ابدا باذن الله فى نسخ كتاب الديمقراطية رؤية اسلامية للدكتور فرج الله عبد البارى ابو عطا الله – استاذ العقيدة والفلسفة بكلية اصول الدين والدعوة الاسلامية
وهذا الكتاب ينشر اول مرة على الانترنت عسى الله ان يفيد به اخواننا المسلمين ويكون سببا فى التوعية الى زيف الديمقراطية والشعارات البراقة التى تصاحبها
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
وبعد
فهذا بحث فى المذاهب الفكرية المعاصرة خصصته للحديث عن الديمقراطية كاحد المذاهب المعاصرة – ابين فيه ما للديمقراطية وما عليها- من خلال رؤية اسلامية احتكم اليها وارتكز عليها قاصدا بذلك احقاق الحق محاولا اعادة التقييم لمصطلح الديمقراطية –الذى ذاع وانتشر بسبب الزحم الفكرى والاعلامى له- مما جعل مفهوم الشورى ينزوى وينحسر امامه .
ومن وجهة نظرى المتواضعة –ارى ان هذه المصطلحات المعاصرة تدرس وتناقش من قبل المتخصصين بحيث توزن بميزان الاسلام .. يكون الحكم عليها اعدل والرؤية لها اشمل ومن ثم يكون تقويمها اقرب الى الصواب من دراستها من غير المتخصصين. الذين يجنحون الى الافراط او التفريط . وقد قسمت البحث الى فصلين كل فصل يتكون من عدة مباحث وقد اثرت البعد عن الهوى فى عرض الديمقراطية او تقويمها وحشدت الادلة على ما ذهبت اليه تاييدا او رفضا .
فى الفصل الاول : تحدثت عن الديمقراطية نشاة وتطورا فتحدثت فى المبحث الاول عن مفهوم الديمقراطية واول من استخدمها واقسامها ثم الاختلاف الكبير بين الانظمة المختلفة التى تدعى الاحتكام اليها وذلك من ناحية مفردات تعريفها ثم بينت النقد الموجه لهذا المصطلح والاسباب التى ادت الى شيوعه فى العالم الاسلامى على الرغم من مصادمته لعقيدة الامة.+
ولكن بالرغم من هذا كله انتشر هذا المصطلح فى العالم الاسلامى ووجد له انصارا يحاولون نقض عرى الاسلام خاصة فيما يتعلق بامور الحكم مع غياب التطبيق الصحيح فى كثير من المجتمعات الامر الذى ادى الى انزوا المصطلحات الاسلامية يرفض مثل هذا النوع من المصطلحات كما يرفض المفاهيم التى تعنيها لتناقضها مع الاسلام من جهة ولكونها تعبر عن صيغة حضارية خارج نطاق الامة من جهة اخرى.
اما المبحث الثانى فعن نشاة الديمقراطية وتطورها تحدثت فيه عن مرحلة الاقطاع والحكومة الدينية التى كانت تحكم بالحق الالهى فى اوربا وما جرته تلك الحكومات من ظلم وطغيان على افراد المجتمع الاوربى باسم الدين جانبا ويحيوا التراث الاغريقى خاصة فيما يتعلق بالحكم ورصدت بعض الافكار التى مهدت للفصل المبكر بين الدين والدولة مثل افكار (هوبر – ولوك – وروسو) واوضحت دور اليهود فى تبنى هذه الافكار ونشرها حتى تمخضت عن الثورة الفرنسية التى تبنت شعارات الحرية والمساواة والاخاء وجعلت لتلك الشعارات ما للدين ن عصبية .
المبحث الثالث : تحدثت فيه عن الاسس التى قامت عليها الديمقراطية واعنى بتلك الاسس سيادة الامة والحرية وحقوق الانسان . فعن سيادة الشعب اوضحت ان مفهوم السيادة فى الفكر الغربى معناه ان الشعب هو صاحب الراى الاول والاخير فيما يتعلق بالتشريعات فالشعب عن طريق النواب هم الذين يتولون امور التشريع والامر والنهى وليس للدين اى سلطة فى هذا الشان بل يجب ابعاده تماما عن مجال الحكم وعن كافة شئون الحياة.
ثم تكلمت عن الحرية كاحد الاسس العامة التى قامت عليها الديمقراطية وتحدثت عن اساها الفلسفى وجذورها منذ عهد اليونان وكيف احياها الاوربيون ضمن ما احيوه من التراث الاغريقى الوثنى واوضحت ان الحرية التى ارستها الديمقراطية ليس لها حدود . فللفرد مطلق الحرية فى ان يكفر بالله او يلحد فى الدين او يرتكب الفواحش والشذوذ وان الغرب ينظر الى المعادلة بين حرية الفرد وحق المجتمع من ناحية حسن التصرف والفن فى المعاملة اكثر من ارتباطه بالعلم والمنطق .
