قال أبو فزارة الأسدي :
قلتُ لسعيدٍ بن هشيم : لو حفظتَ عن أبيك عشرة أحاديث سُدتَ النّاس، وقيل هذا ابن هشيم فجاءوك فسمعوا منك!!
قال سعيد : شغلني عن ذلك القرآن .
فلما كان يوم آخر قال لي سعيد : جبير كان نبيًّا أم صديقاً ؟
قال : قلت : من جبير !!؟
قال : قوله عز و جل " واسأل به جبيراً " ( يقصد قوله تعالى "
فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً " [الفرقان : 59])
قال : قلت له : يا غافل!! زعمت أن القرآن أشغلك!!
.................................................. ....
تقول وفاء سلطان :
(
طبعا درست كتب التفسير من ألفها إلى يائها ) !!!!
و إليكم فهمها لآيات كتاب الله و سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم مع تعليق إن لزم الأمر !!
المثال الأول :
عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللًا ، فقال : ما هذا يا صاحب الطعام ؟! قال : أصابته السماء يارسول الله !!
قال :
أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس ؟! من غشنا فليس منا .
تقول الكاتبة :
(
هذه الشرع باطل وغير أخلاقيّ! عندما تتبرمج على أن تغشّ من لا ينتمي إلى دينك تصبح قادرا على أن تغشّ أخيك باعتباره ليس أنت! )
منطق الكاتبة كالتالي :
عندما تقول لابنك " لا تكسر لعبك " فمعناها أنه يستطيع أن يحرقها، ويستطيع أن يكسر الأطباق!!
وبعد أن يحرق اللعب و يكسر الأطباق فسوف يكسر اللعب!!
عندما تقول لطفل "لا تسب والديك" فمعناها أن يعق غير والديه!! كما يستطيع ضرب والديه!!
وبعد أن يعق غير والديه و يضرب والديه فسوف يسب والديه!!
لا أقول إن هذا فهمٌ باطلٌ، بل أقول إنه عدم فهمٍ أصلًا، و ذلك لأسباب :
1- " من غشنا فليس منا " لا تؤدي إلى نتيجة أن " من غش غيرنا فهو منا " !!
2- لم يذكر أحدٌ من علماء المسلمين هذا الفهم و لم يستعمله و لم يفتِ به .
3- مناسبة الحديث كانت أن بائعًا غش في ما يعرضه أمام المشترين في السوق .. و نهاه النبي صلى الله عليه و سلم عن فعله ذلك و لم يقل له " افعل هذا في أسواق غير المسلمين " .. إذ الأسواق للناس جميعًا ..
4- نص الحديث نفسه " أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس ؟! " و لم يقل كي يراه المسلمون .
5- روايات الحديث عن أبي هريرة بألفاظٍ تفسر بعضها ، منها " من غش فليس مني " وفي رواية " منا " وفي أخرى " ليس منا من غش " وفي رابعة " ليس منا من غشنا " وفي خامسة " ألا من غشنا فليس منا " كما قال الألباني رحمه الله .
المثال الثاني :
قال صلى الله عليه و سلم :
(
من مات و لم يغزُ أو تحدثه نفسه بالغزو مات ميتة جاهلية ).
كيف فهمته الكاتبة و نزّلته على واقعنا المعاصر ؟!
تقول :
(
والرجل المسلم يتصيد منصبا كي يغزوه، ومتى اُتيحت له الفرصة يغنم كل ما تقع عليه يده بدون رحمة أو شفقة التزاما بعقيدة الغزو والغنائم، ومن لم تتح له تلك الفرصة يقضي حياته لاهثا وراء الرغيف )
إلى آخر تلك الفكاهات ..
طبعًا !!
لا ..
تعليق !!
المثال الثالث :
يقول الله تعالى :
(
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ)
الكاتبة لا تفتخر بجهلها و حسب، بل تفتخر به أمام الناس، بل تتهم به كل الناس فتقول :
(
منذ ألف وأربعمائة عام والمسلمون يتلون الآية السابقة، هل أحد فيها يعي ما تقوله؟!!
هل أحد فيهم يعرف أين تبدأ الجملة فيها وأين تنتهي؟)
لا أدري بأي وجه تزعم الكاتبة أنها درست – لا قرأت وحسب – كتب التفسير من ألفها إلى يائها ..
و لو كان لها وجهٌ في ذلك القول لكان – كعادتها - وجه كذاب!! لكن ..
ما هو الوجه الذي تأتي به لتتهم المسلمين على مر الدهر أنهم لا يعون الآية و لا يعرفون مبدأ الكلام و آخره؟! أي وجه؟!
الآية تبين حكم الاستئذان بين أهل البيت الواحد ..
إذ تكون هناك أوقات خلوة بين الرجل و زوجته أو أوقات نوم أو أوقات وضع الثياب ..
"
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ "
نعلّمهم الاستئذان كل حين أم له أوقات ..
"
ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ "
لماذا ؟!
"
ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ "
نعم .. فلا يجوز أن يطلع أحدٌ على هذه العورات .. فيلتزم الأبناء بالاستئذان في أوقاتٍ ثلاثةٍ محددة .. فيتعلم الطفل أدب الاستئذان و يعلم أن له وزنًا يُثقله استئذانه فهو ليس " قطعة أثاث " لا يبالي أحد بوجودها ، كما يتعلم الولد احترام خصوصية غيره .. كما لا يتعرض الطفل لرؤية والديه في حال لا ينبغي له أن يراهما فيه فتتأثر نفسيته و تتبدل عقليته قبل الأوان .. و في هذا التعليل إشارةٌ إلى أن علة النهي ألا يقع الأبناء على عورات الآباء .. فإن أتى الآباء ما يأتونه في غير هذه الأوقات فعليهم اعتبار ذلك عورة و لا يجوز أن يعتبروا الأبناء بُلهًا مغفلين لا يعرفون إلامَ ينظرون ؟!
و كم تأثرت نفسيات أطفال و سلوكياتهم من جراء اطلاعهم على آبائهم في خلوتهم ..
يقول فرويد :
( متى عاين صغار الأطفال اتصالًا جنسيّا بين أهلهم – و غالبًا ما يتيح لهم هؤلاء الفرصة اعتقادًا منهم بأن الطفل أصغر سنّا من أن يفهم الحياة الجنسية – بادروا على تأويل الفعل الجنسي على أنه ضرب من سوء المعاملة أو من إساءة استعمال القوة ، أي أنهم يخلعون على هذا الفعل مدلولًا ساديّا ، إن انطباعًا كهذا في الطفولة الأولى يُسهم إسهامًا كبيرًا في تمهيد السبيل لاحقًا أمام نقل سادي للهدف الجنسي ) .
" ثلاثة مباحث في نظرية الجنس ، ترجمة : جورج طرابيشي " .
لا أدري هل ذكر فرويد تنبيهات تحمي الطفل من هذه المشاهدة من جهته أو من جهة والديه أم لا ..
لكني أعلم أن الله تعالى أغنانا عن فرويد و استنتاجاته في أمور التربية و التنشئة القويمة للأبناء ..
فعلّم – سبحانه – الآباء أن يستتروا عن خلطائهم .. و علمهم أن يعلموا أبناءهم الاستئذان ..
"
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ "
نعلّمهم الاستئذان كل حين أم له أوقات ..
"
ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ "
لماذا ؟!
"
ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ "
و في غير العورات .. ألا نعلمهم الاستئذان .. فهو كما يبدو شيءٌ مطلوب ؟!
