النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: كتاب الديمقراطية رؤية اسلامية ..... ينشر لاول مرة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,886
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي كتاب الديمقراطية رؤية اسلامية ..... ينشر لاول مرة

    ابدا باذن الله فى نسخ كتاب الديمقراطية رؤية اسلامية للدكتور فرج الله عبد البارى ابو عطا الله – استاذ العقيدة والفلسفة بكلية اصول الدين والدعوة الاسلامية
    وهذا الكتاب ينشر اول مرة على الانترنت عسى الله ان يفيد به اخواننا المسلمين ويكون سببا فى التوعية الى زيف الديمقراطية والشعارات البراقة التى تصاحبها


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

    وبعد

    فهذا بحث فى المذاهب الفكرية المعاصرة خصصته للحديث عن الديمقراطية كاحد المذاهب المعاصرة – ابين فيه ما للديمقراطية وما عليها- من خلال رؤية اسلامية احتكم اليها وارتكز عليها قاصدا بذلك احقاق الحق محاولا اعادة التقييم لمصطلح الديمقراطية –الذى ذاع وانتشر بسبب الزحم الفكرى والاعلامى له- مما جعل مفهوم الشورى ينزوى وينحسر امامه .

    ومن وجهة نظرى المتواضعة –ارى ان هذه المصطلحات المعاصرة تدرس وتناقش من قبل المتخصصين بحيث توزن بميزان الاسلام .. يكون الحكم عليها اعدل والرؤية لها اشمل ومن ثم يكون تقويمها اقرب الى الصواب من دراستها من غير المتخصصين. الذين يجنحون الى الافراط او التفريط . وقد قسمت البحث الى فصلين كل فصل يتكون من عدة مباحث وقد اثرت البعد عن الهوى فى عرض الديمقراطية او تقويمها وحشدت الادلة على ما ذهبت اليه تاييدا او رفضا .

    فى الفصل الاول : تحدثت عن الديمقراطية نشاة وتطورا فتحدثت فى المبحث الاول عن مفهوم الديمقراطية واول من استخدمها واقسامها ثم الاختلاف الكبير بين الانظمة المختلفة التى تدعى الاحتكام اليها وذلك من ناحية مفردات تعريفها ثم بينت النقد الموجه لهذا المصطلح والاسباب التى ادت الى شيوعه فى العالم الاسلامى على الرغم من مصادمته لعقيدة الامة.+

    ولكن بالرغم من هذا كله انتشر هذا المصطلح فى العالم الاسلامى ووجد له انصارا يحاولون نقض عرى الاسلام خاصة فيما يتعلق بامور الحكم مع غياب التطبيق الصحيح فى كثير من المجتمعات الامر الذى ادى الى انزوا المصطلحات الاسلامية يرفض مثل هذا النوع من المصطلحات كما يرفض المفاهيم التى تعنيها لتناقضها مع الاسلام من جهة ولكونها تعبر عن صيغة حضارية خارج نطاق الامة من جهة اخرى.

    اما المبحث الثانى فعن نشاة الديمقراطية وتطورها تحدثت فيه عن مرحلة الاقطاع والحكومة الدينية التى كانت تحكم بالحق الالهى فى اوربا وما جرته تلك الحكومات من ظلم وطغيان على افراد المجتمع الاوربى باسم الدين جانبا ويحيوا التراث الاغريقى خاصة فيما يتعلق بالحكم ورصدت بعض الافكار التى مهدت للفصل المبكر بين الدين والدولة مثل افكار (هوبر – ولوك – وروسو) واوضحت دور اليهود فى تبنى هذه الافكار ونشرها حتى تمخضت عن الثورة الفرنسية التى تبنت شعارات الحرية والمساواة والاخاء وجعلت لتلك الشعارات ما للدين ن عصبية .

    المبحث الثالث : تحدثت فيه عن الاسس التى قامت عليها الديمقراطية واعنى بتلك الاسس سيادة الامة والحرية وحقوق الانسان . فعن سيادة الشعب اوضحت ان مفهوم السيادة فى الفكر الغربى معناه ان الشعب هو صاحب الراى الاول والاخير فيما يتعلق بالتشريعات فالشعب عن طريق النواب هم الذين يتولون امور التشريع والامر والنهى وليس للدين اى سلطة فى هذا الشان بل يجب ابعاده تماما عن مجال الحكم وعن كافة شئون الحياة.

    ثم تكلمت عن الحرية كاحد الاسس العامة التى قامت عليها الديمقراطية وتحدثت عن اساها الفلسفى وجذورها منذ عهد اليونان وكيف احياها الاوربيون ضمن ما احيوه من التراث الاغريقى الوثنى واوضحت ان الحرية التى ارستها الديمقراطية ليس لها حدود . فللفرد مطلق الحرية فى ان يكفر بالله او يلحد فى الدين او يرتكب الفواحش والشذوذ وان الغرب ينظر الى المعادلة بين حرية الفرد وحق المجتمع من ناحية حسن التصرف والفن فى المعاملة اكثر من ارتباطه بالعلم والمنطق .
    ثم تحدثت عن حقوق الانسان والنقلة الكبيرة التى حدثت فى اوربا بعد عصر النهضة من جهة حقوق الانسان -السياسية والمدنية والفكرية والعقدية- والمساواة بين جميع افراد المجتمعات الاوربية.

    اما المبحث الرابع : فتحدثت فيع عن انتقال الديمقراطية الى العالم العربى ودور المحتل الاجنبى فى العمل على نشر الديمقراطية واوردت عبارة لورانس الذى يقول فيها (اذا كنت قد اعدت شيئا من الكرامة للشرق فقد دربت شعوبه على قبول نمط جديد من الحكم سينسى معه الاسياد الاوربيون كل ما انجزوه من انجازات فجة) وان الدساتير والبرلمانات كان المقصود منها ان يتلهى بها الشرق لتصرفه عن غاياته الكبرى تجاه الاحتلال كما ورد عن تشرشل حين قامت ثورة 1919م وعلم باخبارها فقال ماذا يريد هؤلاء قالوا له : يريدون دستورا وبرلمانا فقال اعطوهم لعبة يتلهون بها. وبينت ان هدف الاحتلال كان يتمثل فى اقصاء الاسلام عن الحكم وشئون الحياة وليكن البديل الدستور او البرلمان بشرط الا تشكل خطورة عليه بدليل انه حين كانت تمس مصالح المحتل كان يامر بالغائها ثم بينت الجناية العظيمة على الامة الاسلامية وكيد الاستعمار ومكره الذى تمثل فى احلال القوانين الوضعية بدلا من احكام الشريعة والغاء الخلافة الاسلامية .

