بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، اللهم صلي على نبينا محمد وعلى ازواجه وذريته كما صليت على إبراهيم، وبارك على نبينا محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد:
إليكم أيها الاخوة في المنتدى الفصل السابع من كتاب الفيزياء ووجود الخالق تأليف الشيخ الدكتور جعفر شيخ إدريس حفظه الله ، ولقد قام الاخ ناصر الشريعة بوضع الفصل الأول منه على الرابط التالي
http://eltwhed.com/vb/showthread.php?t=13844
وقد قام الأخ صادق بوضع الفصل الثاني من الكتاب على الرابط التالي
http://eltwhed.com/vb/showthread.php?t=14041
الفصل السابع
ماذا بعد الايمان بوجود الخالق؟
هَبْ أن فيزيائياً غربياً لم يكن مؤمناً بوجود الخالق، ثم سمع حججاً مثل حججنا تلك، فقبلها عقله فأصبح صادقا في إيمانه بوجوده، وبأنه متصف بتلك الصفات على ما ذكرنا، فماذا يكون موقفه بعد ذلك؟
إن بعض المعارف تتحول بطبيعتها إلى مشاعر ولا تبقى مجرد حقائق ذهنية يصدق بها الإنسان. إن الإنسان السوي الذي يعلم – أن فلاناً أنقذ ابنه من الغرق - وكاد أن يفقد حياته في سبيل ذلك، لا يملك إلا أن يشعر في قلبه بالشكر له، وإلا أن يعبر له عن هذا الشكر بلسانه، وربما تطور الأمر إلى حب يوثق العلاقة بينهما.
وكذلك وأكثر من ذلك معرفة الإنسان بربه؛ كيف يؤمن الإنسان إيماناً صادقاً بأن له خالقاً هو الذي يطعمه ويسقيه ويحفظه ويراقبه، ثم لا يجد في نفسه أي شعور نحوه؟! إن مجرد معرفة الخالق بصفاته وأفعاله تولد في الإنسان شعورا بحمده وشكره وحبه وخشيته. وما أن يشعر الإنسان بهذه المشاعر إلا وتتملكه رغبة شديدة في القرب من خالقه هذا.
وهنا يسأل نفسه : ولكن ما السبيل إلى ذلك؟
يقول له عقله: إن خالقاً عالماً حكيماً وفَّر لك برحمته كل ما يحتاج إليه بدنك من طعام وشراب وكساء، وأرض وشمس وقمر وسماء، وجبال وزروع وحيوان وماء، كيف لا يوفِّر لك حاجات روحك وهو يعلم أن روحك أهم من جسدك ، وأن قوامها بهذا القرب منه الذي أحسست به؟! إذن لابد أن يكون في هذا العالم هدى من هذا الخالق نتعلم به كيف نتقرب إليه.
ولكن أين هو هذا الهدى؟
يقول له عقله: لابد أن يكون عند بعض هؤلاء الذين يؤمنون به ويعبدونه، لابد أن يكون عند بعض أصحاب هذه الأديان؛ فيبدأ في السؤال عن الأديان، فيقال له إنها نوعان: نوع يزعم أهله أن لديهم هدياً من السماء؛ ولذلك تسمى أديانهم بالسماوية، وهي اليهودية والنصرانية والإسلام. ونوع لا يزعم أصحابه مثل هذا الزعم، ومن أشهرها البوذية والهندوسية.
فيقول: لا حاجة بي إلى هذه الأخيرة لأن الذي أبحث عنه إنما هو هدي السماء.
ثم يقول: فلأبدأ بدراسة النصرانية لأنها أقرب الأديان إليَّ، ولأن الناس في بلادي يدينون بها؛ فإن وجدت طلبي فيها فلا حاجة بي إلى البحث عن غيرها.
فيسأل النصارى: أين الهدى الذي تقولون أنه من عند الله؟
فيعطونه نسخة من الكتاب الذي يسمُّونه بالكتاب المقدس، ويقول له أحد المختصين في علم اللاهوت: إن هذا الكتاب ليس كما قد يتبادر إلى ذهنك كتاباً واحداً لمؤلف واحد وإنما هو كتابان، يتكون كل منهما من عدة كتب ورسائل وأشعار لمؤلفين مختلفين كتبوها في أزمان مختلفة وأماكن مختلفة.
الكتاب الأول هو المسمَّى بالعهد القديم، وثانيهما المسمَّى بالعهد الجديد.
فاليهود يؤمنون بأولهما ولا يؤمنون بالثاني، والنصارى يؤمنون بكليهما، لكنهم يركزون على الثاني.
ثم يقول لي: دعني أقرأ لك فقرات مهمة من مقدمات كتبها المختصون لآخر ترجمتين حديثتين رسميتين أعدَّهما أكابر علمائنا المختصين بدراسة الكتاب المقدس، إحداهما أمريكية نشرت في عام 1952م، والأخرى بريطانية؛ نشر العهد الجديد منها عام 1960م، والعهد القديم عام 1970م. ثم إن كان لك سؤال أجبتك عنه قبل أن تبدأ في القراءة.
يقول القس: هذا بعض ما جاء في مقدمة الترجمة البريطانية المسمَّاة بالترجمة الإنجليزية الحديثة للكتاب المقدس: ((يتكون العهد القديم من مجموعة من الكتابات التي يمتد عهدها من القرن
الثاني عشر قبل الميلاد إلى القرن الثاني قبل الميلاد. كتبت هذه الكتابات باللغة العبرية الكلاسيكية، ما عدا أجزاء قليلة كتبت باللغة الآرامية.
لا توجد مخطوطات لأي من هذه الكتابات (يرجع تاريخها) إلى أوائل تلك الفترة. أقدم مخطوطات تحوي بعض أجزاء من العهد القديم توجد ضمن لفائف البحر الميت التي يمكن أن يرجع تاريخها إلى القرنين الثاني قبل الميلاد، وإن كان بعضها قد يكون أقدم وبعضها أحدث.
في القرن الثاني بعد الميلاد، وربما قبل ذلك جمع الأحبار نصا [الكتاب المقدس] مما تبقى من المخطوطات بعد تخريب القدس في عام سبعين بعد الميلاد، وعلى هذا الأساس أقيم النص التقليدي.
لكن هذا النص حوى الأخطاء التي وقع فيها النساخ على مدى قرون سابقة، وحوى أيضا – وبالرغم من العناية التي أضيفت عليه – أخطاء النساخ المتأخرين.
أقدم مخطوطات بقيت لهذا النص يرجع تاريخها إلى الفترة من القرن التاسع إلى القرن الحادي عشر بعد الميلاد، وقد استعملت هذه أساسا للترجمة الحالية هذه.
هذا هو العهد القديم كما نراه اليوم ماثلا أمامنا، لكن من المؤكد أن هذا لا يمثل دائما ما كان قد كتب في البداية. [ولهذا] فإن على المترجم أن يذهب إلى ما وراء النص التقليدي [هذا] ليكتشف مراد الكاتب)).
ثم يذكر الكاتب عدة مخطوطات في لغات أخرى – يستفيد منها المترجم ليحقق هذا الغرض. أقدم هذه المخطوطات هي الترجمة اليونانية ، وهي مفيدة كما يرى الكاتب بالرغم مما فيها من تحريفات.
ثم يقول: بالرغم من هذه الثروة من النُسخ، وحتى عندما تثبت الصورة الحقيقية لأقدم النصوص المعروفة؛ فإنه تبقى بعد ذلك أمور كثيرة غامضة في العهد القديم.
إن الكلمات العبرية المعروفة اليوم قليلة، ونتيجة لذلك فإن معاني عدد هائل من الكلمات غير معروف أو غير يقيني)).
ثم يذكر بعض الوسائل التي يستعين بها المترجم على معرفة معاني هذه الكلمات؛ من ذلك بعض اللغات، ومنها اللغة العربية لقربها من اللغة العبرية.
ثم يقول: ((ولكن في نهاية المطاف فإن المترجم قد يضطر لأن يصل إلى معنى الكلمة من السياق وحده، أو قد يضطر حتى لإصلاح ما يراه خطأ بيِّناً أحيانا ولأسباب يبدو أنها كافية – غُيّر ترتيب الآيات [يعني عما كان عليه في الترجمة المتداولة])).
يتبع...
Bookmarks