ان التقدم العلمي مهما كان واضحا بارزا لا يمكنه ان يجعل الاخلاق والدين غير ضرورين فالعلم لا يعلم الناس كيف يحيون ولا من شانه ان يقدم لنا معايير قيمية ذلك لان القيم التي تسموا بالحياة الحيوانية الى مستوى الحياة الانسانية تبقى مجهولة وغير مفهومة بدون الدين . فالدين مدخل الى عالم اخر متفوق على هذا العالم والاخلاق هي معناه.
ليست الاخلاق كما عرفها الرواقيون (الحياة في انسجام مع الطبيعة ) انما هي على الارجح الحياة ضد الطبيعة بشرط ان تكون كلمة "طبيعة" مفهومة بمعناها الصحيح .
الاخلاق كالانسان هي ايضا لاعقلانية ...لاطبيعية بل (فوق_طبيعية) فلا يوجد انسان طبيعي ولا اخلاق طبيعية .فالانسان ففي حدود الطبيعة ليس انسانا بل هو على احسن الفروض حيوان ذو عقل وكذلك الاخلاق محدودة بالطبيعة ليست اخلاقا انما على الارجح شكل من اشكال الانانية...انانية حكيمة مستنيرة.
عند دارون في الصراع من اجل البقاء لا يفوز الافضل (بالمعنى الاخلاقي ) وانما الاقوى والافضل هو اللذي يفوز ولا يؤدي التقدم البيولوجي هو الاخر الى سمو الانسان باعتباره احد مصادر الاخلاق .فانسان دارون قد يصل الى اعلى درجة الكمال البيولوجي (السوبرمان ) او الانسان الاعلى ولكنه يظل محروما من الصفات الانسانية ومن ثم محروما من السمو الانساني فالسمو الانساني لا يكون هبة الا من عند الله .
الحيوان بريء من الناحية الأخلاقية بينما الإنسان إمـا خير أو شرير لا يوجد انسان بريء من الناحية الأخلاقية فمنذ اللحظة التي هبط فيها الإنسان من السماء لا يستطيع ان أن يكون حيوان بريء إنما اختياره الوحيد أن يكون انسانا او لا إنسان.
يوجد ملحدون على اخلاق ولكن لا يوجد الحاد اخلاقي والسبب هو ان اخلاقيات اللاديني ترجع في مصدرها الى الدين دين ظهر في الماضي ثم اختفى في عالم النسيان ولكنه ترك بصمته قوية على الاشياء المحيطة تاثر وتشع من خلال الاسرة والادب والافلام والطرز المعمارية ...الخ.
لقد غربت الشمس حقا ولكن الدفء اللذي يشع في جوف الليل مصدره شمس النهار السابقة.اننا نظل نستشعر الدفء بعد انطفاء النار في المدفاة.ان الاخلاق دين مضى كما ان الفحم في با طن الارض حصاد قرون ماضية .ولاسبيل لاقامة تعليم الالحاد لاجيال الا بخلق الشروط النفسية الملائمة وذلك من خلال التدمير الكامل والقضاء على جميع المواريث الروحية على مدى العصور.
كيف للإنسـان ابن الطبيعة أن يتمرد على الطبيعة التي نشـا منهـا ؟إن لنا أصلا آخر لا نذكر عنه شيئـا لكنه مستقر في أذهاننا !
لا يوجد معنى لحيـاة الإنسـان إلا إذا ترفع فوق الطبيعة التي نشـأ منهـا.
المادية تؤكد دائمـا ما هو مُشترك بين الحيوان والإنسـان بينما يؤكد الدين على ما يُفرق بينهمـا
إذا كان موسى أبو المادية وكان المسيح أبو الروحانيـة فإن محمدا أبو الإنسان
جماهير الشعوب المقهورة تطمح في مسيحية ذات برنامج اشتراكي أو اشتراكية غير ملحدة أو بكلمة واحدة إسلام.
كلما نَمت معرفتنا عن العالم تزايد ادراكنـا بأننـا لا يمكن أن نكون اسيـاد مصائرنـا فنحن بين أن نكون متشـائمين أو مُسَلمين لله
لا يعني التسليم لله نوع من الإتكالية فكل السلالات البطولية كانوا من المؤمنين بالقدر
الخوف بدايـة للأخلاق كمـا أن خوف الله بدايـة لحب الله
كل ملحد يدافع عن الأخلاق والقيم العليـا المُطلقة فهو على حق لكن هذا لا يتسق مع مذهبه فالخير والشر نسبيـان
المساواة بين البشر هي مسألة ميتافيزيقية بحتة فإذا لم يكن الله موجودا فالناس بجلاء وبلا أمل غير متساوين وتأسيسا على الدين فقط يستطيع الضعفاء المطالبة بالمساواة
الأخلاق تعني في صورتها النهائية الرائقة :- الحيـاة ضد الطبيعة .. ضد المـادة .. ضد العقـل .. ضد المصلحة الشخصيـة ...والمُحـرمات كالأخلاق تماما هي الأُخرى بلا معنى إلا في وجود الله..!!
والقراءة المتأنية للأديان تُشعِر أن هناك اتفاقا مُسبقا تم في مكان ما بين موسى وعيسى ومحمد
Bookmarks