(( و أما قوله " و أنه أباح للرجل أن يتزوج بأربع زوجات و لم يبح للمرأة أن تتزوج بأكثر من زوج واحد "
فذلك من كمال حكمة الله تعالي و إحسانه و رحمته بخلقه و رعايته لمصالحهم ، و يتعالي سبحانه عن خلاف ذلك و ينزه شرعه أن يأتي بغير هذا ، و لو أبيح للمرأة أن تكون عند زوجين فأكثر لفسد العالم و ضاعت الأنساب و قتل الأزواج بعضهم بعضًا ، و عظمت البلية و اشتدت الفتنة ، و قامت سوق الحرب علي ساق ، و كيف يستقيم حال امرأة فيها شركاء متشاكسون ؟ و كيف يستقيم حال الشركاء فيها ؟
فمجئ الشريعة بما جاءت به من خلاف هذا من أعظم الأدلة علي حكمة الشارع و رحمته و عنايته بخلقه .
فإن قيل : فكيف روعي جانب الرجل ، و أطلق له أن يسيم طرفه و يقضي وطره ، و ينتقل من واحدة إلي واحدة بحسب شهوته و حاجته و داعي المرأة داعيه و شهوتها شهوته ؟
قيل : لما كانت المرأة عادتها أن تكون محجوبة من وراء الخدور محجوبة في كن بيتها ، و كان مزاجها أبرد من مزاج الرجل و حركتها الظاهرة و الباطنة أقل من حركته ، و كان الرجل قد أعطي من القوة و الحرارة أكثر مما أعطيته المرأة ، و بلي بما لم تبل به ، أطلق له من عدد المنكوحات ما لم يطلق للمرأة ، و هذا مما خص الله به الرجال و فضلهم به علي النساء كما فضلهم عليهن بالرسالة و النبوة و الخلافة و الملك و الإمارة و ولاية الحكم و الجهاد و غير ذلك ، و جعل الرجال قوامين علي النساء ساعين في مصالحهن ، يدأبون في أسباب معيشتهن و يركبون الأخطار و يجوبون القفار ، و يعرضون أنفسهم لكل بلية و محنة في صالح الزوجات ، و الرب تعالي شكور حليم ، فشكر لهم ذلك و جبرهم بأن مكنهم ما لم يمكن منه الزوجات .
و أنت إذا قايست بين تعب الرجال و شقائهن و كدهم و صبهم في مصالح النساء و بين ما ابتلي به النساء من الغيرة ، وجدت حظ الرجال من تحمل ذلك التعب و النصب و الدأب أكثر من حظ النساء من تحمل الغيرة ، فهذا من كمال عدل الله و حكمته و رحمته فله الحمد كما هو أهله .
و أما قول القائل " إن شهوة المرأة تزيد علي شهوة الرجل "
فليس كما قال ، و الشهوة منبعها الحرارة ، و أين حرارة الأنثي من حرارة الذكر ؟! )) ( إعلام الموقعين عن رب العالمين ج2 ص 103 ))
Bookmarks