النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: قضية الشرف بين إفراط الأهل والدعوة إلى التفريط

  1. افتراضي قضية الشرف بين إفراط الأهل والدعوة إلى التفريط

    قضية الشرف بين إفراط الأهل والدعوة إلى التفريط
    أ.د. محمد اسحق الريفي

    تعاني المرأة من سطوة الاستبداد الذي دُمغت به مجتمعاتنا، وأصبحت فريسة للجهل والتخلف الثقافي، وبين الاستبداد والجهل تظهر أصوات تنادي بدعوات غريبة على مجتمعنا وثقافته الإسلامية الأصيلة، فشكلت هذه الدعوات بعدا إضافيا لمعاناة المرأة في مجتمعاتنا، متمثلا في استغلال مشاكل المرأة وقضياها من أجل إسقاطها في شراك الحيرة والتيه وفقدان الهوية الثقافية. وهناك من يبحث عن عيوب في المجتمع أنشأها الضياع الثقافي والحضاري الذي تعاني منه مجتمعاتنا، فيستغل هذه الثغرات ليس لإصلاح المجتمع أو ممارسة النقد الاجتماعي ووضع حلول للمشاكل وإجابات للتساؤلات، وإنما للقدح في الثقافة الإسلامية والتحريض ضد الالتزام بالإسلام.

    وما تسمى بـ "قضية الشرف" تمثل مزيجا من الاستبداد والظلم من ناحية والاستغلال والهجوم على الثقافة الإسلامية من ناحية ثانية، وقد تناولت وسائل الإعلام العربية والغربية هذه القضية منذ سنوات عديدة، ليس بهدف حماية المرأة والدفاع عن حقوقها، وإنما بهدف تحريضها على الانسلاخ من الثقافة العربية، التي تستند في جوهرها إلى الثقافة الإسلامية. ويسعى كثير من المفتونين بالثقافة الغربية لإرجاع مساوئ قضية الشرف إلى الثقافة الإسلامية، زاعمين أن العقوبة الأهلية المترتبة على قضية الشرف مبنية على الدين.

    ويحاول هؤلاء أن يجعلوا من هذه القضية مثالا لاستغلال الأهل للدين لتبرير العقوبة والجرائم، في محاولة لإلقاء اللوم على الإسلام، واتهامه بأنه مصدر للجهل والتفريط بالحقوق والحريات، وأنه سبيل لممارسة الظلم والاستبداد الذي تنال المرأة في مجتمعاتنا النصيب الأكبر منهما، فيبدوا للجهلاء أن علاج هذه المشكلة يكمن في التحرر من الدين، ومن ثم يضيع شرف المرأة باسم حمايتها من الأهل. والعجيب أن مروجي الثقافة الغربية في مجتمعاتنا هم أكثر من يهيئ الظروف التي تؤدي إلى وقوع الجريمة باسم الشرف، فقضية الشرف هي عَرَض لمشاكل كثيرة تعاني منها المرأة، ولا يمكن علاج الجرائم المتعلقة باسم الشرف إلا بحل هذه المشاكل، ولا يمكن حل هذه المشاكل في إطار من مفاهيم ومعايير غربية عجزت عن حماية المرأة الغربية وصون كرامتها.

    ولقد بين الفقهاء حكم الإسلام في هذه المشكلة، التي هي إحدى مخلفات الابتعاد عن الدين الإسلامي الحنيف، وبينوا أن مواجهة الأهل لهذه المشكلة دون اللجوء إلى الشرع، بقتل المرأة أو إنزال أشد العقوبات بها، هو من صميم الجاهلية والابتعاد عن الدين الإسلامي. لذلك لا يحق لهؤلاء الذين يبحثون عن الفواحش والفضائح في مجتمعاتنا أن يلقوا باللوم على الثقافة الإسلامية أو أن يقدموا حلولا مبنية على معايير غربية بمعزل عن تعاليم الإسلام.

    والدعوة إلى عدم اعتبار التفريط بالعرض تفريطا بالشرف تحمل في طياتها دعوة للإباحية والتمرد على الإسلام، فصون جسد المرأة هو شرف لها وحماية لها من الوقوع فريسة لكل لاهث وراء الفواحش والتلذذ بأجساد النساء دون ضوابط دينية. وصون جسد المرأة يقي المجتمع من ويلات اجتماعية وصحية مهلكة، ولا يمكن للمرأة أن تصون شرفها إذا لم تصن جسدها حتى ولو حازت على كل الشهادات، ونعمت بالمنصب والجاه والمال، ونالت احترام من حولها. فصحيح أن القضية تتعلق بالشرف، ولكن علاج الأهل لها بعيدا عن الشرع والقانون خاطئ، والدعوة إلى إلغاء مفهوم الشرف عند انتهاك عرض الفتاة خطأ.

    لقد أعز الإسلام المرأة وكرمها وجعل شرفها عنوانا لكرامتها، أما الثقافة الغربية فقد اختزلت قيمة المرأة في أجزاء من جسدها وما تمتلكه من مفاتن، وحملت المرأة على إنفاق أموالها لشراء أدوات الزينة للتجمل للمارة وزملاء العمل والدراسة، وأجبرتها على قضاء أوقاتها وبذل جهودها في الاعتناء بجسدها جماليا لتساير الموضة وتنال إعجاب الآخرين. إنها الثقافة التي تُحرض المرأة على تناول الأدوية الضارة من أجل الحصول على جسم رشيق يَسرُ الناظرين، وتدفعها لإجراء العمليات الجراحية لتغيير ملامح وجهها وصدرها وأردافها، وتجعلها تتابع بإخلاص وأمانة ما يأتي به السوق من موضة اللباس وقص الشعر والزينة.

    لقد أهانت الثقافة الغربية المرأة باسم حريتها ولم تستطع أن تضع حدا فاصلا بين ما تسميه "حرية المرأة" وبين امتهان كرامتها الإنسانية واستهلاكها جسديا ومعنويا، لهذا نرى أن المرأة في المجتمعات الغربية مستغلة بذريعة الإنتاج والتنمية والرقي والمساواة مع الرجل وغير ذلك من القيم المريضة، التي تم تفريغها من جوهرها فأصبحت لا تحمل أي معان إيجابية سوى التعبير.

    وأهانت الثقافة الغربية المرأة عندما ساوتها بالرجل، فجعلتها تتسلق أعمدة الكهرباء، وتبيع في الأسواق، وتخدم في المطاعم والكباريهات، وتعمل في البناء. لقد أباحت القيم المادية الغربية للمرأة كشف جسدها على أنغام الموسيقى بالتدريج حتى العري الكامل في نوادي الستريبتيز striptease، وجعلت الثقافة الغربية من تعري المرأة مادة تجارية ووسيلة للإفساد، وذلك بعرضها في أوضاع مشينة مهينة على الإنترنت. وتسعى الحركات النسوية الغربية، التي تستند إلى الأفكار الصهيونية والماركسية والوثنية، لتحريض المرأة على توظيف جسدها في الحصول على المال.

    ويشترك الجاهلون في مجتمعاتنا مع المجتمعات الغربية في الجريمة ضد المرأة، فالجاهلون قد ينهون وجود المرأة لوقوعها في جريمة الزنا بإعدامها دون اللجوء إلى حكم الشرع، بينما تقوم المجتمعات الغربية بإلغاء الغاية من وجود المرأة بإعدام كرامتها وإنسانيتها وجعلها جسدا يباع ويشترى. فالكل مشترك في جريمة انتقاص حقوق المرأة وسلبها حريتها الحقيقية وإبعادها عن الالتزام بالدين. ولو تمعنا قليلا لوجدنا أن القتل باسم الشرف له نظير في الثقافة الغربية، فالرجل يقتل صاحبته girlfriend بسبب وقوعها في شرك رجل غيره، والصديق يقتل صديقه بسبب تنازعهما على صحبة الفتاة نفسها.

    إن من شدة افتتان بعض المثقفين بالثقافة الغربية أنهم يسقطون مشاكلها على مجتمعاتنا ويشوشون على ثقافتنا بطرحها بإلحاح في كل المناسبات، فـ "اغتصاب الزوج لزوجته" هي مشكلة غربية النشأة في بيئة اختزلت العلاقة بين الزوجين في الجنس، حتى أصبح عقد الزواج يمثل "اتفاق طرفين على أن يتلذذ كل منها بجسد الآخر" وتم إطلاق تعبير "الحب" على عملية الجماع. وما لجأت المجتمعات الغربية إلى إصدار قوانين تتعلق باغتصاب الزوج لزوجته إلا لشدة الجور الذي تتعرض له المرأة في البيت وخارجه من تحرش جنسي وتعليق ترقيتها في العمل بالمساومة على جسدها. لقد انتشرت ظاهرة الاغتصاب في المجتمعات الغربية حتى صار الزوج يغتصب زوجته وبنته وأبناءه وأخواته وأصحابه، فليس المرأة وحدها التي تغتصب في تلك المجتمعات، ولكن الرجل والولد والعجوز أيضا يتعرضون للاغتصاب. ولم تسلم من الاغتصاب في المجتمعات الغربية نساء يعانين من موت سريري ويرقدن في المستشفيات، ولم تمنع شدة الأهوال التي يتعرض لها الأمريكيون عند الأعاصير وفي الحروب من اغتصاب النساء والرجال دون رحمة.

    هل يريد لنا المثقفون المفتونون بقبائح الثقافة الغربية أن نعيش في مجتمعات وثقافات مسخت الفطرة الإنسانية وجعلت الإنسان آلة إنتاج بلا غاية ولا هدف إنساني؟! ولو افترضنا أن مثيري مشكلة قضية الشرف في مجتمعاتنا مخلصون في سعيهم لرفع المعاناة عن المرأة، فلماذا يتم تناول الموضوع بمعزل عن الدين؟! ولماذا يتم القياس بالمعايير الغربية؟! ولماذا لا يتم تناول الاستبداد السياسي والاجتماعي في بلادنا الذي هو أصل كل مشكلة ومعاناة؟!

    وبينما يشن الكثيرون من الناس الهجوم على ثقافتنا الإسلامية في تعاملها مع المرأة، تلجأ المرأة الغربية إلى الإسلام لإنقاذ نفسها وروحها وجسدها من بطش المجتمعات الغربية، ففي كل يوم تتحول نساء في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ودول أخرى إلى الإسلام، ولا تجد من دخلت في الإسلام حرجا من ارتداء الزي الإسلامي على عكس نساء مسلمات عشن بأجسادهن في المجتمعات العربية، وأرواحهن متعلقات بالغرب ودعوات الإباحية.

    </B></I>

  2. افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    سوف اقول لك سرا المشكلة الحقيقية في الرجل وليست في المرأة.

  3. افتراضي

    في الرجل
    وفي المجتمع
    وفي البعد عن الدين

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. وسطية الإعجاز العلمي بين الإفراط و التفريط
    بواسطة أبو يوسف المصرى في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 07-03-2013, 06:58 PM
  2. التوريط مناط التفريط .. مصطفى الاشقر
    بواسطة وليد المسلم في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-12-2012, 09:39 PM
  3. التفريط فى الأمانة والتقاعس عن نشر الرسالة
    بواسطة السعيد شويل في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-20-2011, 01:56 AM
  4. أحداث غزة إفراط في السياسة والخيال والقوة والحزبية
    بواسطة إن هم إلا يظنون في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-23-2009, 08:00 AM
  5. قضية تعدد الزوجات بأعين الأمم المعاصرة / عبدالرحمن السحيم
    بواسطة أميرة الجلباب في المنتدى قسم المرأة المسلمة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-21-2006, 11:41 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء