قد يسارع بعضُ المعجبين بـ "زينات صدقي" للتأكيد على أنه لا علاقة البتة !! وقد أبدو متفقاً مع هؤلاء للوهلة الأولى ، لأنني مجرد "ذكر" آخر .. وُلد وتربى فى زمن المرأة الموظفة توظيفاً تلفزيونياً ، حين تقلص دور المرأة واُختصر في شكل "أيقونة" تثير المستهلك جنسياً فيقبل على شراء المنتج وهو فى حالة انتشاء ، ثم عَظُم دورها فتناهت فى التفاهة لتنصب خيمتها كـ "بندٍ" ثابت على أجندة النشطاء الجنسيين فى العالم .. مروجي الفياجرا !

فالـ "نسوان" مفهوم تقني وظيفي أفرزته الرأسمالية الحرة المستنيرة ، لتُقيّم المرأة ككائن قادر على العمل من خلال معدل انتاجيتها فى الساعة ، والتى غالباً ما تحتاج إلى "أدوات إنتاج".. تتمثل فى ماكياج وموضات ملونة لتستدر بها انتباه الزبائن !! زبائن وأدوات وتلفيونات .. الخ .. هو رأسمالها الذى تنفقه لتحصل على الأرباح ! ولتثبيت المعايير المستخدمة فى تقييم النسوان ارتبط المقياس فى زمننا الحاضر بـ "مازوره" محددة للخصر والأرداف ولون الشعر ، قامت على إعدادها بعناية مجموعةٌ من النشطاء الدوليين فى مجال حقوق المرأة القابعة تحت ظلام الثياب !!

على مدار الخمسين عاماً المنصرمة .. تشكل مفهوم المرأة الحديثة "المتحررة" فى نمطٍ مؤدلج متقولب إعلامياً .. وهو نمط "الوليه الروشه" ، التى تحررت اجتماعياً من عقدة "الرقيب" أياً كان دوره ومكانته .. ثم تحررت ملابسياً من عقدة "العفة" وكارثة "الحياء" .. ثم تحررت جنسياً من عقدة "الزوج" فأصبح لها في كل يوم زوج واثنين !! وأخيراً نالت حقها كاملاً فى قضية الإجهاض "الوظيفي" الذى هو عبارة عن "حمل" عارض غير مصنف .. من ماركة :
Ooh Shit .. I'm pregnant !!

وفى النهاية وبعد أن تحررت المرأة من كل شئ تقريباً عدا حدود الـ "توبلس بكيني" .. فإنها عادت مرة أخري لتبحث من خلال وسطائها اياهم .. الـ "نشطين" دولياً .. للبحث عن مزيد من الحقوق .. والتحرر !! ففي "أعياد" المرأة المتوالية سنوياً ، والتي تهندمُ المرأة فيها ريشها المتبقي على عورتها .. وتنظر لنفسها في مرآة فلا تجد إلا "فرخة" .. لازالت تنقر بمنقارها السيليكوني حواجبها وشعرها الزائد .. لتنال نعومة تزيد من "انتاجيتها" ، تبيض ذهباً ولا تأكل إلا التجاهل ، إذ لا شئ فى الـ C.V سوى ذلك المنقار يعمل دون مللٍ فى تلك الحواجب !!

أما أعياد المرأة .. فيحتفل بها على وجه الحقيقة النشطاء والوكلاء الحصريون بابتهاج جنسي عنيف ، يؤكدون فيه على حجم السعادة التى أدخلتها المرأة على ذكور هذا الكوكب حين تحررت .. وربما ذكور المريخ كذلك ! والتحرر المطلوب هذه المرة ، والذي تم طرحه بوسائل عدة فى يوم المرأة العالمي ، هو تحررٌ شامل من ذكورية المجتمع ككل .. والذي لا يفكر إلا بـ "عقله" الذكري المتحجر !! هذا العقل الذي "زنق" المرأة فى أيقونة "النسوان" وحسب ، ولم ير فيها عقلاً ولا حياة ولا حقوقا .. إلا حقها في أن تكون ملكاً حصرياً لمشروعه الذكوري المتعصب !

وهذه المطالب صدرت بعد مراجعات عدة قام بها "المُحررون" و المتحررات" لعقود طويلة ، منذ اليوم الأول لتدشين هذا المفهوم المميز لتحرير النسوان ، ليجدوا أن المرأة قد حققت عدة مكاسب حقيقية وحصلت على مواطن ثابتة لأقدامها فى صعيدين لا ثالث لهما : الصعيد الأول صناعة البورنو وما قرب إليه من ستربتيز .. وفتاة غلاف .. ومذيعة تقرأ بحواجبها نشرة أخبار ساخنة .. وصولاً لحرمة عريانة ترفع لوحة عليها رقم الجولة فى ماتش ملاكمة !! والصعيد الثاني هو صناعة السينما الترفيهية "الحلال" والتى هى مرتبة "وسطية" فوق حضيض البورنو ودون فضيلة المسلسلات الإسلامية .. وإن كانت تلك "الوسطية" تعتمد فيها انتاجية المرأة كذلك -وبشكل حصري- على قياساتها البيولوجية والفيزيائية المتعارف عليها دولياً !!

عدا ذلك .. وجدت المرأة "المتحررة" ، والمتحولة إلى "نسوان" ، نفسها على دكة البدلاء أو في حالة "كارت أحمر" ممنوع من دخول الملعب ! حتى فى الميادين التى هى -بديهياً- من النشاط الفطري لهذا الكائن القلق .. كالحياكة والطبخ وديكور المنزل .. بل وتربية الأبناء ، لم تجد فيها إلا تواجد هامشي لا يكفي لدفع الإيجار وثمن الماكياج !! فمبدأ تكافؤ الفرص .. وعدل "المساواة" .. أثبت أنه ريح طيب فى قفص إعلامي !! أما فى دنيا الواقع .. وميدان الحياة العملية ، تم إقرار مبدأ من نوع آخر يسمى بمبدأ توزيع الوظائف !! واختصاره : أن الرجل "الذكر" يكدح ويشغل كافة المناصب الهامة والسيادية في كل ميدان ، والمرأة "النسوان" تسليه بالليل وتخفف عنه المشقة بفيلم "وسطي" حلال أو بما هو أعظم "تحرراً" من ذلك !! وهذا هو المقصد الأصلي لدعاة التحرر أصحاب المازوره من حدوتة "التحرير" ، وهذه هى الحقيقة التى أدركتها جموع الساخطات والصارخات فى برية الكوكب ليرحموا المرأة من خازوق التحرر .. !

والحقيقة المؤرقة :
لم يكن مطروحاً فى أى يوم من أيام التحرر النسواني قصة حقوق المرأة فى التكريم .. والصيانة !
بصفتها -أنكرت ذلك أم أذعنت- كائن ضعيف ليس له أكتاف !
يحتاج لمن يحررها من عبودية الجسد .. ويرحمها من تعمد الإيذاء والعنت !
وهى آفات ذكورية لا يختص بها "حافر" عن آخر فى عالم الذكر المتوحش !
إلا أن حضورها فى بيئتنا العربية تميز بأن له مدد وهمي من السماء وأصل ثابت من عادات خرافية !
والمرأة التى يحمل همها "النشطاء الجنسيون" فى العالم .. والمحررون الذكوريون .. لازالت تبيض هماً وتفقس كمداً !
لازالت تتسول آدميتها من "ذكر" لا ينصفها ..
وتبحث عن تعففها من "ذكر" يعضلها ..
وترجو صيانتها من "ذكر" يهملها !!
هذا فى الوقت الذى تنهال على بقايا كيانها الهش قوائمُ الواجبات التى -حتماً- تؤدى ولو على ظهر بعير !!

كل عام والمرأة العربية بخير ..
وليست من النسوان !!


مفروس