    اما المبحث الخامس : فكان عن التطبيقات المعاصرة للديمقراطية خاصة فى البلاد الاوربية والولايات المتحدة فاوضحت ان الحكم فى تلك الدول يتم من قبل الشعب عن طريق راس المال الذى يتولى الدعاية لمن يريد له ان يصل الى سدة الحكم واوردت نماذج متعددة لهذا خاصة فى الانتخابات الامريكية ورجعت الى مصادر غربية فى هذا الصدد واوضحت العنصرية البغيضة التى تمارس فى تلك البلاد بين ابناء الدولة الذين يتمتعون بجنسيتها ان لم يكن بسبب اللون فبسبب الدين واوردت نماذج متعددة لهذه العنصرية فى داخل الولايات المتحدة والدول الاوربية او فى خارجها خاصة اذا كان الامر يتعلق بالعرب او بالمسلمين واوردت مقولات الامريكين والاوربيين فى هذا الصدد وضربت مثالا بالبوسنة والهرسك والتعصب المقيت الذى مارسه الغرب صاحب مبادئ حقوق الانسان والحرية والمساواة ثم اوردت رسالة فتاة مسلمة تعيش فى اسبانيا تصور ما تتعرض له فى بلاد الحرية والمساواة . وقصدت من هذه النماذج كلها ان اكشف زيف الشعارات الغربية التى يُدعى اليها فى بلادنا الاسلامية كبديل عن الاسلام وتعاليمه وبهذا المبحث ينتهى الفصل الاول من البحث – وهو خاص بعرض الديمقراطية كنذهب فكرى معاصر .

    اما الفصل الثانى : فكان تحت عنوان تقويم الديمقراطية
    فى المبحث الاول : تحدثت عن نقد الديمقراطية من خلال مفكرى الغرب الذين خبروا الحياة الاوربية وهالهم ما وصلت اليه الامور فكتبوا يقومون وينقدون الديمقراطية فاوردت نقد (غوستاف لوبون) (برتراند راسل) (هارولدلاسكى) حول مفاسد الديمقراطية وعيوبها واعتمدت على دراسات ثلاث صدرت عن بعض الذين كانوا يتولون مواقع قيادية فى الولايات المتحدة وفيها يكشفون الزيف الكبير الذى يمارس ضد الشعب الامريكى فى الداخل والشعوب الاجنبية فى الخارج من قبل ساسة الولايات المتحدة واوضحت ان هذا بمثابة (وشهد شاهد من اهلها) حتى لا ينخدع ابناء المسلمين بالنموذج الغربى سواء فى الحكم او فى كافة مجالات الحياة !!!

    اما المبحث الثانى : فكان تحت عنوان نقد الاسس التى قامت عليها الديمقراطية من الوجهة الاسلامية.
    ف المطلب الاول نقدت نظرية السيادة فى المفهوم الغربى واوضحت ان الاسلام ينفى عن البشر خاصية الحكم والتشريع والتحليل والتحريم وانه اذا كان الاوربيون قد لجاوا الى البشر فى التشريع فلان دينهم ليس فيه ما يتعلق بشئون الحكم والحياة . اما الاسلام فانه بمصدريه الكتاب والسنة قد فصل كل ما يضمن للانسان السعادة فى الدنيا والاخرة وفرقت بين السيادة والسلطة واوضحت ان السيادة لله ورسوله فى امور التشريع والتحليل والتحريم اما السلطة فهى فى يد البشر يحكمون بما انزل الله وليس لهؤلاء البشر ادنى قدسية ان هم اخطاوا او انحرفوا فيجب عزلهم وفق الضوابط الشرعية التى وضعها علماء السياسة الشرعية . ثم تساءلت ماذا يفعل المسلمون اذا قال الله ورسوله عن امر انه حرام . وقالت الامة عن طريق نوابها ان هذا حلال فلحكم من ناخذ ؟
    واوضحت ان امور الحلال والحرام والتشريع بوجه عام من الثوابت التى لا يجوز لاحد ان يمسها وبينت ان الديمقراطية فى اسسها واصولها تقوم على المجعية للبشر لا لله . وان الاغلبية رايها هو المعتبر فى اى قضية واوردت تصويت مجلس العموم البريطانى على الشذوذ الجنسى للرجال وكيف وافق المجلس عليه بناء على راى الاغلبية وفى المطلب الثانى تحدثت عن نقد الحرية وما يترتب عليها فى المفهوم الغربى فبينت بداية مقاصد الشريعة فى المحافظة على الدين والنفس والعقل والنسل والمال وان الانسان اذا تصرف بما يحقق المقاصد الشرعية كان فعله متوافقا مع المقصد او المصلحة دافعا للضرر . ويعد تصرفه فى نطاق الحق والحرية اما اذا تعدى نطاق الحرية ودخل فى منطقة الحرام التى نهى الله عنها وناقشت حرية الردة والالحاد تلك التى تجعلها الديمقراطية حقا من حقوق الانسان .

    ثم بينت نتائج الحرية فى المجتمعات الغربية وهلع العقلاء هناك من الاثار المدمرة لتلك الحرية على مستوى الفرد والمجتمع ووقفت بوجه خاص عند نتائج الحرية الجنسية والشذوذ الذى ادى الى الخوف والاضطراب فضلا عن انتشار الامراض فى المجتمع والتفكك الاسرى الذى بلغ حدا لا مثيل له . من زنا للمحارم الى تجارة فى الرقيق الابيض واوضحت ان هناك عقوبة اخرى تتمثل فى انتقام الله من هذه المجتمعات كما انتقم من قوم لوط لخروجهم عن الفطرة السوية .

    ثم تحدثت فى المطلب الثالث عن حقوق الانسان فى الاسلام واوضحت انه ما من حق من الحقوق التى يتباهى بها الغربيون الا وقد اعطاها الاسلام للانسان وتوقفت عند الحقوق السياسية فى الاسلام من ناحية انتخاب الحكام وعزلهم وتقويمهم وبينت الفروق الجوهرية بين الامر بالمعروف والنهى عن المنكر والمعارضة السياسية التى تقوم لذات المعارضة فى بعض الاحيان وان الاسلام لا يقر هذه المعارضة بمفهومها الغربى . ثم تحدثت عن الحقوق الشخصية والاجتماعية للانسان مثل حق الحياة وان الاسلام حافظ على حياة الانسان من اعتدائه على نفسه بالانتحار او اعتداء غيره عليه بالقتل . واوردت بعض الاحصائيات عن جرائم الاعتداء والقتل فى المجتمعات الغربية نتيجة لعدم العقوبة الرادعة .
    ثم تحدثت عن نصوص القران والسنة التى تمنع تعذيب الانسان او حبسه بدون تهمة واستانست بفهوم العلماء وشروحهم لهذه النصوص وبينت ان من خالف هذه النصوص ملوم فى الدنيا والاخرة واخيرا تحدثت عن سبق الاسلام لجميع النظم فى تحريمه للتجسس وتتبع عورات الناس ونهى القران والسنة عن هذه الاثام وبينت ان ما يقوم به ولى الامر من تتبع للمجرمين والخارجين على الشريعة لايعد من باب التجسس وانما هو من باب المصلحة التى يقررها ولى الامر واوضحت ان هذه الحقوق فى الاسلام دينا يتعبد المسلمون بتطبيقها بعكس النظرة التى تنطلق منها هذه الحقوق فى الغرب واخيرا فى النهاية اوضحت اننا لا يضيرنا ان ننتفع بما عند غيرنا من الامم مالم يصادم هذا الثوابت المقررة فى الاسلام الذى اعزنا الله به ورضيه لنادينا .
    واسال الله ان اكون قد وفقت فى هذا البحث لاعزاز امتى وملتى
    وكفى بربك هاديا ونصيرا
    د/ فرج الله عبد البارى ابو عطا الله

