاة حصلت بعد دق المسامير بلحظات ؟! هل كنت شهيدا عليها ؟

    بديهي أن تكون مسامير لأن المسامير من أدوات الصلب .
    فماأدراك أنت أنهم صلبوا الشبيه في جنح الظلام ولم يكن معه إلا منفذي عملية الصلب وعدد قليل من اليهود ؟ هل كنت شهيدا عليهم ؟
    وهل صلبوا الشبيه داخل أسوار السجن فلم يشاهده أحد من الناس إلا ما ذكرته لنا أم في ميدان عام!؟
    ومن أخبرك أنهم صلبوا شبيها للمسيح عليه السلام ؟
    إن زعمت أن الله قال ذلك في القرآن فقد افتريت على الله الكذب.
    وإن كانت حجتك هي ما قاله المفسرون فقد جعلت قولهم أكبر شهادة من الله. وفي هذه الحالة فقد اتخذتهم أربابا من دون الله.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر الشريعة مشاهدة المشاركة
    هذا من براهين فهمك السقيم لآيات الكتاب الكريم .
    فإن الناس ما كانوا ليتوهموا أن سليمان إلاه وهم يعلمون إعلانه بالنبوة والعبودية لله تعالى كأبيه داود عليه السلام ، وما يعلمونه من تسخير الله الجن له كما قال تعالى : {وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }.
    كيف يشتبه من حوله بأنه عبد لله رسول منه وهم يسمعون قوله : { قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ }.
    لم أقل إن من حول سليمان هم من قد يفتتنوا فيه فيتخذوه إلها، وإنما قصدت الذين يأتون من بعده قد يفتتنوا فيه.
    إقرار سليمان بأنه عبد الله في قوله : هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ } سمعه المحيطون به ولا يمنع من افتتان الناس فيه من بعده، فقد قال المسيح عليه السلام : إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيا) وظل مدة رسالته يدعو الناس إلى عبادة الله ومع ذلك اتخذه الناس إلها من بعده.
    أما أن تكون العلة من وفاة سليمان آية مبصرة لكي يراها الجن فتثبت أنهم لا يعلمون الغيب فتلك ليست الحجة الوحيدة بل لغاية أخرى وهي أنها كانت آية وقاية من الافتتان فيه وتأليهه.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر الشريعة مشاهدة المشاركة
    هذا من الجهل أيضا ، فإن المصريين لم يكونوا يجهلون أن الفراعنة تموت ، بل كانوا يعتبرون الموت مرحلة مقدسة يعود منها الميت يوما ما فيضعون له من الطعام والشراب والمال ما يجده عند عودته فيقتات منه وينفق . وما كان موت فرعون بدليل لديهم على عدم تقديسه أو ألوهيته بتفسيرهم للموت ذلك التفسير المقدس .
    ولكن إذلال الله لفرعون بإنجاء موسى وقومه ، وتغريق جيشه وتغريقه هو ثم إنجائه ببدنه دون روحه ملقى على الساحل على تلك الحالة السيئة والصفة المنكرة لدليل واضح على حقارة أمره ووضاعة شأنه وكذب دعواه أنه الرب الأعلى وقد سفل هذه السفالة المهينة .
    ولو كان الأمر لا يحتاج سوى إلى الموت لما كان هناك داع إلى التغريق فإنه سيموت كغيره من الفراعنة دون أن يؤثر ذلك في تقديسهم وتأليههم عند أتباعهم وكهنتهم .
    الفراعنة شيء وهذا الفرعون شيء آخر، فهو ادعى أنه الرب الأعلى، لو كان هناك فراعنة غيره ادعوا الألوهية لذكرهم القرآن ، إذن فنجاة فرعون ببدنه لكي تبقى ملامحه واضحة فيتعرف عليه قومه المخدوعين بألوهيته وفي نفس الوقت هي إذلال له. فلو اختفى فرعون ولم تظهر جثته لزعم شيطان بشري أن الإله فرعون لم يمت بل صعد إلى السماء ، فيصدقه السذج ويستمرون في عبادته. لكن الله جعلها آية وقاية لكي ينفك خلفه عن عبادته وحجة عليهم يوم القيامة.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر الشريعة مشاهدة المشاركة
    ففي هذا النص يعترف منكر السنة أن للنصارى العذر في تأليه المسيح عليه السلام لو لم يصلب ؟!!
    فأي جهل هذا الجهل ؟!!
    وأين حجج بشرية المسيح عليه السلام منذ تكلمه في المهد ودعوته إلى توحيد الله طيلة حياته ؟!!!
    وما الحاجة إلى موت لا يشهده إلا شرذمة من إخوان القردة والخنازير ولا يطلع عليه أقرب الناس إلى المسيح ؟!!
    وما هذا الإيجاب والقصر لهذه الحجة دون غيرها ، حتى لا يكون اتخاذهم البشر آلهة باطلا إلا بعد أن تمضي عشرات السنين من حياة من يألهونه ثم لا تكتمل الحجة ولا تقوم عليهم إلا إذا مات
    بل أنت الجاهل ، فالله تعالى عزيز حكيم لا يستدرك عليه أحد ولا يترك للناس حجة يعتذرون بها عليه بل هو الذي يقيم عليهم الحجة، فإذا قال كلاما فهو يطبقه واقعا ولا يبدل كلامه ، فإذا قال: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا).
    هذه الآية من سورة الفرقان تبين الفرق بين الإله الحق والإله الباطل، فإذا كان الله يعلم أن الناس ستفتتن في المسيح فإن الحكمة تقتضي أن يطبق الله كلامه فيثبت للناس أن هذا الذي ستتخذوه إلهالا يملك حياة لنفسه فكيف يكون إلها!!
    أنا أثبتت أن الله يفعل ما يقول، أما أنت فتزعم أن الله يقول ما لا يفعل ، تعالى الله عما تزعم علوا كبيرا.
    كيف يثبت الله آية موت المسيح كحجة على النصارى؟
    الحجة البالغة التي تستيقنها الأنفس هي أن تكون آية مبصرة يراها الناس ، فمثلما رآه الناس يحيي الموتى بإذن الله كذلك يرى الناس آية موت المسيح فيستيقنوا أنه مات.
    لو توفاه الله في بيته ولم يشهد موته إلا أقاربه لبقي احتمال عدم تصديق موته من كثير من الناس أمر وارد خاصة وأنه لم يقبر وإنما سيرفعه الله إليه، إذن في هذه الحالة سيختلف الناس في المسيح، فريق يقول : مات المسيح ، وفريق آخر ينفي موته.
    إذن فالحجة ضعيفة جدا إذا توفى الله المسيح بهذه الطريقة لأن اختلاف الناس سيكون اختلافا متباينا (فريق ينفي موته وفريق يثبته).
    إذن فالحجة الذامغة هي أن يتوفى الله المسيح بكيفية لا يختلف فيها الناس اختلافا متباينا، فأتى الله بالكيفية الحكيمة التي لا يختلف فيها اختلافا متباينا وإنما هو اختلاف تماثل ، فكانت عملية ما يسمى بالصلب ، فلم يختلف الناس بحيث قال فريق إنه مات وقال فريق آخر إنه لم يمت ، وإنما اختلفوا فقال فريق إنه مات وقال فريق آخر إنه قتل . والموت والقتل كلاهما يعنيان فقدان الحياة.
    إذن فالحجة قائمة على الفريقين ، فالذي يقول إنه قتل يقال له :
    كيف يكون إلها ويقتل !! والذي يقول إنه مات يقال له : كيف يكون إلها ويموت!!
    إنه اختلاف حكيم أراده الله ليقيم به الحجة على الفريقين لذلك عقب الله بعد أن حكم في اختلافهم فقال : وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا.
    هل اختلف النصارى قديما أو حديثا اختلافا متباينا في حقيقة وفاة المسيح!!
    كلا، الكل يزعم أن المسيح مات على الصليب. إذن فالحجة قائمة عليهم.
    يتبع
    التعديل الأخير تم 01-10-2008 الساعة 10:43 AM
    الحسن الهاشمي المختار.


    ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة. )
    (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)

  6. افتراضي

    يزعم أحد الناصرين أني قلت إن المسيح لم يصعد إلى السماء بروحه وجسده، أين قلت ذلك؟ بل صعد بروحه وجسده.
    ويقول أحدهما إن قوله تعالى : وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) تفسيره يعني أن زمن عودة المسيح قريب من زمن قيام الساعة ، مع أن الآية لم تشر إلى ذلك من قريب أو من بعيد ، والآية لم يذكر فيها (قرب الساعة) وإنما ذكر فيها (علم الساعة) ، والعلم يقين ، فهل سيعلم الناس موعد قيام الساعة بالتحديد بعد عودة المسيح عليه السلام!!
    كلا ، لا أحد يعلم تحديدا متى ستقوم الساعة ، صحيح أن الساعة ستكون أقرب إلى زمن عودة المسيح منه إلى زمننا، لكن هذه الآية لا علاقة لها بقرب الساعة وإنما تعني أن يعلم الناس يقينا أن الساعة حق، هذه الآية هي شرح وتفصيل للآية السابقة التي جاءت قبلها بثلاث آيات وهي : وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ).
    أي أنه ضرب مثلا للناس ليعلموا أن الساعة حق.
    انتبه إلى فعل الماضي (ضُرِبَ) ، فهو مثل مضروب منذ كان في الناس وسيستمر مثلا مضروبا للناس إلى أن تقوم الساعة.
    لاحظ أن الآية تتكلم عن شخص المسيح وليس عن آياته التي آتاه الله إياها لأن آية إحياء الموتى واضحة أنها تفيد العلم بالساعة، فالذي ينكر الساعة ماأنكرها إلا لأنه استبعد أن تعود الحياة إلى الميت، فكانت آيةإحياء الموتي هي التي يعلم بها المنكر أن الساعة حق.
    الآية 61 من سورة الزخرف تتكلم عن شخص المسيح بأنه ضرب مثلا للساعة، فكيف ذلك!
    معنى ذلك أن المسيح آية مضروبة للإنسان في نفسه. فرحلة الإنسان إلى الساعة هي أن يتوفاه الله فترفع روحه إلى السماء ثم يوم القيامة تعود روحه إلى جسده ليحيى الحياة الأخرى.
    هنا نجد المسيح مثل رحلة الإنسان إلى الساعة : توفاه الله مثلما يتوفى الإنسان ، ورفع إلى السماء فهو روح من أمر الله كما ترفع روح الإنسان بعد موته ، وسيعود حيا بشحمه ولحمة كما يعود الإنسان إلى الحياة يوم القيامة.
    فكيف يقال عن (إني متوفيك ورافعك إلي) ألقي عليك النوم !!

    عجبي

    سأعودإن شاء الله.
    الحسن الهاشمي المختار.


    ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة. )
    (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)

  7. #22

    افتراضي

    إن كنت تصفني بأني منكر للسنة حسب قياسك فإني لا أرد عليك امتثالا لقوله تعالى : خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)
    .
    أنا ضال في نظرك ، وأنت جاهل في نظري.
    أنت في نظري ضال جاهل منكر للسنة فلا تختصر الأوصاف إذا أردت الحقيقة . وإذا لم تكن منكرا للسنة فبين لنا نموذجا مما تقبله من السنة وعلى أي أساس كان القبول والرفض عندك ، أهو عقلك القاصر الذي أريتنا نموذجا من جهالاته ومخازيه ، أم هو شيء آخر يشترك فيه العقلاء ويوزن بقواعد ومناهج يعرف لها قدرها ويراعى شأنها عند أهل العلوم والمعارف الحقيقية .

    قياسك هذا قياس لا يصلح أن تقيس به إلقاء شبه المسيح على
    رجل آخر .
    أنت استعملت هذه الآية كقياس : {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ }.
    هذه الآية ليس فيها خداع للبصر كما زعمت بل كل فريق قاس الأمور بمقياسه.
    الكافرون رأوا المؤمنين على حقيقتهم ، فهم في الحقيقة كانوا أقل عددا من الكافرين ، إذن فالكافرون قيموا أسباب النصر بالعدد والعدة.
    وأما المؤمنين فقد رأوا الكافرين على حقيقتهم ، فهم في الحقيقة كانوا أكثر عددا من المؤمنين ، ولكن المؤمنين لديهم معيار قرآني يقول : إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا
    يفقهون).
    إذن فحتى لو كان عدد الكافرين ضعفي أو ثلاثة أضعاف المؤمنين فإنه عدد قليل طبقا لمعيار الآية 65 من سورة الأنفال.
    فأين الخدعة البصرية التي تزعم !!
    هذا ليس قياسا وإنما إثبات لكون إراءة الله الشيء على خلاف ما هو عليه ليس كذبا من الله ولا تلبيسا كما تزعم ، وإنما يفعل الله في ملكه ما يشاء ، فيجعل الشيء على شبه غيره ابتلاء واختبارا وامتحانا . ولا أدري هل تعتبر ما أخبر الله به من تشابه بعض ثمار الجنة مع اختلاف حقائقها من التدليس والغش والخداع أيضا ؟! يقول الله عز وجل : {كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا } فهل كونها متشابهة مع اختلاف حقائق الثمار يكون خداعا وتلبيسا أم أنه لا تشابه رغم تصريح الآية به ؟!

    ومحاولتك الركيكة لتأويل الآية ستنقلب عليك ، لأنه لو لم يكن هناك إراءة مختلفة عما هو عليه الواقع لما كان هناك فائدة من تخصيص الإراءة بالذكر ! إذا كانوا في حقيقة أمرهم قلة قليلة في أعين الآخرين ، ولكن هذه الإراءة لها معنى زائد على ذلك فإن في تقليل الألف من المشركين وتقليل ثلثه من المسلمين ما يكون فيه مزيد تجرئة للمشركين على مسارعتهم إلى مصارعهم ، ومزيد تثبيت للمؤمنين على مقابلة المشركين بقلوب وأقدام ثابتة غير زائغة .
    وأما تعليلك العليل لرؤية المؤمنين المشركين قلة بأنهم كانوا في ذلك يتبعون معيارا قرآنيا وهو قوله تعالى : { إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65)} فهذا من أركّ ما يقال في هذا الباب ، وذلك لأمرين :
    الأول : أن آية { إن يكن منكم عشرون صابرون } لم تنزل إلا عقيب معركة بدر ، فإن أول السورة في قسمة غنائم بدر وواضح أن هذا لم يكن إلا بعد حيازة المسلمين لغنائم بدر وانتصارهم على المشركين ، فلم تكن هذه الآية معلومة للمسلمين قبل بدر ولا أثنائها حتى تردَّ بها كرامة الله للمسلمين واستدراجه للمشركين ومكره بهم بأن أرى كل فئة منهما قلة الفئة الأخرى بالرغم مما هي عليه من كثرة في المشركين وقلة في المؤمنين ، وسبحان الله كيف كان في الفعل الواحد حكمتين متغايرتين فإحداهما مكر بالمشركين والأخرى كرامة للمؤمنين .

    الثاني : أن هذا الذي زعمته معيارا للمؤمنين كان قد أشفقوا منه !! حتى نسخ الله تلك الآية تخفيفا منه ورحمة بهم ، فنزلت بعدها الآية التالية لها : { الْآَنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66) } وهذا يدل على أن الآية الأولى لم تكن تقلل المشركين في أعين المؤمنين ولكن كانت تلزم المؤمنين بمقاومة تلك الكثرة ، بل هي نص صريح في إثبات الكثرة للمشركين من خلال مقابلة الواحد من المسلمين للعشرة من الكافرين وهذا ليس تقليلا لهم وإنما مقاومة لكثرتهم .
    ثم بعد ذلك نزلت الآية التي جعلت المسلمين مأمورين بالصبر على مثليهم من المشركين ، وفي هذا أيضا أمر بمقاومة كثرة المشركين والثبات لهم لو خطر في بالك أن تنتقل عن الاستدلال بالآية المنسوخة إلى الاية الناسخة ، وهو انتقال يزيد موقفك ضعفا واستدلالك خواءً.

    إذن ، لا المعيار الذي زعمته كان حاضرا قبل بدر ولا أثنائها حتى يفسر تقليل كثرة المشركين في أعين المؤمنين ، ولا كون المسلمين ثلث المشركين ما يمنع من تقليل عدد المسلمين في أعين المشركين ليسارعوا إلى مصارعهم ، ولا هناك ما يصلح لك أن تنفي به مكر الله بالمشركين ، وكرامته للمؤمنين بهذا الفعل الحكيم ، ولا هذا الأمر بمعجز لقدرة الله تعالى ، ولو أنك فرضت وقوعه لما كان في ذلك غش ولا تلبيس ولا تدليس كما تريد أن تدعيه على الله في شأن صلب المسيح على النحو الذي تستكبر فيه عن الإذعان لسلطان قدرة الله تعالى ومشيئته في خلقه .


    وعجبا لك كيف تصر هذه الإصرار على لي أعناق النصوص حتى تجعل إراءة الله عز جل خلقه الشيء على خلاف ما هو عليه كما يشاء ربنا ابتلاء منه واختبارا ومكرا بأعدائه وكرامة لأوليائه فتجعلها تلبيسا وغشا من الله !!، وهل في خفي مكر الله بأعدائه وخفي لطفه بأوليائه ما يكون غشا وتلبيسا وتدليسا ، أم أنه مكر تقر أنت به في مواضع من كلامك ثم ترده في مواضع من كلام الله عز وجل ؟!!


    قولك :
    هذا أيضا ليس بقياس، فالله تعالى صرف عنهما الأبصار ، وقد يعطل الله حاسة البصر لأنه هو مالكها ، لكنه لم يلق الله شبه رسوله عليه الصلاة والسلام على رجل آخر فيلاحقونه بخيلهم لكي ينجو رسول الله وأبو بكر رضي الله عنه.
    ما دمت أقررت بحصول الخلل في حاسة الإبصار ولم تعتبره غشا ولا تلبيسا فيلزمك مثله في غيره من أنواع الاشتباه والقصور، فإذا قبلت تعطيل حاسة الأبصار بالكلية عن رؤية ما هو في حقيقة أمره من جنس المحسوسات المرئيات ، فمن باب أولى أن تقبل ما هو أقل من تعطيل الحاسة وهو إرائتها الشيء على خلاف بعض أوصافه من القلة والكثرة أو إدراك التفاصيل على خلاف ما هي عليه حتى تشبه ذاتٌ ذاتا أخرى مغايرة لها .
    فهنا نطالبك بالفرق بين تعطيل الحاسة بتمامها وبين تعطيل كمال إدراكها ؟ فما الفرق بينهما حتى كان الأول مقبولا عندك بينما كان الثاني مردودا ؟ وهل يقدر الله على الأولى ويعجز عن الأخرى ؟
    وهل تكون حكمة الله شاملة للأولى وتضيق عن الأخرى ؟
    وكيف تقبل تعطيل الحاسة بتمامها ثم تستنكر وتستكبر عن تعطيل كمال إدراكها ؟ وأيهما أولى بالإنكار إذا أنكرت الثانية دون الأولى ؟

    كل هذا يوضح قدر الخلل في فهمك ومدى الخطل في قولك ويرينا نموذجا مما يتعايا فيه عقلك !!!

    قولك :
    هذا أيضا ليس بقياس ، فسليمان عليه السلام هو الذي نكر عرش بلقيس وليس الله تعالى ، وليسا ذلك خداعا وإنما هو لاختبار مقدرتها على التعرف على عرشها، فالعرش هو هو لم يستبدله بعرش آخر مقلد وإنما أجرى عليه بعض التغييرات.
    من أين لك ان المرأة اسمها بلقيس ؟! أخبر في القرآن أم كنت عليهم شهيدا ؟!
    وهل لو كان الله عز وجل هو الذي نكر عرشها عليها يكون ذلك غش وتدليس من الله ولا يكون غشا وتدليسا من سليمان عليه السلام ؟!!
    فإذا كان جوابك هو النفي فلا معنى لحشوك هذا القول وتكثيرك الكلام فيما لا فرق فيه عندك ولا تثبت لك به حجة ، وإلا بين ثمرة هذا الفرق .

    وكان الأولى بك أن تقول إذا كان سليمان عليه السلام مبرئا من الغش والتدليس مع تنكيره العرش اختبارا لملكة سبأ ، فالله أولى أن ينزه عن الغش والتدليس بإرائته ما يشاء من خلقه الشيء على خلاف ما هو عليه اختبارا وابتلاء منه لعباده .
    أم أن ابتلاء الله لعباده بشأن صلب المسيح أحقر شأنا من اختبار سليمان عليه السلام ملكةَ سبأ في أمر عرشها ؟!!
    أفيكون لسليمان عليه السلام أن يفعل ذلك التغيير ابتلاء ولا يكون لرب سليمان أن يفعله كرامة لنبيه ومكرا بأعدائه ؟!!

    وهل فعله سليمان على خلاف مراد الله أم بإذنه وفضله عليه وكرامته له ؟

    وهل كان يعجز سليمان عليه السلام وقد سخر الله له ما سخر من الجن والطير أن يزخرف عرشا مثل ما هو عليه عرش ملكة سبأ وبين أرضها وأرض سليمان رحلة أشهر ، ولديه من الفَعَلة والصناع من الإنس والجن ما لا تملك عشر معشاره ملكة سبأ ؟! فلو كان فعل ذلك فاختبرها بعرش من عنده على وزان عرشها وشاكلته ثم سألها اختبار وامتحانا لتمييزها ومعرفتها وإظهارا لعدم اختصاصها بملك يعظم عن ملكه تستكبر به عن الإيمان أيكون بفعله هذا عندك غشاشا مدلسا ؟
    فما هذا التفريق السخيف الذي تقوله من كون العرش الذي نكر هو عرشها هي ولو كان غير عرشها لكان هذا الفعل من سليمان غشا وتدليسا يعاب به ؟!
    بأي عقل تفكر يا هذا ؟ وبأي قول تحتج ؟ وما هذه الفروق المغرقة في السخف التي تفرق فيها بين المتماثلات في الحجة عليك ؟!
    فهل لو كان العرش غير عرشها كان ذلك عندك تلبيسا وتدليسا من سليمان ؟
    فإن أجبت بالنفي كان تفريقك ذلك حصرا منك وعيا عن الجواب وذهولا عن استحضار الرد بما يستحق عناء كتابته ونقضه.

    مع أن الشاهد من الآية لو عقلتَ موضعه أنه كان فيها من إراءة ملكة سبأ عرشها مُنكرا عليها ما فيه امتحان لرؤيتها له بعد ذلك التنكير، فكان ذلك إظهارا لملك سليمان على ملكها حتى يكون أدعى لخضوعها لدعوة الإسلام واستسلامها لله عز وجل وإيمانها بنبيه سليمان عليه السلام .

    فحصلت في هذه الواقعة إراءة الشيء على خلاف بعض أوصافه بما فيه امتحان لبصرها وبصيرتها ، وهذا أصل اشتركت فيه الآيات جميعها بأن يكون المرئي فيه اشتباه واقع في العين أو في ذات الشيء المرئي ، ففي كل ذلك يحصل اشتباه هو من الله ابتلاء واختبار ، يكرم الله به أوليائه ويمكر فيه بأعدائه .


    هذا أيضا قياس فاسد ، فالرجل الصالح خرق السفينة حقيقة ، لأنه كان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة سليمة غصبا، فالملك ورجاله رأوا السفينة مخروقة فعلا وليست خدعة بصرية بحيث رأوها مخروقة وهي لم تكن مخروقة.
    إذن فقياساتك كلها باطلة.
    بل جهلك بالقياس من أبطل ما يكون ، لأن الأصل المستشهد به هو إراءة الشيء مشتبها بغيره ، فقد شبه الرجل الصالح السفينة السليمة الصالحة بالسفن المعيبة المتهالكة مع كونها صالحة متماسكة دفعا لعدوان الملك وغصبه السفينة .
    فهذا التشبيه بأي وسيلة كانت أهو غش وتلبيس أم كان من الله كرامة لعبده الصالح وأهل السفينة ومكرا بعدوهم الغاصب ؟
    فكون التشبيه حصل في ذات الشيء بتشبيه السفينة الصالحة بالسفن غير الصالحة غير مؤثر في حصول التشبيه وهو المطلوب .

    ومسألة الصلب إما أن يكون التشبيه حصل في الأعين دون هيئة المصلوب ، أو يكون حصل في هيئة المصلوب حقيقة وكلا الأمرين تتناوله الآيات التي ذكرت نقضها إنكارك أن يشبه الله بعض خلقه ببعض كرامة لأوليائه ومكرا بأعدائه .

    ثم هنا وجه من الرد عليك وهو أنك اعتبرت خرق السفينة خارجا عن الاستدلال عليك لكون الخرق حصل حقيقة لا توهما ، فما قولك فيمن يقول أن المصلوب قد جعله الله على هيئة المسيح حقيقة فيكون المرئي هو هيئة المسيح حقيقة في غيره ويكون التشبيه بذلك منطبقا متحققا على ما ذكرته الآية من اشتباه قاتليه في أمره واختلافهم في شأنه ؟!
    فهل لديك ما يدفع هذا المعنى من القرآن أم مجرد عندياتك التي تقسم على كونها حقا ويقينا دون أن تفسر ذلك ببرهان من كتاب الله ؟!!
    وهذا سؤال حقيق بأن تجيب عنه بجواب قرآني لا محيص عنه ، بحيث يمكنك بدل الإقسام بأحقيته أن تبرهن على أحقيته وتدلل من القرآن الكريم بما لا يقبل النزاع ولا الخلاف في فهمه . فهل تطيق ذلك ؟


    قولك :
    هذه مغالطة أو جهل منك بالمتشابه، الآية 157 فيها حكم الله في ما اختلف فيه المشاهدون فكيف تكون من المتشابه وقد حكم الله في الاختلاف وأكد بعدها بقوله (وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا).
    بل هو حيدة منك عن جواب هذه الإشكال العظيم الذي ورد عليك فغبيت أو تغابيت عن جوابه .
    فثبوت المتشابه في القرآن الذي أخبر الله بأنه فتنة لأهل الزيغ والريب ، ينقض الأصل الذي تنكر به حصول اشتباه القاتلين لمن صلبوه على الصليب أهو المسيح أم غيره . فأنت تعد اشتباه المصلوب على صاليبه أهو المسيح أم غيره من الغش والتدليس والتلبيس !! بينما تفاجئ بأن في القرآن ما هو من المتشابه والمتشابهات التي لا تعتبرها أنت تلبيسا وتدليسا وغشا ، باعتبار أنها ابتلاء من الله واختبار وتفريق بين أهل العلم والإيمان وبين أهل الزيغ والارتياب . فإذا كان هذا حال الاشتباه في كلام الله ، فمن باب أولى أن يجوز الاشتباه في تعيين بعض المخلوقين من بعض ، فيشكل على شرذمة من إخوان القردة والخنازير أمر مصلوب أهو فلان أو غيره ، ثم يتناقلوا خبرهم بين أعدائهم من النصارى فيحصل الاختلاف في أمر المصلوب ابتلاء من الله وكرامة منه لنبيه ومكرا بأعدائه .
    وحكمُ الله بأن المسيح لم يقتل ولم يصلب مؤكد لما قاله المسلمون ووافقهم عليه بعض النصارى من أن الذي وضع على الصليب هو غير المسيح دون تفصيل منا يزيد على ما جاء في القرآن من تأكيد هذه الحقيقة .
    ومع إعلام الله لنا في كتابه بهذه الحقيقة إلا أن الاختلاف والاشتباه كان حاصلا لتلك الشرذمة من إخوان القردة والخنازير ولمن سمع خبرهم في أمر المصلوب أهو المسيح أم غيره ، فلا ينفي حكم الله وإعلامه لنا بحقيقة الأمر أن يكون هناك اشتباه عند غيرنا في أمر المصلوب.


    قولك :
    بديهي أن تكون مسامير لأن المسامير من أدوات الصلب .
    فماأدراك أنت أنهم صلبوا الشبيه في جنح الظلام ولم يكن معه إلا منفذي عملية الصلب وعدد قليل من اليهود ؟ هل كنت شهيدا عليهم ؟
    وهل صلبوا الشبيه داخل أسوار السجن فلم يشاهده أحد من الناس إلا ما ذكرته لنا أم في ميدان عام!؟
    ومن أخبرك أنهم صلبوا شبيها للمسيح عليه السلام ؟
    إن زعمت أن الله قال ذلك في القرآن فقد افتريت على الله الكذب.
    وإن كانت حجتك هي ما قاله المفسرون فقد جعلت قولهم أكبر شهادة من الله. وفي هذه الحالة فقد اتخذتهم أربابا من دون الله.
    لا ليس بديهيا أن يكون الصلب بالمسامير ضرورة ، بل أن طائفة شهود يهوه النصرانية تنكر وجود الصليب ومعرفته في ذلك العصر وتدعي أن موت المسيح كان على خشبة لا على صليب ، ولا كان هذا في القرآن حتى تعظم الاحتجاج به ، وما المانع أن يربط بالحبال ثم يرمى بالرماح والسهام دون أن يوثق بالمسامير .
    فقل لي الآن هل كنت شهيدا عليهم حتى زعمت ما زعمت من دق المسامير بل زعمت ما هو أشد من ذلك وهو وفاته بعد لحظات من دق المسامير ، فهل هذا التعيين للحظات بدهي هو الآخر أم هو وارد في القرآن وإلا كنت من الكاذبين المفترين .

    وأما من أين أخذت أنا تلك الأوصاف فليست هي بالذي يعنيني في شيء وليس قيام حجتي عليها مع أنها حجة على من يحمل عقلا يتدبر به ويتفكر ، ولم آخذ تلك لأوصاف من الأناجيل المحرفة ولكن هذا أقرب الصور التي يقبلها المنطق في مثل هذه الحادثة ، فإن مدعي قتل المسيح هم أعداؤه وأعداء المؤمنين به ، وكان المؤمنين به كثير وعدد وفير ممن رأى معجزاته فلا يمكن أن يخلص إليه أعدائه ويصلبوه على تلك الصفة الشنيعة وهم ينظرون مسرورين فرحين بما تفعله تلك الشرذمة بنبيهم خلافا لما في الأناجيل المحرفة ، فكان ذلك مبينا أنهم حرصوا في جميع أمرهم على التعجيل به وإقامته بعيدا عن أتباعه المؤمنين به مستعينين بشرط الظلمة، فلم يحضر حادثة الصلب إلا طائفة من اليهود وشرط الظلمة وهم جمع من أهل الظلم والفساد لا يؤمن تواطؤهم على الكذب واتفاقهم عليه ، فكيف يوثق بنقلهم وخبرهم ولو صدقه من صدقه من النصارى الجاهلين ؟!

    ولو قيل أن حادثة الصلب كانت في حضور أتباع المسيح المؤمنين به غير مدفوعين عند ذلك ولا ممنوعين وهم يرونه يقتاد أسيرا ويوضع على الصليب ساعات حتى يموت لكان هذا من السخف الذي لا يقبله من عرف أن للمسيح عليه السلام أنصارا من حوارييه والمؤمنين به الصادقين المخلصين فلا بد أن يموت مع موته بعضهم دفاعا عنه كما هو حال الربانيين الذي أخبر الله عنه بقوله : { وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ } أم أن كل من كان آمن بالمسيح كان منافقا جبانا رعديدا في نظرك ؟!
    أم أنك قبلت وصف اليهود و(كَذَبَة ) الأناجيل حين وصفوا المسيح بأنه كان يبكي خوفا ويصيح فرقا من الموت !! حاشاه من ذلك وهو أحد أولي العزم من الأنبياء .


    قولك :
    لم أقل إن من حول سليمان هم من قد يفتتنوا فيه فيتخذوه إلها، وإنما قصدت الذين يأتون من بعده قد يفتتنوا فيه.
    إقرار سليمان بأنه عبد الله في قوله : هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ } سمعه المحيطون به ولا يمنع من افتتان الناس فيه من بعده، فقد قال المسيح عليه السلام : إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيا) وظل مدة رسالته يدعو الناس إلى عبادة الله ومع ذلك اتخذه الناس إلها من بعده.
    أما أن تكون العلة من وفاة سليمان آية مبصرة لكي يراها الجن فتثبت أنهم لا يعلمون الغيب فتلك ليست الحجة الوحيدة بل لغاية أخرى وهي أنها كانت آية وقاية من الافتتان فيه وتأليهه.
    هذا كلام لا غَناء فيه ، فلم يؤله أحدٌ سليمان عليه السلام ولم يثبت هذا لا في عصره ولا فيما بعده ، فقولك حرث في بحر الأوهام .
    ودلائل عدم إلاهية نبي من الأنبياء غير محصورة في موته بل حياتهم كلها دلائل على نبوتهم وبشريتهم وعدم إلاهيتهم ، وهي حجة على معاصريهم ومن بعدهم.

    وزعمك أن تلك الدلائل تختص بمن كان حوله دون من جاء بعده ، فيقال لك فكذلك موتهم لم يشهده إلا من كان حولهم ، ولو شاء أن يقول أحد من بعدهم أنه حي لم يمت وأنه لا دليل على موته إلا خبر غير مصدق لكان له أن يقول ذلك افتراء وكفرا ، فما مجال القول عندك حينئذ إلا أن تحتج بحقيقة موته كما نحتج نحن بحقيقة حياته المبينة عن كونه نبيا بشرا لا إلاها معبودا !!

    وعجبا لأمرك ، فكأنك تجهل أن كثيرا من الآلهة الباطلة المعبودة ما عبدت إلا بعد دفنها وإشادة البنيان عليها ، فأين أنت من شرك قوم نوح الذين ما عبدوا إلا أمواتا من الصالحين قد دفنهم أجدادهم ، وهل كان شرك أكثر العالم إلا تقديسا لمن غاب عن أعينهم وصار في مدافن المقابر عليه من المباخر والثياب الفاخرة ما يفتن النظر ويذهل القلب ويذهب بالعقل ؟! فهل كان موتهم مانعا من عبادة الجاهلين لهم ؟ أم كان في موتهم فرصة للشيطان لينسج شباك أكاذيبه ويفتل حبال أخاديعه على بني آدم ؟

    الفراعنة شيء وهذا الفرعون شيء آخر، فهو ادعى أنه الرب الأعلى، لو كان هناك فراعنة غيره ادعوا الألوهية لذكرهم القرآن ، إذن فنجاة فرعون ببدنه لكي تبقى ملامحه واضحة فيتعرف عليه قومه المخدوعين بألوهيته وفي نفس الوقت هي إذلال له. فلو اختفى فرعون ولم تظهر جثته لزعم شيطان بشري أن الإله فرعون لم يمت بل صعد إلى السماء ، فيصدقه السذج ويستمرون في عبادته. لكن الله جعلها آية وقاية لكي ينفك خلفه عن عبادته وحجة عليهم يوم القيامة.
    القرآن ليس قاموسا لأسماء كل من ادعى الإلهية ، وذكر الله لبعضهم لا ينفي وجود غيرهم فقولك أنه لو كان هناك فراعنة غير فرعون موسى ادعى الإلهية لذكره القرآن دليل على تخبط منك وجهل بالقرآن والتاريخ .
    وقد ذكر علماء التاريخ أن الفرعون كان يعتبر وجودا مقدسا وأنه إله وابن إله ، فهو إله السماء حُوَرسْ في هيئة آدمية، وابن رَعْ إله الشمس. وهذا يشمل غير فرعون موسى ، إلا أن فرعون موسى أخبر الله عنه أنه أنكر وجود الله وحصر الألوهية في نفسه وادعى أنه الرب الأعلى الذي تجري الأنهار بتدبيره من تحته .
    وأما حال فرعون في قومه من بعد إنجائه فإنه لم يثبت أنهم أمنوا وتركوا شركهم ، ولو كانوا انتفعوا بتلك الآية لكانوا اتبعوا موسى عليه السلام وآمنوا به ، ولكنها كانت آية من آيات كثيرة على بطلان ألوهية فرعون وإذلالا له ، وكرامة لموسى ولطفا به وانتقاما من عدوه .
    وإلا فإن في جميع ما جرى بين موسى وفرعون قبل الخروج لآيات ودلائل ومعجزات على صدق نبوة موسى وهارون وبطلان دعوى فرعون الربوبية والألوهية . فأين منك الآيات التسع التي أيد الله بها موسى عليه السلام حتى جاءه المشركون يعدونه الإيمان به إن دعى الله أن يذهب عنهم العذاب . يقول الله تعالى : { وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آَيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آَيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (133) وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (135) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ }.

    فحصرك إبطال ألوهية فرعون بإغراقه ثم إنجائه باطل ، بل ألوهيته باطلة بالآيات والبراهين منذ أول لقاء بينه وبين موسى عليه السلام
    ، قال تعالى : { فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى } فذكرا له الآية البينة من أول لقاء ، وقال تعالى : { وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آَيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى } فأراه الله الآيات كلها ، وأراها قومه أجمعين في غير مشهد كان من أعظمها يوم الزينة : { قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى } حتى آمن سحرة فرعون فصلبهم على جذوع النخل بمرأى الناس مؤمنهم وكافرهم لجبروته وظلمه .

    قولك :
    بل أنت الجاهل ، فالله تعالى عزيز حكيم لا يستدرك عليه أحد ولا يترك للناس حجة يعتذرون بها عليه بل هو الذي يقيم عليهم الحجة، فإذا قال كلاما فهو يطبقه واقعا ولا يبدل كلامه ، فإذا قال: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا).
    هذه الآية من سورة الفرقان تبين الفرق بين الإله الحق والإله الباطل، فإذا كان الله يعلم أن الناس ستفتتن في المسيح فإن الحكمة تقتضي أن يطبق الله كلامه فيثبت للناس أن هذا الذي ستتخذوه إلهالا يملك حياة لنفسه فكيف يكون إلها!!
    أنا أثبتت أن الله يفعل ما يقول، أما أنت فتزعم أن الله يقول ما لا يفعل ، تعالى الله عما تزعم علوا كبيرا.
    كيف يثبت الله آية موت المسيح كحجة على النصارى؟
    الحجة البالغة التي تستيقنها الأنفس هي أن تكون آية مبصرة يراها الناس ، فمثلما رآه الناس يحيي الموتى بإذن الله كذلك يرى الناس آية موت المسيح فيستيقنوا أنه مات.
    لو توفاه الله في بيته ولم يشهد موته إلا أقاربه لبقي احتمال عدم تصديق موته من كثير من الناس أمر وارد خاصة وأنه لم يقبر وإنما سيرفعه الله إليه، إذن في هذه الحالة سيختلف الناس في المسيح، فريق يقول : مات المسيح ، وفريق آخر ينفي موته.
    إذن فالحجة ضعيفة جدا إذا توفى الله المسيح بهذه الطريقة لأن اختلاف الناس سيكون اختلافا متباينا (فريق ينفي موته وفريق يثبته).
    إذن فالحجة الذامغة هي أن يتوفى الله المسيح بكيفية لا يختلف فيها الناس اختلافا متباينا، فأتى الله بالكيفية الحكيمة التي لا يختلف فيها اختلافا متباينا وإنما هو اختلاف تماثل ، فكانت عملية ما يسمى بالصلب ، فلم يختلف الناس بحيث قال فريق إنه مات وقال فريق آخر إنه لم يمت ، وإنما اختلفوا فقال فريق إنه مات وقال فريق آخر إنه قتل . والموت والقتل كلاهما يعنيان فقدان الحياة.
    إذن فالحجة قائمة على الفريقين ، فالذي يقول إنه قتل يقال له :
    كيف يكون إلها ويقتل !! والذي يقول إنه مات يقال له : كيف يكون إلها ويموت!!
    إنه اختلاف حكيم أراده الله ليقيم به الحجة على الفريقين لذلك عقب الله بعد أن حكم في اختلافهم فقال : وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا.
    هل اختلف النصارى قديما أو حديثا اختلافا متباينا في حقيقة وفاة المسيح!!
    كلا، الكل يزعم أن المسيح مات على الصليب. إذن فالحجة قائمة عليهم.
    لم تجب علي بغير تكرار قول سقيم ، ثم زدت جهلا على جهلك السابق ، فما أسرع ما ينمو جهلك .
    فأما قصرك إبطال تأليه بشر لشيء بأن يموت ، فهذا القصر والحصر جهل منك وعي وحَصَر ، وذلك لأمور :
    الأول : أن دلائل بطلان الآلهة الباطلة لا تقتصر على الموت وإنما هي ثابتة في حياتها أيضا ، وهذا ما تحاول مرارا أن تتجاهله !!
    الثاني : أنه ليس كل الآلهة الباطلة المعبودة مما يقبل الحياة أو الموت ، فقد عبدت النجوم والكواكب والحجارة وكلها جمادات لا تقبل الحياة ولا الموت ، فكيف سيكون موتها في رأيك حجة على عدم ألوهيتها ما دمت تقصر دلائل بطلان ألوهيتها على الموت !!
    الثالث : أن من المشركين من عبد الملائكة فهل يبطل تأليههم للملائكة بأن يُمات الملائكة ؟!!! وإلا كان لهم العذر في عبادة الملائكة ؟!!
    الرابع : أن من المشركين من عبد الجن ، وهؤلاء لا يعرف موتهم لعابديهم لو ماتوا فكيف يبطل تأليههم لهم عبر الوسيلة الوحيدة التي حصرت بها هذا الإبطال وهو الموت ؟!!



    وأما قولك السخيف أن موت المسيح في بيته لن يكون آية مبصرة بينما موته على الصليب أمام شرذمة من إخوان القردة والخنازير في غياب المؤمنين به سيكون آية مبصرة !! فهذا قول لا يروج إلا عند أهل طبعك من أهل الفدامة والسخف .
    فأين ما صورته من تلك الصورة السخيفة مما أسلفته لك من أن تكون الآية المبصرة لرؤيته ميتا أن يشهده في وضح النهار بين الألوف من أتباعه وأعدائه فيقتل أو يموت وهو بينهم يرونه ويشهدون احتضاره وموته كما يشهدون موت غيره البشر ؟!

    فمالك تعاميت عن قولي :

    هذا من عناوين جهلك ، وبراهين خوضك فيما لا تحسن ، فما برهانك على أن الناس بهذا التكثير الذي توهم القارئ به قد أبصروا صلب المسيح حتى بلغ الناس اليقين من ذلك ووقعت به الحجة البالغة ؟! من هم هؤلاء الناس وما عددهم وما مبلغ كثرتهم ؟ ومن ادعى هذا غيرك وزعمه كزعمك ؟
    فحادثة الصلب كانت في ليل مظلم لا في نهار مبصر ، وكان في جمع من قاتليه لا المؤمنين به حتى ينتفعوا بما رأوه ، وكان في عدد قليل غاب عنه الحواريون متخفين هاربين ، ولم يدره الناس الغافلون عن مكر اليهود الذي مكروه ، وباستثناء الجنود واليهود القلة الذين شهدوا حادثة الصلب لم يكن لغيرهم إلا السماع لخبرهم وتناقل ما قالوه .
    فهل هذه هي الآية المبصرة التي رآها الناس بأعينهم ؟ أهذه هي الحجة البالغة اليقينية ؟
    ولم كل هذا الخفاء والسرية والظلمة والعجلة لو كان المقصود أن يكون موت المسيح آية مبصرة ، أما كانت الحكمة ستقتضي أن يموت في وضح النهار بين آلاف من المؤمنين به والكافرين به بسهم أو سيف أو حجر أو وفاة طبيعية أو غير طبيعية يقدرها الله عليه ، فيكون في ذلك آية مبصرة على وفاته لا يشكك فيها شاك ولا تكون في جنح من الظلام لا يخبر بها إلا شرذمة من اليهود الأنجاس ؟!

    أم أن الحكمة لا تتحقق عندك إلا على يد إخوان القردة والخنازير ؟!
    أم أحرجك السؤال فتجاهلته كما تجاهلت كثيرا مما قلت وأعرضت عنه ؟
    فلا تطب نفسا بذلك ، فإني لمحرجك بها حتى تعرف أدب فهم القرآن وتعرف قدر جهلك في تعاطي تأويله بالسخافة التي أغرقت فهمك فيها
    .

    ثم أن إبقاء الله المسيح عليه السلام حيا ليس فيه إخلاف لكلام الله تعالى أو مخالفة لإبطال الله ألوهية غيره ، كما أن ولادته من غير أب ، وتكلمه في المهد وإحيائه الموتى بإذن الله ونفخه في الطين فيكون طيرا بإذن الله وإبراء المرضى بإذن الله ، كل ذلك لم يكن فيه مخالفة لإبطال الله ألوهية غيره ، بل كل ذلك مصحوب بالعبودية الخالصة لله تعالى وإعلان المسيح لذلك رضيعا وكهلا وكلها كرامة له عليه السلام .
    فرفع الله المسيح عليه السلام إلى السماء حيا وإلقاء الشبه على غيره ليس فيه مخالفة لإبطال الله دعوى ألوهية المسيح عليه السلام ، فإن هذا الإبطال مستمر منذ ولادة المسيح عليه السلام وحياته كلها شاهد على ذلك ، ومقابلة الله مكر اليهود لقتله بإنقاذه واشتباه غيره عليهم هو كإنجاء الله غيره من الأنبياء من أعدائهم .
    فلا بد أن تزيل من رأسك هذا التصور الفاسد لكون دعوى ألوهية المسيح عليه السلام لم تثبت ولا تثبت إلا بموته مصلوبا بين شرذمة أو طائفة من إخوان القردة والخنازير ، فإن هذه من المخازي العظيمة التي وقعت فيها وأبيت أن تخرج عنها .

    وإلا فأجب على هذا السؤال :
    هل كانت دعوى ألوهية المسيح عليه السلام في حياته قائمة دون إبطال لها حتى مات على الصليب ؟
    فإن قلت أنها كانت قائمة لم يبطلها المسيح عليه السلام إبطالا ظاهرا كما يجب أن يكون إبطال الأنبياء للشرك فقد اتهمت المسيح عليه السلام اتهاما يوقعك في الكفر والردة .
    وإن قلت أنه قد أبطل دعوى ألوهيته غاية الإبطال منذ ولادته وفي كل حياته ومواقفه وأقواله ، فتكون بذلك قد أبطلت أصلك الباطل من حصر هذا الإبطال في آخر لحظات حياة المسيح عليه السلام في زعمك الآفل !!

    وأما الخرافة التي أتيت بها وهي أن الاشتباه في صلب المسيح إنما هو في كونه قتل أو مات وهو على الصليب!! فهو من أسخف ما يقوله قائل ، فهل لهذا الاختلاف ثمرة !! وقد سوى الله بينهما فقال تعالى : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ }
    وتصور أن جمعا اختلفوا في أمر مصلوب أمات من غرز المسامير وطعن الحراب في جنبه أم مات ميتة طبيعية ؟ فبماذا يصفهم من يسمعهم إلا أنهم مجانين سفهاء لا عقل لهم !! فكيف أن يكون هذا اختلاف بين أمتين هما اليهود والنصارى ؟!
    ومن قال من اليهود أو النصارى أنه مات على الصليب ميتة طبيعية ؟ أهو شيء أخبر به القرآن ، أم كنت عليهم شهيدا ؟

    فنطالبك بجواب هذا السؤال زيادة في إحراجك وإبانة سخف قولك :
    من أين علمت أن من اليهود والنصارى من زعم أن المسيح مات على الصليب ميتة طبيعية ؟ أهو شيء أخبر به القرآن ، أم كنت عليهم شهيدا ؟


    وأما إنكارك أن يكون من النصارى من قال أن المصلوب هو غير المسيح عليه السلام فهذا جهل آخر يتجارى فيك ، فإن حادثة الصلب لم يحضرها أحد من أتباع المسيح بل كان أقرب الناس إليه وهم الحواريون متخفين عن جنود الرومان . فالذي أخبر بصلبه هم شرذمة من اليهود مما أدى إلى اختلاف النصارى في تصديق هذا الخبر وتكذيبه فحصل الشك عند النصارى من هذه الحيثية ، وأما الذين حضروا الصلب فحصل الشك عندهم في المصلوب أهو المسيح أم غيره ، أما كونه مات من الصلب والقتل أو غيره فأمر ليس يهمهم في شيء حتى يكون أس الخلاف والاشتباه في أمر الصلب عندهم !!
    فهذه الحالة التي لم يشهدها إلا إخوان القردة والخنازير كيف تثمر إجماعا عند النصارى مستنده إخبار شرذمة من اليهود بصلبهم المسيح عليه السلام ؟!!
    وقد أنكرت طائفة الاريسيين - أتباع أريوس البطريق - خبر صلب المسيح كما أنكرت الأقانيم وتأليه المسيح ، وهذا معروف عن الأريوسية ، وقد استدل بذلك العلماء المسلمون في ردودهم على النصارى كشيخ الإسلام ابن تيمية في الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح .
    وقد تمسك بتعاليم الأريسية الملك قسطنس وانتشرت في أسبانيا والولايات الجرمانية لأكثر من 300 سنة ، ودخل بريطانيا بعد انعقاد مجمع أنطاكية سنة 363م. وفي عهد ثيودوسيوس الثاني صدر الأمر باستئصال أفكار الآريوسية سنة 428م وذلك بعد انعقاد عدة مجامع حكمت تارة بصواب تعاليمها وتارة بفسادها. انظر (الآريوسية ) في الموسوعة العربية العالمية.
    وقد كان النجاشي ملك الحبشة من الآريسيين فوافق ما عنده ما سمعه من وصف القرآن لأمر المسيح وأمه وبشريتهما وبطلان ما ادعاه الغلاة فيهما من الألوهية .

    ويبقى أن تثبت لنا زعمك أن اليهود والنصارى اختلفوا في حال المسيح على الصليب أمات من القتل أو الصلب أم مات ميتة طبيعية بعد لحظات من غرز المسامير في بدنه كما تزعم ؟!
    وأن تبين لنا الحكمة من التفريق بين الأمرين ؟!!






    والعجب أنك في دعواك أن إلقاء شبه المسيح على غيره فيه غش وخداع تمشي حذو القذة بالقذة خلف القمص سرجيوس اسحق الذي يقول في كتابه (رد القمص سرجيوس على المنتصر المهدي حول حقيقة صلب المسيح وموته) : "من المسئول عن خداع الناس وغشهم عندما شبه لهم أن المسيح صلب وقتل وهو لم يصلب وإذا كانت عقيدة الصلب كفراً فمن الذي كفرهم وأليسوا معذورين في كفرهم لأن الله أراد لهم هذا الكفر حينما خدعهم بإلقاء شبه عيسي على إنسان آخر فصلبوه عوضاً عنه" .
    فانظروا كيف وقع منكر السنة الحسن الهاشمي فيما وقع فيه القمص النصراني وقع الحافر على الحافر !!


    وكان الأولى بك أن تقتصر على ما جاء في كتاب الله تعالى من نفي قتل وصلب المسيح عليه السلام ، إذ قال تعالى : {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا }
    فصدر الآية بذم اليهود على ادعائهم قتل المسيح ، ولو كان النصارى حاضرين صلبه لاستحقوا الذم بعدم نصرتهم نبيه كما هو حال الأعراب في قوله تعالى : { مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ }.

    كما أن اليهود لو كانوا تمكنوا من المسيح ووضعوه على الصليب وغرزوا فيه المسامير وطعنوه في جنبه بالحراب لما كان الذم لاحقا بقولهم دون فعلهم ، فدل تخصيص الذم لهم بما قالوه أن ما قالوه كان دعوى لا حقيقة لها ، كما هو الحال في قوله تعالى : {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا } فهو قول ولكنه غير مصدق بل بهتان ملفق.

    ويؤكد ذلك أن الله ذم اليهود بقتل الأنبياء فقال في الآيات السابقة عليها : {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ }
    ثم خص المسيح عليه السلام بأن ذم اليهود لا على قتله ولا على صلبه وإنما على ادعائهم فعل ذلك ، ولو كانوا قتلوه أو صلبوه حقيقة لكان الذم أحق أن يكون على فعلهم لا على مجرد قولهم .

    فكيف إذا أضفنا إلى جميع ذلك أن قوله تعالى : { وما قتلوه وما صلبوه } يدل على أن القتل والصلب وقع على غيره ، من حيث أن النفي لم يكن لحقيقة الفعل فالقتل والصلب ثابت ، وإنما كان لوقوع الفعل على المسيح عليه السلام ، فقد رفعه الله وطهره من قبل أن يقبض عليه وألقى الشبه على غيره كيف شاء الله ذلك والله أعلم بكيفية الأمر ، فصلب ذلك الذي شبه به إما عقوبة له أو تضحية منه ، وحصل الاشتباه بأنه المسيح أو غيره إما بإلقاء الله الشبه عليه أو لكون من أسروه وصلبوه لم يكن فيهم من يميز المسيح عن ذلك المصلوب، أو نحو ذلك من الاحتمالات التي يتسع لها قوله تعالى : {ولكن شبه لهم } فالتشبيه حاصل في الشخص المصلوب وكيفيته غير مبينة في القرآن ولا حاجة بنا إلى معرفة صفة الاشتباه فالذي يعنينا هنا أن الاشتباه الحاصل كان في شخصية المصلوب لا كما يزعم منكر السنة أنه اشتباه في طريقة قتله وهو على الصليب قد غرزت عليه المسامير وطعن جنبه بالحراب !!

    فإذا تدبرنا أن قوله تعالى { وما صلبوه } نفي مستلط على المصدر النكرة المضمن في الفعل ، فإن هذا النفي المتسلط على النكرة يفيد العموم كما هو معلوم في العربية وأصول الفقه ، فيكون النفي هنا لكل ما يطلق عليه صلب من ابتداء الوضع على الصليب إلى انتهائه ، فيكون النفي شاملا لموته على الصليب كما أنه شامل أيضا لوضعه على الصليب ، لما أن الموضوع على الصليب وإن لم يمت يصح لغة أن يقال أنه صلب تعذيبا له ثم أنزل عن الصليب، أو عفي عنه وقد شارف على الهلاك .
    فيكون قوله تعالى : { وما صلبوه } أي وما صلبوا المسيح لا بوضعه على الصليب ولا بما هو أكثر من ذلك .
    فقصرك معنى الصلب على الموت على الصليب لا دليل عليه سوى التحكم ولي أعناق النصوص . ومن هنا نفهم حكمة الجمع بين قوله تعالى { وما قتلوه} مع قوله بعدها : { وما صلبوه} ، حتى يكون نافيا للقتل وللوضع المهين على الصليب، فلم يحصل قتله على الصليب ولا غيره ، ولم يصلب أصلا. وإنما المقتول المصلوب غيره فتنة وابتلاء وكرامة لنبيه ومكرا بأعدائه .

    يتبع بإذن الله تعالى .

  8. #23
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    5,513
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    يقول الحسن الهاشمي... الذي أشبهه تماما بمن قالوا قلوبنا غلف ثم قَسَتْ قلوبُهم فهي كَالحجارةِ أَو أَشدُّ قَسْوَة...
    فالحجارة صمّاء .. وأذنيه صمّاء .. نضيء له الطريق ونبين له الحق وهو مكانك سر .. رغم كل هذه الكلام الذي قيل له .. والاستشهاد بكلام الله تعالى وفهم المسلمين لها وبيان جميع أقوال العلماء والمفسرين في هذه المسالة اليقينية العلم والمعرفة ..
    وكمن قال الله فيهم : يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ
    فكن ذا أذن صاغية, وَلاَ تَكن كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ .. وكن من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه .
    ويفسر الكلام على كيفه ومزاجه .. بدون مرجعية ولا فهم ولا ربط بين ايات كتاب الله ..
    فمثلا ..
    يقول الحسن الهاشمي...
    {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ }. هذه الآية ليس فيها خداع للبصر كما زعمت بل كل فريق قاس الأمور بمقياسه.
    هو يقول ذلك .. مع ان الله سبحانه وتعالى يقول في ذلك في نفس سورة الانفال :
    قد كان لكم ءايةٌ في فئتين التقتا فئةٌ تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْن
    فالكفار على كثرتهم كانوا يرون المسلمين القليلين مثليهم وكان هذا من تدبير الله حيث خيل للمشركين أن المسلمين كثرة وهم قلة فتزلزلت قلوبهم وأقدامهم ..أي ان المشركين يوم بدر رأوا المسلمين مثليهم في العدد رأي أعينهم .. ليحصل لهم الرعب والخوف والجبن .. ليقضي اللّه أمراً كان مفعولاً وهو نصر اللّه للمسلمين ببدر .

    وقس على هذه كل اقواله ..
    فهو يقيس الأمور بمقياسه الخاص .. وقياسه غلط وفاسد ,.. وينظر الى الأمور بمنظاره الخاص ومنظاره بدون عدسات .. فلا يحسن النظر !

    وانظر الى قوله في :
    إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ... وقد يعطل الله حاسة البصر لأنه هو مالكها ، لكنه لم يلق الله شبه رسوله عليه الصلاة والسلام على رجل آخر فيلاحقونه بخيلهم لكي ينجو رسول الله
    إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا .. أي ان الله أحبط تآمر الكافرين وأفشل خطتهم .. بأن انزل الله سكينته على رسوله وأيده بجنود لم تروها يصرفون القوم من دخول الغار. ولو نظر أحد المشرك الى ما تحت قدمه في يوم الهجرة لرأى النبي عليه الصلاة والسلام وصاحبه .. ولا يلزم هنا ان يلقي الله شبه رسوله عليه الصلاة والسلام على رجل آخر فيلاحقونه بخيلهم لكي ينجو رسول الله عليه الصلاة والسلام .. فما لزم في عيسى عليه السلام من القاء الشبه على آخر حتى يصلب مكان عيسى .. لا يلزم هنا في هذا المقام .. فهما ورغم تلك الحالة الحرجة الشديدة المشقة ، حين انتشر الأعداء من كل جانب يطلبونهما ليقتلوهما فأنزل الله عليهما من نصره لهما ..وانصراف المشركين عنهم .

    ولنا متابعة مع " موضوع مسامير الحسن " ..



    يقول الله تعالى ( إنّ الله لا يخفى عليه شيئ في الأرض ولا في السماء .)
    فانا كمسلم متبع ولست بمبتدع .. اتبه كلام الله العالم الخبير .. واقول كما قال الله لي ان اقول : فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ..
    بينما ارى هذا الشخص " الحسن " يعمل كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات الله ...!!
    للحق وجه واحد
    ومذهبنا صواب لا يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ لا يحتمل الصواب
    "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ"

  9. #24
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    5,513
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    يقول الحسن الهاشمي...
    بديهي أن تكون مسامير لأن المسامير من أدوات الصلب .
    بديهة !!
    ولماذا لا يكون الحبل - يعني الربط بالحبل حول معصمه - كذلك من أدوات الصلب !! صح ام لا ! فكلامك إذن ليس بديهة .. وليس صحيحا.
    والذين يؤمنون بصلب المسيح أو مسمرته هم قوم بهت ...

    ومن أخبرك أنهم صلبوا شبيها للمسيح عليه السلام ؟
    الذي أخبرنا هو الله تعالى .. في قرآنه الكريم .. والا فاقول لك .. اذا كنت لا تقدر تحرّف النص ... فهل تروح تحرّف معنى النص ..!!

    الفراعنة شيء وهذا الفرعون شيء آخر، فهو ادعى أنه الرب الأعلى، لو كان هناك فراعنة غيره ادعوا الألوهية لذكرهم القرآن
    ذكر القرآن هذا الفرعون ..وهو فرعون موسى .. اي فرعون زمن موسى عليه السلام .. ولم يذكر الفراعنة .. هل القرآن يهتم بذكرهم ام بذكر انبياء الله !؟
    ثم ان الفراعنة ادعوا الألوهية .. حيث أنه كان دين القوم عبادة ملوكهم الذين أدعوا الألوهية .ففراعنه مصر ادعوا الألوهيه والربوبية وعبدهم المصريون . ففرعون هو الرب الأعلى كما زعم وهو الإله كما أدعى .. يقول الله عز وجل مخبراً عن فرعون : ( فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) (النازعـات:24) ويقول سبحانه (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي )(القصص: من الآية38

    هل اختلف النصارى قديما أو حديثا اختلافا متباينا في حقيقة وفاة المسيح!! كلا، الكل يزعم أن المسيح مات على الصليب. إذن فالحجة قائمة عليهم.
    انت هنا نقضت غزلك بيدك ..
    ما دام النصارى قديما أو حديثا يزعمون كلهم أن المسيح صُلب ومات على الصليب .. فانت بموضوعك تثبت زعمهم هذا .. حيث تدعي فيه مثلهم وهو ان المسيح صُلب ومات على الصليب ...
    هل أنت لا تعي ما تقول !!
    للحق وجه واحد
    ومذهبنا صواب لا يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ لا يحتمل الصواب
    "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ"

  10. #25
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    4,556
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    بصراحة يا أخ الهاشمى أرى أن هناك شبه إجماع من الإخوة هنا على تبديعك ولا أستطيع أن أدافع عنك إلا إذا أثبت لى أنك لست مبتدعا بمعنى أن تأتينى بمصدر إسلامى موثوق معتبر قد سبقك إلى ما ذكرته .
    وأرى كذلك أن اتهام الأخ ناصر الشريعة لك بإنكار السنة ليس مستبعدا إلا أن تذكر لى ما هو المنهج الذى تتبعه فيما يتعلق بقبول الأحاديث ورفضها وهل ينطبق مع مناهج المحدثين وأهل العلم أم هو منهج خاص وما مقوماته .
    أنت تعلم يا عزيزى ان الكلام هنا ليس عليه جمارك ومن الممكن أن يكتب أى شخص باسم مستعار ما يحلو له وهو يعلم جيدا أن معظم القارئين هم من الصبية وقليلى العلم والخبرة وهؤلاء تروج بينهم تلك البضائع المزجاة فيركب موجة الجهل غير مبال برقيب ولا حسيب وكما يقال المياه تكذب الغطاسين يعنى الذى يفرق بين العالم والمتعالم هو المصادر والمراجع التى يستند إليها وليس اختلاق القصص والحواديت وأنا حتى الآن لم أرك تستند لا إلى معجم ولا إلى كتاب تفسير ولا إلى أى مرجع بل عمدتك القصص والحكاوى المختلقة التى تشبه كلام السطحيين وكأنها مقتطفات من أحاديث المساطب .
    فى انتظار ردك يا أخى ويا ليتك تركز على المطلوب وخير الكلام ما قل ودل .
    التعديل الأخير تم 01-11-2008 الساعة 12:33 AM
    قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ

  11. #26
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    5,513
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    ناصر الشريعة :
    ولو قيل أن حادثة الصلب كانت في حضور أتباع المسيح المؤمنين به غير مدفوعين عند ذلك ولا ممنوعين وهم يرونه يقتاد أسيرا ويوضع على الصليب ساعات حتى يموت لكان هذا من السخف الذي لا يقبله من عرف أن للمسيح عليه السلام أنصارا من حوارييه والمؤمنين به الصادقين المخلصين فلا بد أن يموت مع موته بعضهم دفاعا عنه كما هو حال الربانيين الذي أخبر الله عنه بقوله : { وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ } أم أن كل من كان آمن بالمسيح كان منافقا جبانا رعديدا في نظرك ؟!
    نعم يا اخي الحبيب ...
    للمسيح عليه السلام أنصار من حوارييه والمؤمنين به الصادقين المخلصين .. وهم ليسوا جبناء .. كما تصفهم اناجيل النصارى المحرفة .. بل هم شجعان .. ولكنهم يعلمون بان الذي سيصلب ليس هو المسيح نبيهم وخاصتهم .. وانما شخص آخر شبيه به .. وهم يهتمون بامر نبيهم المسيح ولا يهتمون بامر المصلوب كائنا من كان .. المهم عندهم انه ليس المسيح ..وان الله نجّى المسيح مما اريد به من الكفار .. فلذلك لم يذهبوا ليروا حادثة الصلب هذه ..
    للحق وجه واحد
    ومذهبنا صواب لا يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ لا يحتمل الصواب
    "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ"

  12. #27
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    5,513
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الحسن الهاشمي :
    ويقول أحدهما إن قوله تعالى : وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) تفسيره يعني أن زمن عودة المسيح قريب من زمن قيام الساعة ، مع أن الآية لم تشر إلى ذلك من قريب أو من بعيد ، والآية لم يذكر فيها (قرب الساعة) وإنما ذكر فيها (علم الساعة) ، والعلم يقين
    العلم بالساعة يقين ما بعده يقين ..سواء بنزول عيسى او بدون نزوله ..
    فنزول عيسى ليس لاثبات حقيقة وهي قيام الساعة .. فهذه الحقيقة يؤمن بها المؤمنون - ونحن مثلهم - قبل وقوع حادثة نزول المسيح ..
    فالمقصود باليه ز. او بالاحرى .. ان معنى الاية هو ان نزول المسيح هو علامة من علامات قرب قيام الساعة .. وليس لاثبات ان الساعة ستقوم ..
    يا حسن .. انت بصراحة تلعب وتتلاعب في معاني النصوص وتظن ان هذا الامر بسيط عند الله ..وهو عند الله أمر عظيم .. ومصيرك باتباع ظنك هذا هو النار .. فتب الى الله من ذلك الامر العظيم .. فهو من البهتان ..
    للحق وجه واحد
    ومذهبنا صواب لا يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ لا يحتمل الصواب
    "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ"

  13. افتراضي

    قال تعالى : وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ).
    هل تنفي أن يتعرض الرسل والأنبياء للأذى؟
    الآية تقول إن رسلا كذبوا وأوذوا والمسيح عليه السلام رسول من الرسل فهل أنت تنفي أن يكون قد تعرض للأذى؟
    هل ترى إبراهيم خليل الله ساقه قومه إلى النار محمولا كما يحمل الأبطال أم أنه قد يكون سيق بالضرب والشتم والإهانة وقد يكون ألقي في النار عريانا!!
    إذا كان هذا حصل لإبراهيم وهو من هو فلم يلق شبهه على أحد من أعداءه وتعرض للأذى ثم بعد ذلك نجاه الله من النار فما هو دليلك أن المسيح لم يصب بأذى من أعداءه؟
    ألا تكون الوفاة في مثل حالة المسيح نجاة من العذاب؟

    يقول أحد الناصرين إن مجرد تعليق أي شخص على الصليب حتى ولو أنزل من على الصليب فهو يعتبر مصلوبا، حسب كلامه فإن الآية : إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)
    تعني أن المصلبين يعلقوا على الصليب ثم ينزلوا بعد ذلك ويعالجوا
    ويعودوا إلى أهلهم مسرورين.
    إن قلت بل يجب أن يتركوا ليذوقوا العذاب فيموتوا من أثر ذلك فمعنى ذلك أن الذي ينزل حيا من على خشبة الصليب لا يعتبر قد صلب .

    يقول أحدهما
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر الشريعة مشاهدة المشاركة
    .فأما قصرك إبطال تأليه بشر لشيء بأن يموت ، فهذا القصر والحصر جهل منك وعي وحَصَر ، وذلك لأمور :
    الأول : أن دلائل بطلان الآلهة الباطلة لا تقتصر على الموت وإنما هي ثابتة في حياتها أيضا ، وهذا ما تحاول مرارا أن تتجاهله !!
    الثاني : أنه ليس كل الآلهة الباطلة المعبودة مما يقبل الحياة أو الموت ، فقد عبدت النجوم والكواكب والحجارة وكلها جمادات لا تقبل الحياة ولا الموت ، فكيف سيكون موتها في رأيك حجة على عدم ألوهيتها ما دمت تقصر دلائل بطلان ألوهيتها على الموت !!
    الثالث : أن من المشركين من عبد الملائكة فهل يبطل تأليههم للملائكة بأن يُمات الملائكة ؟!!! وإلا كان لهم العذر في عبادة الملائكة ؟!!
    الرابع : أن من المشركين من عبد الجن ، وهؤلاء لا يعرف موتهم لعابديهم لو ماتوا فكيف يبطل تأليههم لهم عبر الوسيلة الوحيدة التي حصرت بها هذا الإبطال وهو الموت ؟!!
    الذي يطبق فيه قانون الله بالموت الموجود في سورة الفرقان هم الآلهة البشرية وليست الأصنام أو النجوم أو الملائكة.
    الموت هو الحجة الرئيسية لإبطال ألوهيته ، لو لم تكن كذلك لما كان أساس عقيدة النصارى مبني على عقيدة الفداء التي هي : موت المسيح لفداء آدم وبنيه من الخطيئة.
    لو لم يبرر موت المسيح بهذه الأكذوبة فمن ذا الذي يعبد إلها مات بدون تفسير لسبب موته!!
    لو جاء بولس إلى النصارى معزيا لهم فقال : ألف رحمة على إلهكم، فمن سيلتفت إليه ومن من النصاري سيصدق أنه إله!!
    إذن فلكي تنطلي عليهم الضلالة فإنه يلزم أن يوجد تبرير لسبب موت الإله المزعوم ، ففكر في تبرير عاطفي يتقبله النصارى وهو أن الإله أحبكم حتى أنه تجسد في المسيح فمات فداء لخطاياكم.
    ولو أن الشبيه هو الذي مات على الصليب لكفى ذلك عناء التفكير في حيلة الفداء ، ولأتاهم هذا المضل فزعم أن المسيح لم يمت وأن الذي مات شخص آخر، عندئذ سيطالبونه بالدليل وهو التأكد من جثة المصلوب وإخراجها من القبر، لو كان الشبيه هو المقبور لأتاهم بجثمانه لكنه لم يجد في القبر جثة. فأين اختفت جثة الشبيه!!

    أحدهما يسأل على من يعود الضمير في قوله تعالى : وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ .
    الضمير المتصل (الهاء) في قَتَلُوهُ و صَلَبُوهُ يعود على المسيح.
    وفي قوله تعالى : وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا).
    فإن الضمير المتصل (الهاء) في (فِيهِ) و (مِنْهُ) و (بِهِ) و( قَتَلُوهُ) كلها تعود على المسيح.
    والآية تعبر عن المشهد بكل أطرافه : الفاعل والمفعول به والمشاهدون.
    فإذا كانت هذه الآية شهادة من الله فإن الشهادة تقتضي وصف المشهد كما كان في الواقع بكل أطرافه .
    لا يهمني أن أختلف معك في هوية الشهود ، فليكونوا من يكونوا ، المهم هو كيف يختلفون في الشخص المشاهدأمامهم والاختلاف في الأمور المشاهدة لا يمكن أن يكون اختلافا متباينا متضادا بل يكون اختلاف تماثل وتشابه ، قد يختلف المشاهدون في رجل فيظن البعض أنه متعب ويظن الآخر أنه مريض، لأن حالة التعب (تشبه) حالة المريض. إذن فإذا حكم الله في الاختلاف فنفى القتل فما هي الحالة التي (تشبه) القتل ؟
    لا توجد حالة تشبه القتل إلا حالة الموت ، فكلاهما (الموت والقتل)
    يعبران عن فقدان الحياة .
    إذن فالموت شبه لهم بالقتل لسبب يدعو إلى الاشتباه وهو (خشبة الصليب) ، وهذا يفسر لنا (وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ).
    فهي شبهة شبيهة بشبهة ميلاد المسيح، لقد كان ميلاد المسيح شبهة للناس قبل أن ينطقه الله في المهد لينفي عن أمه تلك الشبهة .
    كيف كان ميلاد المسيح شبهة؟
    لأنه جاء إلى الوجود بطريقة (شبيهة) بمجيء أي إنسان إلى الدنيا ، فالإنسان يولد من بطن أمه ، والمسيح ولد من بطن أمه ، وكل من يولد من بطن أمه لا بد له من أب، إذن فالشبهة مبنية على هذا السبب الأخير فظنوا أن المسيح جاء إلى الوجود بسبب بشري بينما الحقيقة هو عكس ذلك وإنما الله هو الذي نفخ الروح.
    كذلك شبهة الممات لا بد من سبب تبنى عليه شبهة القتل، فلو توفى الله المسيح في فراشه فمن ذا الذي يزعم أنه قتله، إذن فلا بد من سبب يظن به الناس أن وفاته كانت قتلا ، لتتحقق حكمة الله : لم تقتلوه بل الله هو الذي قبض الروح.
    لاحظ تشابه شبهة الميلاد وشبهة الممات :
    شبهة الميلاد: لم يخلق المسيح بسبب بشري بل الله هو الذي نفخ الروح
    شبهة الممات: لم يمت المسيح بسبب بشري (قتل) بل الله هو الذي قبض الروح.

    لا زالت لدي معاول لهدم صنم الشبيه ، ولن ينصر هذا الصنم أي ناصر . وإني أدعو الناصر الجديد الذي دخل إلى الشريط منذ يومين والذي لم يجادل بالتي هي أحسن فأمطرني بأوصاف ملعونة أن
    يجعل هذه الأوصاف يبوء بها أحدنا وذلك بأن نبتهل إلى الله فيجعل لعنته على الكاذبين.
    هل أنت واثق كل الثقة ومستيقن كل اليقين أن الشبيه هو الذي مات على الصليب وأن المسيح لم يمت قط؟
    الحسن الهاشمي المختار.


    ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة. )
    (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)

  14. #29
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    4,556
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحسن الهاشمي مشاهدة المشاركة
    لا زالت لدي معاول لهدم صنم الشبيه ، ولن ينصر هذا الصنم أي ناصر . وإني أدعو الناصر الجديد الذي دخل إلى الشريط منذ يومين والذي لم يجادل بالتي هي أحسن فأمطرني بأوصاف ملعونة أن
    يجعل هذه الأوصاف يبوء بها أحدنا وذلك بأن نبتهل إلى الله فيجعل لعنته على الكاذبين.
    هل أنت واثق كل الثقة ومستيقن كل اليقين أن الشبيه هو الذي مات على الصليب وأن المسيح لم يمت قط؟
    معاول ؟ أى معاول يا عزيزى ؟ وعن أى معاول لديك تتحدث ؟ هل تسمى ما تختلقه من القصص والحكاوى معاول ؟
    يبدو أن الزميل الحسن الهاشمى يختار ما يحلو له ليرد عليه او أنه قد أصيب بضعف وتشويش فى الإبصارحتى إنه أصبح لا يفرق بين الردود ولا يرى إلا بعضها نسأل الله أن يرد عليه بصره ، حسنا يا هاشمى أعيد بعض تلك الردود وبخط أوضح :
    بصراحة يا أخ الهاشمى أرى أن هناك شبه إجماع من الإخوة هنا على تبديعك ولا أستطيع أن أدافع عنك إلا إذا أثبت لى أنك لست مبتدعا بمعنى أن تأتينى بمصدر إسلامى موثوق معتبر قد سبقك إلى ما ذكرته .
    وأرى كذلك أن اتهام الأخ ناصر الشريعة لك بإنكار السنة ليس مستبعدا إلا أن تذكر لى ما هو المنهج الذى تتبعه فيما يتعلق بقبول الأحاديث ورفضها وهل ينطبق مع مناهج المحدثين وأهل العلم أم هو منهج خاص وما مقوماته .
    أنت تعلم يا عزيزى ان الكلام هنا ليس عليه جمارك ومن الممكن أن يكتب أى شخص باسم مستعار ما يحلو له وهو يعلم جيدا أن معظم القارئين هم من الصبية وقليلى العلم والخبرة وهؤلاء تروج بينهم تلك البضائع المزجاة فيركب موجة الجهل غير مبال برقيب ولا حسيب وكما يقال المياه تكذب الغطاسين يعنى الذى يفرق بين العالم والمتعالم هو المصادر والمراجع التى يستند إليها وليس اختلاق القصص والحواديت وأنا حتى الآن لم أرك تستند لا إلى معجم ولا إلى كتاب تفسير ولا إلى أى مرجع بل عمدتك القصص والحكاوى المختلقة التى تشبه كلام السطحيين وكأنها مقتطفات من أحاديث المساطب .
    فى انتظار ردك يا أخى ويا ليتك تركز على المطلوب وخير الكلام ما قل ودل .
    قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ

  15. #30

    افتراضي

    لمْ يأتي منكرُ السنة الحسن الهاشمي المختار!! بجديد يُحْوِجُ إلى تكلُفِ ردٍ جديد عليه ، بل هو تكرار مَمْجُوجٍ لما سبق أن رُدًّ عليه وبُيِّنَ إفلاسُه فيه ، وإذْ قد صار قولُه على هذا النحو ، فلنا الحقُّ أن نطالبه الآن بأن يجعل ردَه القادم في الجواب على هذا السؤال :

    هل للنصارى عذر في تأليه المسيح عليه السلام إلى قُبَيْل حادثة الصلب باعتبار أنَّ الآية الوحيدةَ لديك لإبطال تأليهه هي الموتُ ؟
    وبعبارة أخرى :
    ألم يكن هناك قُبَيْل حادثة الصلب آية بيِّنة على بطلان إلاهية المسيح طيلة حياته حتى كانت حادثة الصلب هي المبطلة لدعوى الألوهية؟

    الجواب إما أن يكون بالنفي أو الإيجاب ، وفي غيرهما يكون عنوان الحيدة والهرب .

صفحة 2 من 6 الأولىالأولى 1234 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. (وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا )
    بواسطة قلب معلق بالله في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-11-2012, 11:38 PM
  2. خبر: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِ
    بواسطة ابن السنة في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-12-2011, 12:17 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء