النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: قانون السببية وإثبات الربوبية

  1. افتراضي قانون السببية وإثبات الربوبية

    قانون السببية وإثبات الربوبية

    تمهيد وتوطئة:
    كنت قد شرعت فى كتابة بحث فلسفى منذ بضعة أعوام ، ووضعت خطة له فى إثبات قانون السببية ، ولكننى لم أتمه ، وعلى طريقتى فى كتابة البحوث ، أننى أبدأ بكتابة المقدمة ثم أشرع فى صلب الكتاب ، على خلاف المعهود ، فكانت هذه المقدمة التمهيدية المبسطة لهذا البحث أنشره لعل فيه صغير فائدة ، ولعلنى أستأنف الكتابة فيه إن يسر الله تعالى ؛؛؛

    لقد أصبحنا – الآن – نعيش فى زمن ملاحقة الزمن ومصارعته قبل أن يصارعنا فكان من نتاج ذاك هذا الكم الهائل من الإكتشافات والإختراعات ، وهذه الطفرة الكبيرة فى الجانب الكيفى ، والتقنية العلمية المذهلة – الرائعة والمروعة فى آنٍ – والتى نتج عنها فى بعض الأحيان من البعض نوع من الزهو والكبر ، الذى أدى بهم إلى الإلحاد والكفر بالله العلى العظيم ، إلا أن الحقيقة والحق كان يدعو إلى غير ما آل إليه الأمر ؛ لأن هؤلاء القوم جانب مشغلتهم وعامل بحثهم تأبى إلا أن تثبت كفرهم وضلالهم وسفاهة أحلامهم .
    لقد شاهدنا فى هذا العصر – عصر الانفجارات العلمية – عصر التكنولوجيات المتطورة ، عصر اكتشاف الذرة ومفرداتها ، وأكثر من مجرة وما يسبح فيها ... إلخ
    لقد شاهدنا معاقل الإلحاد تطل علينا مكشرة عن أنيابها ، وسمعنا أبواق الإلحاد فى أماكن بددا وبلاد عددا ، بغطرسة غير معهودة ومعاندة غير مسبوقة ، تستنكر الخالق المصور البارىء البديع .
    مع أن هذه المعاقل الإلحادية – سبحان الله – بها المعامل التى تطعن فى عقيدتها ومعتقداتها الكفرية الشركية الإلحادية ، بنفس الأيادى : الكفرية – الشركية – الإلحادية . والتى اسميها : بمعامل الإيمان – أجل معامل الإيمان – الإيمان بإنتاج غير إيمانى بل يحاربه – إنهم يصطنعون الإيمان – إن صح التعبير – أو يصطنعون أسبابه الموجبه له بأيديهم ، مع عدم اعترافهم له ولا انتفاعهم به ، ولا اتخاذهم منه العبرة والعظة .
    فما هذا الكون الفسيح الذى كلما اكتشفنا منه جزءا دلنا على أجزاء أخرى ( وإنا لموسعون ) ما هذا الفضاء الشاسع ، وهذه الكواكب السيارة ، والأقمار المنيرة ، والشموس المضيئة ، التى تسير بدقة وانتظام .
    إننا لو نظرنا نظرة عميقة إلى الطبيعة لوجدنا بديع ما صنع البارىء ، فما من ظاهرة إلا أطل منها جمال الاتساق وتناسق التكرار ، ألا ترى الشمس ، وقد رفعت وجعلت الكواكب تدور حولها ( وكل فى فلك يسبحون ) لا تصادم ولا تقارب ولا ابتعاد ( لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار ) وهل لك أن تتصور محض تصور ، أو تتخيل محض خيال ، لو حدث تصادم أو تقارب أو تباعد ، فماذ كان يمكن أن يحدث ؟ ليس إلا الدمار والهلاك ؛ إما ليل سرمدى ، أو نهار أبدى ، إما صيف حار ، أو شتاء قارص قارس ، إما ظلام دامس فى ليل طامس ، أو نهار مضىء فى صباح لا يغيب ، وأنى لمعيشة أن تكون فى مثل هذه الحال فى أقل تقدير يمكن أن يحدث ، لو تخيل ارتطام أو تقارب أو تباعد . هذه الصورة التى أودعها الله المجموعة الشمسية ارتسمت فى أعين العلماء فتصوروها مكررة فى الكون بأجمعه ، مكررة فى كل كائن فى الوجود ، فى عالم الذرات كما هو الحال فى عالم المجرات .
    وبيان ذلك وشاهده : أن الكون كله مكون من ذرات ، وهذه الذرات مكونة من جزيئات كهربائية منها السالبة ومنها الموجبة ، فالسالبة تسمى بالألكترون والموجبة تسمى بالبروتون ، وهناك جزء معتدل الشحنة يسمى بالنيترون ، ومن البروتون والنيترون تتكون نواة الذرة ، أما الألكترون فيمثل الكواكب السيارة لهذه النواة .
    ولنا أن نربط حال الذرة بحال بعض كواكب المجرة بجامع حالة الاتساق المنتظم المتكرر فيهما : فمثلا الشمس يمكنها أن تعيش بغير كواكب ، ولكن الكواكب لا يمكنها أن تدور بغير الشمس .
    والشمس مكونة من وحدات متماسكة تماسكاً شديداً ، وهى وحدات متساوية بعضها مكهرب والبعض الآخر غير مكهرب .
    والشمس بلغة العلم تسمى نواة ، والكواكب تسمى إلكترونا ، والوحدة المكهربة تسمى بروتونا ، والوحدة غير المكهربة تسمى نيترونا ، والنواة بإلكتروناتها الدائرة تسمى الذرة .
    ولك أن تتخيل أيضا محض تخيل لو حدث تصادم أو تقارب أو تباعد بين جزيئات الذرة ماذا يمكن أن يحدث ؟
    لو كانت الالكترونات ملتصقة بالبروتونات داخل الذرة ، والذرات ملتصقة ببعضها بحيث تنعدم الفراغات ، لكانت الكرة الأرضية بحجم البيضة .
    فانظر إلى وجه الشبه والاتساق والتناسق بين عالم الذرة وعالم المجرة ، انظر إلى الالكترونات التى تشكل الكواكب السيارة لنواة الذرة وهى تدور حولها بسرعة هائلة بحركة دائرية إهليلجية ، وبسبب هذه السرعة الهائلة فى حركة الألكترون يبقى الألكترون متحركا هذه الحركة ؛ إذ لولا هذا الدوران لجذبت كتلة النواة كتلة الالكترون ، وعندئذ يكون العجب إذ فى هذه الحالة يصبح جِرم كالكرة الأرضية فى حجم بيضة الدجاجة ، فالفراغ كبير جداً فى عالم الذرة ، فكتل الجزيئات لا تأخذ إلا حيزاً صغيراً جداً من فراغ الذرة الواسع ، وذلك أن البعد بين النواة والألكترونات الدائرة حولها كالبعد بين الشمس وكواكبها السيارة نسبياً .
    فانظر إلى هذا الاتساق بين عالم الذرة وعالم المجرة ، وانظر إلى الوحدة فى هذا النظام التى تدل على الله الواحد الأحد ، إنها لوحدة تنطق بالتوحيد تدل على إله واحد وحد بين نظامها ، ما هذا ؟ : إن الالكترون يدور على عكس عقارب الساعة ، والأرض تدور على عكس عقارب الساعة ، والشمس تدور على عكس عقارب الساعة ، والكواكب السيارة تدور على عكس عقارب الساعة ، والقمر وكل الأقمار تدور على عكس عقارب الساعة ، والنجوم كلها تدور على عكس عقارب الساعة ، وجرتنا التى تضم بين أجزائها مجموعتنا الشمسية تدور على عكس عقارب الساعة ، والألكترون يدور على مدار بيضوى إهليلجى ، والأرض تدور حول الشمس على مدار بيضوى إهليلجى ، وكذلك الزهرة ونبتون والمشترى والكواكب السيارة ، ومحور الأرض مائل ، ومحور القمر مائل ، ومحور المريخ مائل ...ومحور الشمس مائل ، والعجيب أن النسبة بين النواة والكتروناتها كالنسبة بين الشمس وكواكبها السيارة .
    إن مظاهر الطبيعة والحياة ، بل وكل شىء فى الوجود له دلالاته الخاصة التى تنطق بالتوحيد ، وتردد وتثبت وجود قوى عظمى تدير هذا الكون وتدبر شئونه من بعد أن أحكمه صنعة وأبدعه على نسقه المشاهد ... لا أنه يسير سيراً عشوائياً ، حقاً لمن يتفكر ، حقا لمن ينظر ، حقا لمن يشاهد ، حقا لمن يتأمل ؛ ليل داج ، ونهار ساج ، وسماء ذات أبراج ، وأرض ذات فجاج ، وبحر ذات أمواج ، أفلا يدل كل ذلك على مبدع للكون على نسق مستقيم وقدر عظيم ؟ سبحانك ربى لا إله غيرك .
    إلا أن الغباء والحماقة عندما تستحكم من أهلها ، تستفرز بلاهة لا حدود لها ، تؤدى إلى المعاطب التى تكسى صاحبها وتغرقه فيها ، وهذا ما شاهدناه من أرباب الإلحاد فبدلا من أن يجعلوا المادة تنطق وتقول : سبحان الله الخالق المبدع البارىء ، يستبدلون بالكلمة الأولى كلمة ( أنا ) ويجعلون المادة رغما عنها تقول : أنا الله الخالق ... وهذا محض حمق منهم ، فإنهم إذا اعتذروا منه بالعلم أضافوا إلى حمقهم جهلا ، فإذا أصروا على قولهم واعتذارهم ، زادوا على الجهل الحمق والغفلة .
    لقد رأيت الناس فى نسبة الخلق والمخلوق إلى الخالق الخلاق من عدم النسبة أو الخطأ فيها والانحراف على ثلاث فرق :
    الفريق الأول : قوم قد محقت عقولهم وطمست بتاتا ، وأنكروا مبدأ السببية من أصله ، إذا : فمن خلق الخلق ، وقدر لهم الأرزاق ، وقسم بينهم معيشتهم ، وأبدع الكون على ما هو مشاهد عليه وهو عليه حفيظ حافظ ، فيقولون : لا شىء ، إن الكون قد أوجد نفسه بنفسه ، أو قد وُجِدَ مصادفة ، محض مصادفة ، بدون سبب ولا مسبب ، فهو هكذا كان كما هو الآن كائن ، وهو يسير بلا قوة تحكمه ولا قانون يستحكمه ، وهكذا صيرورته وانتقاله من حال إلى حال بدون مدبر يدبره ولا مبدع أبدعه .
    هذا هو حال فريق من الناس أنكروا السبب والمسبب معا ، ونحن من أجلهم نكتب هذا البحث الذى نمهد له هذا التمهيد الذى بين يدينا الآن .
    أما الفريق الثانى فيقولون : هناك سبب وراء خلق السماوات والأرض وما فيهما ، ولكن لئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وما فيهما ليقولن : خلقتهن الطبيعة !!
    فهؤلاء القوم قد أثبتوا السبب ، ولكنهم أخطأوا فى نسبة المسبب ، أثبتوا أن هذا الكون لا يسير بلا سببية ؛ لأن لكل سبب مسبب ، ولكل علة معلول ، ولكل حدث وحادثة محدث ، ( والبعرة تدل على البعير ، والأثر يدل على المسير ) فمن الغباء والحماقة والنوق والبلاهة والسفاهة والنزق ، أن أرى بعرة وأقول هكذا هى وجدت أو هكذا هى أوجدت نفسها ، ووجودها ليس له سبب ولا مسبب ، لأن هذا معاندة ومكابرة وجحود واضح ؛ لكونها إفرازة من إفرازات البعير .
    ومن المعاندة والجحود أيضا أن أجد أثرا لمسير وأقول هكذا طبعت على الأرض وهكذا هو وجودها ناشىء عن غير ما منشىء ، أو هى أوجدت نفسها بنفسها ؛ لأن هذه سفسطة لا تغنى عن إثبات أنها أثر لذا القدم المسير .
    إذا من الحماقة أن يكون هذا الكون بكل ما فيه يسير هكذا اعتباطا بدون موجد له ومدبر لشئونه ، أليس كذلك ؟ كلا ، بل ليس غير ذلك .
    ولكن لئن سألتهم من خلق الكون وما فيه ومن يدبر شئونه ، ويحدث إحداثاته ويغير ثوابته ، ويتبت متغيراته ؟ ليقولن : هى الطبيعة !!
    فهؤلاء القوم – مع هذا – أحسن حالا من الفريق الأول ، وإن كانوا فى الكفر والضلال سواء ، بل فى الجنون ( والجنون فنون ) .
    ولكن ... ، ولكنهم أحسن حالا ؛ لأنهم أرادوا أن يحافظوا على مسكة من عقولهم ، بأن أثبتوا قانون السببية على أصله ، ولكنهم أخطأوا وضلوا فى النسبة إلى المسبب .
    إذا نحن نتفق مع الفريق الثانى فى إثبات السببية ، ونخالفهم فى المسبب ، فهم يقولون الطبيعة ، ونحن نقول : الله الواحد الأحد القاهر القهار .
    والحقيقة أن مناقشة الطبيعيين لا تحتاج إلى ذاك البحث فى النقاش ، ولا إلى إيراد الكثير من الحجج وسبكها ، وتفنيد شبهاتهم ونسفها ؛ لأن حالهم عندى لا يقل عن حال الفريق الأول من طمس العقول وسفاهتها إلا قليلا ، وكما قلت : كلهم فى الجنون سواء إلا أن الجنون فنون ، وما علينا إلا تبيين الحق وإظهار الحقيقة لهم لعل ما هم فيه عن عطب لا معاندة ومكابرة ، لعل فساد عقولهم يئن إلى الصلاح أو تلين إلى الحق والفلاح .
    فنقول لهم ماذا عن الطبيعة يا قوم : أهى الإله ، أهى الخالق ، أهى البارىء ، أهى المصور ، ثم أهى المدبر ، أهى الرازق ، أهى المعطى المانع ، أهى الضار النافع ، ... ، ...
    تعالوا معى أيها العقلاء وقولوا لى : كيف خلقت الطبيعة هذا العالم وهذا الكون وهذه الحياة ؟
    مثلا : أريد أن أفهم هذه الأرض التى نعيش عليها ، أليبست هى الطبيعة أو جزء من الطبيعة ؟
    أجل هى كذلك .
    حسنا . أريد أن أفهم كيف خلقت ، وكيف وجدت ، بل أريد أن أعرف من الذى خلقها وأوجدها ؟؟
    أجيبوا : يقولون : الطبيعة .
    حسنا . أوليست هذه الأرض هى نفسها الطبيعة ؟
    أجل . إذا الأرض خلقت نفسها بنفسها ، فهى الخالق وهى المخلوق ، وهى الحادث وهى المحدث ، وذاك لا سبيل له إلا من طريقين كلاهما باطل :
    1- إما أن تكون الأرض خلقت نفسها بنفسها بدون سبب ، وهذا باطل عندهم ؛ لأنهم يثبتون قانون السببية وإن أخطأوا وضلوا فى المسبب .
    2- وإما أن تكون الأرض خلقت نفسها وهى المسبب قبل أن تخلق ، وعندما خلقت ووجدت كانت هى السبب ، وهذا لا سبيل له إلا من طريقين :
    1- إما أنها كانت موجودة قبل أن توجد ، فأوجدت نفسها ، وهذا باطل ؛ لأنها لو كانت موجودة فإيجادها لنفسها تحصيل حاصل .
    2- وإما أنها لم تكن موجودة وهذا لا سبيل له إلا من طريقين :
    أ‌- إما أنها لم تكن موجودة ، فأوجدت نفسها ، وهذا يرجع إلى الأول ، أى فتكون هى الخالق والمخلوق فى آن ، وهذا باطل كما سبق .
    ب‌- وإما أنها لم تكن موجودة ، فأوجدت غيرها ، وهذا هراء باطل أيضا ؛ إذ المعدوم لا يوجد ما كان معدوما مثله ، فيخرجه إلى حيز الوجود ؛ لأنه كان الأولى بالوجود وإيجاد نفسه من إيجاد غيره ، ولو أوجد نفسه فيرجع الأمر إلى ما سبق ... ، وهكذا ...
    ومن هنا أيضا يكون السبب عين المسبب ، والمسبب هو نفس السبب ، ومن هنا لا نكف عن العجب لعدم معرفتنا لا للمسبب ولا للسبب !!
    ومن هنا يظهر لك بيانا بطلان سببية الطبيعة ، ولكن هل لهم أن يقولوا : إن الطبيعة أوجد بعضها بعضا ، فمثلا : القمر أوجده الأرض ، والأرض أوجدتها الشمس ، والشمس أوجدها كذا ، وهكذا ...
    إذا نقول لهم : فمن أوجد هذا ، فمن أوجد هذا ، إلى ما لا نهاية ، وستظل السلسلة تتسلسل إلى أبد الدهر ، إلا أن تقولوا : ما أوجد هذا ، ولا هذا ، ولا هذا ، ... إلا الله الواحد القهار المبدىء المعيد الأول الآخر .
    وهذا هو ما يقوله الفريق الثالث : الذين يثبتون السبب وينسبون فعله إلى مسبب ، هذا المسبب هو الله الواحد الأحد ، والبداهة تقول : كل حادث لا بد له من محدث ، وكل وجود لا بد له من موجد ، وكل سبب لا بد له من مسبب .
    وبعد : فكان هذا تمهيد لذا البحث التالى عن السببية ، ونحن فيه نثبت مبدأ السببية ونرد على إلحاد الفريق الأول من الماديين ، الذين ينكرون قانون السببية ، ونحن بإثباتنا لقانون السببية بشكله الكلى ودلالاته على ثبوت مسبب لهذا العالم ، فإنه يثبت بالضرورة الرد على الفريق الثانى من الطبيعيين الذين أثبتوا مبدأ السببية وأخطأوا فى نسبة الفاعل المسبب ، ولأن هذا القول فى حقيقته ينطوى على إنكار السببية لبطلان أن تكون الطبيعة سببا ومسببا .
    وفى النهاية : أسأل المولى جل فى علاه أن يسدد طريقى ويوفقنى لإتمام هذا البحث ؛ فيكون سببا لأن يلمس قلبا مؤمنا فيزيده إيمانا ، أو يصادف عقلا حائرا فيكون له هدى وتبيانا ، أو يلقى نفسا لوامة فيكون لها برهانا ، أو يواجه نفسا أمارة فيكون عليها سلطانا .



  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    613
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    قانون السببية وإثبات الربوبية
    في مقابل السببية التي تنطلق من المخلوقات للاستدلال على وجود الله تعالى،فهناك نظرية أخرى تستدل بوجود الله على الكائنات،و هي نظرية الفيض الؤسسة على قاعدة أفلوطينية و مواد أرسطية،و أصحاب هذه التظرية يعتقدون بأن الله ما أن وجد الا و فاض عنه الكون،و هذا الكون انما يفيض عنه من غير حدوث(خلق) بل ما أن يتأمل الله نفسه الا و يفيض عنه العقل الأول كما يفيض العطر من الزهر و البرد من الثلج و الحرارة من النار..ثم هذا العقل الأول ما أن يعقل ذات الاله حتى يفيض عنه عقل ثاني و اذا عقل نفسه فاضت عنه مجرة،و هكذا تتسلسل العقول الى أن يفيض العقل العاشر أو العقل الفعال،و هذا الأخير هو الذي يعطينا الأسطقسات أو المواد الأربعة الماء و الهواء و النار و الماء التي تتكون منها أجسام العالم السفلي،و اذا كان تسلسل الكائنات العلوية تنازلي أي من الأعظم الى من هو دونه فانه على العكس في العالم السفلي نجد أن أرقى الكائنات آخر ما يتشكل و هو الانسان بعد الحيوان و النبات و الجمادات..
    فهذه الرؤية الأنطولوجية للكون التي قالها بها أبو نصر الفارابي بعد أن أدخل عليها تعديلات حيث جعل العقول عشرة بينما أرسطو يقول بوجود أكثر من أربعين عقل كانت محاولة للتوفيق بين الفلسفة اليونانية التي ترى أن "لاشئ من لا شئ " و الرؤية الدينية التي تقول بالخلق من العدم..
    و محاولة كذلك للجمع بين القول بقدم العالم و حدوثه لكونه ينطلق من مسلمة توافق الدين و الفلسفة و أن ما في الدين مثالات لما في القلسفة و أن الاختلاف في طريقة العرض و الصياغة فالدين يعتمد الأسلوب الخطابي الجدالي بينما الفلسفة تعتمد الأساليب البرهانية،حيث اعتبر الفارابي الله قديم بذاته و العالم قديم بالزمان لا بالذات لأنه حادث و الحادث يحتاج الى علة توجده،و شبه ذلك بحركة الخاتم في اليد،فاذا تحركت اليد يتحرك معها الخاتم لكن لولا حركة اليد لما تحرك الخاتم،و مثل كذلك بتلازم حركة الانسان و ظله و أيضا بنور الشمس و الشمس...
    اذن فهذه النظرية الفلسفية صالحة ليصفق بها الملحد الذي بختزل مهمته في انكار الخالق جل اسمه في اثبات قدم العالم،فالمنظومة الفلسفية تجمع بين القول بقدم العالم و اثبات الباري،و أفلاطون يرى كذلك أن الله ليس سوى صانع للعالم من مادة أزلية و هي الهيولي،اذن هو الآخر يقول بقدم المادة مغ اثبات الصانع و أرسطو كذلك يرى أن الله مجرد محرك لعالم قديم بعقله دون أن يتحرك..اذن قدم العالم لا يستلزم القول بعدم وجود الخالق داخل المنظومة الفلسفية على الأقل..

  3. #3

    افتراضي

    متابع باهتمام...وبارك الله فيك

    أخي الحبيب بما أن موضوع البحث خاصتك ذو علاقة بمفهوم السببية فأحب أن أضيف أن هذا المفهوم تقوم علية الآن جل المعرفة الإنسانية فيما يتعلق بالعلوم التطبيقية هذا وإلا لن يصبح وجود العلم في حد ذاتة في المجالات التطبيقية مبرراً وأعتقد أن هذا المفهوم (السببية) قد تعدي اليوم شكله الفلسفي.


    نيوتن مثلاً أدرك وجود الجاذبية من خلال ملاحظة أن التفاحة تسقط إلي أسفل فأدرك أن لهذه الحركة سبب في جعلها علي هذا النحو

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. قانون السببية ليس قانونا حادثا بعد أن لم يكن
    بواسطة حمادة في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 11-26-2012, 09:08 PM
  2. سؤال: قانون السببية
    بواسطة ontology في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 11-09-2011, 01:09 AM
  3. سؤال: انكار قانون السببية
    بواسطة ابن السنة في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 07-31-2010, 05:15 AM
  4. تعريف الصحابة وأثبات العدالة
    بواسطة تامر المهندس في المنتدى قسم السنة وعلومها
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 03-18-2010, 12:21 AM
  5. تعريف الصحابة وأثبات العدالة
    بواسطة تامر المهندس في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 02-06-2010, 11:26 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء