بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
ها هنا نحن من جديد حول ما يراه البعض شبهة يجب الرد عليها ويراها البعض الآخر مشكلة عقائدية في تبني اليقين بأدلة وبراهين ظنية الثبوت " وهو الموضوع الذي تم الحديث حوله مطولا " .
بالرغم من عدم اعتقادي بحديث " خلق الله لآدم على صورته " الا أن تفسيرا لهذا الحديث لأهل السنة يوافق اعتقادي تماما وهو أن خلق الله لآدم على صورته يعني على صورة آدم بأن يرجع الضمير في الحديث على آدم نفسه أو خلق الله لآدم على صورة من صور الله التي صورها وأن القول بأن الله ذاته على صورة آدم قول باطل وأن الحديث القائل " بخلق آدم على صورة الرحمان " حديث ضعيف ومن قال بغير ذلك فان معتقده باطل وخاطئ , وهذا يعطي نتيجة واحدة بالرغم من اختلاف المرجعية لتوافق الاسس الاعتقادية في الله ومنها :
1_ أن الله واحد في ربوبيته والوهيته وذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله .
2_ أن الله لا يتجسد ولا يتمثل ولا يتصور لا في الدنيا ولا في الآخرة بأي شكل من الأشكال وأن ما تصورته أو تخيلته لله فالله أعلى وأكبر منه وهو مقدس ومنزه عن ذلك .
3_ أن الله ليس كمثله شئ بالمطلق في الدنيا والآخرة فلا يشبهه شئ لا في ذاته ولا صفاته ولا أفعاله فان كان له يد فهي ليست كيد الخلق وان كان له عين فهي ليست كعين الخلق وان كان يغضب ويرضى فهو ليس كغضب الخلق ورضاهم وان كان الله يعذب ويغفر فعذابه ليس كعذاب أحد ومغفرته ليست كمغفرة أحد .
4_ أن الله لا تدركه الأبصار لا في الدنيا ولا في الآخرة وان كان وجه الله ويده وما الى ذلك ليس كأوجه الخلق وأيديهم فهذا يعني أن النظر الى الله في الآخرة ليس كالنظر لأي شئ بالمطلق .
5_ الله لا يحل بشئ أو أحد ولا يتحد بأحد وتجليه للشئ يكون بقدرته وعظمته لا بحلوله فيه فالله منزه عن المحدودية بقوانين المكان والزمان .
.
.
.الخ
وهذا ما لا يختلف عليه مسلمان يعرفان الله عز وجل .
ولكن الحديث الذي هو موضوعنا لم أجد له تفسيرا يوافق هذه العقيدة بل ان فيه كلاما يخالفها تماما وها هو الحديث :
باب الصراط جسر جهنم 6204 حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري أخبرني سعيد وعطاء بن يزيد أن أبا هريرة أخبرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم وحدثني محمود حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي هريرة قال قال أناس يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة فقال هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب قالوا لا يا رسول الله قال هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب قالوا لا يا رسول الله قال فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك يجمع الله الناس فيقول من كان يعبد شيئا فليتبعه فيتبع من كان يعبد الشمس ويتبع من كان يعبد القمر ويتبع من كان يعبد الطواغيت وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا أتانا ربنا عرفناه فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فيتبعونه ويضرب جسر جهنم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكون أول من يجيز ودعاء الرسل يومئذ اللهم سلم سلم وبه كلاليب مثل شوك السعدان أما رأيتم شوك السعدان قالوا بلى يا رسول الله قال فإنها مثل شوك السعدان غير أنها لا يعلم قدر عظمها إلا الله فتخطف الناس بأعمالهم منهم الموبق بعمله ومنهم المخردل ثم ينجو حتى إذا فرغ الله من القضاء بين عباده وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يخرج ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله أمر الملائكة أن يخرجوهم فيعرفونهم بعلامة آثار السجود وحرم الله على النار أن تأكل من بن آدم أثر السجود فيخرجونهم قد امتحشوا فيصب عليهم ماء يقال له ماء الحياة فينبتون نبات الحبة في حميل السيل ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار فيقول يا رب قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها فاصرف وجهي عن النار فلا يزال يدعو الله فيقول لعلك إن أعطيتك أن تسألني غيره فيقول لا وعزتك لا أسألك غيره فيصرف وجهه عن النار ثم يقول بعد ذلك يا رب قربني إلى باب الجنة فيقول أليس قد زعمت أن لا تسألني غيره ويلك بن آدم ما أغدرك فلا يزال يدعو فيقول لعلي إن أعطيتك ذلك تسألني غيره فيقول لا وعزتك لا أسألك غيره فيعطي الله من عهود ومواثيق أن لا يسأله غيره فيقربه إلى باب الجنة فإذا رأى ما فيها سكت ما شاء الله أن يسكت ثم يقول رب أدخلني الجنة ثم يقول أو ليس قد زعمت أن لا تسألني غيره ويلك يا بن آدم ما أغدرك فيقول يا رب لا تجعلني أشقى خلقك فلا يزال يدعو حتى يضحك فإذا ضحك منه أذن له بالدخول فيها فإذا دخل فيها قيل تمن من كذا فيتمنى ثم يقال له تمن من كذا فيتمنى حتى تنقطع به الأماني فيقول له هذا لك ومثله معه قال أبو هريرة وذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولا قال وأبو سعيد الخدري جالس مع أبي هريرة لا يغير عليه شيئا من حديثه حتى انتهى إلى قوله هذا لك ومثله معه قال أبو سعيد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا لك وعشرة أمثاله قال أبو هريرة حفظت مثله معه.
ونعرض أوجه الخلاف بثلاث نقاط للاختصار :
1_ بداية الحديث تشبيه لرؤية الله برؤية الشمس والقمر وقد أقررنا بأن يد الله ليست كيد الخلق ووجه الله ليس كوجه الخلق ...وهكذا , اذا فالنظر الى الله يوم القيامة يقتضي أن لا يكون كالنظر للخلق .
وبناء على هذا أفلا يكون تشبيه رؤية الله برؤية الشمس والقمر تشبيها لله ؟
2_هل يمكننا أن نقول أن لله صورة كما أن له يد ووجه ؟ فضلا عن أن نقول أن هذه الصورة متعددة ؟ فضلا عن أن نقول أن المنافقين كانوا يعرفون احدى هذه الصور ؟
3_يوم القيامة يقول الله : ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد , فكيف يرجع الله تعالى عن كلمته في ادخال عبد للنار بدعاء ذلك العبد يوم القيامة وقد علمنا أن دعاء المرء في يوم القيامة غير مقبول الا دعاء النبي ومن معه ؟ فضلا عن أن يضحك الله _ بحسب الحديث _ من عبده ؟ والله القائل : " يوم لا تكلم نفس الا باذنه " ويقول : " يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون الا من اذن له الرحمان وقال صوابا " .
للعلم أنا لم أسمع تفسيرا كاملا لهذا الحديث سوى بعض الكلام الغير موثق ولكن يبقى السؤال الأهم :
هل لله صور متعددة قد يعرفها الناس ؟
Bookmarks