هل كان للأقباط دور تاريخي في مقاومة المحتل؟
حملات صليبية.. فرنسي.. بريطاني
[الكاتب: هاني السباعي]
الأقباط واستعراض القوة:
التظاهرة غير المبررة والمفتعلة التي قامت في الكاتدرائية القبطية في القاهرة بزعم خطف زوجة القسيس الذي تبين بعدها أن السيدة وفاء قسطنطين لم تخطف وأنها أسلمت سراً منذ سنوات وحفظت 17 جزءاً من القرآن الكريم ثم قررت أن تعلن إسلامها وتركت منزل الزوجية الذي انفسخ بحكم إسلامها.. فإذا بقيامة الأقباط قد قامت وغرهم انشغال الشعب المصري المسلم بما يعانيه من قهر وظلم وتضييق في حريته ورزقه.. غرهم تحريض أقباط المهجر وخفافيش البنتاجون.. واستمروا في العصيان لكن الملفت للانتباه أن هذه التظاهرة قوبلت كسابقتها (تظاهرة القس المشلوح الذي نشرت له صور خليعة) قوبلت التظاهرة من رجال الأمن بصبر منقطع النظير وغير معهود على هؤلاء الأشاوس الذين يتعاملون مع مثل هذه الأحداث رغم استفزاز المتظاهرين لقوات الأمن والحكومة وترديد شعارات معادية للإسلام وأهل البلد والحكومة نفسها حتى وصل الأمر إلى إصابة أكثر من أربعين من ضباط وجنود الشرطة مما اضطرهم للقبض على بعض هؤلاء المتظاهرين.. والعجيب أن الكنيسة انتفضت فجأة وكأن شعارهم (يا لثارات الأقباط).
ثم إننا نجد أنفسنا أمام هذا الاستعراض الطائفي مسلطين الضوء على الحقائق التالية:
أولاً: هذه تظاهرة لاستعراض القوة ومحاولة لابتزاز الحكومة التي دأبت على تدليل الأقلية القبطية والرضوخ لمطالبهم المتعسفة التي يفتقدها الشعب المسلم في مصر، بل يطالب عدد كبير من المسلمين أن تعاملهم الحكومة مثلما تعامل الأقلية المسيحية حيث كل أنواع القمع والتضييق على المسلمين سواء في الفصل من الوظائف الحكومية والتربوية وإحالة العديد من المدرسين إلى وظائف إدارية، والطرد من المؤسسة العسكرية أو جهاز الشرطة أو الأجهزة الإدارية الحساسة وغير الحساسة في الدولة لكل من يشتبه أن له قريباً كان ذات يوم معتقلاً سياسياً أو يشتبه بأن هذا القريب كانت له صلة بالجماعات الإسلامية، بالإضافة إلى حملة حكومية منظمة بغية تجفيف المنابع الإسلامية سواء في برامج الإعلام أو المناهج التعليمية.
ثانياً: اعتقاد بعض رجال الكنيسة المصرية أن ظهرهم محمي وأن وراءهم الغرب المسيحي وعلى رأسهم أمريكا؛ هذا الاعتقاد قد أدى إلى افتعال أحداث والمبالغة فيها بغية التزلف للغرب المعادي للإسلام كحادثة الكشح عام 2000م، وحادثة القس المشلوح بدير المحرق بأسيوط؛ صاحب الصور الخليعة عام 2001م، ثم حادثة السيدة وفاء قسطنطين عام 2004م التي أسلمت وأجبرت على العودة إلى الكنيسة مما يتصادم مع النظام العام في مصر هو الإسلام.. ومن ثم الضغط على الحكومة بزعم أن الأقباط في مصر مضطهدون من قبل المسلمين وأن الحكومة تشجعهم.
ثالثاً: انشغال الحكومة في مطاردة وملاحقة الإسلاميين (60 ألف معتقل مسلم لا يوجد بينهم نصراني) عبر سلسلة المحاكمات العسكرية وتأميم النقابات المهنية وفرض الحراسات عليها والاعتقال طويل الأمد ومحاربة روح التدين، والسخرية من الهدي الظاهر لدى المتدينين المسلمين كالنقاب واللحية وتسخير كافة الأجهزة الأمنية لمحاربة الإسلاميين تحت شعار محاربة (الإرهاب)، وأحداث سبتمبر 2001م وجنون أميركا، واحتلالها العراق 2003م؛ كل ذلك شجع زعماء الكنيسة المصرية أن تدبر بليل تلكم التظاهرات وهي مطمئنة من عدم ملاحقة قوات الأمن لأتباعها لأن ظهرهم محمي جداً من أميركا وأوروبا.
رابعاً: ارتفاع منحنى حماس الأقلية النصرانية في مصر بعد اعتراف الغرب بتيمور الشرقية للأقلية المسيحية وإجبار أندونسيا على الاعتراف بهذا الانفصال عن الدولة الأم.. ونود أن نهمس في أذن الأقباط أن مصر الإسلامية التي افتتحها عمرو بن العاص والزبير بن العوام وعبادة بن الصامت وكل هؤلاء الأخيار لا ولن تكون قبطية مرة أخرى، ولن يعود التاريخ كما يحلم الواهمون.
