النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: تاريخنا بين تزوير الأعداء وغفلة الأبناء

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    ارض الله
    المشاركات
    532
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي تاريخنا بين تزوير الأعداء وغفلة الأبناء

    هذا الموضوع منقول للافادة....وذلك بعد ان وجدت في عدة موضوعات من تاثر بتفسير الغرب المادي لتاريخنا الاسلامي ذلك التفسير الذي يزور الحقائق ويخفى الوثائق ويدخل الكذب .. لتشويه الاسلام والملسلمين
    وللاسف ساهم ويساهم من ابناء الاسلام بقصد وبدون قصد في تزوير تاريخنا
    ==============================
    اعرض على اخواني الموحدين هذا الاقتباس ...والذي هو ملخص لكتاب
    تاريخنا بين تزوير الأعداء وغفلة الأبناء
    المؤلف: أ. يوسف العظم
    الناشر: دار القلم - دمشق / الدار الشامية – بيروت 1419هـ – 1998م
    وقام بهذا العرض والتلخيص .. : أنور إبراهيم علي......14/04/2001
    ========================================

    إن دولا كبرى وأجهزة ضخمة ومؤسسات متخصصة وأقلامًا مأجورة ووسائل إعلام مسخرة مغرضة تسهم في تزوير التاريخ لتقدمه لنا مشوهاً وتحيل الصفحات المشرقة من تاريخ أمتنا مظلمة كالحة مما يورث الإحباط ويدعو إلى الانهزام النفسي .
    للمنهج القرآني سمة خاصة يتميز بها في دراسة التاريخ ومتابعة أحداثه حيث يركز على ربط دمار الأمم وانهيار المجتمعات بارتكاب المعاصي والإسراف في الترف والظلم .
    إن من يكتب تاريخنا لا يخرج عن هذه الأصناف مؤلف كتب إرضاء للحاكم ومستشرق أو مبشر ومؤرخون طائفيون ومؤرخون معاصرون - من بني قومنا - غافلون أو حاقدون!!
    اعتمد المزورون في كتابة تاريخ أمتنا منهجية سطحية مغرضة وروحاً طائفية حاقدة بحيث أظهروا العيوب والسلبيات .
    المستشرقون عند دراسة تاريخنا أصناف ثلاث :
    صنف درس واقتنع وأسلم وصنف درس واقتنع وقال كلمة حق وصنف حاقد موتور أعماه التعصب فشوه التاريخ والحقائق .
    الطائفيون من الكتاب والمفكرين صنفان: صنف ينتمي إلى الجذور العربية الأصيلة وفريق يرى انتماءه يرجع لبعض الدول الصليبية وهو معتز بهذا الانتماء واليهودية وراء المستشرقين والطائفيون .
    التاريخ نافذة نطل منها على ماضينا لنبصر مستقبلنا.. والجذور البعيدة تعطي دفعة أو انتكاسة فكيف بصاحب المجد التليد أن يرتكس بمن ينظر خلفه فيرى سيد الخلق وصحبه الكرام ثم تتبعه كوكبة يسير فيها السلف الصالح والفاتح الذي دوخ أوروبا ، وقطز الذي دحر التتار وصلاح الدين الذي ضمد جرح الأقصى وطهره من دنس الصليبية الفاجرة وكيف بمن ينظر وراءه فيجد طغمة من اللصوص وسفاكي الدماء أن يقدم الخير للناس.. إن التاريخ هو البذور وكلما نبتت نبتة كان أصلها يرجع إلى تلك البذور وأصولنا شريفة وجذورنا ضاربة في أرض الحق وفرعها في السماء ولكن مزوري التاريخ من المستشرقين والطائفين أبوا إلا أن يحاولوا بكل جهدهم طمس بريق تاريخنا المشرق فراحوا تحت ظلمة الحقد الصليبي وتزوير الاستشراق المقيت جيش طويل يحاول أن يغطي بهاء سيد الخلق محمد (صلى الله عليه وسلم) وأن يطفئ نور الكوكبة المضيئة (صحابة رسول الله) (صلى الله عليه وسلم) و(رضي الله عنهم).. وراح أحفادنا لا يرون من تاريخهم إلا قشورًا زائفة وكأننا أمة بلا أصل وبلا تاريخ!!
    هذا هو موضوع هذا الكتاب الذي بين أيدينا يضيء لنا الطريق لنرى حقيقة تاريخنا وهذا الكتاب يقع في الفصول أو العناوين الآتية:
    1 - التاريخ بين الدراسة والتدوين.
    2 - أمتنا في العصر الحديث قرأت تاريخها مشوهًا.
    3 - المستشرقون ودورهم في الإنصاف أو تزوير التاريخ.
    4 - الطائفيون من الكُتَّاب والمفكرين ودورهم في تزوير التاريخ.
    5 - المفكرون المنصفون من النصارى العرب.
    6 - طائفة من الشبهات والمفتريات في تاريخنا على مر العصور.
    7 - المنهجية السوية والروح الموضوعية تبرز صفحات تاريخنا المضيء وتنقذه من المفتريات.

    المنهج القرآني في دراسة القرآن
    يقول الكاتب: إن المنهج القرآني له سمة خاصة في دراسة ومتابعة التاريخ حيث يركز على دمار الأمم وانهيار المجتمعات بارتكاب المعاصي والإسراف في الترف وإن ممارسة القيم والتحلي بالأخلاق الكريمة يقودان الأمة إلى مزيد بين البناء والعطاء والسؤدد ومن هنا فإن الهدف من دراسة التاريخ الاستنارة بعبر الماضي حيث تعرض الأمم سيرها في وضوح وإيجاز يقودنا إلى حقيقة متفق عليها وهي أن كرامة الإنسان لا تتوفر إلا باحترام العدل وأهله واحتقار الظلم وأهله {أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثاراً في الأرض فما أغني عنهم ما كانوا يكسبون} (غافر:82).
    ويركز القرآن الكريم على أن القوة والعمران لا يدوم منه شيء إذا كان قائماً على الظلم والبطش والجبروت مع ضرورة إمعان النظر في هذه القضية {قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين} (النمل:69).
    وهكذا يمضي الكاتب موضحًا من خلال آيات القرآن الكريم خطورة البطر وارتكاب المعاصي وخطورة الذين يفرحون بما أوتوا من مظاهر النعيم ويتمادون في ارتكاب الآثام ويقول الكاتب: يجدر بباحث التاريخ ألا يكتفي بالبحث بين الكتب والأخذ مما بين السطور ولكن يزور مواقع الأحداث بنفسه مثل البيت العتيق وزمزم ومني وعرفات وغار حراء... إلخ وكما يزور أماكن الحضارة القديمة مثل حضارة قدماء المصريين وحضارة بابل وآشور والفينقيين.

    من يكتب التاريخ ؟
    1 – مؤلفون قدامى كتبوا التاريخ وصنفوا الكتب إرضاء للحاكم والسلطان أو الحزب السياسي أو المذهب أو الدولة وقد ركز هؤلاء علي رموز الحكم دون أبناء الأمة من مختلف الطوائف.
    2 - مستشرقون أو مبشرون: تخصصوا في الطعن في تاريخنا وتجريح قادتنا في مختلف الميادين.
    3 - مؤرخون طائفيون من أمثال: جورجي زيدان وفيليب حتي ، حيث اتهموا اتهاماً كبيراً في تزوير تاريخنا.
    4 - مؤرخون معاصرون من بني قومنا غافلون حاقدون وجهلة وجدوا بين أيديهم كتبًا مصنفة وضعها خصوم الأمة ومن هنا لابد من تمحيص التاريخ وتنقية صفحاته مما يشوبها من اتهامات باطلة أو تزوير مقيت مع وضع مقاييس للرجال الذين كتبوه ويكتبوه.

    من يعلم تاريخنا ؟
    وتحت هذا العنوان يسرد الكاتب الأصناف التي علم التاريخ وهي:
    1 - معلم تلقى العلم في بلد أجنبي وأعد إعدادًا خاصًا على عين العدو الحاقد فاستبدل بالكوفية القبعة وبأبي بكر وعثمان عمر وعلي جمعًا من الخواجات.
    2 - معلم مطبوع بفكر المبشرين والمستشرقين مبهور بحضارة الغرب المادية ومنهاجه الحياتي.
    3 - معلم ساذج اتخذ من التعليم مهنة ارتزاق وعملاً يقتات براتبه لا رسالة يؤديها فأين المعلم صاحب الرسالة الذي يغار على سمعة أمته وحقيقة تاريخها المشرف ؟ وإن وجد فهم قليلون.
    انحراف منهج العمل التاريخي
    يؤدي انحراف منهج العمل التاريخي إلى مغالطات شتى وتشوهات في عرض أحداث التاريخ بسبب اختلاف شكل المرئي باختلاف زاوية الرؤية ولذا فالأوروبي ينظر إلي تاريخنا من زوايا متعددة الأمر الذي يقوده في المسيرة إلي نظرة خاطئة وينظر إلي تاريخنا من مواقف خاطئة متعددة منها:
    أولاً - جهل الغالبية العظمي من المستشرقين باللغة العربية مثل قول الزهري: إن الخلفاء قد أمروا العلماء بتدوين الأحاديث النبوية فنرى المستشرقين نقلوا للناس أن الخلفاء أمروا بنقل أحاديث وهنا فرق بين أي أحاديث وبين الأحاديث النبوية وفي كتاب تاريخي منشور في لبنان يقول المؤلف أو يتكلم عن قائد عربي اسمه (الكعكة) بينما هو ( القعقاع ).
    ثانيًا - النظرة إلى الدين نظرة محدودة وفقاً للنظرية الكنسية التي تفصل الدين عن الحياة.
    ثالثًا - الطائفية المأجورة التي تمولها مؤسسات علمية مشبوهة فيتحاملون على الإسلام والمسلمين والشخصيات الإسلامية كلها.
    رابعًا - الطائفية الحاقدة التي تكمن في قلوب المستشرقين ونورد بعضًا من أقوالهم عن سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) الإسلام كدين: يقول مدير المستشرق: إن سيف محمد والقرآن هما أكثر الأعداء عناد ا للحضارة والحرية والحقيقة ويقول فون جرونيام: الإسلام دين غير إنساني وغير قادر على التطور والمعرفة الموضوعية .
    خامسًا - ذكرياتهم الأليمة حين يتذكرون فتح الإسلام لأوروبا وانتشاره في ربوعها وسقوط الدول الأوروبية قبل فتح الإسلام لأوروبا ونشر في ربوعها والتي تكمن في نفوسهم وتؤثر علي عقولهم.

    سادسًا - الاستعلاء الأوروبي: إذ يعدون أنفسهم متميزين في كل شيء: العقل والفكر ونمط الحياة.
    سابعًا - الأهداف الاستعمارية التي سخرت الاستشراق لخدمتها.

    ثامنًا - انعدام الروح الغيبية النابعة من المفهوم العميق للتقوى والخوف من الله.
    تاسعًا - سوء الفهم نظراً لاتصال الباحثين بالعامة دون الخاصة مما يعوق الفهم الصحيح للتاريخ واللغة.

    منهجية مغرضة وروح طائفية
    يقول الكاتب: إن المزورين في كتابة التاريخ اعتمدوا منهجية سطحية مغرضة وروحاً طائفية حاقدة ومن أبرز منطلقات هذه المنهجية:
    أولاً - المنطق القومي العلماني أو العروبة الجاهلية حيث يبرزون التاريخ الجاهلي والقول بأن العرب كانوا أمة ذات وزن ومكانة قبل الإسلام رغم بروز الحقائق الثابتة التي تنافي ذلك ومنها:
    1 - حضارة العرب قبل الإسلام كانت محلية ولم تكن عالمية.
    2 - حضارة العرب قبل الإسلام كانت حضارة مادية.
    3 - أن العرب قبل الإسلام لم يكن لهم كيان متميز أو وزن يعتد به بين الأمم.
    4 - رغم وجود بعض القيم السليمة كالشجاعة والكرم وحماية الجار ولكنها كانت تغرق في مستنقع الآفات والخطايا التي تدخل العرب في دنيا الوحوش مثل وأد البنات ومهانة المرأة بكل الأشكال نكاح الاستبضاع - نكاح الرهط - نكاح ذوات الرايات حيث تتعرض المرأة للمهانة ففي نكاح الاستبضاع كان الرجل في بعض القبائل يرسل بزوجته إلى رجل يظن أنه نجيب نابه لتبيت عنده حتى تأتي له بولد نبيه نابه.
    5 - لم يكن للعرب ثقافة ولا جامعات ولا مدارس ولا مكتبات وهو حال تبدل بعد الإسلام.
    6 - كان العرب في حروبهم جهلة لا يحكمون العقل السليم.
    7 - كان العرب ممزقين لا تجمعهم وحدة واحدة.
    8 - جاء الإسلام فصنع من العرب أمة.
    ثانيًا - إبراز التاريخ الإسلامي على أنه امتثال وإغفال عظمة الإسلام ووحدة المسلمين.
    ثالثًا - إغفال جوانب التكامل الحضاري والشمول الفكري.
    رابعًا - تغذية روح الفرقة بين المسلمين وذلك بإحياء الفرق المنقرضة كالدهرية والمرجئة... إلخ.
    خامسًا - تسجيل الشبهات والخلافات مثل الخلاف بين الأمويين والعباسيين... إلخ.
    سادسًا - التركيز على تاريخ الحكام وإغفال دور الشعوب في صنع كثير من أحداث التاريخ.
    الدراسات الأدبية نافذة يتسلل منها المزورون.
    يذكر الكاتب أن المراجع الأدبية غير الموثقة من أسوأ المصادر التاريخية التي يعتمدها المزورون للتاريخ حيث يبحثون عن المفتريات وينشدون الشبهات زلة من هنا وانحرافات من هناك ثم يظهرون القيم الجاهلية في صورة مشرقة ويغفلون كل عيوبها فنجدهم مثلا في كتاب الأغاني فهم يركزون على ما جاء فيه من الخلاعة والمجون في عهد العباسيين وأمثالهم ناسين أو متناسين المميزات الواضحة.
    بمثل هذه المنهجية المغرضة كان التأثير في إعداد جيل الهزيمة.
    1 - فرغوا الإسلام من مدلوله الحضاري.
    2 - أعطوا كلمة الجهاد عند الغرب مدلولا بشعًا.
    3 - عمل مزورو تاريخنا على إحلال كلمة العروبة محل كلمة الإسلام والقومية محل مصطلح الدين.
    4 - وعملوا على صناعة جيل الإحباط والضياع والهزيمة بزرع بذور الشك في نفوس الأبناء.
    5 - ثم عملوا على زرع بذرة الخلط بين (العلم) الذي هو عام للجميع وبين الثقافة وهي خاصة حيث لكل شعب ثقافته التي يتميز بها فكان أن تاهت أصالتنا وسط الثقافات الوافدة المتحررة من كل خلق.
    6 - رسخ مزورو تاريخنا لدي أبناء الأمة انعدام القدوة القيادية في تاريخنا.

    المستشرقون ودورهم في الإنصاف أو تزوير التاريخ
    يؤكد الكاتب علي صعوبة تناول الباحث كتابة تاريخنا من جديد بعيدًا عن الشبهات والمفتريات دون أن يتناول بالبحث دائرة المستشرقين القدامى والمحدثين الذين اعتنوا بدراسة ديانات الشرق ولغاته وعاداته وقد خص الكثير منهم الإسلام بكثير من أبحاثهم ويمكن تقسيمهم إلى ثلاثة أقسام هي:
    الفريق الأول: درس الإسلام عقيدة ونظام حياة فعرف فيه الحق الذي يجب أن يتبع وقاده ذلك إلى إعلان إسلامه والاعتزاز بهدايته ويذكر المؤلف أمثلة كثيرة منهم ويوضح كيف وقفوا بجوار الإسلام ومنهم: الفونس ايتين دينيه الفرنسي – اللورد هدلي المستشرق الإنجليزي والذي يقول فكرت أربعين سنة كي أصل إلى حل صحيح حتى وصلت إلى الإسلام وتوماس كارليل – الكاتب الإنجليزي – والذي قال: من العار أن يصغي أي إنسان متمدن من أبناء هذا الجيل إلى وهم القائلين بأن الإسلام كذب وأن محمدًا (صلي الله عليه وسلم) لم يكن على حق ثم يسرد الكاتب عددًا من المستشرقين الذين أسلموا ومنهم: هنري دي كاسترو وليوبولدفايس - المستشرق النسماوي - ويختم بالمستشرق الكبير روجيه جارودي.
    الفريق الثاني: وهو فريق المستشرقين الذين درسوا الإسلام وأعلنوا إعجابهم بما درسوا ودافعوا عن الإسلام دفاعاً مستميتاً دون أن يعلنوا إسلامهم ومن أشهر هؤلاء تولستوي - الأديب الروسي - الذي دافع عن الرسول (صلي الله عليه وسلم) وعن الإسلام دفاع المنصفين فعاقبه البابا فأرسل الإمام محمد عبده رسالة طويلة يشكره فيه علي حسن صنيعه بالإسلام.
    الفريق الثالث: وهو الذي حارب الإسلام بكل حقد وتعصب أعمي عن الحقيقة البازغة كالشمس في وضح النهار ومن هؤلاء الموتورين كارل بروكلمان والفرد جيوم وجب زويمر ووادءين كالفرلي.. إلخ.
    أوعية السم وألوية العداوة
    ثم يشير المؤلف إلى المؤسسات التي تحارب الإسلام تحت راية العلم والبحث النزيه وهي تقطر سما زعافاً ومنها دائرة المعارف الإسلامية حيث ضمت عدداً كبيرًا من الصليبيين المتعصبين الذين يهاجمون الإسلام والمسلمين ويبثون روح الإحباط بين شباب الأمة ويذكر المؤلف أشهر المحررين في هذه الدائرة الشريرة التي تسمي نفسها بالإسلامية ثم يشير إلى مجامعنا العلمية التي تفتح ذراعيها لهؤلاء المتعصبين ويصبحوا أعلامًا في مجامعنا العلمية العربية - الإسلامية تفسح لهم أبواب الصدارة وذلك للأسباب الآتية:
    1 - سماحة هذه الأمة ودينها وسعة أفق علمائها.
    2 - الغفلة التي تنتابنا أحياناً عندما نقرأ لعالم أو باحث أجنبي يثني على الإسلام والمسلمين.
    3 - إبراز هذا النمط المغرض والثناء علي أفكارهم عبر وسائل الإعلام وبأقلام غير إسلامية.

    اليهود ودورهم في احتواء الاستشراق وتسخيره لخدمة أغراضهم

    لم يعد سراً أن اليهود يتسللون إلى كل شيء ، الأحزاب - المؤسسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمنظمات الاجتماعية والإنسانية ومن أخطر أنواع التسلل: التسلل للقيادات الدينية والفكرية ومن ذلك ما جاء به العالم أجمع الكاردنيال بيا الذي أقنع البابا بنظريته الداعية إلي تبرئة اليهود من دم المسيح وعدم مسئوليتهم عن صلبه واتضح أن الكاردنيال بيا يهودي أصلاً وتسللوا في مجال الاستشراق دون أن يعلنوا عن يهوديتهم ليبثوا سمومهم وذلك لأسباب دينية مثل: إضعاف الإسلام والتشكيك فيه وأسباب سياسية وهي خدمة الصهيونية فكرة ودولة ويوضح الكاتب منبهًا إلى أن بعض وسائل الإعلام تقدم هؤلاء الحاقدين على أنهم دارسين للإسلام دراسة واعية فينبغي أن يتابع الدارسون ما يقع في عالم الاستشراق حتى لا نقع في مثل هذه المغالطات.

    الطائفيون من الكتاب والمفكرون ودورهم في تزوير التاريخ

    يقول المؤلف: إن النصارى من حيث اتجاهاتهم الفكرية وانتماؤهم الوطني وولاؤهم السياسي إلى فئات عديدة - فريق عربي أصيل - فريق يرى انتماءه لبعض الجذور الصليبية ثم يسرد سيرة ذاتية لبعض منهم وحربهم ضد الإسلام ومن هؤلاء: جورجي زيدان - اختفى خلف الهلال فأفسد.
    يذكر عنه الكاتب أنه أسس أكبر دار للطباعة عام 2981 وكان بارعًا داهية حين سماها دار الهلال لا دار الصليب وكان أكبر الآثار السلبية في تضليل الجيل وتفسيخ المجتمع وقد أخذ عن جورجي زيدان كثير من واضعي المناهج ومؤلفي الكتب المدرسية وكتب مجموعة من القصص التاريخي شوه فيها التاريخ الإسلامي في كل نواحيه وقد أبرز في رواياته حشدًا من السلبيات والعيوب المنتقاة للإسلام ومنها:
    1 - أبرز تقليد العربي للفرس والروم في مظاهر الأبهة وبهارج الملك.
    2 - اغفل جوانب العظمة الحقة.
    3 - ركز على تأثر العرب بالأمم الوثنية والنصرانية.
    4 - أبرز السلبيات عند الحديث عن أدبيات (الرق) والعبيد.
    5 - لم يعط للجهاد غاية هدفًا وأسلوبًا.
    6 - ألقى الأضواء المغرضة على الصراع علي السلطة.
    7 - عزا نصر المسلمين إلى فرد من النصارى مثل فتح الأندلس حيث انضم أحد النصارى إلى جيش المسلمين فكان سبب النصر - والصورة التي يلقاها القارئ عن الإسلام عند جورجي زيدان تتخلص في النقاط الآتية:
    1 - أبرز صور الانحراف في مجالس الشراب وصحبة الغواني.
    2 - سلط الأضواء على الأزياء والتبرج.
    3 - أغفل جوانب التكامل والشمول في الحضارة الإسلامية وقسم المجتمع المسلم بدافع الحقد الصليبي والتربية الكهنوتية إلى قسمين: الدين وحصره في المسجد أما (التكايا) والقصور والحدائق والأسواق وجعلها مكان حياة متحررة من كل خلق ويلاحظ أن الموضوعات التي كتب فيها جورجي زيدان تحترم الأهداف الآتية:
    1 - ألقى الضوء على جبروت الحجاج وقسوته ولم يكتب عن عمر بن عبد العزيز وعدله ورحمته.
    2 - كتب في قصة أرمانوسة القبطية يوضح كيف كان يعيش الأقباط في رخاء حتى جاء الوحوش المسلمون وحلوا فيها دخلاء.
    3 - أبرز في قصة ؛شارل وعبد الرحمن« الجانب النصراني في أسبانيا وسلط الضوء علي حضارتها.
    4 - كتب عن استبداد المماليك وظلمهم.
    5 - كتب عن الانقلاب العثماني ولم يكتب عن الصور الباهرة مثل: السلطان عبد الحميد وأخطر ما قام هذا الصليبي الحاقد تأسيس مطبعة مما يسهل علي القوم تزوير الكلمة وفسخ الحقيقة وقد تحولت هذه المطبعة إلى أكبر دار للطباعة في العالم العربي.

    فيليب حتي واحد من أبرز مزوري التاريخ
    يذكر المؤلف أن البعض أسموه (أبا التاريخ) وهذا الذي فتن به أهل الشرق تربي علي يد قسيس كنيسة شملان وكان الكتاب الوحيد الذي اغترف منه التوراة ثم انتقل إلى لبنان إلى مدرسة الأمريكيين ثم ذهب إلى بعثة في أمريكا لحساب الجامعة الأمريكية ثم حصل علي الدكتوراه وعمل مدرساً في الجامعة الأمريكية في بيروت ولم يغادر الدنيا إلا بعد أن ترك تلاميذ يحملون أفكاره المسمومة مثل: (قسطنطين ذريق أمين نبيه جبرائيل حبور... إلخ) ولقد شكك فيليب حتي في القرآن يقول ومن يتحر القرآن يجد لسوره ترتيبًا سطحيًا مبنيًا على نظام الطول والقصر والسور المكية ذات أسلوب حماس ناري قصيرة وحادة ويقول: إن صورة النعيم التي أخرجها القرآن أوحتها الرسوم الدقيقة أو بدائع الفسيفساء التي خلفها النصارى مما يمثل به جنان الفردوس وفيها الملائكة رسمت على أشكال الولدان والحور، وقد لخص رأيه في الإسلام قائلا : إن بعض النصارى من أهل أوروبا وأهل الشرق يكون عندهم في العصور الوسطي رأي يستند إلي ما بين الإسلام واليهودية والنصرانية من التشابه مؤداه أن الإسلام بدعة نصرانية أكثر منه دينًا جديداً.
    ثم يفند الكاتب هذه المفتريات التي افتراه الحاقد على الإسلام فيليب حتي.. ويعرض بعد ذلك كيف انتقص هذا الشرير من شخص الرسول (صلى الله عليه وسلم) فيقول: إن نشأته محاطة بالغموض فليس لدينا عن سعيه في طلب الرزق ومحاولاته لبلوغ آماله وإدراك الغرض الذي يرمي إليه وما قاساه من المشقة والألم في سبيل تحقيقهن سوى قليل من الأخبار الموثوقة هكذا هذا الصليبي الحاقد لا يعرف عن أخبار سيد الخلق أخبار موثوقة إلا القليل.
    ثم يعرض الكاتب لتشكيك المفتري فيليب حتي في الشعائر والعبادات الإسلامية ؛الصلاة – الزكاة – الحج ، فيقول عن الصلاة: ؛لقد نجح الإسلام في ترتيب صلاة الجمعة على منوال اليهود في عباداتهم بالكنيس إلا أنه تأثر من بعد بطقوس صلاة الأحد التي يمارسها النصارى وهكذا يسوق الكاتب مفتريات هذا الصليبي الحاقد حتى يصل إلى تفنيد بعض الأساتذة لآراء (حتي).

    الطائفة الصليبية المتشنجة تغذيها المؤسسات اليهودية الحاقدة
    يقول الكاتب: إن اليهودية الحاقدة تسللت إلى كل شيء في أمريكا والأهم هو تسللها إلى الكنيسة الأمريكية بحيث حل كثير من المعتقدات اليهودية محل المعتقدات النصرانية حتى أصبح الانتماء لليهودية المقنعة واضحاً بل إنهم تسللوا إلي قلب الفاتيكان وكما ذكرنا أن الكاردنيال بيا أعلن براءة اليهود من دم المسيح وهو لا ينكر صلب المسيح ولكن يؤكده ولكن على يد غير اليهود ولم يشهد الوطن العربي أي تشاحن بين المسلمين والنصارى إلا بعد أن دس الغرب أنفه متمثلاً في النصرانية المتهورة المستوردة من الغرب وخاصة من الولايات المتحدة على يد دعاة التنصير والذين تزيوا بزي البر وهم أبعد ما يكون عن البر ومن أنماط هذا التشنج الطائفي الذي جد بعد تدخل أوروبا وأمريكا بالحقد:
    1 - كاتب اقتصادي يعالج الشؤون الاقتصادية في الأردن راح يكتب منددًا بخطباء الجمعة الذين خطبوا خطبة ينددون فيها ببناء كازينو قمار كبير في مدينة العقبة وهكذا راح هذا الحاقد يناوئ الإسلام في كل مكان ولكنه كان يأخذ في كل مكان صفعة من الردود القوية التي يتلقاها.

    المفكرون المنصفون من النصارى العرب
    يذكر الكاتب - استناداً إلى النهج الموضوعي القويم - المفكرين المنصفين من النصارى ، ومنهم:
    - الأستاذ فارس الخوري - أحد أركان الحياة البرلمانية في سوريا وفي الوطن العربي كله - كان يدين بالنصرانية ولكنه كان يعتز بالإسلام ثقافة وحضارة وفكراً وتراثاً وكان مؤيدًا للحركة الإسلامية في سوريا فكان يقدم لهم العون في كل المشاكل التي تقابلهم وفي الانتخابات كان يؤيدهم بأصواته وأصوات أسرته جميعًا.
    - ومن هؤلاء الأستاذ مكرم عبيد - الزعيم المصري القبطي - الذي كان يرأس حركة الكتلة الوفدية فقد كان رجلاً وفيُّ الوطنيه ،وأبناء وطنه وكان يستشهد بآيات من القرآن الكريم كلما خطب في أي محفل وكان من الشجاعة حتى إنه كان من الرجال المعدودين على أصابع اليد الذين شاركوا في تشييع جنازة الإمام الشهيد حسن البنا (رحمه الله).
    - ومن هؤلاء المنصفين المفكر النصراني الأستاذ/ أسعد داغر اللبناني الجنسية الذي تعاون مع الإمام الشهيد حسن البنا لعقد مؤتمر شعبي لحل مشكلة فلسطين ووصلت به القناعة لدرجة أنه قال: إنه لا سبيل إلى حل القضية الفلسطينية إلا بالإسلام ،وأخرجه نوري السعيد من بغداد بحجة أنه يبشر بآراء الإمام الشهيد حسن البنا ثم لا يزال الكاتب يسرد هؤلاء المفكرين النصارى المنصفين ومنهم الشاعر ميخائيل نعيمة والأديب جورج حداد والذي قال في ذكرى مولد النبي في مقالة له " أكتب هذا في ذكرى مولد النبي العربي الأمي الكبير العظيم بل الأعظم بين موفدي السماء ورجالات التاريخ وصانعي النهضات ويذكر أيضًا الأستاذ الأردني سليمان الشيني ثم يأتي إلى هذا النجم الساطع.

    الدكتور نظمي لوقا.. والموسوعة الإسلامية الكبرى
    يقول الكاتب: إنه المفكر والأديب المصري القبطي الذي يعتز ويفخر بالثقافة الإسلامية وهو صاحب الموسوعة الإسلامية الكبرى وكان عددها عشرين كتابا هي: محمد الرسالة والرسول وامحمداه تمحيص وإنصاف شخصية الرسول بين الحقيقة والأباطيل… إلخ وهذه الموسوعة أصدق حملة على العصبية العمياء ومن أقواله: وما أري شريعة أدعى للإنصاف ولا شريعة أنفى للإجحاف والعصبية من شريعة تقول: {ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا} (المائدة: 8) ويفند فرية أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان مزواجًا قائلا : تزوج الكثرة من النساء ولكن تلك الكثرة لم تكن مطولة ولا مرغوبة في ذاتها لأنه ضير بها في الشق المكدود من حياته ولم يكن له بها انتفاع يحسد عليه ويقول: ما كان الرسول أخا شهوة ولا كان طالب دنيا! ولا كان الرسول مقارف دنايا.
    ثم يذكر الكاتب العربي الفلسطيني النصراني إميل الغوري والذي التزم خطة الإسلام سياسة وتحريرًا والذي كان على علاقة طيبة وصلة وثقى بالخط الإسلامي العام وهو الذي كشف ألاعيب التبشير النصراني الذي يغزو البلاد العربية أيام كان وزيراً للشؤون الاجتماعية والأردن عام 9691م وله رسالة مطبوعة عنوانها دور التبشير في خدمة الاستعمار والصهيونية ، ووضح دورها المتغلغل في البلاد العربية وخاصة الشمال الأفريقي والمشرق العربي وكانت هذه الإرساليات من مختلف البلاد الغربية إيطاليا - فرنسا - النمسا - أسبانيا ومختلفة المذاهب كاثوليكية بروتستانية ووضح أن هذه الإرساليات التبشيرية دورها استعماري ويواصل كشف هذا الدور اللئيم الذي يتخفى وراء الرحمة والشفقة ثم يدعو إلى تحرير فلسطين بالجهاد الإسلامي بمقال نشره في صحيفة الدستور بتاريخ 2/ 3/1977 .
    ويقول في ذكرى الهجرة النبوية: إننا نعتز أكبر الاعتزاز بالرسول العربي سيد العرب قاطبة ونفاخر بمبادئ رسالته الإنسانية العظمي.
    ويقول عن الإسلام: الإسلام هو الإطار الحضاري الأمين الذي يعيش نصارى العرب ضمن نطاقه وهويتنا ومجتمعنا ومن الذي لا يريد أن يكون مجتمعه وطيد الأركان ورفيع البنيان وعظيم الكيان؟ ونذكر بكل اعتزاز واغتباط قوله تعالى: {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى}(المائدة: 28) وهكذا يسرد الكاتب المواقف الكثيرة لهذا المفكر النصراني المنصف وبهذا تكون الوحدة الوطنية الحقيقية.

    خاتم النبيين في شعر المنصفين من النصارى العرب
    يقول الكاتب: ومن الإنصاف أن نسوق هنا نمطاً من الشعر الهادف الذي تغني به عددًا من شعراء النصارى في مناسبات إسلامية مما يؤكد أن عروبة المنصفين وانتماء العرب منهم لسيد العرب والعجم محمد (صلى الله عليه وسلم) هو انتماء مفاخرة ونسب يعلو على كل رابطة تربطهم بأدعياء النصرانية ونصرة المسيح في الغرب النصراني المتهور ويذكر كثيراً من الأشعار ،ونذكر أسماء الشعراء الذين قالوها.
    أولاً - الشاعر محبوب الحوزي - لبناني إلياس فرحات رشيد سليم الخوري - لبناني رياض المعلوف - لبناني ومن هذه الأشعار يقول راداً على هؤلاء الذين يعجبون من حبه للعرب وفيهم ظهر الإسلام
    قالوا تحب العرب ? قلت أحبهم ..... قالوا الديانة قلت جيل زائل
    يقضي الجوار على الأرحام ..... ويزول معه حزازة وخصام
    قالوا لقد بخلوا عليك أجبتهم ..... أهلي وإن بخلوا علي كرام
    ومحمد بطل البرية كلها ..... هو للأعارب أجمعين إمام

    ويقول الشاعر المشيني لبناني في قصيدة بعنوان إلى الأقصى الخالد:
    لرحاب الطهر تحيتنا ..... للأقصى ترخ ص أنفسنا
    للمسجد تهفو أمتنا ..... لن ننسى أربع قبلتنا
    لحماه ترنو أعيننا ..... فرؤاه تعيش بمقلتنا...
    إلخ القصيدة

    وبعد.. فهذه نماذج خيرة من أقوال المنصفين من نصارى العرب في مختلف أقطارهم أملاها عليهم انتماؤهم لوطنهم وأمتهم ورغبتهم في وحدة الصف فماذا يكون كلام المسلمين المنصفين الواعين لحقيقة التدين ؟ أليسوا هم المدركين لقول الله: {إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهًا في الدنيا والآخرة ومن المقربين} (آل عمران:45) {وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين} (آل عمران:42) وإنها إحدى سيدات نساء أهل الله إذاً لماذا يطاوع الجهلة والسذج من أبناء أمتنا المفسدين من الدخلاء الذين ينشرون الحقد ويصنعون الفتنة وقد دفنها وعينا وتعاوننا على البناء والعطاء في أطباق الثرى لكون المجد في الأعالي كما يقول الإنجيل وتكون لله العزة ولرسوله وللمؤمنين كما ورد في محكم التنزيل.

    المزورون يبحثون عن العيوب لا عن الفضائل:
    يقول الكاتب: إن المزورين يبحثون عن العيوب ويلقون عليها الضوء لتكبر ويخفون الفضائل والمكارم والحسنات حتى تبدو صغيرة ضئيلة ثم يأتي الباحث الجامعي أو الدارس في مقاعد الدراسة الإعدادية والثانوية فلا يجد إلا كل غث ويورد المؤلف سلسلة من افتراءات هؤلاء المزورون ومنها:
    - أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان أكولا شرهًا ثم يهملون أحاديثه عن الاقتصاد وحسن التدبير.
    - ويركز المزورون على كثرة زوجات الرسول ويتناسون أنهن كن في سن الشيخوخة وكانت مسئولية الرسول (صلى الله عليه وسلم) إزاءهن كثيرة وبعيدة عن الشهوة تمامًا.
    - ويركز المزورون على انتشار الإسلام بالسيف ويغفلون العدل والرحمة الذي كان يسبقهم إلى القلوب.
    - ويركز المزورون على الخلاف بين الصحابة ويخفون مواقف الإيثار والرحمة والزهد في الدنيا فيما بينهم.
    هذا وما يزال الكاتب يسرد سلسلة التزوير التي يهتم بها مزورو التاريخ وأنهم يتتبعون كل عورة للإسلام وينسوا كل كريمة من الخصال حتى وصل التاريخ إلى أحفادنا مزورًا مبتورًا.

    تهافت التفسير المادي للتاريخ أمام أحداث السيرة
    حيث يري الماديون أن المادة هي أساس الحياة حركة وسلوكًا وأهدافًا ووسائل ويؤكدون أنه ما من حركة إصلاح أو أسلوب تغيير يقع في المجتمعات الإنسانية إلا وراءه أهداف مادية وتطلعات دنيوية وأن الأنبياء والرسل بدعواتهم كان مقصدهم ماديًا بحتًا ولكن الكاتب يورد أحداثًا من السيرة كرد على هذه الافتراءات منها: أنه يقول: أي نزعة مادية دفعت الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن يترك الجاه والسلطان والمال ثم يصر على موقفه في الدفاع عن هذا الدين والاستمرار في السير به وله ويلتحق بالرفيق الأعلى وليس عنده شيء يورثه وأي مادية في ترك صهيب الرومي لكل أمواله في مكة وهجرته خلف الرسول (صلى الله عليه وسلم).

    تسرب الأساطير والوثنية الفارسية إلى تاريخنا
    وفيها يذكر الكاتب أن المستشرقين يخلطون بين أحداث التاريخ الإسلامي وكثير من الخيالات والأساطير التي تتسرب من الكتب الفارسية وفي ثناياه الروح المزدكية الوثنية الإباحية ومن أشهر هذه الكتب "ألف ليلة وليلة".

    الكتاب والسيف معاً.. ولكل دور
    حيث إن أول ما يطالعنا في كتابنا اقرأ والتي تتكرر خمس مرات ويقسم الله بالقلم فكيف يسلط المزورون الضوء على السيف ناسين أن لغة الحوار هي أول كلام الله سبحانه وتعالى فكانت الكلمة جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله رب العباد هي الكلمة التي فتح الله بها القلوب ووجدت أذنًا صاغية عرفت أن هذا الدين له مطلع رباني نوراني.

    عندما يكون الإسلام والعروبة وجهين لعملة واحدة
    حيث إن المستشرقين في محاولات دائمة لمسخ تاريخ العرب والمسلمين لأن العرب في نظرهم هم حملة الإسلام الأوائل ولكن حين يكون العرب مشركين والرسول (صلى الله عليه وسلم) هو حامل لواء الإسلام كان الثناء علي العرب وتبدو الحملة واضحة على الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه الكرام وهذه هي القومية التي تحمل حملتها ليس ضد الإسلام فحسب ولكن ضد الإسلام والعروبة وهذا هو ديدنهم.

    محاولة النيل من الرسول العظيم من خلال الثناء علي عمر
    فهم يبرزون جوانب من الحسن في شخصية عمر (رضي الله عنه) مثلاً عندما هاجر علناً لا يخشى أحداً وأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) هاجر سرًا أليس هذا يعني لمزًا وغمزًا في شخص رسولنا الحبيب ولكن لا يسكتون عن تزوير التاريخ.

    الصحابة عدول.. ولكنهم بشر يصيبون ويخطئون
    يركزون على جانب واحد.. ويهملون الجوانب المتعددة الخيرة في حياة هؤلاء الأبرار يذكرون خلافاً يقع أو غضباً يحدث.. ولا يذكرون مكارم الأخلاق والصفات الحميدة والرشيد عندهم صاحب جلسات خمر ونساء وقيان ويجالس أبا نواس ليسمع شعره الماجن وينسون أنه المجاهد الذي كان يغزو عامًا ويحج عامًا.
    ويتحدثون بخبث عن القرون الوسطى بين الظلمة والنور
    فيذكرون أنها عصور التخلف والانحطاط.. ويتفهمون المسلمين فيها بالتخلف والجهل ناسين أو متناسين أن المسلمين في هذه العصور كان حملة مشاعل نور الثقافة والعلم في هذه الأيام أيام أن كانت أوروبا تعج في ظلمات الجهل والتخلف ويأتي دور المماليك للخوض في سيرتهم فللماليك صفحات مشرقة أبرزها دحر التتار وإنقاذ العالم من شرهم.
    الدور الفذ الرائد لقظز وبيبرس في دحر جيوش التتار في معركة عين جالوت التي كانت معلماً مضيئاً في خضم الظلمات.
    تخلو معظم صفحات التاريخ من الممالك الإسلامية في البلاد الآسيوية في الهند وأفغانستان وإيران والملايو وأندونيسيا وكيف كانت الصفحات الإسلامية المشرقة في تلك البلاد ثم يأتي دور التزوير المعاصر للتاريخ الحديث والواقع المعاش!
    يقول الكاتب: لعل أبرز عملية تزوير جماعية تلك التي تجري في عصرنا الحديث والذي تقوم على الحكومات والمؤسسات ووسائل الإعلام ويمارسها زعماء سياسيون حملة أقلام مرموقة.
    ويذكر الكاتب دور الإذاعة في تزوير الأحداث وينعى بمرارة شديدة على الحكومات التي تتظاهر بالمواجهة للعدو ومع ذلك كل يوم يفتح في البلد مدرسة تفتح للشيطان خمارة ومرقص وكيف نعلل للأجيال القادمة هزيمة سبعة جيوش عربية منظمة أمام ما نسميه بالشرذمة في ساعات لا أيام ؟ وكيف كنا نملئ الدنيا صراخاً بأنهم شراذم سنلقيها في البحر ثم نسمي هذا الحدث الجلل نكسة أين وجه الحق في بلد يقيم حاكمه في كل رمضان لقاءات للعلماء ودروسًا للفقهاء ثم هو يحارب الحركة الإسلامية ويطارد رموزها وكيف يصدق أبناء الأجيال أن عاصمة عربية قتلت من أبنائها (51) ألفاً في فتنة الصراع على الحكم واستخدمت في ذلك الصواريخ وقذائف المدفعية والطيران والسلاح البحري ثم لا يزال الكاتب هكذا يسرد هذه الترهات التي تحدث في بلادنا في ظل حكومتنا ويوضح إلى أي مدى يكون التناقض.. كيف نكتب هذا التاريخ وكيف يصل إلى أحفادنا ؟

    المنهجية السوية والروح الموضوعية
    يقول الكاتب: لابد لنا عند كتابة التاريخ من وضع منهجية سوية وقواعد موضوعية تقوم على:
    1 - النظرة التكاملية للتاريخ الإسلامي: حيث يبرز تاريخنا بفكره وقيمه وكل مذاهبه.
    2 - العمل على تمحيص كتب القدامى ودراستها.
    3 - رفض الكتاب الطائفيين.
    4 - دراسة أحوال المستشرقين حتى نعلم الغث من السمين والمغرض من الموضوعي.
    ثم يعرض الكاتب صوراً لما يمكن أن يكون عليه التاريخ في صور عدة منها الجانب الخلقي - الجانب السياسي - الجانب المالي ونظام الاقتصاد - الجانب القضائي - الجانب العلمي - الجانب الفني والجمالي - الجانب الصحي الطبي - الجانب الاجتماعي ثم الجانب العسكري أو الجهادي.
    ويبرز قيم الخير في كل جانب من هذه الجوانب ثم يختم كتابه ببعض من تعاليم سيدنا علي (كرم الله وجهه) ووصاياه للجنود منها:إذا نزلتم بعدو أو نزل بكم فليكن معسكركم من قبل الإشراف وسفوح الجبال أو أثناء الأنهار كما يكون لكما ردءا أو دونكم ردءا ولتكن مقاتلتكم من وجه واحد أو اثنين واجعلوا لكم رقباء في صياصي الجبال ومناكب الهضاب لئلا يأتيكم العدو من مكان مخافة أو آمن واعلموا أن مقدمة القوم عيونهم وعيون المقدمة طلائعهم وإياكم والتفرق فإذا نزلتم فانزلوا جميعاً وإذا ارتحلتم فارتحلوا جميعًا وإذا غشيكم الليل فأحيلوا الرماح كفة - محيطة بكم - ولا تذوقوا النوم إلا غرراً أو مضمضمة.

    المؤلف: أ. يوسف العظم
    الناشر: دار القلم - دمشق / الدار الشامية – بيروت 1419هـ – 1998م
    ================================================== ===

    (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ). [الطور: 35].
    (أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ). [إبراهيم: 10]
    (قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ). [يونس: 101]


    للسؤال عن الغائبين

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    ارض الله
    المشاركات
    532
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    تابع ايضا
    الدكتور راغب السرجاني
    ملفات صوتيه
    جريمة تزوير التاريخ ...قصة الاسلام
    http://www.islamstory.com/multimedia.php?id=386

    (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ). [الطور: 35].
    (أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ). [إبراهيم: 10]
    (قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ). [يونس: 101]


    للسؤال عن الغائبين

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    ارض الله
    المشاركات
    532
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    إعادة كتابة التاريخ الإسلامي.. لماذا؟
    يتبع

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    ارض الله
    المشاركات
    532
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    منقول....للاهمية
    إعادة كتابة التاريخ الإسلامي .. لماذا ؟
    عبد الله بن ناصر الحديب



    نالت الدعوة التي تطالب بإعادة كتابة التاريخ الإسلامي وتدوينه حيزاً كبيراً، خلال الثلث الأخير من القرن المنصرم، وتحديدا ً منذ الستينيات الميلادية (الثمانينات الهجرية) ، وبسط المؤرخون الآراء في تأييد ومعارضة تلك الدعوة، فمنهم من وافقها ووقف معها، ومنهم من عارضها وأعرض عنها وفريق آخر رأى التعامل بحذر مع هذه الدعوة.

    وفي هذا المقال لن نتطرق لمناقشة آراء المؤرخين حول إعادة كتابة التاريخ الإسلامي بل سنتوقف لنناقش أهم الأسباب المطالبة بإعادة كتابة التاريخ الإسلامي، ومنها:


    أولا ً: تقديم التاريخ الإسلامي بمنهج صحيح:

    يقول محمد قطب: لاحظت في أثناء قراءتي وفي التدريس كذلك أن التاريخ الإسلامي لا يقدم بمنهج صحيح، سواء لطلاب العلم أو للقارئ العام، وأن معظم ما نقرأه في الدراسات الحديثة هو ما قدمه المستشرقون، سواء أكان ذلك بطريق مباشر من كتبهم أم عن طريق تلاميذهم من المؤرخين المسلمين الذين يتلقون كلامهم كأنه القول الفصل الذي لا يحتمل النقاش! وغني عن البيان أن المستشرقين كانوا أنشط ما يكونون - في عملهم التخريبي - في مجال التاريخ الإسلامي(1).

    إن تاريخنا الإسلامي بحاجة إلى رجال أمناء حريصين على تاريخ أمتهم ويعرفون خطط أعدائهم وكيدهم المستمر، ويتلقون العلم من مصادره الصحيحة والمأمونة، ويتبعون في التحقيق منهجاً علمياً رصيناً ولا يقبلون قولاً بغير دليل، ويفحصون كل ما يقدم لهم، حتى لا يقعوا فريسة لكيد أعدائهم(2).


    ثانيا ً: المناداة بإعادة كتابة التاريخ الإسلامي:

    لا بد من الإشارة إلى أن الدعوة لإعادة كتابة أو عرض وتحليل تاريخ الأمة الإسلامية لا تعني - بالضرورة - البدء من نقطة الصفر، أو الرفض للصيغ التي قدمه بها مؤرخونا القدماء، ومحاولة قلب معطياتهم رأساً على عقب، ومن يخطر بباله أمر كهذا فهو ليس من العلم في شيء، والمقصود شيء آخر يختلف تماما ً: منهج عدل يتعامل مع معطيات الأجداد بروح علمية مخلصة فيتقبل ما يمكن تقبله، ويرفض ما لا يحتمل القبول(3).

    و يرى أنور الجندي أن من أسباب الدعوة إلى إعادة كتابة التاريخ الإسلامي أن النظرة الأساسية التي قامت عليها كتابة التاريخ كانت نظرة استعمارية ووافدة وحين فتحت الآفاق لدراسة تاريخ الإسلام دُرسْ على أنه تاريخ الدولة أو الامبراطورية التي قامت ثم تمزقت إلى دول، وحين عُرض لم يعرض إلا من خلال خلافات بعض الملوك والأمراء والحكام وصراعاتهم الخاصة(4).

    ويقول محمد قطب: ظل إحساسي بهذه القضية - إعادة كتابة التاريخ الإسلامي - يتزايد مع مرور الأيام كلما ازددت إطلاعاً على ما يكتبه المؤرخون المحدثون في التاريخ الإسلامي، وكذلك كلما برزت إلى الوجود صيحات مشبوهة تنادي بضرورة إعادة كتابة التاريخ الإسلامي، ولكن من زوايا أخرى لا تقل تخريباً عما كتبه المستشرقون من قبل، فمرة من زاوية القومية العربية، ومرة من زاوية الاشتراكية، ومرة من زاوية التفسير المادي - أو التفسير الاقتصادي - للتاريخ(5).

    و جدير بالإشارة أن المقصود بإعادة كتابة التاريخ هو تنقية الكتب التاريخية من الشوائب والأخطاء، والروايات المكذوبة، ومن ثم إعادة الصياغة والتصحيح وفق المنظور الإسلامي، بهدف الكشف عن الحقائق التاريخية، من جهة والاستفادة من دراسة التاريخ في مجال التربية والقدوة الحسنة من جهة أخرى(6).

    ثالثا ً: كتابة التاريخ ليتناسق مع الرؤية الإسلامية:

    نقصد بذلك أن ننفي أولاً كل الافتراءات والتلفيقات التي أقحمت على التاريخ الإسلامي، وكذلك التفسيرات الخاطئة والباطلة التي قامت عليها، ثم عرض الوقائع التاريخية - دون تقليد - وكما هي وبكل جوانبها مسلسلة ومكتملة، واعتبار ما وراءها من المعاني التي ارتبطت بها وبالأسس التي قامت عليها وفهمها على ضوئها.. لذا فإنه يصبح عرض التاريخ الإسلامي بصورة صحيحة ضرورة لا مفر منها، ليس فقط لأهميتها ولكن لانطباقها والواقع التاريخي، ولكن هذا العرض لا يمكن أن يتهيأ إلا إذا كان من منطلق إسلامي، وبقلم من يقف في المركز الإسلامي يطل على الحياة الإسلامية ويعيش الباحث بكل كيانه في جو الإسلام، وذلك يعني منتهى الإنصاف والبحث عن الحقيقة رائد هذه النظرة تقول ما لها وما عليها(7).

    إذا كان التاريخ البشري ينبغي إعادة كتابته لأنه يُقَدم لنا من زوايا تختلف اختلافاًَ جذرياً عن زاوية الرصد الإسلامية، من حيث رؤيتها للإنسان، وطبيعة تكوينه، وغاية وجوده ومدى إمكاناته ومعيار إنجازاته، فلزم أن نعيد كتابته ليتناسق مع الرؤية الإسلامية المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فتكون لنا وحدة في التصور تتناسب مع كوننا مسلمين(8).

    إن المستشرقين - في كثير من الأحيان - يحكمون على الإسلام والتاريخ الإسلامي معتمدين على قيمهم ومقاييسهم الثقافية الخاصة، بدلا ً من الاعتماد على المصادر التاريخية، وأعراف ومبادئ المجتمع الإسلامي، ومصدر الخطأ في منهج المستشرقين - بصرف النظر عن حقدهم وتعصبهم - التفسير الخاطئ للأحداث التاريخية والقياس والحكم الفاسد عليها، وذلك وفق مقتضيات أحوال عصرهم الذين يعيشون فيه(9).

    لقد غلبت على دراسة التاريخ مذاهب الاستشراق وهي مذاهب غربية أصلا ً قامت في ظل تاريخ أوروبي وغربي له تحدياته وظروفه، مثل الصراع بين الكنيسة والعلماء، وبين الأمراء والشعب وصراع المذاهب الكاثوليكية والبروتستانتية وذلك القتال الرهيب بين الملوك والدول والأمم(10).


    رابعاً: كتابة التاريخ الإسلامي بدون تجزئة أو تقسيم:

    إن تاريخ الأمة الإسلامية ليس كأي تاريخ أمة من الأمم فينبغي أن ننظر لذلك التاريخ ككل واحد وغير مجزأ رغم أن دراستنا له تأتي مجزأة من باب تبسيط الدراسة على القارئ والمتعلم لتحقق الفائدة فدرسنا تاريخ الدولة الأموية، وكذلك الدولة العباسية منفرداً وهكذا(11).

    أما تقسيم التاريخ إلى مراحل سياسية، والحديث عن كل مرحلة، كأن هناك حدوداً فاصلة في مجرى التاريخ تفصل بين عهد وعهد، وتجعل كل عهد شيئاً قائماً بذاته فأول ما يلفت النظر من عيوبه - وأخطاره كذلك - أنه يقطع التواصل التاريخي بين أجيال هذه الأمة، كأنما لم تكن أمة واحدة متصلة، وكأنما لم تكن هي بالذات الأمة الإسلامية(12).

    ويصف عبد الرحمن الحجي ما فعله أعداء الإسلام بالتاريخ قائلاً: جزأوا هذا التاريخ إلى مقاطع وفرقوا أوصاله فنتج عن ذلك أن أماتوه حين قطعوه ولم يشيروا إلا إلى أوصال قليلة بدا فيها مشوهاً حتى بعد موته، فلم يدرس التاريخ الإسلامي ككائن حي مكتمل سليم بل درّس - ودوّن - على أنه أوصال وتفاريق لكائن مشوه فترانا في كثير من الأحيان لا ندرسه على أنه حلقة متصلة وسلسلة متتالية متناسقة الأحداث والأجزاء متتابعة المجرى في البداية والهدف(13).


