يقول الله عز وجل :
{الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان علياً كبيراً } .
ويقول النبي الكريم في حَجَّة الوداع : ( ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هنَّ عوانٌ عندكم ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً ، إلا أن لكم على نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقا فأما حقكم على نسائكم فلا يوطِئن فُرُشَكم من تكرهون ولا يأْذَنَّ في بيوتكم من تكرهون ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن ) .
الملاحظ أن بعض من يفسرون آيات الله برؤيتهم الخاصة ومعتنقاتهم الفاسدة تحت شعار إنسانية المرأة وكرامتها ويتشدقون بقصد الدفاع عن الاسلام بنفي معنى اضربوهن الواضح في الآية والاحاديث الصحيحة , يأخذون من الآية ما يريدون فقط وهي كلمة الضرب وينسون التسلسل الذي ورد في الآية حيث ورد في البداية مدحٌ للمرأة المؤمنة الحافظة لحدود الزوج ومن ثَمَّ ورد ذكر الناشز ، فالكلام إذاً يتعلق بنوع خاص من النساء وليس كل النساء ، والمعروف أن طبائع الناس تختلف من شخص لآخر وما ينفع الواحد لا ينفع الثاني، ومن عدالة الإسلام أنه أورد العلاج لكل حالة من الحالات ، فما دام " يوجد في هذا العالم امرأة من ألف امرأة تصلحها هذه العقوبة ، فالشريعة التي يفوتها هذا الغرض شريعة غير تامة ، لأنها بذلك تُؤثِر هدم الأسرة على هذا الإجراء وهذا ليس شأنه شريعة الإسلام المنزلة من عند الله " .
والواقع أن " التأديب لأرباب الشذوذ والانحراف الذين لا تنفع فيهم الموعظة ولا الهجر أمر تدعو إليه الفِطَر ويقضي به نظام المجتمع ، وقد وَكَلته الطبيعة من الأبناء إلى الآباء كما وكلته من الأمم إلى الحكام ولولاه لما بقيت أسرة ولا صلحت أمة . وما كانت الحروب المادية التي عمادها الحديد والنار بين الأمم المتحضرة الآن إلا نوعاً من هذا التأديب في نظر المهاجمين وفي تقدير الشرائع لظاهرة الحرب والقتال " .
إضافة إلى ذلك فإن الضرب الوارد في الآية مشروط بكونه ضرباً غير مبرح وقد فسر المفسرون الضرب غير المبرح بأنه ضرب غير شديد ولا شاق ، ولا يكون الضرب كذلك إلا إذا كان خفيفاً وبآلة خفيفة ، كالسواك ونحوه .
ولا يكون القصد من هذا الضرب الإيلام وإطفاء الغيظ ولكن التأديب والإصلاح والتقويم والعلاج ، والمفترض أن التي تتلقى الضرب امرأة ناشز ، لم تنفع معها الموعظة والهجر ، لذلك جاء الضرب الخفيف علاجاً لتفادي الطلاق ، خاصة أن نشوز بعض النساء يكون عن غير وعيٍ وإدراكٍ لعواقب خراب البيوت وتفتت الأسرة .
إن سعي بعض الداعي لإبطال مفعول آية الضرب تحت حجة المساواة (او مهاجمة فكر معين ) لن يفيد في إيقاف عملية الضرب إذ إن المراة ستبقى تُضرب خِفْية كما يحصل في دول العالم الغربي الحافل بالقوانين البشرية التي تمنع الضرب ، وتشير إحدى الدراسات الأميركية التي أجريت عام 1987 إلى أن 79% من الرجال يقومون بضرب النساء … ( هذا عام 87 فكيف النسبة اليوم ) ويقدر عدد النساء اللواتي يُضربن في بيوتهن كل عام بستة ملايين امرأة .
فإذا كان هذا العدد في تزايد في تلك الدول التي تحرّم الضرب ، فلماذا لا يوجد في بيئاتنا الإسلامية هذا العدد مع أن شريعتنا تبيح الضرب ؟ أليس لأن قاعدة السكن والمودة هي الأساس بينما العظة والهجران والضرب هي حالات شاذة تُقَدَّر بضوابطها وكما قال تعالى في نهاية الآية : { فإن أطعنكم فليس لكم عليهن سبيلاً } .
لو ناقشنا وحاورنا في معان مبهمة او مطاطة او قابلة لعدة تأويلات لكان ذلك من باب النقاش مفهوما , أما حين نتحدث في آية صريحة تصدقها أحاديث صحيحة هنا ندخل في موقف شائك عقائديا !
تحياتي للموحدين
Bookmarks