النقطة الأولى: تمرد الأقباط المسلح تاريخياً [1]:
بعد هذه التقدمة نود أن نلقي الضوء على جانب من تمرد الأقباط ونقضهم عقد الذمة منذ الفتح الإسلامي سنة 20هـ، رغم تعامل ولاة المسلمين معهم بكل تسامح، فكانوا يتظاهرون ويعلنون العصيان المسلح على الدولة ويقتلون عمال الحكومة ويتصلون بدولة الروم ثم يتصدى الحكام لهم بإرسال من يطالبهم بفض العصيان في مقابل العفو عنهم إلا أنهم في الغالب يتعنتون ويصرون على التمرد بزعم أن دولة الروم قد تساعدهم غير أن حساباتهم كانت على الدوام خاطئة فسرعان ما ينتصر عليهم جيش المسلمين ثم يعفو عنهم الخليفة أو الوالي ويجددون له الولاء والطاعة والالتزام بنود عقد الذمة المنصوص عليه في اتفاقيتي بابليون الأولى (الخاصة بأهل مصر قبل فتح الإسكندرية) سنة 20هـ وبابليون الثانية (الخاصة بأهل الإسكندرية) سنة 20هـ أيضاً، لكنهم يعودون مرة أخرى لعصيانهم متذرعين بأحداث لا تتناسب وحجم عصيانهم المسلح.. وهذا ما سنمر عليه سريعاً عبر هذه المحطات التاريخية السريعة التالية:
الأول: في ولاية عبد العزيز بن مروان (65 - 86هـ) علي مصر قام بطريك الكنيسة المصرية بالاتصال بملكي الحبشة والنوبة للتآمر على الدولة الإسلامية.
الثاني: تمردهم على الخليفة الأموي مروان بن محمد بعد أن تبين أنه مطارد من قبل العباسيين وتآمروا على قتله سنة 132هـ.
الثالث: استغلوا الفتنة التي قامت بين الأمين والمأمون فأعلنوا عصيانهم بقيادة قساوستهم ورهبانهم في وجه بحري.
الرابع: وفي عهد الوالي عبد الله بن عبد الملك بن مروان (86 - 90هـ) قامت حركة تمرد ضد الدولة بقيادة قساوسة وادي النطرون وبطرك الكنيسة القبطية في الإسكندرية وتم إخماد المؤامرة.
الخامس: في عهد والي مصر قرة بن شريك (90 - 96هـ) تمرد النصارى وظل يطاردهم قرة بن شريك حتى توفي وجاء بعهده أسامة بن زيد التنوخي واستطاع اخماد الفتن.
السادس: وفي عهد الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز (99 - 101هـ) ورغم تسامحه إلا أنهم كانوا يتآمرون سراً على الدولة الإسلامية.
السابع: في عهد الخليفة الأموي يزيد بن عبد الملك (101 - 105هـ) تآمر النصارى وتمردوا على الحكومة مما جعل الخليفة يرسل جيشاً لقمع تمردهم ولذلك فإنهم يكرهونه جداً ويصفونه بالشيطان.
الثامن: وفي عهد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك (105 - 125هـ) فرغم تعامله مع نصارى مصر بالتسامح إلا أنهم تمردوا وتم قمع تمردهم.
أقول: لكن هذه الحركات المناوئة للدولة وإعلان العصيان لم تكن كبيرة بالمقارنة لما سيحدث بعد ذلك.
التاسع: في عهد هشام بن عبد الملك (106 - 126هـ) تحديداً في سنة 121هـ أعلن أقباط الصعيد عصيانهم وعدم التزامهم باتفاقية بابليون الأولى والثانية وقاتلوا عمال الحكومة، وكان والي مصر في ذلك الوقت حنظلة بن صفوان (119 - 124هـ) فأرسل لهم جيشاً لقتالهم فانتصر عليهم وقضى على فتنتهم.
العاشر: لم تهدأ حركة عصيان النصارى رغم تعامل الحكومات الإسلامية بالحسنى وبالشروط التي قبلوها والتزموا بها منذ الفتح الأول لمصر سنة 20هـ. وفي ذلك الوقت أي في سنة 132هـ تمرد رجل نصراني من (سمنود) اسمه (يحنس) وجمع حوله مجموعة كبيرة من النصارى المسلحين لكن والي مصر عبد الملك بن موسى بن نصير أرسل جيشاً لمحاربته فانتصر عليهم وقتل يحنس.
حادي عشر: وفي عهد مروان بن محمد (129 - 132هـ) آخر الخلفاء الأمويين أعلن القبط بمدينة رشيد عصيانهم فأرسل جيشاً فقضى على تمردهم. وفي عهد هذا الخليفة أيضاً أثناء هروبه من العباسيين تمرد أهل (البشرود) واستغلوا فرصة انشغاله بحربه مع العباسيين فتآمروا عليه وكانوا سبباً في قتله سنة 132هـ لذلك كافأهم العباسيون في أول عهدهم.
ثاني عشر: وفي عهد الخليفة العباسي أبو العباس السفاح (132 - 137هـ) تمرد الأقباط في مدينة (سمنود) بزعامة شخص يدعى (أبو مينا) فبعث إليهم أبو عون والي مصر (133 - 136هـ) جيشاً لمحاربتهم فهزموا وقتل زعيمهم (أبو مينا).
ثالث عشر: ثم ما لبث الأقباط أن أعلنوا عصيانهم في مدينة (سخا) 150هـ إبان ولاية يزيد بن حاتم بن قبيصة على مصر (144 - 152هـ) واتسع التمرد فانضم إليهم أقباط (البشرود) وبعض مناطق الوجه البحري فقويت شوكتهم بعد أن هزم الجيش الذي أرسله الوالي والذي شجعهم على ذلك أنهم كانوا على اتصل بالكنيسة البيزنطية من خلال الجواسيس الذين ينزلون الإسكندرية ومحافظات الوجه البحري على هيئة تجار فكانوا يحرضونهم على التمرد والعصيان على دولة الخلافة. لذلك نجدهم يجاهرون بعدائهم ويجمعون أعداداً كبيرة من الأقباط سنة 156هـ في ولاية موسى بن علي اللخمي (155 - 161هـ) فأرسل لهم جيشاً فهزمهم.
Bookmarks