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,886
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الفصل الاول
    الديمقراطية : نشاة وتطورا
    المبحث الاول : مفهوم الديمقراطية

    فى المصطلحات التى تنشا خارج المجتمع الاسلامى اشكالية فى التعريف تتمثل فى رجوع الباحثين الى تعريف المصطلح من خلال اللغة التى نشا فيها هذا من ناحية ومن جهة اخرى الدخول فى بحور متلاطمة الامواج بسبب الاختلاف الناشىء عن تفسير المصطلح حسب المذهب او التيار الذى ينتمى اليه من يفسر المصطلح . وياتى مصطلح الديمقراطية ليجمع هذه المتناقضات فالديمقراطية كمصطلح Democracy كلمة من لفظتين يونانيتين الشعب (Demos) و (Karatos) السلطة ومعناها الحكم الذى تكون فيه السلطة للشعب وتطلق الديمقراطية على :
    (نظام الحكم الذى يكون فيه الشعب قيبا على اعمال الحكومة بواسطة المجالس النيابية ويكون لنواب الامة سلطة اصدار القوانين (1) وقد وصف المؤرخ اليونانى (هيرودت) الديمقراطية بانها حكم الاغلبية وقد ذكر لها عدة خصائص منها :
    1- ان تكون الاغلبية هى القابضة على مقاليد الحكم وشئون الادارة
    2- ان يتحقق فى هذا النظام السياسى المساواة فى الحق
    3- ان يكون الشعب له سلطة المؤاخذة والادانة من خلال النواب الذين لهم مراقبة ومناقشة الهيئات القائمة بالسلطة (2)

    والديمقراطية فى نظام الحكم تنقسم الى :
    1- ديمقراطية مباشرة وهى التى يحكم فيها الشعب نفسه بنفسه (3)
    وهذا النظام يستحيل تطبيقه الا فى المجتمعات الصغيرة والمدن القليلة العدد من ناحية السكان.
    وهذا النوع من الديمقراطية لم يطبق الا فى اثينا واسبارطة من بلاد الاغريق

    2- الديمقراطية شبه المباشرة وتعنى نظام الحكم الذى يشترك فيه الشعب عن طريق الاستفتاء او الاقتراع او الاعتراض الشعبى ويعرف عادة باسم الديمقراطية النيابية .
    ونلاحظ ان ذه التعريفات جميعها سواء للديمقراطية المباشرة او غير المباشرة تخرج من امر الرئيس الا وهو حكم الشعب وسيادته وسلطته وعلى الرغم من كون الديمقراطية هى حكم الشعب وهذا محل اتفاق الا اننا سنواجه بكم هائل من الاراء والتوجهات والمفاهيم المتباينة لمفردات تعريف الديمقراطية . اعنى موضوع :
    الحكم وسلطة الشعب
    لان هذه المفردات لها معان مختلفة عند الانظمة والمذاهب السياسية التى تستخدم مصطلح الديمقراطية وسوف اورد نماذج لهذه الاختلافات.
    فمثلا كلمة الحكم تعنى عند المدرسة الليبرالية ان المجلس النيابى المعبر عن الشعب يضع الدستور الذى تقوم الحكومة على تنفيذ بنوده
    اما المدرسة الاشتراكية فالحكم معناه ان مجلس الشعب المعبر عن اتحاد القوى العاملة يسن التشريعات التى تقوم الحكومة بتنفيذها بعد اقراراها من اللجنة المركزية .
    اما المدرسة الديكتاتورية فالحكم يعنى عندها ان المجالس النيابية هى اداة تشريع القوانين التى تسنها القوى الحاكمة المتسلطة ومن ثم فالمجالس النيابية تعبر عن تلك القوى الحاكمة ولا تعبر فى الحقيقة عن الشعب وارادته (4)

    هكذا نرى التباين فى فهم كلمة الحكم والتعبير عنها بين المدارس والانظمة المتعددة التى تستخدم كلمة الديمقراطية فى تعبيراتها السياسية اما الشعب فله مفاهيم مختلفة لدى الانظمة التى تدعى الرجوع اليه وهنا نتسائل هل نظرة دول اوربا للشعب هى نظرة روسيا له ؟
    وهل نظرة الولايات المتحدة هى نظرة الدول الافريقية والاسيوية لافراد الشعب ؟
    بالضرورة النظرة تختلف ومن ثم المفهوم ومنذ القرن الثامن عشر ومفهوم الشعب حوله اخذ ورد الشعب او المجموع عند روسو يحمل فى طياته مجموعات سيادات مجزاة يختص كل فرد منها بقسط وهذا معناه ان يقوم كل واحد من افراد الشعب باختيار من يحكمونه وهذه هى الديمقراطية التامة التى تستند الى التصويت العام ولكن مفهوم الشعب على هذا النحو يتعذر معه اشتراك كافة المواطنين فى مباشرة حقوقهم ونظرا لهذا التعذر صور اعضاء الجمعية التاسيسية فى فرنسا سنة 1789م وسنة 1791م فكرة الشعب واعتبروه هو (الممثل للافراد الذى يكونونه وهو كائن حقيقى مستقل عن هؤلاء الافراد وهو القابض على اعنة السيادة ويباشر مالهم من اختصاصات سياسية ويسهر على مصالحهم ويرعى حقوقهم ويتصر باسمهم ويعبر عن اعماله بواسطة مندوبيه (5)

    هذا المفهوم للشعب من خلال النظرة الاوربية للدميقراطية ومن يقوم عليها فماذا عن مفهوم الشعب من خلال المفهوم الاشتراكى او الديكتاتورى ؟
    الشعب عندهم مجموع الافراد الذين تنطبق عليهم القوانن اما اعضاء الحزب الحاكم فهم فى مرتبة ارفع بكثير من عامة الشعب فهم اما فوق القانون او تطبق عليهم القوانين بطريقة خاصةوهم يحكمون حكما مباشرا تحرسه الجاسوسية الرهيبة ولا تسمح لفرد من الشعب فضلا عن الشعب كله ان يفكر بحرية فضلا عن التفكير فى الحرية ذاتها (6)

    تعقيب على مصطلح الديمقراطية

    هذا هو مصطلح الديمقراطية فى مفاهيمه المختلفة وتعريفات مفرداته اتى تختلف من مدرسة الى مدرسة ومن نظام الى نظام مما يدل على ان الديمقراطية ليست شيئا واحدا فى تطبيقاتها ومن ثم يتوجه النقد لهذا المصطلح من عدة زوايا منها
    1- ميوعة الاصطلاح وصعوبة تحديده بدقة علمية يمكن بواسطتها التمييز بين الحقيقة والادعاء المزيف .
    2- ان كل محاولة تستهدف تحديد المصطلح بدقة تواجه بمزيد من التعقيدات فكل نظام سواء كان راسماليا او اشتراكيا يحاول ان يدعى الديمراطية الحقيقية عنده وليست عند سواه - بل ان البلاد الشيوعية فى العالم والتى تتبنى مفهوما سياسيا مخالفا تماما للديقراطية تدعى بذات التاكيد انها ديمقراطيات شعبية (7)
    3- انه وطبقا لمفهوم الديمقراطية على كافة مستوياتها ومدارسها فان المرجعية التى تسمد منها الديمقراطية اسسها ومبادئها انما هى الشعب او العقل وليس للدين او لوحى السماء اى مكان لدى دعاة الديمقراطية ولا اجدنى باذلا جهدا كبيرا فى ابراز اوجه الشبه بين العلمانية فى اصولها والديمقراطية فى مرجعيتها لانهما نبتا من شجرة خبيثة ابعدت الدين عن الحياة وفصلت فصلا تاما بين الوحى والعقل فابعدت الاول واعلت من قيمة الثانى.
    4- ان مصطلح الديمقراطية نشا فى الغرب وتطبيقا ثم وفد الى العالم الاسلامى مع الهجمة العلمانية الشرسة التى اجتاحت العالم الاسلامى وطوقت اقطاره بالاحتلال العسكرى والفكرى وترددت ضمن ما تردد من المصطلحات الموهمة التى اريد لها ان تحل محل المصطلحات الاسلامية الاصيلة .

    الاسباب التى ادت الى شيوع مصطلح الديمقراطية فى البلاد الاسلامية
    اولا النشاط الاعلامى الذى يمارس من قبل المروجين للديمقراطية والزخم الفكرى الهائل من جهة وطمس بعض العلمانيين الذين يسعون الى تغيير هوية الامة وطمس معالم حضارتها عن طريق الندوات واقامة المؤتمرات لتاصيل تلك المفاهيم الغربية فى البلاد الاسلامية
    ثانيا تفشى الامية الفكرية وعدم وضوح الرية الاسلامية لدى الكثيرين الامر الذى ادى الى تبنى هذه المفاهيم لعدد ليس بقليل بوعى فى بعض الاحيان وبغير وعى فى كثير من الاحيان
    ثالثا محاولة نقض عرى الاسلام خاصة فيما يتعلق بامور الحكم وغياب التطبيق فى كثير من المجتمعات الاسلامية الامر الذى ادى الى انحسار المصطلحات الاسلامية وانزوائها بل وضمورها لصالح المصطلحات الوافدة كالديمقراطية – خاصة حينما تدعى كثير من الانظمة المعاصرة التمسك بها والمناداة بتطبيقها من الناحية النظرية لا العملية من باب الوجاهة الحضارية او استجداء المعونات الاقتصادية وكما هو معلوم فالمصطلحات كالاعضاء الحية تنمو وتكبر بالاستعمال وتضمر بالاهمال .
    رابعا الهزيمة النفسية لدى الكثير من افراد الامة حيث بدا النموذج الغربى فى الحكم هو الغاية التى يسعى اليها الكثيرون طارحين نظام الحكم فى الاسلام جانبا تحت دعوى عدم صلاحيته وقدرته على مسايرة الواقع وحل المشكلات المستجدة من ناحية ومن جهة اخرى تنفيذ مخططات اعداء الامة فى تكريس عزل الاسلام عن واقع الحياة ونظام الحكم . ومعلوم ان الاسلام يرفض هذا النوع من المصطلحات كما يرفض المفاهيم التى تعنيها لتناقضها مع الاسلام من ناحية لتعبيرها عن صيغة حضارية وفكرية خارج نطاق الامة وذاتيتها الحضارية (8)


    -------------
    (1) انظر مذاهب فكرية معاصرة ص 178 محمد قطب دار الشروق والقاموس السياسى
    (2) النظريات والمذاهب السياسية ص 272 د/ مصطفى الخشاب مطبعة البيان العربى سنة 1957م
    (3) القاموس السياسى ص 548
    (4) انظر اشكالية التعبير عن الديمقراطية . سامى الدلال – مجلة البيان العدد 107 ص 118 / 119
    (5) بحوث فى السياسة ص 196/197/198 احمد سويلم العمرى – مكتبة الانجلو سنة 1953م
    (6) دراسات اسلامية ص 163 سيد قطب دار الشروق
    (7) انظر نظم الحكم الحديثة ص 298 بتصرف – ميشيل ستيوارت ترجمة احمد كامل
    (8) انظر ما يعد به الاسلام – روجيه جارودى ص 242 وانظر الموقف الاسلامى من المصطلحات الحديثة مقالة لعز الدين سليم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,886
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    المبحث الثانى : نشاة الديمقراطية وتطورها

    مرحلة الاقطاع والحكومة الدينية
    هناك شبه اتفاق بين المؤرخين على ان اول من مارس الديمقراطية بمعنى حكم الشعب للشعب على ارض الواقع هم الشعب الاغريقى فى بلاد اليونان وان مدينتى اسبرطة واثينا هما اول من شهد حكومة الشعب او المدينة فهو الذين يختارون الحاكم وفى الوقت نفسه كانوا يضعون القوانين ويشرفون على تنفيذها وظلت هذه الصورة فترة ثم بعد ذلك دخل اليونانيين مع الرومان فى حروب متواصلة انتهت بانتصار الرومان على اليونان من الناحية العسكرية وان كانت السيرطة الفكرية والثقافية صارت لصالح اليونانيين (1)

    وبعد ان ادخل بولس النصرانية الى روما وبلاد اليونان اعتنقتها هذه الشعوب الذين اشربوا الوثنية وتربوا على معتقداتها وكان من المنتظر ان تغير النصرانية اخلاقهم وعقائدهم ونظمهم ولكن العكس هو الذى حدث حيث ترومت النصرانية ولم تتنصر روما .

    وقد ظل الاقطاع يحكم اروبا قرابة الف عام فى ظل الامبراطورية الرومانية وكان الحكام يستعبدون الناس لانفسهم زاعمين ان هم سلالة عرقية غير بقية البشر وغلا بعضهم فزعم انه اله او من نسل الالهة
    وظل الاوربيون يستغلون من قبل الامبراطور والبابا . الاول يدعى ان له الحق فى حكم الناس وفق مشيئته ويخضعهم لهواه ، والثانى يبارك خطواته ويلزم الشعب بطاعة الامبراطور عى اعتبار ان حكمه يستمد من حكم اله مباشرة (2) فيما يعرف بالحكومة الالهية .

    هذا اذا كان الامبراطور والبابا على وفاق اما حين يشتعل التنافس بينهما فالشعب هو الذى يتحمل اوزار هذه الحروب التى استمرت سجالا بينهما حتى ضعفت الامبراطورية وبقى الناس يتنازعهم سلطتان دينية ودنيوية الى ان بدات بوادر النهضة الاوربية .

    عصر النهضة وبداية التحول فى اوربا

    بدات بوادر اليقظة الاوربية فيما يسمى بعصر النهضة بفعل مؤثرات عديدة من اهمها احتكاك الاوربيين بالمسلمين والعلوم الاسلامية من خلال المراكز العلمية فى الاندلس وغيرها وايضا من خلال التجارة والتجول فى البلاد الاسلامية
    فى هذا العصر بدات بوادر النهضة الصناعية وظهر الانحلال فى النظام الاقطاعى لصالح النظام الراسمالى ونهار بالتالى الحكم الثيوقراطى (3) القائم على نظرية الحق الالهى فى الحكم .
    وبدات تظهر نظريات جديدة تدعو الى رفض الحكم المطلق من قبل الامبراطور او البابا واستلهم الباحثون من التراث الاغريقى ومن كتابات (سبينوزا) و (جون لوك) والموسوعسون الفرنسيين فكرة صياغة المجتمع وفق قوالب وتنظيمات علمانية والتقت عواطفهم بكلمة سحرية جذابة ترمز لمبدا جديد جذاب اتفق فى المناداة به (الطبيعيون) و (النفعيون) و (الجامعيون) و (الفرديون) ذلك هو مبدا الديمقراطية ومن الذى لا تخلب الديمقارطية لبه من الشعوب المضطهدة والعقول المغلولة (4)
    ونستطيع ان نرصد بعض الافكار التى مهدت لقيام النظام الديمقراطى فى الحكم كبديل عن النظام الثيوقراطى الذى كان سائدا فى اوربا

    اهم النظريات التى مهدت للديمقراطية فى اوربا

    1- افكار هوبز سنة 1588/سنة 1679م : من اهم الاراء التى مهدت للديمقراطية فى الحكم وللفصل بين الدين والدولة فى كافة شئون الحياة . ما طرحه الانجليزى هوبز من افكار فقد ذهب الى ان الانسان كان فى الاصل شريرا بطبعه وان الحالة الفطرية او الطبيعية كانت صراعا بين افراد النوع الانسانى ومن ثم احتاج الناس الى قوة تحميهم وتظلهم فكان ان تنازلوا عن بعض حقوقهم لتلك الدولة من اجل سلامة المجتمع وامنه وهذه القوة هى الدولة او الحكومة(5) ومع تلك الافكار السياسية افكارا فلسفية اخرى تهاجم الدن بشدة فقد رد المعرفة الى الحس وتناول الغيبيات بالنقد والهدم (6) ولعل ارتباط الافكار السياسية عند هوبز فى نظرية الحكم بمهاجمة الدين كان نوعا من الفصل المبكر بين الدين والدولة اقام عليها الاوربيون نظام حياتهم فيما بعد .
    2- لوك سنة 1622/1704م : ايد افكار هوبز فى نظرية العقد الاجتماعى وان خالفه فى بعض الامور والتى كانت اساسا لفكرة الديمقراطية فيما بعد فبينما ذهب هوبز الى ان سلطة الحكومة مطلقة راى (لوك) ان سلطتها مقيدة بقبول الافراد لها ولذلك يمكن سحب الثقة التى اعطيت لها من قبل الافراد لان السيادة اولا واخيرا للشعب فهو الذى يخول الحكومة ان تحكم باسم الاغلبية واذا اساء الحاكم عزله الشعب وللبرلمان السلطة التشريعية واذا اساء حله الشعب (7)
    3- جان جاك روسو 1712/1778م : وضع فلسفته عن العقد الاجتماعى ومفاد نظريته ان الافراد قد تنازلوا عن حقوقهم الشخصية الى الجماعة فتولد عن هذا التنازل الارادة العامة التى هى ارادة المجموع (The coerel will) ومالكة السلطة فى الجماعة السياسية اما الذى يمارس هذه السلطة فهو يمارسها بصفته وكيلا عن الامة مستقلة عن ارادة الافراد وعن ارادة كل فرد على حدة (8)
    هذه الافكار فى مجموعها سواء التى اذاعها (لوك) ومن بعده (روسو) ادت فيما بعد الى تبنيها من مكرين امثال (فولتير) و (مونتسكيو) والموسوعيين الفرنسيين الذين وضعوا الاسس وروجوا للمبادئ التى الهبت الثورة الفرنسية والامريكية وبعد هاتين الثورتين اصبحت نظرية سيادة الشعوب الاساس المنطقى للحكومات الديمقراطية .
    وعلى اثر ذلك تكونت فى الفكر الاوربى فكرة الفصل بين الدين والدولة او السلطة الزمنية التى تمثلها الدولة والسلطة الالهية التى تمثلها الكنيسة وصار هناك سلطتان فى حياة الانسان الاوربى فى المجتمع الواحد السلطة المدنية وحكمها هو الحكم المدنى الديمقراطى وسلطة الكنيسة وسلطانها لا يتعدى العلاقات الشخصية فى الزواج او الوفاة وصلة الانسان بربه ومعبوده وقامت وقامت العلمانية بدور رئيسى فى اضعاف السلوك الدينى فى المجتمعات الاوربية عن طريق الثقافة والتوجيه والتربية(9)

    وظهرت شعارات جددة مثل الحرية والمساواة والاخاء لها من العصبية ما للدين او اكثر عند الغربيين . ومعلوم ما لليهود من دور فى شيوع واطلاق هذه الشعارات التى حقق اليهود اقصى انواع الاستفادة من ورائها .
    وعادت عليهم بكل ما تمنوا من السيطرة على الاخرين ورد فى اصولهم (كنا قديما اول من صاح فى الناس بالحرية والمساواة والاخاء كلمات ما انفكت ترددها ببغاوات جاهلة متجمهرة من كل مكان حول هذه الشعائر) (10)


    ------------
    (1) دولة الروم ص 61/62 د/ جمال عبد الهادى دار الشروق جدة وانظر قصة الحضارة – وول ديورانت ج9 ص192 وانظر الفلسفة الاغريقية ص 232 د/محمد غلاب
    (2) العلمانية ص 216/217 سفر الحوالى دار الهجرة الرياض
    (3) ثيوقراطية وصف لكل مذهب يرد السلطة السياسية فى الجماعة الى اساس دينى او غيبى وللمذاهب الثيوقراطية ثلاث صور :
    الاولى : ترى ان الحاكم نفسه من طبيعة الهية مقدسة
    الثانية : نظرية الحق الالهى المباشر للحكام ومؤداها ان الله تدخل مباشرة لاختيار شخص الحاكم
    الثالثة : نظرية الحق الالهى غير المباشر او العناية الالهية مؤداها ان الله يوجه الحوادث والافرا فى جماعة معينة توجيها ؤدى اى اختيار شخص معين لمنصب الحكم (انظر الموسوعة العربية ص 589 الناشر دار الشعب
    (4) العلمانية ص 230/231
    (5) الموسوعة الفلسفية ص 56 د/عبد المنعم الحنفى وانظر سلسلة تراث الانسانية ج1 ص 257 بتصرف
    (6) الموسوعة الفلسفية المختصرة ص 390
    (7) مدخل الى علم السياسة ص 30 هارولدلاسكى والموسوعة الفلسفية 402/403
    (8) انظر العلوم السياسية ج1 ص 176/177 رايموند كارفيلد كيثل ترجمة د/فاضل زكى
    (9) نحو القران ص 137/138 د/محمد البهى مكتبة وهبة
    (10) بروتوكولات حكماء صهيون ص32 ترجمة محمد خليفة التونسى

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,886
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    المبحث الثالث
    الاسس التى قامت عليها الديمقراطية

    لكل نظام من النظم او مذهب من المذاهب اصول يقوم عليها ودعامات يرتكز عليها وتصبح من معالمه الاساسية ومن بديهياته المعرفية واول اساس تقوم عليه الديمقراطية هو :-

    اولا : سيادة الامة

    ان عبارة سيادة تعنى حق النفوذ والامر والنهى مشتقة من سيد او امير وكانت هذه العبارة هى المعبرة عن قوة الدولة يوم ان كان السيد او الامير هو الذى يحكم (1) ولكنها تطورت حتى صار المقصود : ان السيادة للامة باعتبارها شخصا متميزا عن الافراد المكونين لها وليست للسيادة صاحب واحد هو الامة مستقلين فليس لكل فرد جزء من السيادة وانما للسيادة صاحب واحد هو الامة التى هى شخص جماعى مستقل عن الافراد الذين يكونونها فالارادة العامة للامة هى التى صارت مستقرا ومستودعا لهذه السيادة لهذه السيادة وهى ذلك الوجود المعنوى او المجازى الذى انبثق عنه مجموع الارادات الفردية واستقل عنها (2)

    وهذا المفهوم للسيادة يترتب عليه ان الشعب هو صاحب الراى الاول والاخير فيما يتعلق به وعليه فان كل (فرد بالغ شريف له من الحقوق ما لاى فرد اخر من حق الاشتراك فى شئون الدولة العامة ومع ذلك فان ازمة الحكم الفعلية تكون محصورة فى يد طبقة محدودة هى الحكومة وذلك لاستحالة اشتراك عدد كبير من الافراد فى شئون البلاد ، والوزارة فى الحكومة مسئولة امام ممثلى الشعب ولهم حق اقصائها عن مناصب الحكم اذا لم تحز على ثقتهم والحكومة الديمقراطية على اى صورة لها يقوم النظام فيها على اساس ان الامة هى مصدر السلطات (3)

    وبناء على ان الامة هى مصدر السلطات فقد قسمت السلطات الى ثلاث :
    اولا : السلطة التشريعية وهى الهيئة المنوط بها وضع القوانين فى الدولة من خلال الشعب او نوابه او هما معا وبالجملة فهى تستقر فى مجموعة من الاشخاص الذين يسنون الدستور والقوانين ولهم الحق فى تعديله بعد تنفيذه (4)
    ثانيا : السلطة التنفيذية . وتعرف بالحكومة وهى الهيئة المنوط بها تنفيذ القوانين وهذه الهيئة تضم فى مفهومها جميع موظفى الدولة .
    ثالثا : السلطة القضائية وهى الهئية المنوط بها تفسير القوانين وتطبيقها وتتمثل هذه السلطة فى القضاء واعضاء النيابة العامة والاصل فى هؤلاء الاستقلال وعدم القابلية للعزل .

    بقى ان نعرف ان صاحب هذا التقسيم هو (مونتسيكو) فى كتابه روح الشرائع (5) وهذه التقسيمات جميعها تكرس السلطة والسيادة للشعب وبناء عليه فان هذه السيادة هى السلطة المطلقة التى تنفرد بالحق فى انشاء الخطاب الملزم المتعلق بالحكم على الاشياء والافعال فهى التى تملك جعل الفعل واجبا او محرما او مباحا وهى التى تملك جعل الشىء سببا او شرطا مانعا (6) ويلاحظ ان السيادة والديمقراطية تعبيران عن فكرة واحدة فالسيادة هى التعبير القانونى . والديمقراطية هى التعبير السياسى خاصة فى الدول الراسمالية .

    وفى كل الاحوال وعلى جميع التقسيمات والتعريفات فالديمقراطية تستند على السيادة للشعب او للامة على اعتبار انهما مصدر جميع السلطات وهى بهذا تعنى ابعاد السلطان الدينى والغيبى عن واقع الحياة وعدم الاعتراف باى قوة غيبية تتدخل لتصوغ علاقة الانسان –بالمجتمع او بالانسان- لان سيادة الامة معناها ان لا يستعان بمبدا او نظام او تعاليم غير نابعة من البشر فالافراد المنتخبون هم الذين يسنون القوانين ويشرعون لافراد المجتمع.

    ثانيا : الحرية

    احد الاسس الهامة والرئيسية التى قامت عليها الديمقراطية والحرية مذهب فلسفى نادى به قبل الميلاد بعض فلاسفة اليونان وتبنته بعض المدارس الفلسفية مثل المدرسة الابيقورية التى ذهب مؤسسها الى التاكيد على الحرية الانسانية لتتماشى مع ما ينادى به من اللذة والمنفعة التى زعم انها مطلب كل كائن حى فالحيوان مدفوع بغريزته الى اللذة والفرارمن الالم والانسان يشبه الحيوان لان طبيعتهما واحدة ومحاولة ابعاد الانسان عن اللذة ابعاد عن طبيعته (7) وعندهم انه مادامت اللذة خير فان الوسيلة اليها خير وانتقلت الحرية بمفهوم ابيقور الى الرومان ولكن بالمعنى العملى لا النظرى الفلسفى لان الخمر والنساء والطعام لم يتركوا وقتا للرومانيين للنظريات الفلسفية (8)

    وقد ظلت الحريات مكبوتة فى اوربا قبل عصر النهضة فلم يكن من حق اى انشان ان يعبر عن رايه فضلا عن ممارسة حريته مثل الانتقال من مكان الى مكان اخر .

    فلما بدا عصر النهضة بدا الاوربيون من خلال مفكريهم وفلاسفتهم يحيون التراث اليونانى القديم بنظمه وافكاره وعلى راس تلك الافكار فكرة الحرية وكان الكتاب يستعملون هاتين الكلمتين "Laissez – Faire" تعبيرا عن فكرة الحرية ومعناهما دع الناس احرارا فى عمالهم . وتصور المفكرون ان واجب الحكومة ينحصر فى حماية الارواح والممتلكات والمحافظة على النظام وحماية البلاد ضد الاعتداء الخارجى وكانت الفكرة العامة تنادى بانه اذا سعى كل فرد وراء منافعه الذاتية فان ضربا من التوفيق بين مصالح الشعب المختلفة سراعان ما يزداد ظهوره او يقل بصورة الية وكان يُعبر عن هذه الفكرة فى العبارة التالية (ان المنافع الخاصة تؤدى بدورها الى المنافع العامة) وقد صارت هذه الفكرة تتطور الى ان صارت فلسفة عامة تسيطر على العالم الغربى وصارت هذه الحرية بمفهومها العام من معالم الديمقراطية والحرية فى النظام الديمقراطى ليس لها حدود وكان الديمقراطية انشئت من اجل الحرية الشخصية التى تعنى حرية الالحاد . وحرية الفساد الخلقى كلها حريات مكفولة بالقانون حتى ولو كانت تلك الحيات ممن لم يشهد التاريخ لها مثيلا مثل ما حدث فى هولندا –فى احدى الكنائس حيث عقد القسيس عقد الزواج بين شاب وشاب اخر .
    وما حدث فى انجلترا حيث اجتمع البرلمان الانجليزى لينظر فى امر العلاقات الجنسية الشاذة ثم قرر انها علاقات حرة لا ينبغى التدخل فى شانها . كما اعلن رئيس الاساقفة فى كانتربرى انها علاقات مشروعة .
    وما حدث ويحدث فى الولايات المتحدة حيث عرض المسرح الامريكى وفى التلفزيون مسرحية تشكل العملية الجنسية بكاملها جزءا من المسرحية وراى المشاهدون رجلا وامراة يقومان بالعملية الجنسية امام اعينهم .
    ومن سنوات قام فى التلفاز البريطانى حوار عن الجنس اشترك فيه عشرات من الفتيات الصغيرات وكان موضوع الحوار هو سؤال عن الوضع الذى يفضلنه فى العملية الجنسية واجاب الفتيات الصغيرات بصراحة وقحة يقشعر منها ابدان الذين فى نفوسهم اى قدر من الحياء

    هذه النماذج الصارخة ما كانت لتقوم لولا الديمقراطية ببرلماناتها ووسائل اعلامها فالحرية التى تقوم عليها هى التى تبيح ذلك كله وتجعله ضمن دائرة الحرية الشخصية وتحميه بكل الوسائل وتعطيه الشرعية الكاملة (9) اما تعارض الحرية الشخصية مع حريات الاخرين فهذا امر لا يتدخل فيه القانون ولا تفرضه السلطة بل هو راجع الى الفرد نفسه . يقول احدهم (فى بعض الاحيان يجب ان يكون الانسان قادرا على الحد من حرية من حرياته فى سبيل صيانة حرية الاخرين ولكن كيف يتمكن الفرد من المحافظة بحق المعادلة والتوازن بين الحريات ؟؟ هذا امر مرتبط بالفن وحسن التصرف اكثر من ارتباطه بالعم والمنطق المحض) (10)

    ومتى كانت الرغبة والشهوة من الامور التى ترتبط بالفن وحسن التصرف ؟؟

    ثالثا : حقوق الانسان

    ارست الديمقراطية مجموعة من الحقوق للافراد واعتبرت هذه الحقوق مكسبا كبيرا للاوربين بالمقارنة بما كانوا يلاقونه من قبل وينبغى ان نشير الى ان فكرة حقوق الانسان وحرياته ارتبطت بالعلمانية السياسية التى سادت الفكر الاوربى منذ مطلع القرن السابع عشر حتى استبعدت الدين ، ومن ثم صيغت هذه الحقو باسلوب عاطفى ادبى مما يزيد من مرونة السلطة الحاكمة فى اقرار بعض الحقوق او عدم اقرارها فى المجتمع وليس ادل على ذلك من التفرقة العنصرية ضد الملونين التى تمارسها الدول الغربية التى تدعى دفاعها عن حقوق الانسان او السياسة الاستعمارية التى تمارسها العديد من الدول الكبرى فى العالم (11)
    وقد قسمت الحقوق الى
    ا- الحقوق السياسية :
    وتتمثل هذه الحقوق فى حق الانتخاب والتصويت والترشيح وقد اشارت المادة 19 من الاعلان العالمى لحقو الانسان الى ان (لكل شخص الحق فى حرية الراى والتعبير) (12) وتعد الحقوق السياسية ابرز سمات الديمقراطية فى صورتها النهائية التى استقرت عليها ، وخلاصتها ان يكون للشعب الاشراف على اعمال الحكومة وتوجيهها وحق نقدها والاعتراض على اعمالها ويتخذ ذلك صورتين متكاملتين .
    الاولى : التمثيل النيابى ويعنى حق الانتخاب والترشيح
    الثانية : حق الاجتماع وابداء الراى خارج البرلمان ويشمل الصحافة والاجتماعات السياسية والمظاهرات السلمية التى تقام للمطالبة بامر معين او الاحتجاج على امر لا يرضى عنه الشعب وكل هذه الحوق لم يكن للشعب منها اى نصيب قبل الديمقراطية (13) وبقدر اتساع هذه الحقوق وشمولها تكون الدولة ديمقراطية (14)
    ب – الحقوق المدنية
    وتتمثل هذه الحقو فى حق الحياة لانه الحق الذى تنبنى عليه سائر الحقوق ومن ثم تحاول الدول الديمقراطية ان تحافظ على هذا الحق بالنسبة للقاتل والمطالبة تتزايد كل يوم بالغاء عقوبة الاعدام (15)

    ومن حقوق الانسان عدم القاء القبض على الفرد بدون تهمة وايضا عدم تعذيبه ووجوب محاكمته محاكمة عادلة وفى اقرب وقت حتى يخرج من تثبت براءته (16) وهذه كلها ضمن مجموعة من الضمانات تتمثل فى ضمانة التحقيق بحيث لا يستخدم مع المتهم اى وسيلة من وسائل الضغط لحمله على الاعتراف بما لا يريد الاعتراف به سواء اكان هذا الضغط بالتعذيب او الاكراه المعنوى (17)

    ومن حقوق الانسان المدنية حق التنقل والعمل كيف شاء وقد نصت عليه المادة العشرون من الاعلان العالمى لحقوق الانسان ونصها (لكل شخص الحق فى العمل وله حرية اختياره بشروط عادلة مرضية) (18) ولم يكن التنقل والعمل موجودا ولا متوفرا قبل النظام الديمقراطى ولكن بعد قيام الديمقراطية فان هذه الحقوق قد قررت من حيث المبدا وتحملت الدول مسئوليتها فى هذا الشان اما بتوفير فرص العمل او صرف تعويض عن البطالة حتى يمن المواطنون الحد الادنى من المعيشة (19)

    وهذه الحقوق وتلك الضمانات لم تكن موجودة قبل قيام النظم الديمقراطية وهذه الضمانات وتلكالحقوق قد اعادت للانسان ادميته وردت له كرامته المسلوبة ويجب ان نشير فى هذا السياق ان الاسلام قد ضمن هذه الحقوق للانسان مع فارق جوهرى بين الاسلام والمفهوم الغربى لان (منطلق حقوق الانسان فى الغرب هو الحق الطبيعى – بغض النظر عن الفكر والمنهج بينما الحق الشرعى للانسان فى الاسلام مرتبط بعبودية الانسان لله ومدى انصياعه لشرعه واتباعه لهدى رسله) (20)

    ج – الحقوق العقدية والفكرية

    المقصود بحرية العقيدة فى منظومة حقوق الانسان فى الفكر الغربى ان يكون الشخص حرا فى اعتناق اى دين او مبدا يعتقده وكلك حرية العبادة فليس لاى دولة ان تجبر الاشخاص على اعتقاد معين او عبادة معينة لان حرية العبادة تعنى حق الفرد فى ممارسة شعائر دينه طبقا لعقيدته (21) وقد نص الاعلان العالمى لحقوق الانسان على هذا الحق ومما ورد فيه (لكل شخص الحق فى حرية التفكير والدين والضمير ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته او عقيدته عنها بالتعليم والممارسة واليام بالطقوس الدينية) (22)

    اما الحقوق الفكرية فمعناها فى الفكر الغربى ان يتمكن كل انسان من التعبير عن ارائه وافكاره باية وسيلة من الوسائل كان يكون ذلك بالقول او بالرسائل او بالوسائل المختلفة للنشر كالبريد او البرق او الاذاعة او السينما او المسرح والصحف وقد نص الاعلان الفرنسى على حرية الراى والفكر ومما ورد فيه :
    (حرية تبادل الافكار والاراء هى اثمن حق من حقوق الانسان لذلك يحق لكل مواطن ان يتكلم ويكتب اراءه ى صحف مطبوعة بكامل الحرية) (23)

    اما الاعلان العالمى لحقوق الانسان فقد ورد فيه ان لكل انسان الحق فى حرية الراى والتعبير عنه ويتضمن هذا الحق حرية اعتناق الاراء بمامن من التدخل وحرية التماس المعلومات والافكار وتلقينها واذاعتها مختلف الوسائل دون تقيد بحدود الدولة (24)

    رابعا : المساواة

    تبعا للحقوق التى ارستها الديمقراطية فى العصر الحديث فقد قررت المساواة بين جميع الافراد بلا تمييز بين الافراد بعضهم وبعض – بل ان كثيرا من الباحثين يذهب الى ان حقوق الانسان ترد الى اصلين : المساواة والحريات الفردية وقد ورد فى الفقرة الاولى من الاعلان العالمى لحقوق الانسان عن المساواة ما نصه (يولد جميع الناس احرارا متساوين فى الكرامة والحقوق وقد وهبوا عقلا وعليهم ان يعامل بعضهم بعضا بروح الاخاء (25)
    وقد فرع علماء القانون عن مبدا المساواة عدة تقسيمات منها :
    1- المساواة فى المصالح العامة والتى تشمل المساواة امام القانون والمساواة امام القضاء والمساواة فى التوظف وكالمساواة فى الانتفاع بالمرافق العامة
    2- المساواة فى التكاليف الاجتماعية وتشمل المساواة فى تحمل الاعباء الضريبية والمساواة امام الخدمة العسكرية (26)
    وهذه المساواة مساواة شكلية وليست حقيقية بمعنى انها مساواة قانونية لا تضمن او تكفل قدرا متساويا من الحقوق للفرد لتحقيق المساواة الفعلية (27)


    ---------------------

    (1) بحوث فى السياسة ص 191
    (2) نظرية السيادة واثرها على شرعية الانظمة ص 17 د/صلاح الصاوى - دار طيبة
    (3) القاموس السياسى احمد عطية الله ص 548 الناشر دار الشعب
    (4) العلوم السياسية ج1 ص 180
    (5) القاموس السياسى ص 628/629
    (6) نظرية السيادة ص 15 د/صلاح الصاوى
    (7) تاريخ الفلسفة اليونانية ص 217/218 يوسف كرم
    (8) قصة الحضارة ج1 ص 171
    (9) انظر مذاهب فكرية معاصرة 214/215/216/217
    (10) انظر الحرية بين المبدا والتطبيق ص 41/42 – للرايت الفيكونت صموئيل ترجمة عبد الستار فوزى دون تاريخ ولا ناشر
    (11) انظر – النظرية السياسية الاسلامية فى حقوق الانسان الشرعية ص 42
    (12) القاموس السياسى ص 458
    (13) مذاهب فكرية معاصرة ص 193
    (14) العلوم السياسية ج 1 ص 207
    (15) العلوم السياسية ج 1 ص 207
    (16) نفسه ص 208 ج 2
    (17) مذاهب فكرية معاصرة ص 197
    (18) القاموس السياسى ص 458
    (19) مذاهب فكرية معاصرة 185/190
    (20) النظرية السياسية الاسلامية ص 42
    (21) انظر الحريات العامة فى الفكر الاسلامى ص 115 والعلوم السياسية ج1 ص 209
    (22) العلوم السياسية ج1 ص 209 وسوف نجد ان تلك العبارات من الناحية النظرية لدى معظم الدول التى تطبق الديمقراطية وسوف نعرض نماذج صارخة ان فى الولايات المتحدة او اوربا على تقييد تلك الحريات خاصة مع غير الاوربيين وذلك عند عرضنا للديمقراطية وواقعها فى العالم الغربى
    (23) الحريات العامة ص 115
    (24) نفسه ص 117
    (25) الاعلان العالمى لحقوق الانسان الصادر عن الامم المتحدة – ملحق بكتاب حوق الانسان فى الاسلام ص 677
    (26) الحريات العامة فى الفكر والنظام السياسى فى الاسلام ص 91/92/93/94/95/96
    (27) نفسه ص 97 – والواقع يؤيد كلام المؤلف فامريكا لا تسوى بين السود والبيض فى الوظائف وفرنسا تفرق بين الرجال والنساء فى التصرفات المالية فالزوجة الفرنسية تصرفاتها المالية موقوفة على اجازة زوجها ومن ثم فلا مساواة وروسيا فى عهد الشيوعى كان لاعضاء الحزب الشيوعى ماليس لغيرهم من الامتيازات حتى وان ادعى الاعلان العالمى لحقوق الانسان المساواة بين جميع افراد المجتمع فهى مساواة بين غير المتساوين اساسا فى القطرة والاستعدادت والمهارات – انظر الحريات العامة ص 99

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. رأيت يسوع للشيخ عرب كتاب الكتروني رائع
    بواسطة Adel Mohamed في المنتدى المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-28-2012, 04:00 PM
  2. إعلان: من ينصر ..حفظة كتاب الله في فلسطين..يادعاة التوحيد
    بواسطة معاذ بن محمد صوالحة في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-30-2009, 12:04 PM
  3. مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 03-14-2008, 09:37 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء