النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: فلسفة العقوبات في المدرسة الإسلامية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي فلسفة العقوبات في المدرسة الإسلامية

    لاشك ان فكرة (العقوبة) تستخدم في معان مختلفة ، فقد تعاقب الدولة الجاني على ارتكابه الجناية وقد يعاقب الاب ابنه عقاباً تأديبياً وقد يعاقب البطل الرياضي خصمه على حلبة الصراع . الا ان الفرق بين هذه الانواع من العقوبات يشابه الفرق ما بين الحقيقة والمجاز ، لان العقوبة الحقيقية لها صفات وخصائص متميزة تختلف عن مفردات السلوك الابوي او الرياضي . ولعل اهم صفات العقوبة الحقيقية هي انها يجب ان تجلب على المعاقَب وضعاً بغيضاً بالفرض . ومن الواضح ، فاننا عندما نتحدث عن فلسفة (العقوبة) في الإسلام ، فاننا نتحدث عن العقوبة بمعناها الحقيقي لا العقوبة المجازية التي ينفذها الاب تجاه ولده او الرياضي تجاه خصمه .

    فلسفة العقوبة:

    ان الاهتمام الفلسفي بفكرة (العقوبة) نبعَ اساساً من تفتيش الفلاسفة عن تبرير اخلاقي لتلك العملية الاكراهية . فعرضوا السؤال التالي: هل يجوز اخلاقياً انزال الاذى والحرمان بفرد آخر ارتكب جرماً معيناً؟ وبصيغة اخرى كيف نبرر اخلاقياً انزال عقوبة جسدية او معنوية بفرد كان قد ارتكب جناية قد انقضت واسدل عليها الستار ؟ وهل هناك مبرر اخلاقي بانزال العقاب باحد الجناة بدعوى ان تلك العقوبة ستكون وسيلة من وسائل ردع الآخرين عن ارتكاب جنايات مماثلة في المستقبل ، فيكون الجاني ضحية اخرى من ضحايا العقاب ؟ وهل يمكن تبرير العقوبة اذا كانت للفرد نية للقيام بارتكاب جناية في المستقبل ؟ ولو افترضنا جدلاً ان الجناة يجب ان يعاقبوا ، فمن الذي يمتلك الحق في تشخيص حجم وشدة تلك العقوبة ؟ ان الاجوبة على هذه الاسئلة ستتوضح تدريجياً عندما نتعرض بالنقد للمدارس الفلسفية العالمية حول فكرة (العقوبة) .

    العقوبة والمدرستان (الجزائية) و(النفعية):

    وتتلخص فلسفة (العقوبة) التي يحمل همها اغلب الفلاسفة المعاصرون بفكرة تحاول التقريب بين مبدئين او مدرستين متعارضتين هما :
    الاولى : ان الجاني يجب ان يعاقب على جنايته مهما كانت الظروف وتسمى بالمدرسة (الجزائية) . والثانية : انه من الخطأ ـ اخلاقياً ـ انزال المعاناة (او العقوبة) بفرد ما حتى لو كان جانياً ، وتسمى بالمدرسة (النفعية) . فالمدرسة الفلسفية التي تبرر (العقوبة) النازلة بالجاني تزعم بان الجاني يجب ان يعاقب بغض النظر عن التفتيش عن اي تبرير مقنع لاخلاقية العقوبة ، حتى لو كانت تلك العقوبة منبثقة عن مؤسسة اجتماعية خاصة لانزال الاذى والحرمان المتعمد بالفرد الذي ارتكب الجناية . الا ان هذا التفكير هو الذي اثار الاسئلة الفلسفية المتعلقة بتبرير الاحكام الجزائية ودور الافراد في صياغتها . علماً بان الفرد ـ حتى لو كان عالماً بالقضاء واساليب حل الخصومات بين الافراد ـ لايستطيع اخلاقياً ان يضع مجموعة من الاحكام الجزائية التي تنزل الاذى والحرمان ببقية الافراد ، بل وحتى لو افترضنا ان هؤلاء الافراد ارتكبوا مخالفات جنائية ضد النظام الاجتماعي . وهذا الرأي يعكس افكار المدرسة الفلسفية التي تؤمن بالمذهب النفعي .

    وهاتان المدرستان الغربيتان (الجزائية) و(النفعية) سيطرتا لمدة طويلة على الحقل الفلسفي المتعلق بنظام العقوبات . فالمدرسة (الجزائية) اكدت على فكرتي (الذنب) و(العقوبة التي يستحقها المذنب) ، وادعت بان النظر الى الوراء لملاحظة الجريمة او الجناية هو الذي يبرر العقوبة ، وانكرت ان تكون للعقوبة منفعة ذاتية لاي طرف من الاطراف المتنازعة . الا ان المدرسة (النفعية) لم تؤمن بهذا التبرير ، بل زعمت بان العقوبة يمكن تبريرها فقط اذا كانت الآثار الايجابية المتولدة عنها تفوق الآثار السلبية الناجمة عن انزال المعاناة والاذى بانسان آخر ، وهو الجاني .

    المدرسة (الجزائية) الغربية:

    وقد كان من اعمدة المدرسة الجزائية الغربية فلاسفة ثلاثة هم: (عمانوئيل كانط)، و(اي. سي. اوينك) ، و(جي. دبليو. هيغل) ، الذين زعموا بان العقوبة ما هي الا عملية اخلاقية بذاتها . فـ (كانط) يصّر على ان العقوبة يجب ان تكون متطابقة مع الجناية المرتكبة . فالمذنب يجب ان يعاني من ذنبه ، والنظام الاخلاقي والعدالة الجنائية تتطلبان لوناً من الوان العقوبة[2] . الا ان هذا الرأي لايبرر العقوبة ، بقدر ما ينكر ان العقوبة تحتاج الى تبرير . فقولنا ان شيئاً ما صحيحٌ او خيّرٌ بذاته لايحتاج الى تبرير بشروط القيم او الدوافع الاخلاقية لشيء آخر . بل ان قيمته الجوهرية تُلحظ بالتبادر العقلي او بالحدس والبديهة . الا ان الشكوك المثارة حول صلاحية العقوبة ومعاناة المذنب تفتح الابواب لنقاش اوسع حول قضية الربط ما بين الشر والمعاناة .

    فاذا كانت العقوبة باباً من ابواب الشر ، فهل يمكن ان ندع الشرير او الفرد المولع بانزال الاذى بالآخرين ان يعيش متنعماً بسلوكه على حساب الاخيار والضحايا في المجتمع ؟ كلا بالتأكيد ، وما وظيفة القانون الجنائي الا انزال العقاب بالجناة من اجل المحافظة على العدالة القضائية والحقوقية بين الافراد .
    الا ان (اي. سي. اوينك) آمن بانه لايوجد سبب جوهري لادانة الجناية عن طريق انزال الاذى بالجناة ، ما لم تكن المنفعة المتحققة من انزال العقاب بالجناة نافعة على مستويي الجاني والضحية الى درجة تعلن لهم بان خرق القانون على الصعيد الاخلاقي يجب ان يواجهه المجتمع بطريقة تمنع حصوله مستقبلاً[3] . وهذا التفكير يمثل مرحلة وسطية بين النظريتين الجزائية والنفعية. فالعقوبة لها تبريرنفعي يتعلق باحترام القانون او الشريعة . بمعنى ان اخلاقية العقوبة تنبع من كونها عملية تدرّ نفعاً لاحقاً على النظام الاجتماعي .
    اما (جي. دبليو. هيغل) فقد آمن بان العقوبة ضرورية لمحق وابطال العمل الجنائي الذي ارتكبه الجاني. وبتعبير آخر ، فان العقوبة لاتتحدد بارجاع الملكية المسروقة او تعويض الضحية ، بل تتعدى الى انزال العقوبة الجسدية بالجاني[4] . لان الجاني قد اخل ـ بقصد وتعمد ـ بميزان النظام الاخلاقي في المجتمع؛ ولايمكن تصحيح ذلك الخلل الا بجعل الجاني يعاني من الالم جزاء عمله الاجرامي الذي ارتكبه. وبتعبير ثالث، لما كانت الجناية ابطالاً للحق، فان العقوبة ابطالٌ لذلك الابطال، ولذلك فانها ـ حسب المنطق الديالكتيكي ـ وسيلة الى ارجاع الحق الى نصابه.

    العقوبة واستئصال الذنب والمذنب:
    والسؤال الفلسفي الذي يطرح غالباً على بساط البحث هو: هل ان العقوبة صممّت من اجل استئصال الذنب ام من اجل استئصال المذنب نفسه ؟ والجواب على ذلك هو انه لاشك ان العقوبة انما جاءت لاستئصال المذنب نفسه لان الدافع الشرير نحو ارتكاب الجرم والشخصية المنحلة هما اهم شرطان من شروط ارتكاب الذنب . وهذان الشرطان محلهما شخصية المذنب ذاتها . اما المسؤولية الجنائية فهي ليست الا جزءً من الاطار العام للذنب الذي يحدده القانون . وما وظيفة الدولة الا معاقبة الذين يخرقون القانون او ينتهكون حرمة الشريعة بحيث يعرضون المصلحة العامة للخطر ويزعزعون سلامة النظام الاجتماعي . الا ان القانون وما يتبعه من عقوبات لاينظر الى الافراد باعتبار نواياهم الداخلية . فالفرد الذي يتجنب ارتكاب الجناية خشية العقوبة الجسدية ، والفرد الذي يتجنب ارتكاب الجناية ناظراً قربه من الكمال الآلهي ، سيان في المرآة القضائية الدنيوية . الا ان التقييم الآلهي لهذين الفردين يختلف عما عليه القضاء والمحاسبة الدنيوية .

    ولذلك، فان بعض المخالفات مع خطورتها لاتعاقب عليها الشريعة في حياتنا الدنيوية. فلايوجد في الشريعة عقاب منصوص ثابت تجاه (الكذب) في عموم الموارد مثلاً ، بينما هناك عقوبة منصوصة ثابتة تجاه (القذف) وهي ثمانون جلدة . مع ان الكذب قد يسبب آثاراً سلبية كبيرة على الافراد قد تصل الى حجم القذف. الا ان ممارسة عملية (الكذب) مرتبطة بالنظام الاخلاقي ، في حين ان ممارسة عملية (القذف) مرتبطة بالنظام الاجتماعي . وقد ترك الاسلام جملة من القضايا الاخلاقية الى التربية الدينية والتهذيب الذاتي والجزاء او الثواب الآلهي في الآخرة ، في حين حدد العقوبات الجسدية في القضايا والمشاكل الاجتماعية التي تهدد النظام الاجتماعي العام .

    ان العلاقة بين الفلسفة الاخلاقية للمجتمع وبين العقوبة الجسدية مشخصة في الشريعة في مواقع محددة، واهمها الجرائم الخلقية المتعلقة بالانحرافات السلوكية الجنسية كالزنا واللواط والسحاق والقيادة والانحرافات السلوكية الاخرى كالقذف وتناول المسكر . الا ان الفلسفة الاخلاقية الاجتماعية لاتتوقف عند هذه الانحرافات فحسب ، بل تتناول كل الجوانب السلوكية للفرد على النطاقين الذاتي والاجتماعي . فالغيبة ، والكذب، والاحتيال على دفع الحقوق الشرعية الخاصة بالفقراء او اساءة استخدامها ، والتهاون في اداء الواجبات مثلاً تقع كلها تحت عنوان الانحرافات الاخلاقية التي لاتردعها الا الرقابة الذاتية للفرد، لان العقوبة الجسدية لاتنفذ في هذه الموارد. وما التأنيب الذاتي الذي يقوم به الفرد الذي آمن بخطورة هذه الانحرافات الاخلاقية الا عقوبة تربوية تساهم في تربية ذلك الانسان على ممارسة النقد الاخلاقي الذاتي . فكما ان العقوبة التي تستخدمها (العائلة) او (المدرسة) في معاقبة اعضائها ترمي الى هدف تربوي اخلاقي، كذلك العقوبة الذاتية الناتجة عن تأنيب الضمير الديني لدى الفرد عند ارتكابه عملاً منافياً للاخلاق السماوية .

    ولاشك ان تنفيذ العقوبة الجسدية يؤكد على احترام المجتمع للاطار الشرعي والاخلاقي الذي آمنت به الغالبية الساحقة من الافراد ، لان الجناية تحاول ـ بطريق مباشر او غير مباشر ـ تحطيم ذلك الاطار الشرعي او الاخلاقي. فنحن لانستطيع ان نثني الجناة عن ارتكاب جناياتهم الا بانزال العقوبات المنصوصة بحقهم .

    نظرية (جيرمي بنثام) ونقدها:

    الا ان رواد المذهب النفعي الاوروبي وعلى رأسهم الفيلسوف (جيرمي بنثام) آمنوا بان جميع العقوبات انما هي اعمال مزعجة ومثيرة ، وما هي الا نزوع انساني نحو تسليط الاذى والحرمان على الآخرين. وحتى لو افترضنا بقبول بعض العقوبات ، فاننا يجب ان نطرد عن اذهاننا التفكير بالعقوبات الصارمة التي تنـزل الاذى بالجناة[5]! ويقدم (جيرمي بنثام) اقتراحاً فلسفياً يقضي باصلاح الجناة عن طريق معين وهو ادخالهم السجون او نفيهم من اوطانهم على شرط ان لا تتجاوز هذه العقوبة الاصلاحية جوهر الشر الذي ادى الى انزال الاذى بالضحية. ولكن اذا كانت العقوبة النازلة بالجاني قد تجاوزت الاذى الذي الحقه بالضحية اصبحت العقوبة ـ عندئذ ـ قضية ظالمة لايمكن تبريرها .

    الا ان النقد الموجه الى نظرية (جيرمي بنثام) هو انه كيف يمكننا ان نجعل المتهم البريء ـ اذا اقتنع الافراد بارتكابه الذنب ـ اداةً للردع تماماً كما كان المذنب الحقيقي اداة لذلك ؟ واذا افترضنا ان العقوبة انما جاءت لاصلاح الجناة ، فلماذا لاتستخدم قبل ارتكاب الجناية لا بعدها ؟ ولاشك ان اصلاح الجناة بعد ارتكاب الجناية لا يؤدي الى تعويض الضحية، ولا يؤدي – في الوقت نفسه- الى ردع الافراد الذين يملكون قابلية كامنة على ارتكاب الجناية.

    ويبدو من ظاهر هذه النظرية ان (جيرمي بنثام) يقع في خطأ اساسي وهو الاشتباه في تمييز شروط العقوبة التي تتكون من ثلاثة عناصر ، وهي:

    اولاً: ان العقوبة لا تنـزل بالجاني ما لم تحصل الجناية.

    ثانياً: ان العقوبة يجب ان تطال الجاني نفسه لانه يستحقها.

    ثالثاً: ان الجاني يستحق العقوبة طبقاً لشدة الجناية التي ارتكبها.

    والا، فان السجن قد يجمع الجاني الذي ارتكب جنحة بسيطة مع الجاني الذي ارتكب اعظم الجنايات . فكيف تكون تلك العقوبة ردعية مع انها لا تحقق الحد الادنى من الردع ؟

    شدة العقوبة وحجم الجناية:

    ان النظريات الفلسفية الغربية التي واجهت منطقاً قرآنياً فريداً في نقاشها ضد نظام العقوبات في الاسلام، عدلت عن ارائها السابقة فيما يتعلق بالعقوبات الجنائية التي ذكرها القرآن المجيد بعد ان هزمتها الفكرة القائلة بـ (ان شدة العقوبة يجب ان تتطابق مع حجم الجناية). الا انها بدأت تناقش قضية التعزير او الارش. وبدأت تتسائل: كيف يمكن ان نحدد عقوبة مناسبة لمخالفة مثل شهادة الزور ؟ وهل يحق لنا ان نضع قائمة بالمخالفات وما يقابلها من عقوبات مفترضة ؟ واذا تم ذلك ، افتراضاً ، فكيف نستطيع بعدالة واقعية ان ننـزل اذىً مقدّراً لتلك المخالفة ؟ وهل يمكن ان نحدد بدقة معاناة الضحية بحيث نستطيع ان نوجد مقداراً عادلاً من العقاب حتى ننزله بالجاني ؟ ولاشك ان الجواب على هذه التساؤلات ينبع من كون ان المقننين الاسلاميين في الدولة الشرعية يمتلكون ، نظرياً ، اعلى مستوىً من العلوم الشرعية والعقلية والاجتماعية كي يستطيعوا ان يضعوا ميزاناً اخلاقياً للعقوبات المصممة عن طريق التعزير ، او الارش الذي تقدره (الحكومة) او الخبراء . فلابد من ان يكون هؤلاء المقننون مجتهدين ، ولديهم القدرة العقلية على استنباط الاحكام الشرعية من مصادرها الاساسية وملء منطقة الفراغ التي تركتها الشريعة لهم . الا انه يجب ان لايغيب عن بالنا بان درجة العقوبة التعزيرية تتناسب مع خطورة المخالفة المرتكبة .

    وهنا يبرز سؤال خطير آخر وهو: ما الذي يجعل احدى المخالفات اخطر على الصعيد الاخلاقي عن المخالفات الاخرى ؟ والجواب على ذلك ان الارتكاز العرفي وبناء العقلاء يستطيعان تحديد المقياس الاخلاقي للمخالفات. وفي ضوء ذلك المقياس تتحدد العقوبات التعزيرية من قبل المجتهد او المقنن الاسلامي. وهذه العقوبات التعزيرية ليست بالضرورة عقوبات ردعية ، لان بعض المخالفين لايرتدعون باي شكل من اشكال العقوبات ، بل انها عقوبات جزائية محضة . ولكننا نستظهر من قوله تعالى: (...وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين)[6] ، لوناً من الوان الردع. لأن في مشاهدة العقوبة شكلاً من اشكال العبرة والتفكر، فلا يقترب الناس بعد ذلك من تلك الفواحش والمخالفات الاخلاقية.

    الا ان الردع في الاسلام ـ على افتراض تحققه في نظام العقوبات ـ لايأخذ شكل المعاناة الاضافية التي ينزلها النظام القضائي وادواته التنفيذية بالجاني. بل ان الردع في النظرية الاسلامية يعكس فكرة تساوي الالم والمعاناة اللذين انزلهما الجاني او المُخالِف بالضحية مع الالم والمعاناة اللذين ينزلهما النظام القضائي بذلك الجاني او ذاك المخالف. وهذه هي اصل فكرة (القصاص) في الاسلام. فان في القصاص، بالاضافة الى جانبه الردعي المفترض ، عدالة واقعية عظيمة. بحيث ان المقتص لايجوز له التعدي في اي حال من الاحوال. واذا تم التعدي فعلى المتعدي دفع قيمة الاضرار الناجمة عن ذلك التعدي. وهذا الاصل المنبثق عن فكرة (القصاص) يطبّق ايضاً في التعزير او الارش، لان اي تعدي يقوم به النظام القضائي ضد المخالِف ينبغي ان يُدفَع عوضه لذلك المخالِف .

    ولاشك ان العقوبة قضية مؤسفة لايتمتع العقلاء بمشاهدة تنفيذها وهي تلحق فرداً آخر. الا ان الجناية او المخالفة لا تصحح بمجرد التهديد او الوعيد ، بل يحتاج ذلك التصحيح الى نظام تنفيذي جبار يقوم بانزال الاذى المماثل بالجاني الذي ارتكب مخالفته بتعمد وعن قصد مسبق . ومن البديهي فان انزال العقوبة بالجاني ، او قل انزال الاذى بالجاني الذي انزل اذىً مماثلاً بالضحية ، يقلل مستقبلاً من المعاناة الجمعية التي ينـزلها الافراد ببعضهم ببعض ، لان العقوبة النازلة بالجناة ستُقَلِل الى ادنى حد الجرائم والجنايات المتوقع حصولها فيما اذا لم يطبق ذلك النظام الصارم في العقوبات .

    فكرة (العقوبة) في المدرسة الاسلامية:

    ويمكننا الآن، بعد دراسة المدارس الفلسفية الخاصة بفكرة (العقوبات)، ان نضع بعض الحقائق الخاصة بـ (العقوبات) في النظرية الاسلامية،هذه النظرية التي ترى ان انزال العقوبة بالجاني قضية اخلاقية لاتحتاج الى تبرير .

    الحقيقة الاولى: ان شدة العقوبة في النظرية الاسلامية تتطابق تماماً مع فظاعة الجريمة. ففي الجنايات المتعمدة المتعلقة بالنفس الانسانية يتعين القصاص ، وفي جرائم الملكية ـ باستثناء الغصب ـ يتعين القطع، وفي الجرائم الخلقية يتعين الجلد او الرجم او الحرق ، وفي المحاربة يتعين القتل . فنحن لا نستطيع ان ننظر الى العقوبة بشكل مجرد ما لم نأخذ حجم الجناية وتأثيرها الاجتماعي بنظر الاعتبار. ولا شك ان القاعدة القرآنية في العقوبات: (ولكم في القصاص حياة ياأولي الالباب لعلكم تتقون)[7] ، (وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس والعين بالعين والانف بالانف والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح قصاص )[8] ، هي الاصل في تحقيق العدالة الجنائية في الجرائم الخطيرة التي تطال الافراد في النظام الاجتماعي . الا ان هذه النظرة القرآنية تجاه العقوبات كان قد عارضها المذهب النفعي الاوروبي ـ الذي لاحظنا فشله في تحقيق العدالة الجنائية ـ وأصر على ان العقوبة يجب ان تكون وسيلة من وسائل (اصلاح) الجاني ومنعه من ارتكاب الجناية وذلك عن طريق ادخاله السجن فحسب؛ الا ان هذا المذهب جُوبِهَ بمعارضة شديدة من قبل المدرسة الجزائية التي ايدت النظرية القرآنية وقالت بان الاذى الذي اوقعه الجاني ـ متعمداً ـ بالضحية يستحق على اقل تقدير انزال اذىً مماثل به .

    الحقيقة الثانية: اذا افترضنا جدلاً ان العقوبة تحتاج الى تبرير ، فان لها ـ في النظرية الاسلامية ـ تبرير اخلاقي فقط اذا ارتبطت الجناية باختيار الجاني نفسه لارتكاب ذلك الانحراف. بمعنى ان الانحراف اذا كان متعمداً ، اضحت العقوبة الجسدية عملية اخلاقية لتصحيح ذلك الانحراف. لان العقوبة هدفها التأثير على السلوك الانساني وتصحيحه ، ولذلك فان الانحراف شبه العمد والخطأ لايوجب العقوبة الجسدية ، بل يتطلب تعويض الضحية عن طريق دفع الغرامة المالية المعروفة بالدية . والسبب في ذلك انتفاء الاختيار الشخصي في الانحرافات الناتجة عن شبه العمد والخطأ . أضف الى ذلك ان العقوبة لو تحققت في الانحرافات المتعلقة بشبه العمد والخطأ ، لما كان لها اي تأثير على عملية الردع المتوخاة من انزال الاذى المماثل بالجاني الذي ارتكب الجناية واقعاً .

    الحقيقة الثالثة: ان المسؤولية الجنائية في الاسلام مرتبطة بشكل مباشر بالحالة العقلية للفرد . فاحساس الفرد بالمسؤولية الشخصية وارتباطها بالعقوبة يطابق افكار النظرية الاخلاقية الاسلامية التي تجعل من النفس اللوامة المحطة الرئيسية لفحص الاعمال التي يقوم بها الانسان ونقدها . فالفرد الذي يمتلك القدرة العقلية على اختيار الافعال يتحمل المسؤولية بصورة كاملة عندما يرتكب جناية او مخالفة يستحق على ضوئها عقوبة معينة. ولم يستثن من ذلك الا المجنون او المضطرب عقلياً ، والمُكره ، والفرد الذي ارتكب الجرم بطريق الخطأ. لان هؤلاء الافراد يفقدون القدرة على الاختيار ، ولذلك فان الشريعة لاتعاقبهم بالمقدار الذي تعاقب فيه الافراد الذين يملكون قدرة عقلية كاملة وقت ارتكاب الجناية.

    الجناية وحالات الاغراء الشديد:

    ولا شك ان هذا القدر من الفهم الفلسفي للعقوبة مسلّم به عند الفقهاء والفلاسفة على حد سواء . الا ان السؤال المهم الذي يطرح على هذا الصعيد ، هو : ان الفرد لو تعرض الى حالة اغراء شديدة ساعدته على ارتكاب الجناية ، فهل يكون جانياً بغض النظر عن تلك الحالة الاغرائية ، ام ان الاغراء يؤخذ بنظر الاعتبار في تخفيف العقوبة ؟ ولو ان فرداً ما قد حُرِّضَ على ارتكاب الجناية ، فهل ان للتحريض دوراً مزاحماً للقدرة العقلية على الاختيار ؟ لاشك ان الرسالة الدينية تعاملت مع هذه الحالات قبل ارتكاب الجناية . فمن البديهي ان الدين ورسالته الاخلاقية قامت بتهذيب النفس الداخلية على مقاومة الاغراء مهما كان حجمه التأثيري وقوته الغريزية . واذا كانت النفس البشرية قد مارست تهذيباً دينياً صارماً ، فليس هناك اغراء يتجاوز حدود الطبيعة الانسانية في المقاومة . لان قوة الاغراء تتحطم بقوة الارادة الفردية في تحمل المسؤولية الشرعية . فالنفس قد تغري الفرد بالتقاط قطعة ذهبية ثمينة مطروحة على قارعة الطريق ، الا ان قوة الارادة التي ربّتها الشريعة في نفس المؤمن تدفعه اما لتسليم تلك القطعة بطريق ما الى صاحبها المجهول ، او تركها على وضعها حتى يلتفت مالكها الحقيقي الى فقدانها ويرجع لالتقاطها . ولعلنا نستظهر من قوله تعالى : (والزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ...)[9] ان الاغراء الشديد له دور في تصميم شكل العقوبة ، ولذلك قدمت الزانية على الزاني في الترتيب اللفظي للآية الشريفة. ولكن يبدو ان ذلك لم يغير شيئاً من دور الارادة الانسانية عند الذكر او الانثى من السيطرة على الانحراف رغم وجود الاغراء ، لان العقوبة متساوية لهما على الرغم من تقديم الزانية على الزاني في الترتيب اللفظي . هذا الترتيب اللفظي ربما اراد منه القرآن المجيد حث الافراد من احد الجنسين على ملاحظة دور الاغراء في ارتكاب مثل تلك المخالفات الشرعية .

    الا ان السيطرة على اغراءات النفس بارتكاب الانحراف ليست بالقضية الهينة. لان التنبؤ باستمرار الاختيار العقلائي ليس مضموناً بملاحظة الشروط الموضوعية التي تحكم شخصية الفرد في الحالات الصعبة. ولكن حتى عدم الضمان هذا لايبرر كون الاختيار العقلي لاعمال الفرد اختياراً وهمياً بل هو اختيار حقيقي جوهري. ومن البديهي فان الدافع الداخلي نحو ارتكاب عمل ما يستند في اغلب الحالات على الاسباب الموضوعية التي يستطيع الفرد ان يدركها بقوته العقلية. ولاشك ان الفلاسفة الذين آمنوا بالفرق بين الاعمال الارادية والاعمال اللاارادية ، تكلموا من خلال منظار الدوافع، والاهداف، والاسباب التي تدعو الى ارتكاب ذلك العمل بعينه. وقد اضافت الشريعة الى كل ذلك: المباشرة، والتسبيب، والقصد، والعمد، وشبه العمد، والخطأ ، وتزاحم الموجبات كاجتماع السبب والمباشرة وتزاحمهما .

    ومن الطبيعي ، فان تأكيد الشريعة على دور النية والقصد في ارتكاب العمل وعلاقتهما بالعقوبات المنصوصة ، يشجع الافراد على توجيه نياتهم تجاه العمل الصالح ، وتنقية تلك النيات في مواطن الاثارة والاغراءات . ومن المسلّم به فلسفياً اننا نستطيع التنبؤ باعمال انسان ما اذا كنا نعلم اي نوع من الاختيارات يختارها على الاغلب . بمعنى ان حدسنا سيكون صادقاً في حسن سلوك زيد اذا علمنا بان اولوياته في القصد بعيدة عن الانحراف . ان فكرة (الاختيار) المتعلقة باعمال الانسان شرط ضروري لتحمل المسؤولية ، وبالتالي توجيه اللوم ثم تنفيذ العقوبة.

    يتبع

    -------------------------------------------------------------

    *كتاب الانحراف الاجتماعي وأساليب العلاج في الإسلام

    [1]سورة البقرة: الآية 120.

    [2] فلسفة كانت في القانون - عمانوئيل كانت. ادنبرة: 1887.

    [3] اخلاقية العقوبة – اي سي اوينك. لندن: 1929.

    [4] فلسفة هيغل في الحقوق – جي دبليو هيغل. اكسفورد: 1942.

    [5] مقدمة في مبادئ الاخلاق والتشريع – جيرمي بنثام . لندن: 1789.

    [6] سورة النور: الآية 2.

    [7] سورة البقرة: الآية 179.

    [8] سورة المائدة: الآية 45.

    [9] سورة النور: الآية 2
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    دوافع تخفيف العقوبات:

    وتلك الحقائق الثلاث المذكورة آنفاً لها مغزى خاص في فهم التكامل الاخلاقي لفكرة العقوبات في النظرية الاسلامية. ونضيف بان الفلاسفة يطرحون سؤالاً ذا اهمية خاصة، وهو : هل يجوز لنا ان نخفف الحكم الصادر بمعاقبة الجاني ؟ خصوصاً اذا ما افترضنا بان لذلك الجاني شخصية محترمة اجتماعياً ، وان ما دفعه لارتكاب الجناية او المخالفة هو اما التحريض او الاغراء الشديد. فتجيب النظرية (النفعية) بالايجاب زاعمةً بان تخفيف الحكم الجنائي الصادر ضد الجاني مهم جداً على المستوى الاجتماعي ، لان المجتمع لاينتفع من معاقبة ذلك الفرد الذي ارتكب الجناية في وضع نفسي استثنائي . ولذلك ، فاننا نستطيع ان نغفر له جريمته او مخالفته الجنائية ! الا ان هذه النظرية تقع في تناقض واضح وهو ان هذه العقوبة لو كانت ردعية ، فان التخفيف لايردع بقية الجناة عن العزوف عن الجريمة . ولو كانت هذه العقوبة جزائية فان تخفيفها لا يحقق عدالة جنائية بين الجاني والمجني عليه . ولو كان الاغراء الشديد او التحريض سبباً من اسباب تخفيف العقوبات ، لانتشرت الجنايات والمخالفات الجنائية بشكل مضاعف . وقد نستدرك هنا ونقول بان التحريض الذي قد يؤدي الى تخفيف العقوبة المزعومة يحتاج الى تعريف وتحديد دقيق . فاذا كان يعني الاعتداء الجسدي فيجب ان يقابل بالمثل ، وان كان يعني الاعتداء اللفظي او السلوكي فانه يدخل في عناوين شرعية اخرى كالقذف او المحاربة ونحوها . فليس هنا من حجة لتبرير تخفيف العقوبات الصادرة ضد الجناة.

    الجناية وحالات التحريض:

    ولاشك ان التحريض ، في النظرية الاسلامية ، يدخل تحت تلك العناوين التي تستلزم دفاعاً عن النفس. فاذا كان اعتداءً جسدياً فان للمعتدى عليه حق الدفاع عن النفس الى ان يرفع الاذى عن نفسه . فاذا قُتل المهاجم (الجاني) من قبل المجني عليه ، فلاشيء على المجني عليه ، ولكن لايجوز للاخير ان يقتل الاول اذا ولى هارباً . ونستلهم من الآيات القرآنية الشريفة : (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم)[1] ، (... ولاتعتدوا ان الله لايحب المعتدين)[2]، (والذين اذا اصابهم البغي هم ينتصرون)[3] قاعدة كلية حول التعامل مع فكرة التحريض . فالتحريض له دور مهم في تشخيص الحالة الجنائية بدقة عظيمة وقد يغير شكل الحكم الجنائي ، الا انه يجب ان لايبرر التعدي من اي طرف من الاطراف على الطرف الآخر . لان رد الاعتداء يلزم ان يكون متساوياً مع حجم الاعتداء الاولي ذاته . فاللطم اعتداءً على وجه فرد آخر لايستدعي ـ مع كونه تحريضاً ـ على مهاجمة اللاطم وقتله ، بل ينبغي الاقتصاص مثلاً بمثل . ولكن لو اتفق ان الملطوم قتل اللاطم ، فان المجني عليه في الحالة الاولى سيكون جانياً في الحالة الثانية . ويترتب على ضوء ذلك ، الحكم الشرعي الخاص بالقضيتين معاً . ومن المسلّم به ان الجناية الثانية ليس لها تبرير اخلاقي حتى على المستوى العرفي العقلائي . اما الاغراء الشديد فهو وان يلعب دوراً في انشاء الجناية او المخالفة الشرعية ، الا ان الاصل في القضاء ارادة الجاني او المخالف وقصده وتصميمه في اداء المخالفة الجنائية او الشرعية .

    صورة (العقوبة) في الرسالة الدينية:

    ولاشك ان المنـزلة الاجتماعية ـ في النظرية الاسلامية ـ لاتلعب دوراً في انشاء الحكم او تحديد شكل العقوبة. فقد وقف أخد أمراء المؤمنين وهو علي بن ابي طالب ـ مُدعياً عليه ـ امام شريح القاضي. واصدر ذلك القاضي حكماً عليه. ولم يستنكر رضي الله عنه ذلك ـ وهو خليفة المسلمين في دولة شرعية ـ باعتبار انكسار منـزلته الاجتماعية ! بل كان رضي الله عنه يرى ان تلك المناسبة كانت مثالاً طيباً عكست عدالة الاسلام التشريعية والقضائية .

    ويمكننا اعتبار العقوبة الجسدية للجاني بمثابة الدواء للمريض؛ بل يمكننا اعتبار العقوبة اصل سلامة النظام الاجتماعي من الانحرافات والمخالفات الخطيرة . وحتى ان النظريات الاوروبية الجديدة كانت قد زعمت بان الاجرام نوع من الامراض العقلية التي تحتاج الى علاج طبي دون عقوبة جسدية[4]. ولكننا نردّها بالقول بان العقوبة تلقيح وقائي ضد جميع الانحرافات او كل ما يصطلح عليه بالامراض الاجتماعية. فالمرض بذاته يحتاج الى تلقيح حتى يتم تأمين سلامة بقية الافراد من تأثيراته المرضية . فمن اجل منع انتشار مرض الجدري مثلاً ، لابد للافراد من استلام الحقن المضادة التي تنشط الجانب المناعي في الانسان . والانحراف ، اذا كان مرضاً ، حسب زعم النظريات الاوروبية الحديثة ، فان العقوبة والردع – لا العلاج الطبي - تعملان عمل التلقيح الوقائي تجاه تلك الامراض . فهل يحق لنا ان نقول بعد الان ، بان الجاني يجب ان يعالج معالجة طبية سريرية بدل انزال العقاب المنصوص به ؟

    ومن الطبيعي ، فان تعامل الاسلام مع الجناة من خلال فكرة تصميم وتنفيذ العقوبة جعل عملية ارتكاب الجناية او المخالفة امراً صعباً ينبغي دفع ثمنه باي شكل من الاشكال . فالمخالفة الجنائية او الحقوقية لايمكن ان تمر دون عقاب دنيوي محسوس او عقاب اخروي محدوس ضد الجاني . ومن اجل تشكيل صورة متكاملة عن فكرة (العقوبة) ، فانه يمكننا تصنيف الآيات والروايات الواردة حولها ، والخاصة بضرورة انزال المعاناة بالجاني بعدالة واقعية. علماً بان فكرة العقوبة في الرسالة الدينية انما تُكفّر ذنب الجاني. وهي ست مجموعات:

    المجموعة الاولى : جواز فكرة العقاب بالاصل .

    1 ـ فقد ورد في النص المجيد : (ان ربك لذو مغفرة وذو عقاب اليم)[5] .

    2 ـ (ان ربك لسريع العقاب وانه لغفور رحيم)[6].

    3 ـ (اعلموا ان الله شديدُ العقابِ وأنّ اللهَ غفورٌ رحيم)[7].

    4 ـ وعن الامام امير المؤمنين (ع): (إنّ الله سبحانه وضع الثواب على طاعته، والعقاب على معصيته، ذيادةً [8] لعباده عن نقمته ، وحياشةً [9] لهم الى جنته)[10] .

    المجموعة الثانية : انزال المعاناة بالجاني تماماً كما ان الجاني انزل المعاناة بالمجني عليه .
    1 ـ فقد ورد في النص المجيد: (ولكم في القصاص حياةٌ يااولي الالباب لعلكم تتقون)[11].

    2 ـ (ياايها الذين آمنوا كُتِبَ عليكم القصاص في القتلى ...)[12] .

    3 ـ (الشهرُ الحرامُ بالشهرِ الحرامِ والحرماتُ قصاص)[13] .

    4 ـ (وكتبنا عليهم فيها ان النفسَ بالنفسِ والعين بالعين والانف بالانف والاذُنَ بالاذن والجروحَ قصاصٌ ...)[14].

    5 ـ (ومن قُتِلَ مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً)[15].

    6 ـ وعن علي : (فرض اللهُ الايمانَ تطهيراً من الشرك ... والقصاص حقناً للدماء)[16] .

    7-ـ وان العقوبة لاتطال احداً غير الجاني، كما ورد في قوله تعالى: (ولاتزرُ وازرةٌ وزرَ اخرى وإن تدعُ مثقلةٌ الى حملها لايحملُ منه شيءٌ ولو كان ذا قربى ...)[18] .



    المجموعة الثالثة: جواز العفو مع قيام اصل القصاص على ساق ، والتشجيع على درء الحدود .
    1 ـ فقد ورد في النص المجيد: (...فمن عفي له من اخيه شيء فاتباع بالمعروف واداء اليه باحسان...)[20] .

    2 ـ (...فمن تصدق به فهو كفارةٌ له...)[21] .

    3 ـ ومرسلة محمد بن علي بن الحسين عن رسول الله ايضاً: (ادرؤا الحدودَ بالشبهات)[23] .

    المجموعة الرابعة : وجوب اقامة الحد عند تحقق الشروط .
    1 ـ فقد ورد في النص المجيد : (تلك حدود اللهِ يبينها لقوم يعلمون)[24] .

    2 ـ (...ما فرطنا في الكتاب من شيء...)[25] .



    المجموعة الخامسة : ان العقوبة تُكفّر ذنب الجاني .


    1- عن رسول الله : (من أذنب ذنباً فأقيم عليه حدّ ذلك الذنب فهو كفارته)[29] .

    2- وعنه : (لا يمر السيف بذنب الا محاه)[30] .

    المجموعة السادسة : المسؤولية الشخصية وتعيين الحقوق والواجبات .
    1 ـ ففي المسؤولية الشخصية فقد ورد في النص المجيد: (فلنسئلنَّ الذين ارسل اليهم ولنسئلنَّ المرسلين)[31] .

    2 ـ (وقفوهم انهم مسؤلون)[32] .

    3 ـ (فوربك لنسئلنهم اجمعين عما كانوا يعملون)[33] .

    4 ـ والمروي عن رسول الله : (الا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالامير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على اهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم)[34] .


    وهذا الحشد من الآيات القرآنية والروايات النبوية الشريفة يمنحنا بُعداً تحليلياً واسعاً لصياغة النظرية الاسلامية في العقوبات . فلاشك ان الاطار الفقهي هو الذي يحدد المسؤولية الاخلاقية للافراد ، وبالتالي فان فكرة القاء اللوم وتنفيذ العقوبة مشتقة عن هذا الطريق . بمعنى ان المسؤولية الاخلاقية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمسؤولية الشرعية او القانونية ، بحيث ان العقوبات الاسلامية لاتتوقف عند حد المخالفات الجنائية فقط بل تتعدى الى المخالفات اللفظية والسلوكية الاخرى .

    العقوبة و(العقل المذنب):

    وهنا يبرز سؤال مهم وهو : هل ان العقوبة المشروطة بشروط المسؤولية الاخلاقية تتطلب وجود عنصر عقلي وقت ارتكاب المخالفة ؟ وبتعبير آخر ، هل ان العقوبة يجب ان تطال (العقل المذنب) فقط ؟ والجواب على ذلك توضحه الفكرة الاصولية القائلة بان الجهل بالاحكام في دار الاسلام لا يمكن ان يعذر او يبرر ، وانه لابد للافراد من الفحص في الشبهات الحكمية. فلا مكان اذن لاصالة البراءة في المخالفات الجنائية. وقد اشار علي الى هذه المفاهيم قائلاً : (ان الله سبحانه لم يخلقكم عبثاً، ولم يترككم سدى، ولم يدعكم في جهالة وعمى . انزل عليكم الكتاب فيه تبيان كل شيء وعمّر فيكم نبيه ازماناً حتى اكمل لكم وله فيما انزل من كتابه دينه الذي ارتضى لنفسه ، وأنهى اليكم على لسانه محابه ومكارهه ، ونواهيه وأوامراه، والقى اليكم بالمعذرة ، واتخذ عليكم الحجة ، وقدم اليكم بالوعيد ، وانذركم بين يدي عذاب شديد)[38]. وفي ضوء ذلك ، فان (العقل المذنب) الذي يتحمل المسؤولية الاخلاقية هو الذي يستحق التجريم وانزال العقوبة. وما (الاكراه) و(الاضطرار) و(الخطأ) و(الاضطراب العقلي) الا عناصر تحجب العقل السليم عن ممارسة نشاطه الطبيعي المعهود ، فيتبدل عندئذ تصميم العقاب. ولكن الاسلام استبدل فكرة (العقل المذنب) بفكرة اعم واشمل وهي فكرة (النية) و(القصد) في اداء العمل ورتب عليها شكل الجزاء الذي يستحقه الفرد تجاهها. فالمسؤولية الاخلاقية نتيجة طبيعية من نتائج نية الفرد وقصده في ارتكاب المخالفات الجنائية او الشرعية. وهذه المسؤولية شرط اساس في تأهيل المخالِف لاستحقاق العقوبات المنصوصة في الشريعة الاسلامية. وبموجب هذه الافكار فان العقوبة الشرعية المتمثلة بالحدود والتعزيرات يجب ان تنفذ بشروطها الشرعية؛ فوجوب اقامة الحد يعكس الفكرة القائلة بان المسؤولية الاخلاقية للافراد ما هي الا اداة عقلية من ادوات السيطرة على افعالهم وتصرفاتهم .

    محور النظرية الاخلاقية الاسلامية في العقوبات:

    ان النظرية الاسلامية الخاصة بالمسؤولية الاخلاقية للافراد تأخذ بقضيتين مهمتين تجعلانها ـ مع مفردات اخرى ـ اهم النظريات الاخلاقية في العقوبات على وجه الارض .

    القضية الاولى: هي ان النظرية مع تشديدها على فكرة اخلاقية العقوبة وضرورة وضعها على مسرح التطبيق العملي ، الا انها تشجع بشكل لافت للنظر على فكرة (درأ الحدود بالشبهات) وجواز العفو عن الجاني اذا رغب المجني عليه في ذلك.

    والقضية الثانية: هي ان العقوبة تكفّر ذنب الجاني ، وتطهره من تلك المخالفة في الحياة الاخرى .

    وبذلك ، فان النظرية الاسلامية لاتنظر للجاني نظرة طبيعية الا بعد ان تتم معالجة الجناية معالجة حقيقية . فاذا تمت المعالجة الشرعية بتنفيذ العقوبة ، او العفو من قبل المجني عليه او من يتولاه ، رجعت النظرة الطبيعية الشرعية تجاه ذلك الفرد الذي قام بتلك المخالفة . ومصداق هذه النظرة الطبيعية هو تكفير الذنب المرتكب في الحياة الاخرى . ان هذه النظرية الالهية المتكاملة جمعت ما بين اصعب المتناقضات، وحاولت العدالة بين جميع اطراف القضية المتنازع عليها ، وجعلت المسؤولية الاخلاقية للفرد الاصل في التشريع، وبذلك فانها حفظت حقوق الافراد والجماعة ضمن نطاق النظام الاجتماعي والدولة الاسلامية .

    المسؤولية الاخلاقية والقانونية للافراد

    وينبع اهتمامنا بطرح فكرة (المسؤولية الاخلاقية) او (القانونية) على بساط البحث، من زاوية ان هذه المسؤولية الشخصية مرتبطة بشكل مباشر بفكرة (العقوبة) الشرعية او القانونية. وبطبيعة الحال فان (المسؤولية) في المصطلحات الدينية ترتبط ايضاً بمنطوق الجزاء الالهي (الثواب والعقاب) ، والعقوبة الشرعية الدنيوية ، والمسؤولية القانونية في الدولة الشرعية .

    ومن المسلّم به فقهياً وفلسفياً ان المسؤولية الشخصية هي الشرط الاساسي في العدالة القضائية. لان الفرد لايمكن ان يثاب او يكرّم او يعاقب او يلام ما لم يكن متحملاً المسؤولية التامة عن عمله الذي قام به.

    ولاشك ان التعارض الفكري بين مسألتي المسؤولية الفردية والحرية الشخصية هو الذي ادى الى مناقشة فكرة (المسؤولية الاخلاقية) في الرسالة الدينية. فالافراد مسؤولون (اخلاقياً) عن كل اعمالهم وافعالهم الاجتماعية والشخصية ، ولكنهم مسؤولون (قضائياً) عن افعالهم الاجتماعية بالخصوص . الا ان سؤالاً يمكن ان يبرز هنا وهو اننا تحت اي شرط من الشروط مسؤولون عن اعمالنا اخلاقياً ؟ وهل ان المقياس الاخلاقي هو الثواب والعقاب ام الوصول الى الكمال الاخلاقي المطلق ، لاشك ان اسمى درجات المسؤولية الاخلاقية في الاسلام هي المسؤولية التي ترى ان العمل يجب ان ينفذ باعتبار معانيه الاخلاقية السامية لا باعتبار الفوائد والثمرات الموضوعية التي يجنيها الفرد من وراء اداءه ذلك العمل .

    المسؤولية الفردية والارادة والاختيار:

    وبطبيعة الحال ، فان المسؤولية الفردية لايتحقق تكاملها ما لم ترتبط بمفاهيم (الارادة) و(الاختيار). او بمعنى ادق ، المدى الذي نستطيع فيه ان نطبق مصطلحات (الحرية) ، و(التحلل من الالزام)، و(عدم الاكراه)، و(الارادة) على فكرة المسؤولية الاخلاقية. فهل نستطيع ان نحمّل فرداً ما مسؤولية اخلاقية اذا كانت الظروف الخارجية التي واجهها خارجة عن ارادته وسيطرته الذاتية ؟ وهل نستطيع ان نسلب المسؤولية الاخلاقية عن فرد آخر بدعوى الاكراه ؟ لاشك ان تحقيق العدالة القانونية او الشرعية يتطلب ميزاناً متساوياً لطرفي (الارادة) و(الاكراه) ، ولاشك ان قوة الاختيار الشخصية تتناسب مع قوة الارادة ، الا ان العلم الالهي بقوة الاختيار والارادة الانسانية لايتدخل في رسم شكل العقوبة لانه لايغير من قوة الارادة والاختيار شيء. بيدَ ان الظروف الخارجية التي تُكره الفرد على فعل ما كانت قد عالجتها الشريعة بشكل محكم ، فاخرجت (المُكره) و(المضطر) و(المضطرب عقلياً) عن اطار مسؤولياته الاخلاقية والقانونية ، وجعلت المسؤولية الاخلاقية او القانونية مرتبطة بالحرية الشخصية والقدرة العقلية على فهم وتحليل الواقع الخارجي.

    المسؤولية الاخلاقية والقدرة على الفعل:

    ويُطرح في هذا المقام سؤال جديد وهو : هل ان (القدرة على الفعل) تنطبق على المسؤولية الاخلاقية تماماً كما تنطبق (الحرية على اداء الفعل) ؟ لاشك ان حرية الارادة تختلف جوهرياً عن القدرة على استعمال تلك الحرية . فالعاجز لايكون مسؤولاً عن عجزه على اداء العمل الاخلاقي او الشرعي . ولكن حرية (القرار) ليست كحرية (الفعل) . ولاشك فانه لابد لنا من التمييز بين المسؤولية الاخلاقية الناتجة عن الافعال التي تحصل عن طريق الاكراه او الاضطرار والافعال التي تحصل عن طريق القصد والتصميم . ولكن هل ان تحميل الافراد مسؤولياتهم الاخلاقية هو طريقة من طرق تهذيبهم مستقبلاً ؟ والجواب على ذلك يكمن في ان المسؤولية الاخلاقية تنشق الى شقين ، الاول : ما يتعلق بالمسؤولية الاخلاقية النهائية ، وهو الامتثال امام المولى عز وجل يوم القيامة لاستلام الجزاء . والثاني : ما يتعلق بالمسؤولية الاخلاقية الاجتماعية ، التي تعتبر الفرد كائناً متكاملاً مع النظام الاجتماعي . فاذا كانت فكرة تحميل الافراد مسؤولياتهم الاخلاقية طريقة من طرق تهذيبهم مستقبلاً ، فانه لابد ان ينطبق عليها مفرد الشطر الثاني . ذلك ان تحميل الافراد مسؤولياتهم الاخلاقية انما ينبع من قابليتنا على الحكم على هؤلاء الافراد اخلاقياً . فاذا كان حكمنا بالمسؤولية الاخلاقية لايؤثر على سلوك الافراد بطرق معتبرة ، فان الهدف الفاضل من الاشارة الى مسؤولية الفرد الاخلاقية سوف ينتفي . ولذلك فان عدم القصد والاكراه والاضطرار ـ في احكام الشريعة الاسلامية ـ تحلل الفرد من مسؤوليته الاخلاقية مؤقتاً، وبالتالي فان التأثير الايجابي للحكم على تلك المسؤولية لابد وان يكون مرتبطاً بالتصميم العقلي السليم على اداء الفعل. وبطبيعة الحال ، فان المسؤولية الاخلاقية للافراد هي من حق الجماعة اكثر مما هي من حق الفرد، لان الثمار الناتجة عن تطبيق شروط المسؤولية الاخلاقية تكون اكثر نفعاً واعظم فائدة للمجتمع وللنظام الاجتماعي بمؤسساته المتضافرة مما كان للفرد بصفته الشخصية .

    الجبر الذاتي والجبر الموضوعي:

    وحرية الاختيار وارتباطها بالمسؤولية الاخلاقية والقانونية للافراد لازالت تثير الكثير من الجدل حول طبيعة تلك الحرية وحدودها. الا ان اهم الاسئلة المثارة حولها هو: هل ان تلك الحرية مقيدة بـ (الجبر الذاتي) ام بـ (الجبر الموضوعي) الخارجي ؟ فاجابت المدرسة الفلسفية الاوروبية بزعامة (اف. اج. برادلي)[43] بان النفس الانسانية تجبر الفرد على اداء عمل معين؛ ولذلك فان الشخص مسؤول عن عمله، اخلاقياً . وزعمت بان تحقق هذا (الجبر الذاتي) لايعني باننا نستطيع ان نتنبأ بالاعمال التي سوف نقوم بها ، لان الاعمال لاتتحقق ما لم تتواجد الشروط الموضوعية الخاصة بها . وهي شروط تتجاوز الابعاد المادية ، بل انها تشمل قضايا روحية واسباب عقلية بحتة .

    لكن (برادلي) ومدرسته الفلسفية لم ينهضا بتصور شامل عن ماهية الجبر الذاتي والجبر الموضوعي . فالفرق ما بين (الجبر الذاتي) و(الجبر الموضوعي) الخارجي يعكس الفرق ما بين الاختيار والاكراه . وحرية (الجبر الذاتي) لايمكن ان يقيدها الاكراه ، لان الاكراه لايأتي الا من الخارج الموضوعي . وحتى لو افترضنا وجود (الجبر الذاتي) الذي يُكره الفرد على اتخاذ القرار ، فان ذلك الجبر لابد وان يكون نفسه تحت تأثير خارجي موضوعي ، وهذا محال لانه يستلزم (الدور) الذي آمن جميع الفلاسفة باستحالته .

    ومن المعلوم اننا اذا آمنا بالجبر الذاتي فاننا سنسلّم بان الجبر قد حصل قبل اتخاذ القرار الشخصي باداء العمل ، وهو مردود ايضاً لان الاكراه لايحصل الا بتأثير خارجي وقت القرار ، كما تبين لنا ذلك قبل لحظات . وبالنتيجة فان القرار ينبع من شروط الخارج الموضوعي وليس العكس . وبذلك ينتفي (الجبر الذاتي) وتتحطم نظرية (اف. اج. برادلي) الفلسفية بشأن حرية الاختيار .

    وهذه النتيجة تقودنا الى مناقشة مثمرة لفكرة (حرية الارادة) التي جاءت بها النظرية الاسلامية. فمع ان الاعمال والافعال لاتحصل عن طريق (الصدفة) الا في الحالات الاستثنائية ، الا ان المسؤولية الاخلاقية ترتبط دائماً بحرية الارادة التي يمتلكها الفرد ضمن بناءه التكويني الذي صممه له الخالق عز وجل . ولذلك فان النظرية الاجتماعية والدينية تفسح المجال لتحميل الافراد مسؤولية اعمال بعضهم تجاه البعض الآخر . وهذا لايعني ان (الجبر الذاتي) او (الجبر الموضوعي) يتدخلان في تحديد المسؤولية الاخلاقية على نطاق الجماعة والنظام الذي يحكمها . بل ان (حرية الارادة) هي التي تصمم شكل الافعال التي يقوم بها الفرد ، وبالتالي طبيعة المسؤولية التي يتحملها .

    ولاشك ان هذا التصور يعطي تبريراً اخلاقياً للعقوبة ، باعتبار ان الجاني او المجرم يستحق ذلك الاذى المُنزل به على الصعيد الاخلاقي . فالعقوبة لاتهدف الى تجريد الجاني من انسانيته بقدر ما تعكس مبدأً اساسياً يعلن بان شروط العدالة الجنائية او الحقوقية قد تحققت . والنتيجة ، ان عناصر (حرية الارادة) ، و(المسؤولية الاخلاقية) ، و(الجزاء) الذي ينتظر الانسان ، يجب ان تؤخذ كلها على ضوء عقيدة ذلك الفرد الاخلاقية والدينية ، لا ان ينظر اليها باستقلال عن مبادئه وقيمه الاخرى .

    -----------------------------------------------------------------
    كان هذا نقلا من أحد الكتب بتصرف وحذف لبعض الأخطاء.

    [1] سورة البقرة: الآية 194.

    [2] سورة البقرة: الآية 190.

    [3] سورة الشورى: الآية 39.

    [4] علم الاجتماع والمرض الاجتماعي – باربرا ووتون. لندن: 1959. وايضا: العقوبة والغاء المسؤولية – اج ال هارت. لندن: 1962.

    [5] سورة فصلت: الآية 43.

    [6] سورة الاعراف: الآية 167.

    [7] سورة المائدة: الآية 98.

    [8] ذيادةً: منعاً لهم عن المعاصي الجالبة للنقم.

    [9] حياشةً: سوقاً الى جنته.

    [10] نهج البلاغة حكم 368.

    [11] سورة البقرة: الآية 179.

    [12] سورة البقرة: الآية 178.

    [13] سورة البقرة: الآية 194.

    [14] سورة المائدة: الآية 45.

    [15] سورة الاسراء: الآية 33.

    [16] نهج البلاغة حكم 252.

    [18] سورة فاطر: الآية 18.

    [20] سورة البقرة: الآية 178.

    [21] سورة المائدة: الآية 45.

    [24] سورة البقرة: الآية 230.

    [25] سورة الانعام: الآية 38.

    [29] كنـز العمال خ 12964.

    [30] المصدر السابق خ 12969.

    [31] سورة الاعراف: الآية 6.

    [32] سورة الصافات: الآية 24.

    [33] سورة الحجر: الآية 92- 93.

    [34] صحيح البخاري ج 3 ص 1459.

    [38] نهج البلاغة خطبة 48.

    [40] بحار الانوار ج 5 ص 17.

    [43] النظرية الاخلاقية – ريتشارد برنادت. نيوجرسي: برنتس هول، 1959. وايضا: اشكاليات النظرية الاخلاقية – مورتيس شوليك. برنتس هول، 1939.
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

  3. افتراضي

    بارك الله فيك.

  4. افتراضي

    يُرفع للمُناسبة , رفع الله قدركم
    قال الله سُبحانه وتعالى { بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } الأنبياء:18


    تغيُّب

  5. #5

    افتراضي

    جزاك الله خير موضوع جميل .. يُرفَع

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. من أجل ازالة رهبة المدرسة والترغيب فى التعليم !
    بواسطة انصر النبى محمد في المنتدى قسم الاستراحة والمقترحات والإعلانات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-08-2014, 07:10 AM
  2. تأملات في العقوبات .
    بواسطة عبدالملك السبيعي في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 01-12-2014, 03:16 AM
  3. العقوبات في الدول الغربية
    بواسطة ابن النبلاء في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 08-29-2010, 05:56 PM
  4. أهم معالم المدرسة العقلانية أو المدرسة العصرانية .
    بواسطة أبو المنذر المنياوي في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-31-2006, 05:29 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء