تزامنًا مع يوم المرأة العالمي

[muslimah]

تزامنًا مع يوم المرأة العالمي
نساء العالم يحتفلن وأسيرات فلسطين يتجرعن المرارة في سجون الاحتلال

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام



في مثل هذا اليوم (الثامن من آذار "مارس") من كل عام تحتفل نساء العالم بيوم المرأة العالمي؛ حيث يتلقِّين التهاني والهدايا، بينما يختلف وضع نساء فلسطين؛ فمعظمهن يعاني من إجرام الاحتلال؛ فمن لم تفقد ابنًا بالشهادة فقدته بالأسر إن لم تقع هي فيه.

وتمر هذه المناسبة هذا العام والاحتلال يختطف في سجونه 69 أسيرة في ظل ظروف قاسية، ويحرمهن من حقوقهن الأساسية ويمارس بحقهن كافة أشكال الانتهاك والتضييق تحت سمع وبصر المجتمع الدولي بمؤسساته التي تنادي بحرية المرأة وتدَّعي الحفاظ على حقوق الإنسان.

جمعهن الأسر على اختلاف أعمارهن

وأكدت وزارة الأسرى والمحررين في الحكومة الفلسطينية برئاسة إسماعيل هنية في تقريرٍ صدر عنها بمناسبة يوم المرأة العالمي؛ تلقَّى "المركز الفلسطيني للإعلام"، نسخة منه، أن "سلطات الاحتلال اعتقلت أكثر من عشرة آلاف امرأة فلسطينية منذ العام 1967م، وخلال انتفاضة الأقصى اعتقل الاحتلال أكثر من 820 فلسطينية، وزجَّ بهن في زنازين وغرف التحقيق وفي أقسام العزل، ولا يزال رهن الاعتقال في سجون الاحتلال الصهيوني 69 أسيرة، وجميعهن اعتُقلن خلال انتفاضة الأقصى؛ يتوزعهن على سجني "الدامون" و"هشارون"؛ منهن 4 أسيرات من قطاع غزة، وهن: وفاء البس (28 عامًا)، وروضة حبيب (31 عامًا)، وشيرين الشيخ خليل وفاطمة الزق (42 عامًا)، والتي وضعت مولودها "يوسف" داخل السجون، بالإضافة إلى 4 أسيرات من القدس المحتلة، والباقي من محافظات الضفة الغربية".

وأضافت الوزارة في تقريرها أن من بين الأسيرات ستًّا لم تتجاوز أعمارهن 18 عامًا، و40 محكومًا عليهن بأحكام مختلفة؛ أعلاهن حكمًا أحلام التميمي، والتي تمضي حكمًا بالسجن 16 مؤبدًا؛ تليها قاهرة السعدي، والتي تقضي ثلاثة مؤبدات و30 عامًا، ثم آمنة منى وسناء شحادة ودعاء الجيوسي اللاتي يقضين أحكامًا بالسجن المؤبد، وأن هناك 24 أسيرة موقوفة، و5 أسيرات يخضعن للاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة؛ منهن أربعٌ أزواجُهن معتقلون في سجون الاحتلال.

وذكر التقرير أن سلطات الاحتلال لم تتوقف عن ممارسة سياسة اعتقال النساء من الأراضي الفلسطينية؛ حيث اعتقلت منذ بداية العام الجاري 9 نساء؛ أصغرهن الطفلة براءة بركات ملكي (14 عامًا من مخيم الجلزون)، وأحالتها إلى الاعتقال الإداري، ولم تفرج عنها النيابة العسكرية على الرغم من صدور قرار من المحكمة.

ابتكارٌ في وسائل التعذيب والحرمان

من جهته، أوضح المستشار محمد فرج الغول وزير شئون الأسرى أن إدارة السجون الصهيونية تقوم بحملة قمع منظَّمة ضد الأسيرات؛ تبتكر خلالها أعنف أساليب التعذيب والتضييق والحرمان من الحقوق؛ لتدمير الحالة النفسية لهن؛ ليصبحن غير قادراتٍ على مواصلة مشوار العطاء والبناء، ويكنَّ عبرةً لنظيراتهن اللاتي يشاركن في مقاومة الاحتلال.

وأضاف أن إدارة السجون وقد صعَّدت من انتهاكاتها بحق الأسيرات في الشهور الأخيرة، خاصةً على صعيد حرمانهن من التعليم، ومن إخراج الأعمال اليدوية التي يقمن بإعدادها إلى الأهل خلال الزيارات، بل من إدخال أي مواد تتعلَّق بالأشغال اليدوية التي يقمن بإعدادها يجلبها إليهن أهلهن في الزيارات.

واستنكر الغول منع قوات الاحتلال وصول أو إرسال الرسائل من وإلى الأسيرات، والتي تمثِّل الوسيلة الوحيدة للتواصل مع الأهل، خاصةً أسيرات قطاع غزة، واللاتي يُحرمن من الزيارة منذ أكثر من 20 شهرًا متواصلة، مشيرًا إلى أن إدارة السجون لا تزال تمارس سياسة اقتحام الغرف في ساعات متأخرة من الليل؛ حيث تعبث في أغراضهن الخاصة، وتقلب محتويات الغرف رأسًا على عقب بهدف التفتيش عن أشياء ممنوعة، وكذلك حرمانهن من الملابس والأغطية الشتوية، فضلاً عن اتباع أسلوب العزل الانفرادي كعقابٍ دائمٍ للأسيرات بحجة مخالفة قوانين الاعتقال داخل السجن، والذي لا يستثنى منه أية أسيرة مهما كانت حالتها الصحية.

ولم تتوقف صور التضييق والحرمان عند هذا الحد، بل إن سلطات الاحتلال تفرض على الأسيرات الغرامات المالية الباهظة بحجج واهية، فضلاً عن الغرامات التي تُفرَض عليهن في المحاكم بجانب الحكم بالسجن، فيما تتعرَّض الأسيرات اللاتي يتنقلن بين السجون أو يخرجن إلى المحاكم لسوء المعاملة والإهانة واعتداءات بالشتم والضرب من قِبل السجانات المرافقات لهن، حسب التقرير السابق.

إهمال طبي والأعشاب بدل العلاج

من جهته، أكد رياض الأشقر مدير الدائرة الإعلامية بالوزارة أن إدارة السجون الصهيونية تمارس الإهمال الطبي المتعمَّد بحق الأسيرات كأسلوبٍ عقابيٍّ ودائمٍ؛ حيث إن ثلث الأسيرات يعانين من أمراضٍ؛ بينهن حالات خطيرة، وتشتكي الأسيرات من عدم وجود طبيب مختص أو طبيبة نسائية في عيادة السجن لتراعيَ شؤون الأسيرات المريضات، ولا توفر الإدارة لهن سوى ممرض لا يصرف لهن سوى المسكنات و"الأكامول".

وأضاف: "ومن بين الحالات المرضية الموجودة بين الأسيرات حالة الأسيرة أمل فايز جمعة (من مخيم عسكر) والمحكوم عليها بالسجن 11 عامًا، وتعاني من مرض السرطان في الرحم، ولا تتلقَّى العلاج المناسب لحالتها الصحية، وهناك خطورة على حياتها"، وأردف: "كما تعاني الأسيرة نوال السعدي (من مخيم جنين في سجن "تلموند") من عدة أمراض؛ أهمها ارتفاع ضغط الدم وحساسية بالجيوب الأنفية وجلطة بقدمها؛ حيث تعرَّضت خلال التحقيق في سجن "الجلمة" لتعذيب نفسي وجسدي قاسٍ".

وعرّج الأشقر على احتمالية فقدان الأسيرة سناء صلاح البصر؛ حيث إنها لا ترى بعينها اليمنى، وبدأت تعاني من مشاكل في عينها اليسرى، وأخبرها الطبيب بأنها بحاجة إلى عملية، ولكن يجب عليها الانتظار طويلاً حتى يأتيَ دورها من أجل إجرائها، مضيفًا أن معظم الأسيرات يعانين من الأمراض الجلدية المعدية؛ نتيجة انتشار الحشرات وعدم النظافة وعدم توفير مواد التنظيف ومكافحة الحشرات، كما تعاني الأسيرات من أمراض العظام نتيجة انتشار الرطوبة العالية في الأقسام والغرف.

وفي نفس السياق رأى الغول أن سياسة الإهمال الطبي تتجسَّد بشكلٍ واضحٍ في حالة لطيفة أبو ذراع، والتي لا تزال رهن العزل الانفرادي في قسم العزل رقم 13 في سجن "تلموند"، وسط ظروف قاسية جدًّا، ولا يُسمَح لها بالخروج إلى الفورة إلا وهي مقيدة قدماها، على الرغم من أنها تعاني ورمًا في المعدة لم يُعرف سببه، ولا تخف آلامها من الدواء التي صرفه لها ممرض السجن.

وقال الأشقر: إن "الأسيرات يستعضن عن العلاج بالمداواة بالأعشاب والوصفات الطبية المتوفرة داخل السجن، كالتداوي بزيت الزيتون الدافئ لعلاج أمراض العظام والرطوبة، والمرمية والبابونج لعلاج أعراض الأنفلونزا وضيق التنفس والمغص، والقرنفل لعلاج أمراض الأسنان، وغيرها من الأغراض التي تستطيع الأسيرات الحصول عليها من "كنتين" السجن أو عبر زيارات الأهالي".

عمليات ولادة داخل السجون

وأشار الأشقر إلى أن أشد ما تتعرَّض له الأسيرات هو أن عددًا منهن قد أنجبن داخل السجن؛ حيث اعتقلن وهن حوامل، وعانين من ظروف قاسية وصعبة؛ حيث يحضرن إلى المستشفيات وهن مقيدات، ولا تفك قيودهن إلا عند البدء في عملية الولادة، ومنهن من ولدت وهى مقيدة، كالأسيرة المحررة منال غانم.

وأضاف: "كانت أربع أسيرات قد وضعن داخل السجون؛ أطلق سراح ثلاثٍ منهن بعد قضاء مدة أحكامهن، وهن: الأسيرة المحررة ميرفت طه (من القدس) ووضعت ابنها "وائل" عام 2003م، والأسيرة المحررة منال غانم (من طولكرم)، ووضعت ابنها "نور" عام 2003م، والأسيرة المحررة سمر صبيح (من غزة)، والتي وضعت طفلها "براء" عام 2006، فيما لا تزال الأسيرة فاطمة يونس الزق من غزة برفقة ابنها يوسف التي وضعته في السجن منذ عام، داخل سجون الاحتلال، ولا تتلقَّى أية معاملة خاصة مع ابنها الرضيع الذي يُحرَم من الحليب والطعام الخاص والألعاب، ويحرم من أخوته الستة الذين لم يروه منذ ولادته، وقد تعرَّض أكثر من مرة لانتكاسة صحية كادت أن تؤديَ بحياته لولا رعاية الله".

مناشدة عاجلة

وناشدت وزارة الأسرى والمحرَّرين المجتمع الدولي والمنظَّمات الحقوقية المختلفة، وخاصةً تلك التي تُعنَى بقضايا المرأة، التدخل العاجل لوضع حدٍّ لمعاناة الأسيرات المتفاقمة، وتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة على الأسرى والأسيرات، والتي تزداد أوضاعهن سوءًا يومًا بعد يوم، كما طالبت الفصائل الفلسطينية التي تحتجز الجندي "شاليط" بأن يتمسكوا بمطالبهم بضرورة إطلاق سراح كافة الأسيرات من سجون الاحتلال في عملية التبادل القادمة، داعيةً وسائل الإعلام في الوقت ذاته إلى "تسليط الضوء أكثر على معاناة الأسيرات وفضح الانتهاكات التي يتعرَّضن لها في سجون الاحتلال".