هل انتشر الاسلام بالسيف؟
الحمد لله الذي ارسل رسوله بالسيف بين يدي الساعة ليخرج الناس من الظلمات الى النور وبعد:
1- أهداف الفاتحين
"الله ابتعثنا لنحرج من شاء من عبادة العباد الى عبادة الله عز وجل و حدة ومن جور الاديان الى عدل الاسلام ومن ضيق الدنيا الى سعة الدنيا و الاخرة"
كلمات عظيمات واضحات بينات صدع بها ربعي بن عامر في وجه عظيم فارس ، صارت منارا لكل مجاهد بعده و بيانا لهدف الجهاد.
ان الله قد بعثنا لازالة كل طاغوت على وجه يستعبد الناس، سواءا كان هذا الطاغوت حجرا أو بشرا او فكرة او خمرا، ثم بعد ذلك يهدي الله من يشاء ،هو لا نحن، فليس الجهاد لاكراه الناس على الاسلام ف(لا اكراه في الدين) و لكن المسلم " يقاتل في سبيل الله , لا ليكره الناس على عقيدته هذه وعلى تصوره ; ولكن ليتبين الرشد من الغي . وتنتفي عوامل الفتنة والضلالة . ثم ليكن من أمر الناس بعد ذلك ما يكون:(لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي . فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها , والله سميع عليم)"(في ظلال القران).
2- منزلة هذا النوع من الجهاد في الاسلام:
وهذا النوع من الجهاد شانه عظيم عند الله عز وجل:
قال ابن القيم في كتابه الفروسية " وجهاد الطلب وهو طلب العدو في دياره لا يقدم عليه إلا سادات المؤمنين " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (فإذا كان ابتداء , فهو فرض على الكفاية , إذا قام به البعض سقط الفرض عن الباقين , وكان الفضل لمن قام به كما قال الله تعالى { لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون في سبيل الله }) (الفتاوى 28/359) .
وقال الإمام ابن حزم في المحلي (7/291) ( والجهاد فرض عين على المسلمين فإذا قام به من يدافع العدو ويغزوهم في عقر دارهم ويحمي ثغور المسلمين سقط فرضه عن الباقين , وإلا فلا ) (النصوص الثلاثة اعلاه منقولة من صهيل الجياد)
3- مقارنة
قال تعالى" وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75) الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76)" سورة النساء.
"والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت , لتحقيق مناهج شتى - غير منهج الله - وإقرار شرائع شتى - غير شريعة الله - وإقامة قيم شتى - غير التي أذن بها الله - ونصب موازين شتى غير ميزان الله !
ويقف الذين آمنوا مستندين الى ولاية الله وحمايته ورعايته .
ويقف الذين كفروا مستندين إلى ولاية الشيطان بشتى راياتهم , وشتى مناهجهم , وشتى شرائعهم , وشتى طرائقهم , وشتى قيمهم , وشتى موازينهم . . فكلهم أولياء الشيطان .
ويأمر الله الذين أمنوا أن يقاتلوا أولياء الشيطان ; ولا يخشوا مكرهم ولا مكر الشيطان:
فقاتلوا أولياء الشيطان , إن كيد الشيطان كان ضعيفًا .
وهكذا يقف المسلمون على أرض صلبة , مسندين ظهورهم إلى ركن شديد . مقتنعي الوجدان بأنهم يخوضون معركة لله , ليس لأنفسهم منها نصيب , ولا لذواتهم منها حظ . وليست لقومهم , ولا لجنسهم , ولا لقرابتهم وعشيرتهم منها شيء . . إنما هي لله وحده , ولمنهجه وشريعته . وأنهم يواجهون قوما أهل باطل ; يقاتلون لتغليب الباطل على الحق . لأنهم يقاتلون لتغليب مناهج البشر الجاهلية - وكل مناهج البشر جاهلية - على شريعة منهج الله ; ولتغليب شرائع البشر الجاهلية - وكل شرائع البشر جاهلية - على الله ; ولتغليب ظلم البشر - وكل حكم للبشر من دون الله ظلم - على عدل الله , الذي هم مأمورون أن يحكموا به بين الناس . . كذلك يخوضون المعركة , وهم يوقنون أن الله وليهم فيها . وأنهم يواجهون قوما , الشيطان وليهم فهم إذن ضعاف . .إن كيد الشيطان كان ضعيفا . . "(الظلال)
فمن لم يسمع بدعوة السلام عرضنا عليه دعوتنا فان ابى رضينا منه الدخول تحت طاعتنا ودفع الجزية وهذا أمر مهم يذل الطواغيت ويفتح اعين الشعوب لمعرفة هذا الدين الذي اذل طاغوتهم فان أبوا قاتلناهم حتى تكون كلمة الله هي العليا و كلمة الطاغوت هي السفلى، فان تمكنا منهم و استقرت الارض بيد أهل الاسلام تركنا الناس يحتارون عقيدتهم من غير اكراه و لكن النظام كله قد تغير و البيئة قد تغيرت فقد صارت نقية اسلامية يستطيع فيها الكافر ان يميز بين الحق و الباطل.
4-موجز تاريخي مبسط
ويذكر ابن كثير موجزا لطيفا لتاريخ الجهاد فيقول:" يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين"
أمر اللّه تعالى المؤمنين أن يقاتلوا الكفار الأقرب فالأقرب إلى حوزة الإسلام، ولهذا بدأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بقتال المشركين في جزيرة العرب، فلما فرغ منهم وفتح اللّه عليه مكة والمدينة والطائف وغير ذلك من أقاليم جزيرة العرب، ودخل الناس من سائر أحياء العرب في دين اللّه أفواجاً شرع في قتال أهل الكتاب، فتجهز لغزو الروم لأنهم أهل الكتاب، فبلغ تبوك، ثم رجع لأجل جهد الناس وجدب البلاد وضيق الحال، وذلك سنة تسع من هجرته عليه السلام. ثم اشتغل في السنة العاشرة بحجة الوداع، ثم عاجلته المنية صلوات اللّه وسلامه عليه بعد حجته بأحد وثمانين يوماً، فاختاره اللّه لما عنده، وقام بالأمر بعده وزيره وخليفته أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه، فأدى عن الرسول ما حمله، ثم شرع في تجهيز الجيوش الإسلامية إلى الروم عبدة الصلبان، وإلى الفُرس عبدة النيران، ففتح اللّه ببركة سفارته البلاد، وأرغم أنف كسرى وقيصر ومن أطاعهما من العباد، وأنفق كنوزهما في سبيل اللّه، كما أخبر بذلك رسول اللّه، وكان تمام الأمر على يدي وصيه من بعده، وولي عهده الفاروق عمر بن الخطاب، رضي اللّه عنه، فأرغم اللّه به أنوف الكفرة الملحدين، واستولى على الممالك شرقاً وغرباً، ثم لما مات أجمع الصحابة من المهاجرين والأنصار على خلافة عثمان بن عفان رضي اللّه عنه شهيد الدار، فكسى الإسلام حلة سابغة، وأمدت في سائر الأقاليم على رقاب العباد حجة اللّه البالغة فظهر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها. وعلت كلمة اللّه وظهر دينه، وبلغت الملة الحنيفة من أعداء اللّه غاية مآربها، وكلما علوا أمة انتقلوا إلى من بعدهم ثم الذين يلونهم من العتاة الفجار امتثالاً لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار}.(تفسير ابن كثير-سورة التوبة: 123 )
ولما ضعف المسلمون كر عليهم الكفار فاخذوا من ايديهم الاندلس و غيرها فماذا كان الحال؟
استعبد الكفار اهل تلك الارض من جديد و اظهروا الفساد و واجبروهم على ترك دينهم وما محاكم التفتيش منا ببعيد فقد أجبر المسلمون على اعتناق النصرانية و تغيير اسمائهم و استبيحت مساجدهم وحولت الى كنائس في الوقت الذي كان فيه النصارى يتمتعون بالامن و الامان في ربوع دولة الاسلام في الشرق و الغرب. يقول المقري: "وكان الإفرنج ـ لعنهم الله ـ لما استولوا على أهل المدينة يفتضون البِكر بحضرة أبيها، والثيب بعين زوجها وأهلها، وجرى في هذه الأحوال ما لم يشهد المسلمون مثله قط". [نفح الطيب (4/450)].
ويقول ابن عذاري: "وجد الطاغية في حرق من خرج من المدينة إلى الحملة، فهان على الناس الإحراق بالنار، فعيث بهم بالقتل، وعلقت جثثهم في صوامع الأرباض وبواسق الأشجار". [البيان المغرب (4/38)].
ولما دخل النصارى مدينة مرسية بالصلح عام (664هـ) صنعوا فيها الأفاعيل، يقول ابن عذاري متحدثاً عن أهلها: "وخرجوا منها بأمان إلى الرشاقة، فسكنوا بها مدة في عشرة أعوام إلى أن كان من أمرهم ما كان، حين أخرجوهم سنة ثلاث وسبعين وغدروهم في الطريق أجمعين، وذلك بموضع يعرف بوركال، فسبوا النساء والأطفال، وقتلوا جميع الرجال، وقد كانوا أخرجوهم بالأمان دون سلاح، فتحكّموا فيهم كيف شاؤوا بالسيوف والرماح". [البيان المغرب (3/438)].
والحديث عن شنائع هؤلاء يطول، و يكفينا ما نراه من أحفادهم اليوم.
ومع هذا الضعف و الانهزام الا ان قوافل الدعاة فتحت اندونيسيا وماليزيا و اجزاء كبيرة من الهند من غير قتال، الامر الذي أثار توينبي و غيره من مؤرخي الغرب و عجبوا منه، وما ذاك الا لقوة هذه العقيدة و صفائها ووضوحها.
واليوم نشهد أسوأ مجازر التاريخ ترتكب في فلسطين و العراق و افغانستان و الشيشان و أندونوسيا و الصين الشرقية و غيرها من ارض الاسلام وهذا ديدن الطواغيت على مر الزمن لا يرضون باقل من تعبيد الناس لهم و سلب خيرات ارضهم ونشر ثقافتهم الفاجرة التي تعمي و تصم.
Bookmarks