لماذا يترك الملحدون إلحـادهم بعد فترة قصيرة ؟
لماذا لا يجيب الإلحـاد عن الأسئلة الجوهرية في حيـاة الإنسـان ؟
لماذا الجواسيس والخبثـاء والحاقدين والمُعقدين نفسيـا ملاحدة أو أشباه ملاحدة ؟
هل الإلحـاد فعلا اتجاه علمي أم اتجاه نفسي مَرضي ؟
في الفيلم الوثائقي الشهير الإنسـان القرد الذي أذاعته ال BBC يعترف أحد علماء الحفريات قائلا :- لو جمعنا كل حفريات انسان الغابة المكتشفة حتى الآن فلن تملأ شنطة سيارة
يمكن لحفرية واحدة بسيطة نكتشفهـا مستقبلا مثل عُقلة أصبع أو عظمة فك أن تنسف تصوراتنـا الحالية وتجعلنـا نعيد صياغة معظم نظرياتنا أو بالأحرى أن نتنـازل عنهـا
في مقالي السابق البرهـان هنـا : الإنسـان والديناصور عـاشا معـا ......... توصلنـا سويـا لمرحلة تشبه مرحلة إعادة الصياغة تلك ولم يستطع ملحد واحد أن يُفنـد الأدلة التي ذكرناها
عندما نقول أنه لا توجد حقيقة وأن كل الأشيـاء نسبية فهذه الجملة غير حقيقية ونسبية أيضـا وكما يقول كريج كل الذين ينادون بالتفكيكية هم أيضا لا ينفصلون عن التفكك ذاته
يقول جوش ماكدويل في كتابه ( برهان يتطلب قرار ص544 ):- عندما زار زاكارياس بجامعة أوهـايو مركز وكسنر للفنون وهذا المركز هو قلعة من تصميم هندسة الإلحـاد والعبثية والمادية المصمتة حيث يوجد بهذا المركز سلالم تقود إلى لا مكان أعمدة تنزل هابطة لكن لا تتلامس مع الأرضية .. أعمدة وممرات عشوائية وكاميرات بارزة تصدمك في كل مكان بروزات حادة لا تلامس شيء ولا تستند على شيء نظر زاكارياس إلى المبنى وهز رأسه قائلا :- ما يشغل بالي حقـا هو هل استخدموا نفس التقنيـات عندمـا أرسوا الأساس
مركز وكسنر هو نموذج رائع ومدهش للإلحـاد هو ترجمة حقيقية للإلحـاد ولكل مَن لا يفهم الإلحـاد ..... ما يشغل بالي حقـا هو هل استخدموا نفس التقنيـات عندمـا أرسوا الأساس ........ الأساس موضوعي وحقيقي وواقعي ومُطلق لكن الأفكـار فحسب الأفكار وحدها هي العبثية والعدمية والباردة
توجد حقيقة .. يوجد أساس .. وخير دليل على وجود الحقيقة ووجود القيمة هو وجود هذه الأشكال والتصورات العبثية
فالعبث والعدمية والإلحـاد همـا خير إثبات على وجود الحقيقة ووجود القيمة ووجود المُطلق
إن الذي يؤمن بالنسبية إيمانا مُطلقا لن يشرب يومـا ما السم على أنه ليمونادة ولن يصدمه أتوبيس لا يتحرك بالنسبة له
فالإلحـاد مذهب كاذب وجميع أطروحـاته وتفريعاته كاذبة مثله
يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري في موسوعته الرائعة 1-172 : ( الملحد الذي يمارس الجنس العرضي ولا يجد غضاضة في ذلك هو شخص لا يكترث بالقيم الاجتماعية أو الأخلاقية أو الإنسانية ولا حتى بالآخر الذي يصبح موضع شهوته العابرة (تمركز حول الذات). فالإنسان بممارسته الجنس العرضي، يُسقط كل القيم الجوانية التي تُعبِّر عن خصوصيته وتركيبيته وتفرُّده (أي إنسانيته) ويتحرك في عالم السطح وحسب ويتشيأ ويُشيِّئ الآخر (تمركز حول الموضوع).
والفلسفة الهيومانية أو فلسفة الإيمان بالإنسان تلك الفلسفة التي أنشئهـا هؤلاء الذين يمارسون الجنس العرضي نظروا للإنسان على أن له جوهر إنساني (المستقل عن الطبيعة، السابق عليها) وأن الإنسان يتجاوز الطبيعة/المادة، بل طبيعته المادية نفسها، بقوة إرادته، وأنه يفرض ذاته الإنسانية عليها. لكنهم اكتشفوا أن هذه العبارت والتصورات هي عبارات ملوثة ميتافيزيقيا فعادوا لإعتبار أن المادة هي المركز وهي الأصل وهي السابقة على الإنسان ولذا خرج من رحم الفلسفة الهيومانية كل اللصوص والمجرمين أمثال هتلر الديموقراطي ذو التوجهـات الإلحـادية الرائعة
يقول المسيري واصفـا الهلترية الإلحـادية الرائعة :- ( ففي اللحظة النازية وهي أهم اللحظات النماذجية وأكثرها مادية، لأنها تعبير مباشر عن الإنسان الطبيعي/المادي، الإنسان كمادة محضة وكقوة إمبريالية مادية كاسحة. فالمجتمع النازي كان يعتبر الإنسان كائناً طبيعياً مرجعيته النهائية هي الطبيعة/المادة ومرجعيته الأخلاقية المادية هي إرادة القوة، ولهذا نظر إلى البشر جميعاً باعتبارهم مادة استعمالية يمكن توظيفها ويقوم الأقوى والأصلح (من الناحية الطبيعية/المادية) بهذه العملية لصالحه. ومن هنا، تم تقسيم البشر، من منظور مادي رشيد، إلى أشخاص نافعين وأشخاص غير نافعين، وتَقرَّر إبادة بعض غير النافعين منهم ممن لا يمكن إصلاحهم وتحويلهم إلى عناصر منتجة، وذلك بعد دراسة علمية تمت من منظور مادي علمي رشيد.
في المعتقلات النازية أُعطي كل إنسان رقماً حتى يمكن إدارة المعسكر بكفاءة شديدة، وتحوَّل الإنسان إلى مادة استعمالية تُولَّد منها الطاقة (عمالة رخيصة) أو سلع (تحويل العظام إلى سماد، والشحوم الإنسانية إلى صابون، والشعر البشري إلى فُرَش... إلخ). وعلى هذا النحو، تم تعظيم الفائدة وتقليل العادم.
فعملية تَحوُّل الإنسان المتكامل المركب إلى إنسان طبيعي وظيفي ( إمبريالي نازي ) هذا أمر إلحـادي تماما مُتوَّقع تماماً متسـق مع نفـسه،
فلم يكـن النازيون يتحدثون مطلـقاً عن "الإبادة" وإنما عن "الحـل النهـائي"، ولم تكن "أفران الغـاز" سـوى "أدشاش" تُستخدَم من أجل الصحة العامة.
وإبادة الملايين (من الغجر والسلاف واليهود والأطفال المعوقين ومن المسنين)في أفران الغاز الهتلرية ممن صُـنِّفوا باعتبارهم "أفواهاً مستهلكة غير منتجة" (useless eaters) وهذا أحد إنجازات المادية الملحدة الصرفة التي "حرَّرت" النازية من أية أعباء أخلاقية مثالية (غير مادية) وتعاملت مع البشر بكفاءة بالغة وبمادية صارمة كما لو أنهم مادة استعمالية نسبية تخضع لقوانين الطبيعة فمن يحيد عنها (مثل الأطفال المعوقين والرجال المسنين) لابد من التخلص منه في أسرع وقت وبأكثر الطرق كفاءة. أي أن العقل المادي هنا قام بتفكيك البـشر بصـرامة بالغة وكفاءة مدهـشة، ونظر للجـميع بعيون زجـاجية وكأنه كمبيوتر متألِّه، يبلغ الغاية في الذكاء، لا قلب له ولا روح، يُحيي ويُميت.
فالإلحـاد يُسيل الإنسان يجعله بلا قوام (يشبه الفطيرة) تُسقط داخل الإلحـاد أية ثنائية أو تعددية لا تعرف التفرقة بين الخير والشر، وتختفي الإرادة والمقدرة على التجاوز ويموت الإنسان والمادة.
Bookmarks