من علامات الخنفشاريين انبتات صلتهم بأقوال أهل العلم والفضل، فقولهم محدث مبتدع شاذ لا يجدون له سلفا من أهل العلم يقول به ولا عقلا راجحا يميل إليه ، فإذا ادعى الخنفشاري ما ادعاه تعالما وتشبعا بما لم يعط ، ثم كلف أن يذكر له موافقا من علماء الفن الراسخين في العلم وجد نفسه حائرا لا يريم ، ليس له إلا شناعة نفسه ، وتفرد عقله العفيك.
وشاهد ذلك تفصي هذا الخنفشاري عن جواب سؤال واضح لا يجهله سني ، وذهابه عن أصل السؤال إلى تفاريع يرجو أن يستتر بالتمحل فيها عن الانكشاف أمام منتظري جوابه ، ولكنى أنى له أن يأفِكهم عنه وهو قائم ينادي عليه بصوت يسمع الناس نعيره :
وانظر ذلك المعنى الصحيح من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وهو ما بتته عن بقية كلامه في رد اعتراض ابن رشد على الغزالي ، حيث يقول بعده بقليل :الموجود ليس من أسماء الله ، ولكن هل يصح الإخبار به عن الله إذا أريد به معنى صحيح ؟
فإن قلت أنه غير جائز فمن قال من أهل السنة بهذا القول ؟ الجواب إما أن تقول بالجواز ومن قال به ، أو تقول بالمنع ومن قال به من أهل السنة ، وما عدا هذا خنفشارية واضحة .
"قال أبو حامد هذا كقول القائل كل موجود يفتقر إلى موجد ولو قال إلى واجد لكان أقرب إلى مطابقة اللفظ.
وهذا صحيح فإن الموجود اسم مفعول من وجد يجد فهو واجد فإذا قال القائل : كل موجود يفتقر إلى واجد أو موجد نظرا إلى اللفظ كان كقوله كل مركب يفتقر إلى مركب نظرا إلى اللفظ ولكن لفظ الموجود إنما يراد به ما كان متحققا في نفسه لا يعني به ما وجده أو أوجده غيره كما أنهم يعنون بالمركب هنا ما كان متصفا بصفة قائمة به أو ما كان فيه معان متعددة وكثرة لا يعنون به ما ركبه غيره فالذي جرى لهؤلاء المغالطين في لفظ التأليف والتركيب كما جرى لأشباههم في لفظ التخصيص والتقدير فإن الباب واحد فليتفطن اللبيب لهذا فإنه يحل عنه شبهات كثيرة "
فإن تمحلت ثالثة ورابعة عن الجواب على هذا السؤال اليسير بذلك المعنى الصحيح ولم تجد من تستند إلى قوله من أهل السنة ، فلا عجب أن يقال فيك ما قيل ، وقد أكثرت الشواهد على خنفشاريتك من قبل ومن بعد .
Bookmarks