السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن أحد أشهر الاعتراضات التي أقرأها في أدبيات الملحدين عن الإسلام هي عن تعذيب غير المؤمن الصالح في النار لعدم إيمانه بالله فهم يقولون لماذا يعاقب الله شخصا يكفر به رغم ما يقوم به من أعمال إنسانية وخدمات جليلة للبشرية في حين أن شخصا شريرا أو في أحسن الأحوال شخص عادي لم يقدم أعمالا إنسانية أو خدمات جليلة للبشرية يدخل الجنة لا لشئ سوى لأنه آمن بالله!
بداية إن المسلم الشرير لا يدخل الجنة. فللنجاة من النار ودخول الجنة لا بد من توافر شرطين معا ، وهما الإيمان والعمل الصالح ، لذا يتردد فى القرآن الكريم قوله تعالى " الذين آمنوا وعملوا الصالحات ..". فالإيمان وحده بلا عمل صالح لا يثمر ، والعمل الصالح بدون إيمان حقيقى لا ينفع.
كما أن غير المؤمن الشرير لا يستحق دخول الجنة وأعتقد أن الجميع متفقين على هذا.
أما غير المؤمن الصالح فلا يستحق دخول الجنة وعمله لا ينفعه ولتوضيح ذلك سأضرب مثالا بسيطا. تخيل أنك أستاذا في مدرسة وعندك تلميذ طيب جدا. هذا التلميذ يتبرع للفصل وللمدرسة ويساعد زملاءه المحتاجين كما أنه مطيع جدا لوالديه ولا تسمع منه لغوا في المدرسة أو في الشارع. ببساطة إنه ولد مثالي. لكن جاء وقت امتحان أخر السنة ورسب فيه هذا التلميذ. فهل من العدل أن يقوم الأستاذ بتنجيح هذا الطالب بسبب حسن سيره وسلوكه؟ ألا يقتضي العدل أن يرسب هذا التلميذ رغم أفعاله الطيبة, وأن ينجح بدلا منه تلميذ مجتهد درس وتعلم ونجح في الامتحان؟
أعتقد أن الصورة الآن قد اتضحت. فالأستاذ يرمز للذات الإلهية, والتلميذ الطيب الراسب يرمز لغير المؤمن الطيب, والتلميذ الناجح يرمز للمؤمن.
فالإنسان غير المؤمن الطيب لا يستحق دخول الجنة لأنه كفر بالله تعالى, وأفعاله الصالحة لا يجب أن تنفعه في هذا تماما كما لم تنفع الأعمال الخيرية للتلميذ الراسب في مروره امتحان أخر السنة.
أما الإنسان المؤمن والذي لم يقم بأعمال إنسانية وخدمات بشرية مثل ذلك الإنسان غير المؤمن, ربما لنقص في موارده المالية مثلا, فإنه يستحق دخول الجنة لأنه آمن بالله تعالى, تماما مثل ذلك التلميذ المجتهد.
بالتالي يتضح لنا أن الخلود الأبدي في النار لغير المؤمن الصالح لا ينافي عدل الله سبحانه وتعالى ورحمته لأنه الجزاء العادل على ما فعله.
Bookmarks