ثم تحدثت عن حقوق الانسان والنقلة الكبيرة التى حدثت فى اوربا بعد عصر النهضة من جهة حقوق الانسان -السياسية والمدنية والفكرية والعقدية- والمساواة بين جميع افراد المجتمعات الاوربية.
اما المبحث الرابع : فتحدثت فيع عن انتقال الديمقراطية الى العالم العربى ودور المحتل الاجنبى فى العمل على نشر الديمقراطية واوردت عبارة لورانس الذى يقول فيها (اذا كنت قد اعدت شيئا من الكرامة للشرق فقد دربت شعوبه على قبول نمط جديد من الحكم سينسى معه الاسياد الاوربيون كل ما انجزوه من انجازات فجة) وان الدساتير والبرلمانات كان المقصود منها ان يتلهى بها الشرق لتصرفه عن غاياته الكبرى تجاه الاحتلال كما ورد عن تشرشل حين قامت ثورة 1919م وعلم باخبارها فقال ماذا يريد هؤلاء قالوا له : يريدون دستورا وبرلمانا فقال اعطوهم لعبة يتلهون بها. وبينت ان هدف الاحتلال كان يتمثل فى اقصاء الاسلام عن الحكم وشئون الحياة وليكن البديل الدستور او البرلمان بشرط الا تشكل خطورة عليه بدليل انه حين كانت تمس مصالح المحتل كان يامر بالغائها ثم بينت الجناية العظيمة على الامة الاسلامية وكيد الاستعمار ومكره الذى تمثل فى احلال القوانين الوضعية بدلا من احكام الشريعة والغاء الخلافة الاسلامية .
اما المبحث الخامس : فكان عن التطبيقات المعاصرة للديمقراطية خاصة فى البلاد الاوربية والولايات المتحدة فاوضحت ان الحكم فى تلك الدول يتم من قبل الشعب عن طريق راس المال الذى يتولى الدعاية لمن يريد له ان يصل الى سدة الحكم واوردت نماذج متعددة لهذا خاصة فى الانتخابات الامريكية ورجعت الى مصادر غربية فى هذا الصدد واوضحت العنصرية البغيضة التى تمارس فى تلك البلاد بين ابناء الدولة الذين يتمتعون بجنسيتها ان لم يكن بسبب اللون فبسبب الدين واوردت نماذج متعددة لهذه العنصرية فى داخل الولايات المتحدة والدول الاوربية او فى خارجها خاصة اذا كان الامر يتعلق بالعرب او بالمسلمين واوردت مقولات الامريكين والاوربيين فى هذا الصدد وضربت مثالا بالبوسنة والهرسك والتعصب المقيت الذى مارسه الغرب صاحب مبادئ حقوق الانسان والحرية والمساواة ثم اوردت رسالة فتاة مسلمة تعيش فى اسبانيا تصور ما تتعرض له فى بلاد الحرية والمساواة . وقصدت من هذه النماذج كلها ان اكشف زيف الشعارات الغربية التى يُدعى اليها فى بلادنا الاسلامية كبديل عن الاسلام وتعاليمه وبهذا المبحث ينتهى الفصل الاول من البحث – وهو خاص بعرض الديمقراطية كنذهب فكرى معاصر .
اما الفصل الثانى : فكان تحت عنوان تقويم الديمقراطية
فى المبحث الاول : تحدثت عن نقد الديمقراطية من خلال مفكرى الغرب الذين خبروا الحياة الاوربية وهالهم ما وصلت اليه الامور فكتبوا يقومون وينقدون الديمقراطية فاوردت نقد (غوستاف لوبون) (برتراند راسل) (هارولدلاسكى) حول مفاسد الديمقراطية وعيوبها واعتمدت على دراسات ثلاث صدرت عن بعض الذين كانوا يتولون مواقع قيادية فى الولايات المتحدة وفيها يكشفون الزيف الكبير الذى يمارس ضد الشعب الامريكى فى الداخل والشعوب الاجنبية فى الخارج من قبل ساسة الولايات المتحدة واوضحت ان هذا بمثابة (وشهد شاهد من اهلها) حتى لا ينخدع ابناء المسلمين بالنموذج الغربى سواء فى الحكم او فى كافة مجالات الحياة !!!
اما المبحث الثانى : فكان تحت عنوان نقد الاسس التى قامت عليها الديمقراطية من الوجهة الاسلامية.
ف المطلب الاول نقدت نظرية السيادة فى المفهوم الغربى واوضحت ان الاسلام ينفى عن البشر خاصية الحكم والتشريع والتحليل والتحريم وانه اذا كان الاوربيون قد لجاوا الى البشر فى التشريع فلان دينهم ليس فيه ما يتعلق بشئون الحكم والحياة . اما الاسلام فانه بمصدريه الكتاب والسنة قد فصل كل ما يضمن للانسان السعادة فى الدنيا والاخرة وفرقت بين السيادة والسلطة واوضحت ان السيادة لله ورسوله فى امور التشريع والتحليل والتحريم اما السلطة فهى فى يد البشر يحكمون بما انزل الله وليس لهؤلاء البشر ادنى قدسية ان هم اخطاوا او انحرفوا فيجب عزلهم وفق الضوابط الشرعية التى وضعها علماء السياسة الشرعية . ثم تساءلت ماذا يفعل المسلمون اذا قال الله ورسوله عن امر انه حرام . وقالت الامة عن طريق نوابها ان هذا حلال فلحكم من ناخذ ؟
واوضحت ان امور الحلال والحرام والتشريع بوجه عام من الثوابت التى لا يجوز لاحد ان يمسها وبينت ان الديمقراطية فى اسسها واصولها تقوم على المجعية للبشر لا لله . وان الاغلبية رايها هو المعتبر فى اى قضية واوردت تصويت مجلس العموم البريطانى على الشذوذ الجنسى للرجال وكيف وافق المجلس عليه بناء على راى الاغلبية وفى المطلب الثانى تحدثت عن نقد الحرية وما يترتب عليها فى المفهوم الغربى فبينت بداية مقاصد الشريعة فى المحافظة على الدين والنفس والعقل والنسل والمال وان الانسان اذا تصرف بما يحقق المقاصد الشرعية كان فعله متوافقا مع المقصد او المصلحة دافعا للضرر . ويعد تصرفه فى نطاق الحق والحرية اما اذا تعدى نطاق الحرية ودخل فى منطقة الحرام التى نهى الله عنها وناقشت حرية الردة والالحاد تلك التى تجعلها الديمقراطية حقا من حقوق الانسان .
ثم بينت نتائج الحرية فى المجتمعات الغربية وهلع العقلاء هناك من الاثار المدمرة لتلك الحرية على مستوى الفرد والمجتمع ووقفت بوجه خاص عند نتائج الحرية الجنسية والشذوذ الذى ادى الى الخوف والاضطراب فضلا عن انتشار الامراض فى المجتمع والتفكك الاسرى الذى بلغ حدا لا مثيل له . من زنا للمحارم الى تجارة فى الرقيق الابيض واوضحت ان هناك عقوبة اخرى تتمثل فى انتقام الله من هذه المجتمعات كما انتقم من قوم لوط لخروجهم عن الفطرة السوية .
ثم تحدثت فى المطلب الثالث عن حقوق الانسان فى الاسلام واوضحت انه ما من حق من الحقوق التى يتباهى بها الغربيون الا وقد اعطاها الاسلام للانسان وتوقفت عند الحقوق السياسية فى الاسلام من ناحية انتخاب الحكام وعزلهم وتقويمهم وبينت الفروق الجوهرية بين الامر بالمعروف والنهى عن المنكر والمعارضة السياسية التى تقوم لذات المعارضة فى بعض الاحيان وان الاسلام لا يقر هذه المعارضة بمفهومها الغربى . ثم تحدثت عن الحقوق الشخصية والاجتماعية للانسان مثل حق الحياة وان الاسلام حافظ على حياة الانسان من اعتدائه على نفسه بالانتحار او اعتداء غيره عليه بالقتل . واوردت بعض الاحصائيات عن جرائم الاعتداء والقتل فى المجتمعات الغربية نتيجة لعدم العقوبة الرادعة .
ثم تحدثت عن نصوص القران والسنة التى تمنع تعذيب الانسان او حبسه بدون تهمة واستانست بفهوم العلماء وشروحهم لهذه النصوص وبينت ان من خالف هذه النصوص ملوم فى الدنيا والاخرة واخيرا تحدثت عن سبق الاسلام لجميع النظم فى تحريمه للتجسس وتتبع عورات الناس ونهى القران والسنة عن هذه الاثام وبينت ان ما يقوم به ولى الامر من تتبع للمجرمين والخارجين على الشريعة لايعد من باب التجسس وانما هو من باب المصلحة التى يقررها ولى الامر واوضحت ان هذه الحقوق فى الاسلام دينا يتعبد المسلمون بتطبيقها بعكس النظرة التى تنطلق منها هذه الحقوق فى الغرب واخيرا فى النهاية اوضحت اننا لا يضيرنا ان ننتفع بما عند غيرنا من الامم مالم يصادم هذا الثوابت المقررة فى الاسلام الذى اعزنا الله به ورضيه لنادينا .
واسال الله ان اكون قد وفقت فى هذا البحث لاعزاز امتى وملتى
وكفى بربك هاديا ونصيرا
د/ فرج الله عبد البارى ابو عطا الله
Bookmarks