"
لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ "
"
عَلَيْكُمْ " ؟؟
قال ابن عاشور رحمه الله :
( فإن الأمر باستئذان هؤلاء عليهم يقتضي أمر أهل البيت بالاستئذان على الذين ملكت أيمانهم إذا دعاهم داعٍ إلى الدخول عليهم في تلك الأوقات كما يرشد السامعَ إليه قوله " ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ " ، وإنما لم يصرح بأمر المخاطبين بأن يستأذنوا على الذين ملكت أيمانهم لندور دخول السادة على عبيدهم أو على غلمانهم إذ الشأن أنهم إذا دعتهم حاجة إليهم أن ينادوهم فأما إذا دعت الحاجة إلى الدخول عليهم فالحكم فيهم سواء ، وقد أشار إلى العلة قوله تعالى " طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ " .)
"
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ "
نعلّمهم الاستئذان كل حين أم لها أوقات ..
"
ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ "
لماذا ؟!
"
ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ "
و في غير العورات .. ألا نعلمهم الاستئذان .. فهو كما يبدو شيء مطلوب ؟!
"
لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ "
لماذا ؟!
"
طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ "
إذن يكون الاستئذان في ثلاث أوقات – غالبًا أوقات نوم للطفل - فلا يصير البيت بالنسبة للطفل المميِّز سجنًا ..
فيكون في الحكم تربيةٌ على الاحترام و الحب .. و الفصل و الوصل .. و الاستئذان و المخالطة ..
"
كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ "
الحمد لله العليم الحكيم قبل التبيان و بعده ..
لا نحصي ثناء عليه كما أثنى على نفسه ..
(
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )
المثال الرابع:
قال تعالى :
(
وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ.)
علّقت الكاتبة على هذه الآية الكريمة بأُحمُوقتين .. أعلقُ على الأولى و أترك الثانيةُ لأنها لا تستدعي تعليقًا ..
الأُحمُوقَة الأولى :
الكاتبة تتظاهر بأنها من أهل اللغة – رغم أخطائها اللغوية الكثيرة – فتقول في تكلف ممجوج و تعالم قبيح :
(
لاحظوا كلمة " لا تكرهوا "، فالإغتصاب هنا مجرد إكراه وليس انتهاكا للإرادة، والفرق بين الإكراه والإنتهاك كبير للغاية!)
يا سلام!!
أولًا :
ما الفرق الكبير للغاية ؟! بل ما الفرق بين انتهاك الإرادة و الإكراه ؟!
إن اللفظ هنا دقيق لا يقوم مقامه لفظٌ آخر .. فانتهاك الإرادة يكون بالعصيان و بالإكراه و بالتجاهل و غير ذلك ..
والدٌ يطلب من ابنه شيئًا فيتجاهله " انتهك إرادته " .. شخصٌ يمنع الناس دخول بيته فيدخلون " انتهكوا إرادته " .. امرأةٌ تريد الإحصان فأجاءها – أي اضطرها - وليها إلى فعله " انتهك إرادتها " .. فانتهاك الإرادة عام و الإكراه خاص و الخاص أدق من العام إذ يمنع غير المرغوب من الدخول في مدلوله و ينص على المراد دون تقصير ..
ثانيا :
لو سلمنا جدلًا أن الفرق كبير ..
أليست الصياغة تكون بقولنا ( و لا تنتهكوا إرادة فتياكم فتكرهوهن على البغاء إن أردن تحصنًا ) ؟!
فلابد إذن من ذكر صورة انتهاك الإرادة و هي الإكراه !!
ثم يكون هناك تطويلٌ بغير داعٍ إذ مفهومٌ بداهةً – عند من يملك البديهة !- أن الإكراه صورةٌ من صور انتهاك الإرادة !!
ثم يكون هناك تطويلٌ بذكر الإرادة التي انتهكت مرتين " إرادة " و " أردن " !!
ثالثًا :
في قوله تعالى "
تُكرِهُوا " رحمة بمن أكرهها وليها ..
لأن الإرادة قد لا تكون منتهكة كلية في حالة إكراه الفتاة على البغاء ..
إذ إن أرادتها لا تكون ملغاةً بالكلية ، بل غالبًا ما يكون لها بعض إرادة ..
فرحمها الله تعالى من التكليف بتلك الإرادة و جعل الذنب على وليها و على من فعل بها لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئًا..
و أكد سبحانه ذلك بأنه غفورٌ رحيمٌ لا يؤاخذها بما أكرهت عليه ...
( سبب الاختلاف أن الإكراه نوعان :
الأول : مُلجِئ ، فيكون الإنسان فيه آلة لا قدرة له و لا اختيار و هذه الحالة لا نزاع فيها أنه غير مكلفٍ أصلًا .
الثاني : غير ملجئ ، و يكون للإنسان فيه نوع اختيارٍ أو إرادةٍ فهذا فيه نوع تكليف .
و من النوع الثاني غير الملجئ :
- من أُكره على قتلِ رجلٍ آخر : فهذا يفعل و له نوع إرادة ، و قد أُمِر بقتل هذا الرجل و إلا قُتِل ، ففي هذه الحالة لا يجوز له قتله و إن أُكرِه على ذلك لأن الحفاظ على حياة أحدهما ليس بأولى من الحفاظ على حياة الآخر .
- من أُكره على الزنا : فهذا له نوع اختيار و في هذه الحالة يكون الإكراه معتبرًا بدليل قوله تعالى " وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " و لا يتصور البغاء في الإكراه الملجئ )
" الشرح الصوتي لكتاب التوحيد، د. ياسر برهامي، بتصرف "
الخلاصة :
أن الكاتبة تتنطع و تتكلف أمورًا ليست من اللغة و لا العقل ..
الأُحموقة الثانية :
المفاجأة في قول الكاتبة في هذه الآية الكريمة بأنها توحي بأن الاغتصاب حلال :
(لم يتجاهل القرآن الإغتصاب وحسب، بل خفف من أهميته ووقعه إلى حد أوحى بتحليله)
"
وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا "
هذه توحي بأن الاغتصاب حلال !!
لو أن لؤمك عاد جوداً عشرُه ... ما كان عندك حاتمٌ مذكورًا!!
المثال الخامس :
قال تعالى :
(
فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا)
أيبلغ الشطط بإنسان أو "لا إنسان!" أن يقول إن "
مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ " تشمل العنزات و الغنم !!
تقول الكاتبة :
(
وهنا نملك الحق أن نتساءل: هل تندرج عنزاته وغنماته تحت لواء ما ملكت يمينه؟!! )
ثم تبسط " حُجتها " فتقول :
(
الشق الأول من الآية ألحق عبارة ـ ما طاب لكم ـ بكلمة النساء تحديدا. أما في الشق الثاني من الآية فعبارة ـ أو ما ملكت أيمانكم ـ غير واضحة ولم تحدد النساء فقط ! )
إذن فماذا تقول الجهبوذة الفذة في قوله تعالى (
فَوَاحِدَةً ) أليست واحدة من النساء و بالتالي أو ما ملكت أيمانكم من النساء ؟!
هذا لو لجأنا للغة العرب وحدها و تركنا " العقل " كليةً تنزلًا لمستوى الكاتبة !!
تتابع الكاتبة في " تفسيرها!! " فتقول:
(
عادة (ما) تشير إلى غير العاقل و(من) تشير إلى العاقل، والأوضح لو جاءت على هذا الشكل: وممن ملكت أيمانكم! فهل هذا كتاب مبين؟!!
أضرب مثلا: عندما أقول لقد وجدت ما أحبّه)، هل ينطبق معنى تلك العبارة على معنى عبارة ( لقد وجدت من أحبه)؟!!
أليست كلمة (من) في العبارة الثانية تحدد بأنني وجدت الإنسان الذي أحبه، وليس الكتاب أو الطعام أو الحيوان أو ما شابه ذلك والذي تقصده (ما) في العبارة الأولى؟!!)
تأمل قولها " عادة " في بداية الكلام .. فكأنها تعلم أن " ما " و " من " قد يتبادلان الأماكن عند العرب و في نفس الوقت تأبى إلا الاعتراض ..
أو تنطلق من أرضيةٍ علميةٍ غير صلبةٍ أو غير موجودةٍ فتحتاط لنفسها بقولها "عادة " !!
عمومًا :
لو أن الكاتبة جهلت اللغة و وقعت على شيء من كتب التفسير و هي التي درستها من ألفها إلى يائها لوجدت مثلًا :
( تنبيه : عبر تعالى عن النساء في هذه الآية « بما » التي هي لغير العاقل في قوله { فانكحوا مَا طَابَ لَكُمْ } ولم يقل "من طاب" ، لأنها هنا أُريد بها الصفات لا الذوات ، أي : ما طاب لكم من بكر أو ثيب ، أو ما طاب لكم لكونه حلالاً ، وإذا كان المراد الوصف عبر عن العاقل « بما » كقولك ما زيد في الاستفهام تعني أفاضل؟ )
"أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن "
(جيء بـ ( ما ) الغالبة في غير العقلاء ، لأنّها نُحِي بها مَنْحى الصفة وهو الطيب بلا تعيين ذات ، ولو قال " مَنْ " لتبادر إلى إرادة نسوةٍ طيباتٍ معروفاتٍ بينهم ، وكذلك حال " ما " في الاستفهام ، كما قال صاحب "الكشاف" وصاحب "المفتاح" . فإذا قلت : ما تزوجت؟ فأنت تريد ما صفتها أبكرا أم ثيّباً مثلاً ، وإذا قلت : مَن تزوجت؟ فأنت تريد تعيين اسمها ونسبها) .
" التحرير و التنوير "
و هناك أقوالٌ أخرى تتبارى في الصحة ، و تتسابق إلى الرجحان كفرسي رهان ، لكن حفاظًا على عقل "!! " الكاتبة لا نعرضها عليها دفعة واحدة فتندهش فتصاب بسكتة دماغية !!
و لها الرجوع التدريجي – و يلزم التدرج !! - إلى كتب التفسير شيئًا فشيئًا حتى تعرف أن "
مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ " لا تشمل العنزات و الغنم كما يعرف ذلك جميع العقلاء !!
المثال السادس :
الفرق بين التلاوة و القراءة !!
تقول الكاتبة :
(
المسلمون لا يقرأون القرآن وإنما يتلونه، وهناك فرق كبير بين القراءة والتلاوة. عندما تتلو لا تستطيع أن تصغي لأنك تسقط عبدا للنغمة، أما عندما تقرأ فأنت ملزم بالإصغاء كي تعي ما تقرأ.)
لا أدري من أين أتت الكاتبة بهذه التفرقة ..
أَمِن كتب اللغة ، و فيها (تَلا يَتْلو تِلاوَة يعني : قرأَ قراءة ) " لسان العرب " ؟!
أم من كتب التفسير ، و فيها ({
أَتْلُ } اقرأ ) " تفسير الجلالين " ؟!
أم من كتب فيها التفرقة بين ما شاع ترادفه ، و فيها (التلاوة لا تكون إلا لكلمتين فصاعدًا ، و القراءة تكون للكلمة الواحدة، يقال "قرأ فلان اسمه" ولا يقال "تلا اسمه" ) ، كما فيها (التلاوة تختص باتباع كتب الله المنزلة تارة بالقراءة وتارة بالارتسام ) " الفروق اللغوية " ؟!
لا أدري من أين أتت الكاتبة بهذه التفرقة الجديدة بين " التلاوة " و " القراءة " ..
قال الله تعالى :
"
وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ " [الأعراف : 204] .
"
أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا " [محمد : 24] .
أيها القارئ الكريم .. ألا تقول معي – كُفِيتَ الشر - :
يا غافلة !! زعمت أنك " درستِ " كتب التفسير من ألفها إلى يائها ؟!!
Bookmarks