بسم الله
يقول تعالى : " وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا "
ويقول تعالى : " إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ "
أولا : وفاة عييسى عليه السلام ثابتة لا جدل فيها . فهو ليس حيا ، ولن يعود حيا إلا يوم القيامة حين يطلبه تعالى للشهادة ، يقول تعالى : " وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ "
فعيسى عليه السلام ، كان شهيدا عليهم وهو فيهم ، ثم توفاه الله ولم يعد بعدها شهيدا عليهم ، أي لم يعد فيهم ، إذ لو عاد فيهم بعد وفاته لكان شهيدا عليهم فترة عودته ولبين ذلك . لكن الآية توضح بلا لبس أنه بعد وفاته لم يعد شهيدا ولم يعد فيهم أبدا ولا لساعة من نهار في هذه الدنيا . فمسألة عودته ونزوله وقتاله للدجال ، امور يجب أن تراجع .
ثانيا : الآية الأولى التي أوردناها ، تبين بلا لبس أيضا أن عيسى عليه السلام لم يقتل ولم يصلب ، وأنه بدليل آيات أخرى توفي وفاة عادية لا غرابة فيها ، كما يتوفى أحدنا على فراشه .
ثالثا : مسألة رفعه عليه السلام فهمت فهما حسيا أي أنه تم رفعه إلى السماء ، إلى فوق ، وهو أحد الوجهين ، إذ يمكن فهم الرفع هنا فهما معنويا ، أي رفع مكانته . وهذا الفهم لا تمنعه اللغة ولا استعمال القرآن لكلمة الرفع .
رابعا : مسألة " شبه لهم " التي يبدو أنه ثار حولها جدل في موضوع سابق هنا ، هذا رابطه :
http://eltwhed.com/vb/showthread.php?t=11374
فقد حاول الأخ صاحب هذا الموضوع - بعد رفضه للتفسير المعروف لمسألة شبه لهم أنه إلقاء شبه لعيسى عليه السلام على رجل غيره فحسبوه هو وصلبوه مكانه - حاول أن يفسر المسألة تفسيرا طال فيها كلامه وتعقد . رغم أن المسألة أبسط من هذا بكثير في الواقع .
يحدث لنا احيانا أن نخلط بين شخصيتين بينهما أوجه تشابه فنحسبهما شخصا واحدا وهما شخصان . هذا أحد أنواع الشبه الذي يفسر شبه لهم .
والمسألة لم تعد تخمينا فقد دخلت دائرة العلم الذي له ادلته :
1/ لا جدال في أن اليهود في عهد السيطرة الرومانية على فلسطين قد صلبوا رجلا يدعى يسوع المسيح . وأن هذا الرجل قد مات صلبا ، أي أنه قتا ، هذا ثابت تاريخيا .
2/ لا جدال أن المسيح عيسى بن مريم مات موتا عاديا ولم يصلب ولم يقتل .
نحن هنا نتحدث عن رجلين مختلفين لا رجلا واحدا . المسيح عيسى بن مريم في القرآن ليس هو يسوع المسيح . والتاريخ يخبرنا أن يسوع المسيح طالب ملك يريد استعادة مملكة داوود وسليمان باعتباره كما يدعي أحد أبناء بيت داوود . والتاريخ يخبرنا أن يسوع المسيح هو الآبن البكر لنجار اسمه يوسف ، وأن امه لا تسمى مريم ، بل هو اسم خالته . اخت أمه . فيسوع المسيح لا إعجاز في ولادته ، له أب ككل الناس . وليس رسولا من الله بل هو طالب ملك . لهذا كله يقو تعالى : " وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ الله وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا "
نطرح سؤالا : هناك في القرآن كله عيسى واحد ، فحين يقال عيسى في القرآن نعرف أنه ابن مريم رسول الله عليه السلام ، ولسنا بحاجة لأن يبخبرنا أحد أن المقصود هو عيسى بن مريم لنعرف أنه هو . وهنا يطرح سؤال : لماذا هذا الإصرار والتكرار في القرآن على " عيسى بن مريم " باسمه واسم أمه ؟ كأن هناك تنبيها من الله تعالى إلى أنه يتحدث عن عيسى بن مريم حصرا لا عيسى آخر هو ليس ابن مريم . المسألة أن يسوع المسيح أو المسيح عيسى الذي صلب لم يكن ابن مريم ، أمه لم يكن اسمها مريم ، وأبوه موجود واسمه يوسف النجار . القرآن ينبه المسيحيين وكل من له اطلاع على تاريخ يسوع المسيح أن ينتبه إلى هذه الشبهة ، عيسى بن مريم رسول الله ليس هو يسوع المسيح طال الملك الذي صلب . عيسى بن مريم رسول الله توفي وفاة عادية ، يسوع المسيح قتل مصلوبا . وكل من يحسبهما شخصا فقد شبه له واختلط عليه الأمر .
من يريد زيادة تفصيل في الموضوع ، ليعد لكتاب كمال سليملن الصليبي : البحث عن يسوع . وهذا رجل عالم مؤرخ من مسيحيي لبنان ، بين هذا الأمر بتفصيل في كتابه هذا ، وقد أوضح أن أصدق مرجع لديه بهذا الشأن هو القرآن الكريم نفسه رغم أن الرجل ليس مسلما .
والحمد لله رب العالمين .
Bookmarks