ما زلتم تدورون حول هذه المادة المظلمة وكأنما الدوران قد أصبح في هذا المقام شعيرة.اقتباس من ناصر التوحيد: نحن تحدث عن دور هذه المادة الداكنة في ترابط الكون
موضوعنا لم يكن دورها في ترابط الكون. موضوعنا الأصلي هل للآية المذكورة آنفا علاقة بمسألة تمدد الكون. ومن ثم تفرع النقاش للمادة المظلمة فسألت إن كانت هي المقصودة بالسماء ؟
والحقيقة أنه لم يرد في القرآن مفردة أو عبارة تشير بوضوح إلى الكون كنظام متكامل وتشير إلى التفاعلات بين مكوناته. فهو يشير إلى أجزاء مختلفة وكأنما لا علاقات مادية بينها كالأرض والسماء والنجوم التي ما هي إلا زينة للسماء ورجوماً للشياطين!
اكتشفت مؤخراً في بريدي رسائل قديمة من موقع الأعجاز العلمي في القرآن تحتوي إحداها على مقال كتبه عبدالدائم كحيل حول المادة المظلمة (وأعتقد أنكم اعتمدتم عليه في مداخلاتكم). في المقال يتحدث الكاتب بأسلوب يؤكد بأن المادة المظلمة هي السماء، فهو يقول مثلاً " نلاحظ أن القرآن قد سبق هؤلاء العلماء إلى الحديث عن هذه المادة وقد سماها القرآن بالسماء!! نعم أيها الإخوة والأخوات: فجميع الدلائل تؤكد أن ما يتحدث عنه العلماء اليوم ويحاولون اكتشافه هو السماء التي حدثنا عنها القرآن في مئات الآيات. ". ولكن قبل أن ينهي المقال يقول " وهنا عزيزي القارئ يمكن أن نصل إلى نتيجة وهي أن السماء من الممكن أن تكون مزيجاً من المادة المظلمة والطاقة المظلمة، والله أعلم "
هذا ما يستنتج أخيراً " من الممكن أن ....". تبخر المؤكد وتبقى الاحتمالي. فالأعجاز العلمي هنا هو مجرد احتمال.
ثم يقول في نهاية المقال " نسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبل منا هذا العمل، وإن كان صحيحاً فبحمد من الله وفضل منه، وإن كان فيه خطأ أو زلل، فإنما من أنفسنا وما هذه الأبحاث إلا اجتهادات قد تصيب وقد تخطئ،" وكيف للقارئ أن يعلم " إن كان صحيحاً.... وإن كان فيه خطأ"! أهذا عمل علمي يضيف معرفة جديدة لذهن القراء أم تأويلات تخلق تشويشا؟
لا أعتقد أن مثل هذه الأعمال يمكن أن توصف بالأبحاث العلمية فهي مجرد إسقاطات للفهم العصري على نصوص عمومية بل غامضة الصياغة
الآية " فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ" إذا انتزعتها من سياقها فإمكانك أن تسقط عليها ما يخطر لك على بال من المعاني. وفي نهاية الأمر تبقى المسألة مجرد إسقاط لفهمنا المعاصر على نص قديم وعام الصياغة.أكبّر لك اياها كي تشوفها كويّس :
فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ
ولكن لو أعدت قراءتها في سياقها فسوف تلاحظ أنه قبل هذه الجملة كان هناك سرد لأحداث يقول القرآن بأنها ستقع عند قيام الساعة يليها أحداث ستقع بعد الحساب. ولكي يؤكد وقوع هذه الأحداث الغيبية أقسم بما يبصرون وما لا يبصرون. فما لا يبصرون من الأولى أن تكون راجعة لهذه الأحداث الغيبية. كما يمكن أن يكون المقصود بها تلك المخلوقات التي سبق ذكرها في العديد من الآيات كالجن والملائكة والشياطين. فليس في السياق قرينة ترجح أن المقصود هو أي من مكونات النظام الكوني.
ألم تلاحظ أن الوسائل التي تستخدمها لدعم رأيك لا تنسجم مع بعضها؟ ففي مداخلتك السابقة استخدمت الآية " أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ" والآن تستخدم " فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ "
Bookmarks