الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد النبى الأمى الكريم ثم أما بعد :
يقول الله تعالى  إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق  البروج ( 10)
((عن حذيفة بن اليمان قال:
كان الناس يسألون رسول الله عن الخير وكنت أساله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير،فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم, قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن. قلت: وما دخنه يا رسول الله؟ قال: قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر. قلت: وهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم قذفوه فيها. قلت: يا رسول الله صفهم لنا؟
قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ،قلت: فماذا تأمرني أن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟
قال: فاعتزل تلك الفرقة كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك. ))
تكاتفت الأحزاب ، تبغى لأمة الاسلام الخراب ، يحاولون اقتحام الأبواب ، وجعل كل حقيقة سراب ، وافساد جيل الشباب ليعرض عن معانقة الحراب ، لهم جنود يختبئون خلف ساتر او نقاب ، حادوا عن طريق الحق والصواب ، وهم أشد خطرا على الاسلام من هؤلاء الاحزاب ، وما كيدهم جميعا الا فى تباب ، وويل لهم يوم الحساب ، حينما يعرضون على رب الأرباب ، ويحشرون مع فرعون والأحزاب ، ويساقون الى جهنم ليذوقوا العذاب ، اما الاحزاب فكذبهم ظاهر لأصحاب العقول والألباب ، واما جنودهم الذين يختبئون خلف النقاب ، فهم من نقصدهم بهذا الخطاب ، لانهم يخلطون كذبهم ببعض الصواب ، فيلتبس هذا على بعض الأخوة والأحباب ، فأرتينا أن نزيح عنهم النقاب ، لا نبغى به الا وجه الله وحسن الثواب .
سنتكلم فى هذه الحلقة عن مفكر كان منبعا لبروز الفكر العلمانى فى المجتمع المصرى وفتح الباب على مصراعيه لعواصف الافكار التحررية فعصفت بالعادات والتقاليد الاسلامية والتى كانت قد تاصلت فى وجدان وعقول الشعوب العربية وادت الى محو هذه العادات والتقاليد من ذاكرة بعض افراد الشعوب العربية حتى ان البعض منهم يرى ان هذه العادات والتقاليد ليست موجودة فى الفكرالاسلامى بل هى عادات موروثة من حضارات وشعوب اخرى واستحسنها الاسلام واكسبها الصفة الدينية . هذا المفكر والكاتب هو :

قاسم امين (( رائد حركة افساد المرأة ))

رائد حركة تحرير المراة كما يزعم البعض والذى صوره الاعلام فى صورة بطل تحرير المرأة وقد كان قاسم امين احد رواد مدرسة التغريب والتى تهدف الى طبع الحضارة الاسلامية بطابع غربى والقضاء على العادات والتقاليد التى تاصلت فى وجدان ونفوس الشعوب العربية بدعوى التمدن والناظر الى فكر هذا الكاتب يجد فيه تناقضا غريبا فتراه فى بادىء الامر يدافع عن الحجاب وعده دليلا على كمال المراة فى كتابه ((المصريون ))وكان قد اصدر هذا الكتاب ردا على كتاب الدوق داركور والذى هاجم فيه الاسلام وتعدى على الحجاب الاسلامى واذ به يعود فى كتابيه تحرير المراة والمراة الجديدة ويوافق الدوق داركور فى كتاباته عن الحجاب والاسلام ولا حول ولا قوة الا بالله ويهاجم الحجاب ويشير الى انه سبب تخلف المجتمعات العربية والاسلامية وقد قيل انه ساعده على تاليف هذا الكتاب احد الرموز الدينية وهو الشيخ محمد عبده وايده كذلك احد الرموز الوطنية وهو سعد زغلول مما جعل لدعواه صدى بالغ فى نفوس الشعوب العربية بتاييد تلك الرموز لدعواه.وقد كان هذا الكاتب بمثابة الاب الروحى لدعاة التحرر امثال هدى شعراوى ونوال السعداوى واقبال بركة .
وسنعرض لبعض المقتطفات لهذا الكاتب من كتبه والتى نرى فيها تناقضا غريبا يتضح فيها انسياق هذا الكاتب وراء اهوائه وتعارض افكاره فى الكتب التى كتبها .

- بالنسبة لتعدد الزوجات:اولا فى كتاب (( المصريون )) : دافع عن تعدد الزوجات وبرره
(( ليست االزوجة الشرعية هى التى تظفر بنصيب الاسد على ان الامر قد ينتهى بالطلاق فى تسعة اعشار الحالات ))
(( يفترض انه تزوج امرأة .... وفى صبيحة ليلة الزفاف اكتشف لا تمثل النموذج الذى يلائمنى ..... واجدنى فى ظروف ملائمة لكى اسقط فى عشق انثى .... ماذا يمكن ان افعله كمسلم صالح ؟؟ اتخذ منها زوجة واضعها موضع التكريم واضمن لها الحياة والشرف والمستقبل لها ولاولادها كذلك .))
كلام غير منطقى ترى فيه حقيقة افكار قاسم امين التحررية وتلاحظها فى جملة (( اسقط فى عشق انثى ))

ثانيا فى كتاب تحرير المراة: حارب تعدد الزوجات وانكره (( وبديهى ان فى تعدد الزوجات احتقار شديد للمرأة لانك لا تجد ان تشاركها فى زوجها امرأة اخرى ..... وعلى كل حال فكل امرأة تحترم نفسها تتالم اذا وجدت زوجها ارتبط بامرأة اخرى ))
(( يرى ان الرضا الذى تظهره المرأة ناشىء عن انها تعتبر نفسها متاعا للرجل ))
(( ثم ان الاولاد من امهات مختلفات ينشأون بين عواطف الشقاق والخصام .... فى نفوسهم البغضاء ..... اين هذا من منظر عائلة متحدة يعيش فيها الاولاد فى حضن والديهم ))
(( ولا يعذر رجل يتزوج اكثر من امرأة : اللهم الا فى حالة الضرورة المطلقة كان اصيبت امرأته الاولى بمرض لا يسمح لها بتأدية حقوق الزوجية ..... والمرؤة تقتضى ان يتحمل الرجل ..... وكذلك توجد حالة تسوغ للرجل ان يتزوج بثانية ...... اذا كانت عاقرا لا تلد ...... اما فى غير هذه الاحوال فلا ارى تعدد الزوجات الا حيلة شرعية لقضاء شهوة بهيمية )) ضيق ما وسعه الله من حرية تعدد الزوجات مع اشتراط العدل وحصرهما فى سببين وتناسى ان هناك اسباب انسانية قد تكون وراء تعدد الزوجات كما كان يفعل الصحابة فكانوا يتزوجون الارامل حفظا وصونا لهم وكانه ينتقد الصحابة على هذا التعدد كما ترى فى (( اما فى غير هذه الاحوال فلا ارى تعدد الزوجات الا حيلة شرعية لقضاء شهوة بهيمية )) .

- بالنسبة للاختلاط : اولا فى كتاب (( المصريون )) : يهاجم فكرة الاختلاط وانها تنتهى الى علاقة آثمة فى النهاية
(( واستميح ابناء جنسى عذرا حين اقول ان من الطبيعى عند الاوروبيين ان يعد الرجال سارقى قلوب حقييقين وانهم لا يتورعون فى سبيل الظفر بقلب امرأة يريدونها عن قول الاكاذيب وارتكاب الحماقات ونسج المؤامرات الخبيثة وفعل الخيانات ثم هم يفعلون كل ذلك باعصاب باردة ودون ان يكونوا واقعيين تحت تاثير انفعالاتهم العاطفية واحيانا يستقبل الصديق فى بيت صديقه بمودة ويتناول الطعام على مائدته ....... ثم يكافئه بان يطعنه فى شرفه بطعنة مميتة.))
(( ايمكن فى هذه الظروف الموافقة على التقريب بين الرجل والمرأة دون خطر على هدوء الاسر واخلاق المجتمع ؟؟ ان ديننا يجيب على هذا التساؤل بلا ))
(( الزواج عندنا بداية فى حين انه عندهم تقريبا نهاية ))
(( هل يعنى هذا ان جميع الازواج فى مصر هم نماذج للاخلاص والفضيلة ؟ كلا لكنى اؤكد ان ما هو قاعدة فى اوروبا بخاصة فيما يتعلق بخيانة الازواج ليس فى مصر الا استثناء ))
(( الظروف ايضا هى التى تخلق الزانى . ان الحب من اول نظرة لا يحدث تقريبا فى الحياة الواقعية فالحب يولد بعد اعتياد اللقاء والحديث والتفاهم ........ يجب ان نعترف بان عادات بعض الطبقات الاوروبية قد ساهمت كما لو كان ذلك عن قصد فى زيادة الفرص التى تيسر السقوط ...... النزهات الخلوية الفردية فوق العشب الحانى ؛شواطىء الاستحمام التى ترتدى فيه المرأة ثوبا لاصقا بجسدها ويشى بكل المفاتن الخبيئة ثم تترك نفسها بين صديق يعلمها السباحة والوجبات الشهية التى يحل فيها النبيذ عقدة اللسان ويتيح للاقدام ان تمرح فى يسر تحت المائدة ؛ ثم حفلات الرقص التى تاتى اليها النساء فى ثياب عارية الاكتاف تشيع عطورا تسكر ثم يستسلمن لعناق الفارس فى دوامة الرقص ))
ان الكلام يصف نفسه وكانى هنا بقاسم امين يكتب قصة غرامية او يؤلف شعر غزل ولا يهاجم الاختلاط الا فى مواضع قليلة وهذا ما يبرز حقيقة افكار هذا الكاتب التحررية .
ثانيا فى كتاب (( تحرير المرأة )) : مدح الاختلاط وذكر مزاياه وعيوب عدم الاختلاط
(( قد صار من المقرر عندنا ان الامهات لا يفلحن فى تربية الاولاد حتى صار من المثل فى الحطة ورداءة السيرة ان يقال فلان تربية امرأة – على اننا نرى ان تربية المراة فى البلاد الغربية تفوق تربية الرجال وان احسن الناس تربية هم من ساعدهم الدهر ان تتولى تربيتهم امراة ))
(( فمن المشاهد الذى لا جدال فيه ان نساء امريكا هن اكثر نساء الارض تمتعا بالحرية وهن اكثر اختلاطا بالرجال حتى ان البنات فى صباهن يتعلمن مع صبيان فى مدرسة واحدة فتقعد البنت بجانب الصبى لتلقى العلوم ومع هذا يقول يقول المطلعون على احوال امريكا ان نسائها احفظ للاعراض واقوم اخلاقا من غيرهن وينسبون صلاحهن الى شدة الاختلاط بين الصنفين من الرجال والنساء فى جميع ادوار الحياة .... المراة التى تخالط الرجال تكون ابعد عن الافكار السيئة من المرأة المحجوبة والسبب فى ذلك ان الاولى تعودت رؤية الرجال وسماع كلامهم فاذا رات رجلا ايا كان لم يحرك فيها شيئا من الشهوة بل لو عرض عليها شيئا من هذا فانما يكون بعد مصاحبة طويلة وقضاء اوقات فى خلوات كثيرة وهذا ما منعته الشريعة . اما الثانية فمجرد النظر اليها كاف فى اثارة هذا الخاطر )) لا تعليق اترككم لسلسلة التناقضات فى افكار هذا الكاتب وتبريراته التى تبتعد عن الدين ويركن فيها الى هواه .

- بالنسبة للاخلاق :اولا فى كتابه المصريون : يهاجم الفساد الاخلاقى الذى يعيشه المجتمع الاوروبى
(( ان الشرقى الذى يزور اوروبا مرة يختلط لديه الاعجاب باحساس بالنفور تثيره فى نفسه اوضاع التحلل الاخلاقى والانحلال والضلال المنتشرة فى كل مكان ))
ويستشهد باحصائية فرنسية ليدعم قوله السابق فيقول (( ان نسبة واحد واربعين فى المائة من نساء الهوى المعروفات رسميا قاصرات وان اكثر من ربع المواليد المعروفين من ابناء غير شرعيين وان المجتمع يفقد كل عام مائة وخمسين الف طفل يقتلون ساعة ولادتهم او اثناء الحمل ...... افلا تؤكد هذه الارقام وجود حالة حادة من التفسخ ؟؟ ...... ما تزال لديكم تجارة رقيق ابيض بكل بشاعتها ))

ثانيا فى كتابه تحرير المرأة : يربط التقدم المادى ويعتبر التقدم الاخلاقى ملازما له ويمتدح خلق الرجل الاوروبى
(( هل يظن المصريون ان رجال اوروبا مع انهم بلغوا من كمال العقل والشعور مبلغا مكنهم من اكتشاف قوة البخار والكهرباء ....... يمكن ان يغيب عنها معرفة الوسائل لصيانة المرأة وحفظ عفتها ؟ هل يظنون ان اولئك القوم يتركون الحجاب بعد تمكنه عندهم لو رأو خيرا فيه ؟؟ كلا وإنما الإفراط في الحجاب من الوسائل التي تبادر عقول السذج وتركن إليها نفوسهم ولكنها يمجها كل عقل مهذب وكل شعور رقيق ))

ثالثا فى كتابه المرأة الجديدة :
(( ولتاكد الرجال وشعورهم بان النساء لا هم لهن ولا شغل شاغل لعقولهن الا شانهن مع الرجال ؛ لا ترى رجلا بين المصريين يأتمن زوجته ويرضى بمعاملتها لرجل اجنبى . وفى بعض الحالات لا ياتمن الرجل شقيقه ولا يسمح لامراته ان تكلمه وتكشف وجهها عليه ولو كان حاضرا معهما وكذلك فى كثير من العائلات لا يختلط الرجل بشقيقة زوجته ))
(( وليس من الممكن ان تصل المرأة الى هذه المنزلة الادبية مادامت فى الحجاب ولكن من السهل جدا ان تصل اليها بالحرية تصل اليها كما وصلت الى غيرها من النساء الغربيات فاننا نرى انه كلما زيد فى حرية المرأة الغربية زاد عندها الشعور بالاحترام لنفسها ولزوجها ولعائلتها ))
(( وصل من احترام الرجل الغربى لحرية المرأة الى حد ان يحجر الاب على نفسه ان يفتح الخطابات التى ترد لبنته او لزوجته ))
(( بلغ من احترام الرجل الغربى لحرية المرأة ان بنات فى سن العشرين يتركن عائلاتهن ويسافرن من امريكا الى ابعد مكان فى الارض وحدهن او مع خادمة ويقضين الشهور والاعوام متغيبات فى السياحة ولم يخطر على بال احد من اقاربهن ان وحدتهن تعرضهن لخطر ما ))
(( كان من حرية المرأة ان يكون لها اصحاب غير اصحاب الزوج ومع كل ذلك ترى نظام بيوت هؤلاء الغربيين قائم على اسس متينة ولم يحل بهم المصائب التى يهددنا بها هؤلاء الكتاب والفقهاء من قومنا الذين اطالوا الكلام فى شرح المضار التى تنتج عن اطلاق الحرية للنساء ! فكثيرا ما سمعنا منهم ان اختلاط الرجال بالنساء يؤدى الى اختلاط الانساب وانه متى اختلطت الانساب وقعت الامة فى الهلاك ))

واخيرا هذه بعض المقولات لهذا الكاتب يهاجم فيها الاسلام فى كتاب تحرير المرأة :
(( أين هذه الفوضى من النظامات والقوانين التي وضعها الأوربيون لتأكيد روابط الزوجية وعلاقات الأهلية؟ بل أين هي من القوانين اليونانية الروماني ))
((من الغريب أن المسلمين في جميع أزمان تمدنهم لم يبلغوا مبلغ الأمة اليونانية ))
(( الكمال البشري لا يجب أن نبحث عنه في الماضي، بل إن أراد الله أن يمن على عباده فلا يكون إلا في المستقبل البعيد جدا ))
((وأما خوف الفتنة الذي نراه يطوف في كل سطر مما يكتب في هذه المسألة تقريباً، فهو أمر يتعلق بقلوب الخائفين من الرجال، وليس على النساء تقديره ، ولا هن مطالبات بمعرفته، وعلى من يخاف الفتنة من الرجال أن يغض بصره ))

بعد هذا العرض لافكار قاسم امين هل ترون ان هذا الرجل يتحمل
وزر الامة الاسلامية وانتشار السفور بها ؟؟؟