ولكن علماءنا لا بواكي لهم ـ أسامة حافظالمصدر
أسامة حافظ : بتاريخ 20 - 6 - 2008
منذ بضع سنوات انتشرت اسطوانة مدمجة لقس مشلوح يمارس الجنس مع بعض النسوة في تفاصيل كثيرة مقززة..عثر أحد الصحفيين علي هذه الاسطوانة فظن أنه وقع علي سبق صحفي مثير فقام بنشره في جريدته علي ثلاث صفحات وتحت عناوين مثيرة أثارت ضجة كبيرة في الرأي العام ساعتئذ.
خرج النصارى يومها في مظاهرات حاشدة في الكاتدرائية ـ لم نفهم ساعتها لماذا ؟! ـ وانهالت الصحف في حملة لم نشاهد لها مثيلاً تهاجم الصحفي المذكور وصحيفته الصفراء ـ وكلها صفراء ـ علي خلفية المحافظة علي الآداب العامة!! وضرورة احترام وتوقير رجال الدين ـ هم بالطبع يقصدون رجال الدين المسيحي فقط ـ.
وهكذا لم تمض سوي أيام حتى قبض علي الصحفي حيث حقق معه وسيق إلي المحاكمة بتهمة لا نعلمها .. وعلي عجل حوكم بموجب قانون لا نذكره وسرعان ما حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات لم يقض منها سوي أسابيع ثم قرأنا نعيه في الصحف .
وهكذا دفع الصحفي المسكين حياته ومن قبلها حريته ثمناً لاجترائه علي فضح قس مشلوح رغم أن كل ما نشره عنه كان صحيحاً قد حدث فعلاً وثبت بكل طرق الإثبات المعروفة .
تذكرت هذه الحادثة وأنا أتابع ما حدث مع الشيخ خالد الجندي ..وهو عالم أزهري غني عن التعريف .. قد تتفق أو تختلف معه ولكن لا تستطيع أن تنكر أنه داعية متميز محبوب له كثير من المحبين والمريدين .
ففي الفترة السابقة حل الشيخ ضيفاً أسبوعياً علي أحد البرامج التليفزيونية الشهيرة فراجت تلك الفقرة في البرنامج وزادت جماهيرية البرنامج زيادة ظاهرة.
ولأن الشيخ الأزهري داعية محترف شديد اللباقة حاضر الذهن لم يستطع شانئوه ـ وما أكثرهم ـ أن يتصيدوا من كلامه ما يجعلونه سبيلاً للنيل منه والهجوم عليه وإن ظلوا يتربصون به .. حتى كانت هذه الحادثة الأخيرة .
وخلاصة هذه القصة أن امرأة ـ قيل أنها مريضة نفسياً ـ انتظرت الشيخ أمام مبني التلفزيون أثناء خروجه من برنامجه الشهير وفاجأته بلكمة شديدة في وجهه حطمت نظارته وكادت تذهب بعينه وهي تهذي ببضع كلمات لم يفهم الحاضرون منها شيئاً .
أمسك أمن التلفزيون بالمرأة وانصرف الشيخ منتظراً نتيجة التحقيق فإذا يفاجأ أنهم تركوها حتى لم يسألوها عن اسمها وسبب فعلها ـ وإن كانت القصة تكشفت بعد ذلك ـ .
وعلي الفور وقبل أن تتضح القصة وتعرف المرأة بدأت الصحف حملتها علي الشيخ المعتدي عليه سواء بالتنقيب في حياته الخاصة والبحث عما يمكن أن ينقلوه مشوهاً أو مسيئاً إليه أو بفبركة القصص وتأليفها متهمة الشيخ بما ليس فيه.
بل إن أحدي الصحف سارعت في اليوم التالي للحادثة لتنشر أنه قد تم وقف البرنامج ـ وهو ما ثبت عدم صحته ـ وأنه جاري التحقيق معه ـ وهو المجني عليه ـ لأن الشيخ أساء إلي سمعة التلفزيون !!!! تصور .. هو قال ذلك .
ولعل الصحفي الهمام مع خبرته الطويلة في خلفيات مثل هذه الأحداث والمواقف ظن أن الحادثة مدبرة لإلغاء البرنامج وتشويه سمعة الشيخ فسارع ليحقق سبقاً صحفياً بنشره قبل أن يتم ـ وقد خيب الله ظنه ـ .
وهكذا تدافعت الصحف العلمانية تشهر به وشاركتها في ذلك بعض الصحف المسماة بالقومية وتكاثرت القصص حول الشيخ وتوسعت حتى نالت من عامة الشيوخ ثم من الدين والإسلام.
أخذت أقارن بين الحدثين فرأيت فيها عدة دلالات هامة أحببت أن أشير إليها.
الأولي: أن أعراض شيوخنا وعلمائنا صارت كلأً مستباحاً لكل من هب ودب من الأرزقية من مدعي الكتابة وصار أي حدث قل أو كثر سبباً للهجوم علي الشيوخ وعلي الدين.
بل وكثيراً ما تخترع الأحداث وتلفق أو تُأول علي غير وجهها ليكون ذلك سبيلهم لذلك الهجوم إمعاناً في إضعاف مكانة المشايخ في النفوس واتخاذهم ذلك وسيلة لهدم الدين والالتزام به في قلوب المؤمنين.
الثانية: أن أحداً لا يستطيع أن يقف في وجه تيار الهجوم هذا أولاً لأن هؤلاء العلمانيين يسيطرون علي وسائل الإعلام والتوجيه فلا يسمحون بالرد أو الدفاع وثانياً لأن من يفعل ذلك يعرض نفسه وعرضه لألسنتهم وأقلامهم التي لا ترقب في مؤمن إلاً ولا ذمة .
الثالثة: أن هذا السبيل في التعامل مع رجال الدين موجه لرجال الدين الإسلامي فقط .. وأن هذا الهجوم علي الدين موجه فقط للإسلام .. وإلا فإنه لا يجرؤ أحد علي أن يفعل ذلك بالمسيحيين ولا بقسسهم وإلا كان مصيره كمصير الصحفي المسكين الذي لاقي حتفه في السجن سواء كان ما ينشر حقيقة أو من مفبركات الصحيفة .
الرابعة: أن الدولة تتعامل مع رجال الدين المسلمين بصورة مخالفة لتعاملها مع القسس.. ففي الوقت الذي تركت الحبل علي الغارب لكل من هب ودب ليتطاول ويسخر من علمائنا ويسقط من هيبتهم بين الناس.. ضربت بيد من حديد علي من تجرأ وتعرض لرجل دين نصراني وإن كان مشلوحا ً حفاظاً علي ما سموه الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي .. وأن الضغوط التي تعاني منها مؤسسات الدولة جعلت لرجال الدين النصارى قدسية فوق النقد بينما صارت أعراض علمائنا نهباً مستباحاً .
الخامسة : ومع اعتذارنا الشديد إن نقرن اسم العالم الأزهري الداعية خالد الجندي باسم القسيس المشلوح إلا أننا أردنا إبراز المعني بما يسمونه تقابل الأضداد " وبضدها تتميز الأشياء " ففي الوقت الذي نكلوا بالصحفي الذي فضح الفساد في ذلك القسيس المشلوح تركوا الحبل علي غاربه للذين يتطاولون علي أهل العلم والدين من علمائنا.
وأنه لمن أشد ما يؤلم في بلادنا ألا تقف مؤسسات بلد الأزهر لحماية علمائه والدفاع عنهم .. وأن يقف الأزهر مكتوف اليدين عن دعم أبنائه وحمايتهم .. في الوقت الذي تقف الكنيسة بحسم ضد كل من يتعرض بالحق أو بالباطل لقس وإن كان مشلوحاً وتضغط علي مؤسسات الدولة لفرض الحماية عليهم .
"أنقول إن ديننا وعلماءنا لا بواكي لهم"
Bookmarks