    خامساً: كتابة وعرض أحداث التاريخ الإسلامي بموضوعية ومصداقية وأمانة:

    من الأمور المهمة أيضاً عرض وكتابة أحداث التاريخ الإسلامي بموضوعية ومصداقية بما تضمنه من سلبيات - وهي قليلة - وبما احتواه من إيجابيات، ولنفرض جدلاً أن كل ما نسب إلى المحرفين في المجال السياسي صحيح، ولم يدخل فيه المبالغات الناشئة عن العداوات الحزبية أو المذهبية التي يشنع فيها كل فريق على خصمه بما يشاء.. فخلاصة الأمر أن نسلم - جدلا ً- بأن التاريخ السياسي للمسلمين كان خطاً أسوداً! فليكن كذلك! ولكنه خط أسود في صفحة يغلب عليها البياض!.. فمن الناحية العلمية يصبح هذا التاريخ مزوراً ولو صحت كل كلمة كتبت فيه! لأنه يعطي الأمة حجمً أصغر بكثير من حجمها الحقيقي، ويضع قزماً ضئيلاً في مكان العملاق(14).

    إننا بحاجة إلى دراسة خط الانحراف بأمانة كاملة في تاريخنا مع تبين هذه الأخطاء ودراستها واستيعاب عبرتها، حتى نتجنبها في محاولتنا الجديدة.. نحن إذن في حاجة تربوية إلى دراسة خط الانحراف، ولكن هناك فرقاً واضحاً بين دراسته لاستخلاص العبرة منه، ودراسته للإيحاء بأن الإسلام لم يطبق إلاّ فترة وجيزة(15).

    إن من أعظم المفارقات في ديننا أن نكون أغنى الأمم بالنصوص السليمة التي نستطيع أن نصحح بها تاريخنا فنبنيه على أساس قويم من الحقائق العلمية التي لا يتطرق الشك إليها - وأن نكون مع ذلك - أشدّ أمم الأرض إهمالا ً للإفادة من ذلك حتى بقي تاريخنا مضطرباً كما أراده الذين دسوا فيه ما ليس منه، وشوهوا من جماله مما جعل المسلمين يسيئون الظن بأمجاد صفحات ماضيهم ويجهلون أن الجيل المثالي الوحيد الذي عرفته الإنسانية في تاريخها منذ وجد الناس في الأرض إلى الآن هو الجيل الذي شوّه المغرضون سيرته بما دسوه فيه من باطل، وما اختزلوه من حق(16).

    لذلك يجب كتابة التاريخ الإسلامي بأمانة كاملة لا تغفل شيئاً من العثرات، ولا تداري على الانحرافات والانتكاسات، بل تبقيها كما حدثت في الواقع، وتستخرج العبرة التربوية كما تستخرجها من الأمجاد والبطولات سواء(17).


    سادساً: تمحيص الروايات وتفنيدها:

    إن من خصائص التاريخ الإسلامي طريقة إسناد الروايات إلى أصحابها عبر الأجيال المتلاحقة، وهذه الطريقة تدعو إلى فحص ما في الكتب القديمة بدقة، وتمحيص شخصيات الرواية وفقاً للمنهج العلمي الفريد في الجرح والتعديل المعروف لدى علماء الحديث وما فتئ العلماء ينبهون إلى مراعاة ذلك في علاج الروايات التاريخية(18).

    وإذا نظرنا إلى المصادر الإسلامية القديمة التي كتبها كبار المؤرخين المسلمين نجد فيها ذخيرة ضخمة من الأخبار والوقائع والروايات تصلح زاداً للباحث المتعمق ولكنها بصورتها الراهنة لا تصلح للقارئ المتعجل الذي يريد أن يجد الخلاصة جاهزة، ممحصة سهلة الاستيعاب لقد كان أولئك المؤرخون يلتزمون الأمانة العلمية الخالصة، فيثبتون كل ما وصل إلى علمهم من معلومات وإن تعددت الروايات وتناقضت، وإن بعدت عن الاحتمال أحياناً.. فقد رأوا أن الأمانة تقتضي ألا يهملوا شيئاً مما سمعوا، مع نسبته إلى قائله كلما أمكن ذلك، واجتهدوا في هذا الأمر فسعوا إلى تجميع الأخبار من مظانها بقدر ما وسعهم الجهد، ولكنهم تركوا ذلك كله بغير تمحيص، ربما بدافع الأمانة والتقوى.. ولئن كان في هذه الطريقة من مزية فهي أنها حفظت لنا الوقائع كلها، ولكن عيبها - بالنسبة للقارئ العادي وطالب العلم غير المتمرس - أنها تغرقه في خضم من الروايات والوقائع المتضاربة والمتناقضة أحياناً(19).

    إن من أهم المآخذ على الكتابة العربية المبكرة للتاريخ الإسلامي هو أن بعض الروايات نحت منحى التأكيد على الحط من شأن العرب وقوعاً تحت تأثير العصبية الجنسية، أو مبالغة في محاولة إبراز محاسن الحياة الإسلامية المغايرة لما قبلها في كثير من مناحيها، وأمر آخر اعترى عملية التدوين التاريخي المتقدم وهو احتضان كثير من الرواة وأهل التصنيف للقصص الإسرائيلية وهذا ما ألقى ظلالاً كثيفة من الأساطير على التاريخ الإسلامي بصفة عامة والسيرة النبوية بصفة خاصة(20).


    تعرض تاريخنا الإسلامي لحملات من الكيد والتشويه في تزوير الوقائع والأحداث، وفي تفسيرها وتوجيهها، فمن النوع الأول الروايات المكذوبة التي لا أصل لها بالكلية أو الأخبار التي لها أصل ولكن أضيف إليها ما ليس منها، أو انقص منها حتى تؤدي الغرض المقصود من التشويه والتحريف، أو الوقائع والأخبار التي توضع في غير سياقها الصحيح، ومن النوع الثاني: تفسير الأحداث وتوجيهها حسب الأهواء والمعتقدات وهو الميدان الكبير الذي عاث فيه الحاقدون على هذا الدين وأهله قديماً وحديثاً وبخاصة المستشرقين ومن تتلمذ على أيديهم وتأثر بهم، ومن انحرف فهمه ولم يرجع إلى أصول عقيدته ودينه، والأمثلة على ذلك كثيرة جداً سواءً على الأفراد أو الدول أو المفاهيم والموضوعات الإسلامية(21).

    إن من أسوأ ما تعرض له تاريخ البشرية من تزييف وتحريف، كان ولا يزال على يدّ اليهود ومن لف لفهم من المستشرقين وإننا لنجد أنفسنا إزاء نظرة ضيقة أو قلوية تحكمت في عقول الكثيرين وخاصة المستشرقين الذين تأثروا بالتوراة - عهدهم القديم - حيث كانت أسيرة لرد فعل أقلوي عاجز ومستلب إزاء حضارة عامة تتميز بالتماسك والتكامل والشمول والقدرة على التجديد والعطاء(22).

    إن من مصادر التاريخ الإسلامي ما هو في حاجة ماسة إلى التمحيص لأن أخبارها جمعت في فترات الفتن والخلافات السياسية والمذهبية مما جعل أعداء الإسلام يستغلون ذلك، لهذا فإن مصادر التاريخ الإسلامي بحالتها لا تعبر عن الأحداث(23).

    و يؤكد على ذلك عمر الأشقر بقوله: ولا يزال التاريخ الإسلامي بحاجة إلى تصفية، والأمر يحتاج إلى جهد طويل وهمم عالية، ولكنه ليس مستحيلا ً فدواوين الإسلام التي عنيت بالإسلام وتاريخه محفوظة مدونة، وإظهار الزيف والباطل المدسوس ممكن بالطرق التي اتبعها علماء الإسلام في توثيق الروايات(24).

    سابعاً: الأخذ بأسلوب نقدي رصين في التعامل مع الروايات التي قدمتها مصادرنا القديمة:

    و ذلك بعدم التسليم المطلق بكل ما يطرحه مؤرخنا القديم، وإحالة الرواية التاريخية قبل التسليم النهائي بها على المجرى العام للمرحلة التاريخية لمعرفة هل يمكن أن تتجانس في سُدَاها ولحمتها مع نسيج تلك المرحلة؟ هذا فضلا ً عن ضرورة اعتماد مقاييس ومعايير النقدين الخارجي والباطني، وصولا ً إلى قناعة كافية بصحة الرواية، ويمكن الإفادة في مجال النقد الخارجي- إلى حدّ ما - من علمي مصطلح الحديث والجرح والتعديل.. فدراسة التاريخ الإسلامي دراسة جادة تستلزم - بالضرورة - دراسة هذا الموضوع الخطير لكي تقوم الأعمال التاريخية معتمدة على أوثق المصادر وأدق الأخبار، ومنقحة من حشود الدسائس والأباطيل، وسيل الروايات التي نفثتها القوى المضادة في جسد تاريخنا المتشابك الطويل.

    ويعقب عماد الدين خليل:.. لابد من الإشارة هنا إلى الملاحظة الطيبة التي بدأها محب الدين الخطيب حول هذه النقطة، فهو يشير إلى أن تاريخ الطبري لا يمكن الانتفاع بما فيه من آلاف الأخبار إلا بالرجوع إلى تراجم رواته في كتاب الجرح والتعديل، أما الذين يحتطبون الأخبار بأهوائهم، ولا يتعرفون إلى رواتها ويكتفون بأن يشيروا في ذيل الخبر إلى الطبري، رواه في صفحة كذا من جزئه الفلاني، ويظنون أن مهمتهم انتهت بذلك، فهؤلاء من أبعد الناس عن الانتفاع بما حفلت به كتب التاريخ الإسلامي من ألوف الأخبار(25).

    إن الخروج من المأزق والوضع السيئ الذي أحاط بكتابة التاريخ الإسلامي في القديم والحديث يتطلب القيام بأمرين اثنين: الأول: تحقيق الروايات التاريخية وفق الموازين النقدية التي اتبعها علماء الحديث النبوي.

    والثاني: صياغة التاريخ الإسلامي وفق التصور الصحيح والموازين الشرعية، فالتاريخ الإسلامي تاريخ دين وعقيدة قبل أن يكون تاريخ دول ومعارك ونظم سياسية(26).



    ثامناً: مراعاة القواعد المهمة في كتابة التاريخ الإسلامي:

    يرصد محمد السلمي جملة من القواعد المهمة التي يجب أن يراعيها المسلم في كتابة التاريخ الإسلامي، وفي تدريسه ومن أهم هذه القواعد:

    أ) قواعد في التصور والاعتقاد، وتشمل عدداً من القواعد أيضاً، وهي:

    1 - الإيمان بوحدة الأمة الإسلامية.

    2 - الحكم الشرعي في مخلفات الأمم الجاهلية.

    3 - الفهم الصحيح لعقيدة القضاء والقدر.

    4 - الإيمان بالغيب وأثره في توجيه الحوادث التاريخية.

    5 - معرفة دور الصحابة وتميز أهل القرون الأولى (تميز أهل القرون الأولى وأفضليتهم ومعرفة حق الصحابة وعدالتهم).

    6 - وجوب التفريق بين أخطاء البشر وأحكام الإسلام.

    7 - الإيمان بالسنن الربانية وأهمية ذلك في التفسير التاريخي.


    ب) قواعد في المصادر:

    1 - اعتماد المصادر الشرعية وتقديمها على كل مصدر.

    2 - عدم التسليم لكل ما ورد في الكتب السابقة في القرآن الكريم.

    3 - معرفة شروط المؤرخ المقبول.

    4 - معرفة حدود الأخذ من كتب أصحاب الأهواء من المبتدعة والزنادقة.

    5 - معرفة ضوابط الأخذ من كتب غير المسلمين.


    ج) قواعد في الأسلوب والعرض:

    1 - أن تكون العقيدة المحور الأساسي في العرض.

    2 - التركيز في عرض الموضوع على الأهداف والغايات.

    3 - أن يكون العرض موحياً بتحبيب الخير وتبغيض الشر.

    4 - إبراز دور الأنبياء وأثرهم في تاريخ البشرية.

    5 - استعمال المصطلحات الإسلامية وتحري ذلك.

    6 - الابتعاد عن أسلوب التعميم قبل حصول الاستقراء(27).

    ومما ينبغي الإشارة له أيضاً أن الكاتب يجب أن يعود بذاته وشخصيته وأفكاره وتصوراته إلى تلك الفترة بكل ظروف بيئتها والعوامل المحيطة بها ويتعايش معها حتى يُقدّر- مثلا ً - جسامة الحادثة ومبرراتها والتماس العذر في حال وقوع النتائج المترتبة على تلك الظروف.

    فلا يجوز أن ننظر إلى الماضي بعين الحاضر، أو أن نقيس الماضي بمقاييس الحاضر فلكل عصر آفاقه وأبعاده وأجوائه التي تحدد نظرة الناس في الحياة، وعلينا عندما ننظر إلى تاريخ الدولة الإسلامية في الأيام الخالية ألا نحكم عليه وفقاً لمقاييس عصرنا الذي نعيشه نحن في حاضرنا(28).

    يقول محمد أمحزون: يلزم دارس التاريخ أن يدرس الظروف التي وقعت فيها أحداثه، والحالة النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي اكتنفت تلك الأحداث، والسياسات التي دفعت إلى ارتكاب الخطأ قبل أن يحكم عليها حتى يكون حكمه أقرب إلى الصواب(29).

    ويضيف في موضع آخر: ينبغي أن نعلم أن بعض تلك الأحداث الواقعة في صدر الإسلام لا يبررها غير ظروفها التي وقعت فيها، فلا نحكم عليه بالعقلية أو الظروف التي نعيش فيها نحن أو بأية ظروف يعيش فيها غير أصحاب تلك الأحداث، لأن الحكم حينئذ لن يستند إلى مبررات موضوعية، وبالتالي تكون النظرة إلى هذه الوقائع ينقصها وسائل الحكم الصحيح، فيصدر الحكم غير مطابق للواقع(30).

    ويذهب يوسف العظم إلى أبعد من ذلك عندما قال: وللاستزادة من الصدق في العرض وتقديم صفحات من التاريخ ذات صلة وارتباط بمواقع الأحداث، يجدر بكاتب التاريخ ألا يكتفي بالبحث بين الكتب، والأخذ مما بين السطور، وإنما يمضي إلى مواقع الأحداث نفسها - إن استطاع - لتكون أكثر تأثراً وأقرب إلى الصدق في معايشة الأحداث لما يشاهده، وما تقع عليه عينه من مواقع كانت ميادين وساحات استوعبت الحدث التاريخي واحتضنته ذات يوم، قبل أن يصبح تاريخاً يقرأ أو أحداثاً يتابعها الناس عبر العصور(31).


    تاسعاً: توضيح المعاني السامية في تاريخ الأمة الإسلامية:

    تقتضي الأمانة العلمية الكاملة في رصد الأحداث أن نبرز جملة من المعاني في تاريخ الأمة الإسلامية ولا نجدها بارزة المعالم في كثير من الدراسات المستحدثة على وجه الخصوص ومنها:

    1 - إن التوحيد هو النعمة الربانية الكبرى التي أضفاها الله على هذه الأمة والهدف الأكبر الذي أخرجت هذه الأمة من أجله وكلفت بنشره في الأرض وهو في الوقت ذاته هدية هذه الأمة الكبرى للبشرية(32).

    2 - إن التوحيد هو أكبر حركة لتحرير الإنسان في التاريخ ففي حين كانت حركات التحرير الأرضية كلها جزئية في بنيتها، جزئية في نتائجها، سواء كانت حركة سياسية أو اجتماعية أو حركة فكرية أو حركة فنية فقد كان الإسلام (و هو التوحيد) حركة تحريرية شاملة للإنسان كله، وللحياة كلها من كل جوانبها.

    3 - إن التوحيد أنشأ " أمة " فريدة في التاريخ في كون تجمعها لم يقم على أساس اللون، أو العرق، أو اللغة، أو أية عصبيات أخرى من العصبيات التي تجمع الناس في الجاهلية، إنما على أساس وحدة العقيدة وهو التجمع الصحيح الذي يليق بالإنسان لأنه الأدوم.

    4 - إن حركة الفتح الإسلامي كانت حركة فريدة في التاريخ أيضاً لا تقارن بأي حركة توسعية في تاريخ الأمم الأخرى لاختلافها في الجوهر وفي الهدف والآثار المترتبة عليها.

    5 - انبثقت عن حركة التوحيد الكبرى حركة علمية وحركة حضارية متميزة في التاريخ ولم يكن تميز الحركتين العلمية والحضارية - في أثناء المّد الإسلامي - في حجمها فقط بل وفي زمانها، وما تميزت به الحركة الحضارية الإسلامية من شمول(33).


    عاشراً: إبراز السنن الربانية:

    تعودنا خلال دراستنا للتاريخ أن نرجع الأمر كله للظروف والأسباب المادية والسياسية والحربية والاقتصادية.. إلخ كأنه أمر بشري وأرضي بحت، لا دخل فيه للسنن الربانية التي يجري من خلالها قدر الله في هذا الكون، كما تعودنا -بفعل الغزو الفكري- أن نغفل الخصوصية التي قدرها الله لهذه الأمة بالذات فإذا كانت الظروف السياسية والحربية والاقتصادية والعلمية والتكنولوجية.. إلخ، هي التي تقرر مصائر الأمم في الأرض، فليس ذلك لأن هذه الظروف لها - في ذاتها- قوة الحسم والفصل كما تخيل لنا مناهج التأريخ الجاهلية، ولكن لأن سنة الله في الأمم الجاهلية أن يكلها إلى الأسباب التي تتخذها وتجعلها أنداداً من دون الله، فالأسباب الأرضية وحدها - التي يكل الله الجاهلين إليها وينصرهم بها ويُمّكن لهم في الأرض بقدر ما يجتهدون فيها - لا تصلح وحدها سنداً لهذه الأمة وأداة للتمكين والنصر ما لم يوثقوا صلتهم بالله، وأبرز دليل على ذلك هزيمة المسلمين يوم حنين بينما الأسباب الأرضية كانت في جانبهم، حين غفلوا لحظة عن التوكل الحق على الله.. هذه الخصوصية هي التي تميز تاريخ هذه الأمة عن تاريخ البشر الجاهليين (34).

    إن خصوصية التاريخ الإسلامي تتجلى في كونه منهجاً يوضح دور الإنسان ومسؤوليته عن التغير الاجتماعي، والتاريخ في إطار المشيئة الإلهية، لأن التاريخ البشري في المنظور الإسلامي هو تحقيق المشيئة الربانية من خلال الفاعلية المتاحة للإنسان في الأرض بقدر الله، وبحسب سنن معينة يجري الله بها قدره في الحياة الدنيا(35).

    إن التفسير الإسلامي للتاريخ - وإعادة كتابة التاريخ الإسلامي - يضع نصب أعيننا مراعاة السنن الربانية التي تحكم هذا التفسير وتحكم الحياة البشرية، ومن خلالها يجري قدر الله، قال الله - تعالى -: قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين (137) {آل عمران: 137} فعاقبة المكذبين هنا من السنن التي يُجري بها الله الحياة البشرية، والتي يطلب من الناس التدبر والاعتبار بها حتى لا يقعوا فيها، فلا بد من دراسة التاريخ - وإعادة كتابته - من خلال تلك السنن وهي واردة في القرآن الكريم وفي السنة النبوية(36).

    إن التفسير الإسلامي للتاريخ ينفرد عن سائر التفاسير بأنه يخصص للبعد الغيبي - ماضياً وحاضراً ومستقبلاً -مساحات واسعة ويجعله أحد الشروط الأساسية للإيمان بالله الذي لا تدركه الأبصار، وبوحيه الذي ينقل للبشرية تعاليم السماء بواسطة أنبياء الله ورسله، ومعطيات هذا الوحي من إيمان بالبعث والحساب والجزاء(37).

    أحد عشر: إن التاريخ ليس مجرد أقاصيص أو وقائع أو أحداث إنما يُدَرس للعبرة:

    التاريخ ليس حوادث إنما هو تفسير لها، والاهتداء إلى الروابط الظاهرة والخفية التي تجمع بين شتاتها وتجعل منها وحدة متماسكة الحلقات، متفاعلة الجزئيات، ممتدة مع الزمن والبيئة امتداد الكائن الحي في الزمان والمكان(38).

    حين نعيد كتابة التاريخ الإسلامي ينبغي أن نوجه انتباهنا إلى بضعة أمور.. أن التاريخ ليس مجرد أقاصيص تحكى، ولا هو مجرد تسجيل للوقائع والأحداث إنما يُدَرس التاريخ للعبرة، ويُدَرس لتربية الأجيال، إن من بديهيات التوجه التربوي لدراسة التاريخ الإسلامي أن يُخرّج أجيالاً مسلمة، تعرف حقيقة دينها وتتمسك به وتعمل على إحيائه في نفوسها وفي واقع حياتها(39).

    كذلك التاريخ ليس كما يخيل للبعض، مجرد حروب ومعاهدات أو سلالات حاكمة تسقط وأخرى تقوم إنه قبل هذا وبعده خبرة حضارية، ومشروع للتعامل مع الإنسان، وفرصة لاختبار قدرة العقائد والأديان على التحقق في الزمن والمكان وعلى تأكيد واقعيتها ومصداقيتها، وتاريخنا بالذات تميز بكونه انعكاس أكثر صدقاً لتأثيرات الإسلام، لقدرة هذا الدين على إعادة صياغة العقل والوجدان(40).


    اثنا عشر: تحقيق التوازن في كتابة التاريخ الإسلامي سياسيا ً وحضاريا ً:

    و يضع عماد الدين خليل عدداً من الضوابط والمعايير لأي محاولة جادة لإعادة كتابة التاريخ الإسلامي ومنها: تحقيق قدر من التوازن بين دراسة الجوانب السياسية (العسكرية) وبين فحص الجوانب الحضارية مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة أن ينظر إلى المعطيات الحضارية بوصفها أجزاء متفرقة تنتمي إلى كل أوسع، يتضمنها جميعاً ويمنحها معنى وهدفاً(41).

    و يرى محمد قطب أن عيب أكثر كتب ومناهج التاريخ بصفة عامة أنها تركز على التاريخ السياسي للمسلمين على حساب بقية مجالات الحياة الإسلامية العقدية، والفكرية، والحضارية، والعلمية، والاجتماعية.. إلخ ومما لا شك فيه أن التاريخ السياسي للمسلمين هو أسوأ ما في تاريخهم كله.. وأن هذه الانحرافات - رغم وقوعها في وقت مبكر من تاريخ الإسلام - والاقتصار عليها في عرض التاريخ يعطي صورة غير حقيقية لذلك التاريخ.. صورة مشوهة ممسوخة(42).

    وحول هذا المعنى يقول عبد الرحمن الحجي:.. حتى ليصور للدارس أحياناً بأن تاريخ الإسلام في المدينة المنورة - الذي يمثل انتصاره وانطلاقه إلى الوجود الواقعي - ليس هو إلاّ تاريخ معارك وحروب، حتى إننا لو حذفنا هذه المعارك والحروب لما بقي في الكتاب إلا القليل من صفحاته المكتوبة(43).

    وقد أشار يوسف العظم إلى تركيز المؤلفين على الجوانب العسكرية بقوله: أورد كثير من المؤلفين - الجانب العسكري- في مصنفاتهم دون سواها.. ولا بد عند الحديث عن الجانب العسكري من تناول الجهاد هدفاً ووسيلة وآداباً وأساليب وثمرات ونتائج، وإبراز الجوانب الإيجابية المشرقة فيه، مع البعد عن شبهات المغرضين من المستشرقين ودسّ المزورين(44).

    فالتركيز على التاريخ السياسي للمسلمين وتجريد التاريخ الإسلامي من محتواه الشامل وحصره في النزاعات السياسية، وسعي كل حاكم إلى التوسع على حساب جيرانه، وما صحب ذلك من مؤامرات القتل والاغتيال والفتك بالأعداء السياسيين(45).

    الإحالات:

    1 - محمد قطب، كيف نكتب التاريخ الإسلامي، ص 6.

    2 - محمد السلمي، مجلة البيان، العدد 27شعبان 1414 ه- يناير 1994 المجتمع.

    3 - د. عماد الدين خليل في التأصيل الإسلامي للتاريخ، ص 26.

    4 - د. أنور الجندي، في سبيل إعادة كتابة تاريخ الإسلام، ص 5 و6.

    5 - محمد قطب، المرجع السابق، ص 7.

    6 - د. محمد أمحزون، منهج دراسة التاريخ الإسلامي، ص 5.

    7 - د. عبد الرحمن الحجي، نظرات في دراسة التاريخ الإسلامي، ص 102 و103.

    8 - محمد قطب، المرجع السابق، ص 9.

    9 - د. محمد أمحزون، مرجع سابق الذكر، ص 12.

    10 - د. أنور الجندي، مرجع سابق الذكر، ص 6.

    11 - محمد قطب، المرجع السابق، ص 14.

    12 - المرجع السابق، ص 16.

    13 - د. عبد الرحمن الحجي، مرجع سابق الذكر، ص 49.

    14 - محمد قطب، مرجع سابق الذكر، ص 14.

    15 - المرجع السابق، ص 110.

    16 - د. فتحي عثمان، أضواء على التاريخ الإسلامي، ص 292.

    17 - محمد قطب، مرجع سابق، ص 24.

    18 - د. محمد رشاد خليل، المنهج الإسلامي لدراسة التاريخ وتفسيره، ص 64.

    19 - محمد قطب، مرجع سابق الذكر، ص 9 و10.

    20 - مجلة رؤى، العدد 5، محرم 1420 ه - مايو 1999 المجتمع، ص 66 و67.

    21 - مجلة البيان، العدد 27، شعبان 1414 ه - يناير 1994 المجتمع.

    22 - مجلة الباحث، عدد 5 و6، ص 32.

    23 - سالم علي البهنساوي، الغزو الفكري للتاريخ والسيرة بين اليمين واليسار، ص 43 و45.

    24 - د. عمر بن سليمان الأشقر، التاريخ الإسلامي بين الحقيقة والتزييف، ص 20 و21.

    25 - د. عماد الدين خليل، مرجع سبق ذكره، ص 20 و21.

    26 - د. محمد أمحزون، مرجع سابق الذكر، ص 14 و16.

    27 - د. محمد السلمي، منهج كتابة التاريخ الإسلامي وتدريسه، ص 173 - 240.

    28 - مجلة بيادر، عدد 15، ربيع الثاني 1416 ه - 1995 المجتمع، ص 78.

    29 - د. محمد أمحزون، مرجع سبق ذكره، ص 86.

    30 - المرجع السابق، ص 95.

    31 - يوسف العظم، تاريخنا بين تزوير الأعداء وغفلة الأبناء، ص 16.

    32 - محمد قطب، مرجع سبق ذكره، ص 26.

    33 - المرجع السابق، ص 27 و28

    34 - المرجع السابق، ص 18 و19.

    35 - د. محمد أمحزون، مرجع سابق الذكر، ص 19.

    36 - عبد الرحمن التركي، لمحات في التفسير الإسلامي للتاريخ، ص 52 و53.

    37 - د. عبد العليم خضر، المسلمون وكتابة التاريخ، ص 276.

    38 - سيد قطب، في التاريخ فكر ومنهاج، ص 37.

    39 - محمد قطب، مرجع سابق الذكر، ص 23.

    40 - د. عماد الدين خليل، مرجع سبق ذكره، ص 9.

    41 - المرجع السابق، ص 18.

    42 - محمد قطب،، مرجع سبق ذكره، ص 13.

    43 - د. عبد الرحمن الحجي، مرجع سبق ذكره، ص 49 و50.

    44 - يوسف العظم، مرجع سبق ذكره، ص 210.

    45 - محمد قطب، مرجع سبق ذكره، ص 15.

    المراجع:

    1 - أنور الجندي، في سبيل إعادة كتابة تاريخ الإسلام، دار الاعتصام للطبع والنشر، سلسلة في دائرة الضوء.

    2 - سالم علي البهنساوي، الغزو الفكري للتاريخ والسيرة بين اليمين واليسار، دار القلم للنشر والتوزيع، الكويت، ط 1، 1406 ه - 1985 المجتمع.

    3 - سيد قطب، في التاريخ فكرة ومنهاج، الدار السعودية للنشر، ط 1، جدة، 1387 ه - 1967 المجتمع.

    4 - عبد الرحمن بن عبد الله التركي، لمحات في التفسير الإسلامي للتاريخ، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 1، 1414 ه - 1994 المجتمع.

    5 - عبد الرحمن علي الحجي، نظرات في دراسة التاريخ الإسلامي، دار الاعتصام، ط 2، 1395 ه - 1975 المجتمع.

    6 - عبد العليم عبد الرحمن خضر، المسلمون وكتابة التاريخ، الدار العالمية للكتاب الإسلامي والمعهد العالمي للفكر الإسلامي، هيرندن فيرجينيا - الولايات المتحدة الأمريكية، ط 2، 1415 ه - 1995 المجتمع.

    7 - عماد الدين خليل، في التأصيل الإسلامي للتاريخ، دار الفرقان للنشر والتوزيع، ط 1، 1998 المجتمع.

    8 - عمر بن سليمان الأشقر، التاريخ الإسلامي بين الحقيقة والتزييف، مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع، دار النفائس للنشر والتوزيع، الكويت ط 2، 1410 ه - 1995 المجتمع.

    9 - فتحي عثمان، أضواء على التاريخ الإسلامي.

    10 - محمد أمحزون، منهج دراسة التاريخ الإسلامي، دار طيبة للنشر والتوزيع، الرياض، ط 1، 1416 ه.

    11 - محمد بن صامل السلمي، منهج كتابة التاريخ الإسلامي، دار الرسالة العلمية للنشر والتوزيع، مكة المكرمة، ط 2، 1418 ه - 1988 المجتمع.

    12 - محمد رشاد خليل، المنهج الإسلامي لدراسة التاريخ وتفسيره، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الدار البيضاء، ط 1، 1406 ه - 1985 المجتمع.

    13 - محمد قطب، كيف نكتب التاريخ الإسلامي، دار الوطن للنشر، الرياض، رجب 1412 ه.

    14 - يوسف العظم، تاريخنا بين تزوير الأعداء وغفلة الأبناء، دار القلم، دمشق، ط 1، 1419 ه - 1998 المجتمع.



    الدوريات:

    1 - مجلة بيادر، عدد 15، ربيع الثاني 1416 ه - 1995 المجتمع، ملف إبداعي يصدر عن نادي أبها الأدبي مقال بعنوان: ((حول إعادة كتابة التاريخ الإسلامي)) أ. د. عبد الفتاح عاشور.

    2 - مجلة رؤى، العدد الخامس، محرم 1420 ه - مايو 1999 المجتمع، النادي الأدبي بحائل، مقال بعنوان: ((مصادر التاريخ الإسلامي ونقد الروايات)) د. عبد الرحمن الفريح.

    3 - مجلة البيان، عدد 27، شعبان 1414 ه - يناير 1994 المجتمع، المنتدى الإسلامي، لندن، مقال بعنوان: ((تاريخنا بين كيد أعدائه وإعراض أبنائه)) د. محمد بن صامل السلمي.

    4 - مجلة الباحث، عدد 5 و6، 29 و30 أيلول - كانون أول 1973 المجتمع، مقال بعنوان(العرب والأسطورة دور الأسطورة في إعادة كتابة التاريخ)) لكاتبه: تركي علي الربيع.
    التعديل الأخير تم 05-26-2009 الساعة 09:15 PM

    (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ). [الطور: 35].
    (أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ). [إبراهيم: 10]
    (قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ). [يونس: 101]


    للسؤال عن الغائبين

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    ارض الله
    المشاركات
    532
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    ’يتبع

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. آداب تسمية الأبناء
    بواسطة عبد التواب في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 12-28-2012, 12:19 AM
  2. اقباط مصر في تاريخنا
    بواسطة ابو مارية القرشي في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 11-20-2010, 05:04 PM
  3. النبي صلى الله عليه و سلم بين هجمة الأعداء وواجب الأبناء
    بواسطة أبو حمزة السلفي في المنتدى قسم السنة وعلومها
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-21-2010, 05:15 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء