بسم الله الرحمن الرحيم


لن نناقش هنا موضوع التطور الصدفوي والطفرات من وجهة النظر البيولوجية كالعادة بل سنستمع الى العالم وولفغانج بولي وهو احد الحاصلين على جائزة نوبل في الفيزياء يبدي رأيه العلمي في هذا الموضوع الشيق. و نود ان نلفت نظر القراء الاعزاء الى ان هذا العالم يبدي من خلال آرائه تحفظاته الخاصة على نموذج التطور كما تقدمه الدارونية الجديدة. والسبب هو انه يعتقد انه لا يمكن لأي احصاء حقيقي للاحتمالية ان يطبق فيه . بمعنى ان نموذج التطور خارج نطاق علم الاحصاء والاحتمالات.

كتب وولفغانج يقول:
ان تفحص نموذج التطور يجب ان يشتمل على مقارنة بين سلم الزمن النظري للتطور مثلما يسببه النموذج وبين سلم الزمن التجريبي . وبهذا يجب ان يكون النموذج الذي تم اعداده قادرا على التنبؤ بما سيتحقق بحيث يكون مطابقا لاحتمال نظري كافي في الزمن المعروف تجريبيا . الا أن رواد الداروينية الجديدة من علماء وباحثين لم يتحققوا من ذلك ( بولي 1961 الصفحة 123 , ومقارنة مع فريويرلين 1976) على الرغم من بعض المحاولات المنفردة والتي ادت الىنفس النتيجة . انتهى الاقتباس.

ان اخضاع النظرية التطوريه للدارونية الجديدة لمباديء الاحتمالات يجعل صحة النظرية مجالا للنقاش اذا ما سلمنا بأن الصدفة هي المحرك الوحيد فيها .

ولبيان معنى ما قاله وولفغانغ سنقوم بالحسابات التالية:

اذا افترضنا ان كل مئة بنية وظيفية مختلفة يمكن ان يحصل منها عشرة تبدلات مورفولوجية مختلفة فسيكون واحد منها مناسبا وفي حال تكون تركيب جديد مبني على الصدفة بشكل تام للمئة بنية وباحتمال للنجاح مقدارها 10-20 ( عشرة مرفوعة للقوة سالب عشرين) لكل واحدة منها سيكون هناك احتمال واحد فقط لأي منها بالظهور بشكل صحيح .
ولنسلم ايضا ان في كل جيل تظهر مئة تركيبه ازاء المئة بنية تلك وبالتالي سيكون التحول فيها في حده الاعلى ( maximum) وبالرغم من ذلك فأن تطور هذه البنى المئة لن يحدث الا مرة واحدة خلال (10- 18 ) عشرة مرفوع للقوة سالب 18 للأجيال المتتابعة . ولو افترضنا ان عمر الجيل الواحد 8 ساعات فقط فأن هذه الخطوة التطويرية الصغيرة لن تظهر كمعدل وسط الا مرة واحدة كل ألف تريليون سنة.( عشرة مرفوعه للقوة خمسة عشر).
وكما يعلم الزملاء الملاحدة ان العمر الزمني الكلي للوجود الحيوي لا يتجاوز ( ملياري سنه). وهو زمن اقل بكثير من الزمن اللازم لأحداث هذه الخطوة التطورية البسيطة.بل ان عمر الكون كله لا يكفي لذللك.


لقد حاورني احد الملحدين في احدى المرات مستشهدا بالاحفورة لوسي(1). معتقدا انها احد اسلاف البشر الحاليين . وقد بينت له بالادلة ان لوسي لا يمكن استخدامها كبرهان على تطور الانسان من القردة وكنت قد جاريته في مفاهيم بيولوجية لدحض الفكرة الا انه كان متعلقا بالفكرة لدرجة تجاهل اساسيات علم البيولوجيا كالتشريح والانسجة وغيرها. ولنقم الآن باخضاع قضية لوسي الى علم الاحصاء والاحتمالات لنرى ما سنحصل عليه.

حسب الفرضيات وتسلسل الافكار السابقة نجد انه حتى يحدث التطور السابق خلال فترة الوجود الحيوي فانه يجب ان ان يكون هناك 100 مليون تحول داخل كل جيل . ولنتذكر اننا افترضنا ان عمر الجيل الواحد 8 ساعات فقط (2). ولنقل ان النوع الذي تنتمي اليه لوسي عمر الجيل فيه 8 ساعات فقط ايضا فهذا معناه ان عدد افراد الجيل الذي تنتمي اليه لوسي يساوي 100 مليون فرد . وهذا طبعا مستحيل والدليل هو عدم وجود عدد من الاحافير يتناسب مع هذه الافتراضات (3) . اضافة الى ان مثل هذه الاعداد للجيل الواحد وهذه القدرة على التكاثر تجعل من المستحيل انقراض مثل هذا النوع.
فأين انت يا لوسي.

على كل لم يأخذ هذا التحليل امور اخرى اكثر تعقيدا تجعل احتمال التطور الصدفوي امرا غير وارد نهائيا ولا حتى عند اكثر المناصرين لهذه النظرية.


1- اطلق اسم لوسي على احفورة وجدت في جنوب شرق افريقيا .وحاول علماء الداروينية الجديدة
ان يقنعوا العالم انها تعود لأسلاف الانسان الحالي . الا ان محاولاتهم اصطدمت بحقائق علمية
تتعارض مع ادعاءاتهم.
2- طبعا العمر المفترض للوسي ليس 8ساعات . وهذا الزمن يشكل متوسط عمر كائن وحيد الخلية.
3- يدعي علماء التطور انهم وجدوا حوالي 30 احفورة شبيهة بلوسي . ولو سلمنا لهم بهذا فأن عدد هذه
الاحافير لا يتناسب مع العدد المتوقع ايجاده من الاحافير.

ملاحظة: هذا الموضوع احد المواضيع التي تم نشرها في منتديات الملاحدة والتي لم تلاقي احدا من
الملحدين وانصار التطور الصدفوي للرد عليه وهو من المسامير الاساسية في نعش نظرية التطور
الصدفوي بالاضافة لعدد من المواضيع الأخرى.