الزميل طالب الحقيقة ،
سألت الأخت إنسانة سؤالاً جيدًا في الواقع حول تفسيرك لوقوع المعجزات والخوارق على يد النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان ردك في الإجمال هو إنكار وقوعها أصلاً ، وأن هذه المعجزات من اختراع البشر .
والواقع أن نفيك لهذه المعجزات بالجملة لا يتفق والمنهج العلمي ، فإن معجزات النبي صلى الله عليه وسلم لم يشهدها وينقلها لنا عوام الناس البسطاء ، إنما وقعت أمام أعداد كبيرة من الناس منهم الأذكياء والحكماء وأصحاب الفطنة والفراسة ، ولا يصح في العقول أن تنطلي خدعة ما على كل هؤلاء حتى نجدهم قد صدقوها ونافحوا عنها ونقلوها إلينا بدقة .
وقد كان في عصر النبي صلى الله عليه وسلم بين من شهدوا معجزاته عمر الفاروق رضي الله عنه ، وهو من هو في الفطنة والفراسة ، وعلى بن أبي طالب ، وهو من هو في الحكمة والعقل ، وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص ، ومعلوم قدرهما من الذكاء والعبقرية ، وسعد بن معاذ ، وهو المعروف بقوة الشكيمة وسلامة الرأي ، وغيرهم كثيرون .
فهل يصح في الأذهان أن يكون الأمر خدعة وتنطلي على جميع هؤلاء وهم حكماء العرب ونوابغها ؟
هذه واحدة !
ثم إن معجزات النبي صلى الله عليه وسلم لم تحدث في الخفاء ، بل كان كثير منها في العراء ، ومعظمها كان أمام جموع كبيرة من الناس ، وكان الناس يحكون معجزة شهدها عدد منهم ، ويحكي عدد آخر معجزة أخرى شهدوها ، وعدد ثالث يحكي معجزة ثالثة ، وكل جمع يختلف عن الآخر ، وقد يشتركون في بعض الأفراد حتى صار اشتهار النبي صلى الله عليه وسلم بوقوع المعجزات كاشتهار حاتم الطائي بالكرم واشتهار عنترة العبسي بالشجاعة .
فإن جاز اتفاق الجمع القليل على الكذب أو إن جاز خداعهم ، فكيف يجوز في حكم العقل على الجموع الغفيرة ؟
هذه ثانية !
ثم إن مشاهدة هذه المعجزات لم ينفرد بها المؤمنون ، بل عاينها الكفار كذلك كما في حديث أبي جهل الذي أراد أن يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم فشاهد أخدودًا ونارًا وأجنحة ، فقال فيه النبي : لو تقدم لتخطفته الملائكة عضوًا عضوًا !
وإلا لماذا تظنهم اتهموا النبي صلى الله عليه وسلم بالسحر إذن ؟
هذه الثالثة !
وكانت لدي رابعة لكني أُنسيتها ، فما ردك يا عزيزي ؟
Bookmarks