أسس تربوية للمرأة المسلمة

د. أحمد الشرقاوي

دور الأسرة المسلمة في التربية دور أساسي لا يمكن إغفاله؛ فالأسرة المسلمة هي المحور العام والمنطلق الأساس للتربية، والأسرة هي المنسق والموثق بين الأولاد وجميع المؤسسات التربوية الأخرى، وهي المسؤولة عن متابعة الأولاد والإشراف عليهم.
وتربية الأولاد فريضة شرعية، وحق من حقوق الأولاد على الآباء والأمة، قال تعالى في سورة التحريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عليهَا مَلَائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:6]
فالواجب على الإنسان أن يصلح نفسه وأهله، ولا يشغله إصلاح نفسه عن إصلاح أهله، ولا ينشغل بإصلاح أهله عن إصلاح نفسه، ولا ينشغل بعيوب غيره عن عيوب نفسه.
وتربية الأولاد أمانة ومسؤولية على عاتق الآباء والأمهات يسألهم الله عنها يوم القيامة قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: ((إن الله سائلٌ كلَّ راعٍ عما استرعاه حفظه أم ضيَّعه ويسأل الرجل عن أهل بيته)).

ضرورة عصرية:
لا سبيل إلى النهوض بالمجتمع المسلم علمياً وإيمانياً وخلقياً وثقافياً وسياسياً واقتصادياً إلا من خلال التربية الأسرية التي تسعى إلى إصلاح الفرد ليكون لبنةً صالحةً، وعنصراً نافعاً في المجتمع؛ فبصلاح الفرد يصلح المجتمع، ومن أهم أسباب تخلف العالم الإسلامي وتراجع حضارته وتفرق وحدته، غياب دور الأسرة التربوي في إعداد الجيل المسلم الذي يعيد للأمة مجدها ونهضتها وعزتها وكرامتها، وصلاحها وقوتها؛ فالتربية حصن مكين من مكائد أعداء الدين.
وقد نتج عن غياب دور الأسرة، وتنحيته، إتاحةُ الفرصة لأهل الفسوق والانحلال والفساد والضلال كي يبثوا سمومهم، وينشروا ضلالهم من خلال سيطرتهم على كثير من وسائل الإعلام ومؤسسات التعليم.
من هنا كانت الأهمية البالغة للتربية الأسرية لتحصين الأجيال من تلك السموم التي صارت تُبَث من جهات شتى لإثارة الشبهات، وتهييج الشهوات من خلال الصحف والمجلات والفضائيات والكتب والمجلات والندوات والمؤتمرات.
هذا السيل العارم يحتاج إلى حصن منيع لاسيما وقد سقطت كثير من الحصون في أيدي أعداء الله، وصار الحِملُ ثقيلاً والعبء جسيماً على الأسرة المسلمة التي صارت مهددة ومستهدفة من أعداء الإسلام.
فما أحوجنا إلى أن نتمسك بهذا الحصن، وأن نتشبث به، وأن نعلم أنه لا سبيل لنا إلى استعادة حصوننا الأخرى إلا من خلاله؛ فهو المنطلق لنا إلى الإصلاح الشامل في شتى الجوانب.

التربية الإيمانية طريقك إلى الجنة:
بالتربية الأسرية القويمة نخرج أجيال النصر والتمكين التي تحتاج إلى تربية راشدة، وللتربية الإيمانية ثمراتها الباقية للأسرة؛ حيث ينعم الأبوان ويتمتعان ببِرِّ أولادهما الصالحين الذين تربوا على الأخلاق والقيم الأصيلة، وينتفعان بصلاحهما بعد مماتهما؛ لأن الله - تعالى - ينفعهما بدعاء ولدهما الصالح، ويرفع درجتهما باستغفاره وصلاحه، وفي ذلك يقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقولُ يارب أنَّى لي هذه؛ فيقول باستغفار ولدك لك))، فمن أراد أن يُرزق ببر أولاده فليجتهد في تربيتهم تربية إيمانية؛ لأن المؤمن يعرف حق الله - تعالى - عليه وحق أبويه وحق زوجته وأولاده وسائر الحقوق، ومن أحب أن ينعم بصحبة أهله في جنات النعيم فإن الطريق إلى لَمِّ شمل الأسرة في الجنة يبدأ من التربية الإيمانية للذرية قال - تعالى - في سورة الطور: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ [الطور:21]، وقال - عز وجل - في سورة الرعد: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ على هِم مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلاَمٌ عليكُم بِمَا صَبَرْتُم ْفَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: 23،24].
ومن دعاء الملائكة - عليهم السلام - كما أخبر القرآن الكريم: {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ التي وعدتهم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [غافر8].
ومن أعظم الخسران أن يخسر الإنسان نفسه وأهله قال - تعالى -: {قُلْ إن الخاسرين الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يوم القيامة أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الزمر15].
من هنا كانت أهمية التربية وثمراتها العاجلة والآجلة، وفوائدها الجمة للآباء والأبناء، للفرد والمجتمع، في الدنيا وفي الآخرة، والله أعلم.

المؤهلات التربوية للأسرة المسلمة:
إذا كان لا بد للمعلم والمعلمة من الحصول على مؤهل تربوي إضافة إلى التخصص العلمي، فما هي المؤهلات التربوية للأسرة المسلمة التي يُسنَد إليها القيام بالدور الرئيس في تربية الأبناء، ما هي التربة الصالحة، وأي بلد طيب، وأي بيئة سليمة نقية ينبغي أن ينشأ فيها فتياننا، أليست الأم أحوج إلى التأهيل والإعداد.

الأساس المتين:
لا بد لكل بناء مكين من أساس متين؛ فالأساس هو المعيار والمقياس لمدى متانة وصلابة وصلاحية أي بناء، والله - عز وجل - يقول في كتابه الكريم: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى َشَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لا َيَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [التوبة: 109].
وأول المقومات الأساسية للأسرة الصالحة: قيامها على أساس متين، ومقياس دقيق، وعناصر صالحة؛ فأساس بنيانها هو الزواج الشرعي، وهو شرعة ربانية، ونعمة إلهية، وفطرة إنسانية، وسنة كونية، وحماية للأعراض، وهو السبيل الشرعي إلى تكثير النسل وحمايته، ومقياس انتقاء الزوجين: تقوى الله وحسن الخلق، وإذا كانت التربة نقية غنية، والبذرة صالحة، والشجرة طيبة كانت الفروع مخضرة مزهرة، مثمرة يانعة.
وحين يتربى النشأ في بيت أُسس على تقوى الله - تعالى - وتزوَّد وتجمَّل بالأخلاق الكريمة فإنه يستمسك ّبهذه المبادئ الكريمة.

إقامة حدود الله:
من خصائص الأسرة المسلمة ومن أهم مقوماتها: حرصها على إقامة حدود الله؛ أي تطبيق شرعه - تعالى - في جميع شؤونها؛ فلقد قامت على تقوى من الله ورضوان، واجتمعت على هدف واحد هو الذي من أجله خُلقت وتكونت، إنه عبادة الله – تعالى - الهدف الأسمى والمقصد الأعلى لقيامها وتكوينها، وقيمة الحياة الزوجية بقدر تحقيقها لهذا الهدف، فإذا نكبت عنه، أو أهملته، فلا قيمة لها؛ لذا أعطى الإسلام المرأة الحق في الخلع إذا خافت عدم إقامة حدود الله فلم تجد لديها القابلية في استمرار حياتها الزوجية، قال - تعالى - في سورة البقرة: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بإحسان ولا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خفتم ألا يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة:229].
وأخرج ابن ماجة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس: أن جميلة بنت سلول أتت النبي – صلى الله عليه وسلم – فقالت: ((والله ما أعيب على ثابت في دين ولا خلق ولكني أكره الكفر في الإسلام، لا أطيقه بغضاً فقال لها النبي: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، فأمره رسول الله أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد))، ويقال: إنها كانت تبغضه أشد البغض، وكان يحبها أشد الحب، ففرق رسول الله بينهما بطريق الخلع، فكان أول خلع في الإسلام.
وإذا كان الخوف من عدم إقامة حدود الله في الحياة الزوجية يعطي المرأة الحق في الخلع والرجل الحق في الطلاق، فإنه إن ظنَّا إمكانَ المعاشرة والاستمتاع مع رعاية الحقوق والواجبات، يجوز لهما الرجوع ما لم تكن متزوجة بغيره، أي إن طلق الرجل زوجته طلقة ثالثة فقد بانت منه وحرم عليه مراجعتها إلا إذا تزوجت زواجاً شرعياً من غيره وطُلِّقت منه قال - تعالى -: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [البقرة 230]، أي: فإن طلقها الزوج الثاني جاز لها الرجوع إلى الأول إن ظنَّا إمكان إقامة حدود الله في حياتهما الزوجية.
وهكذا ينشأ الولد ويترعرع في أحضان أسرة أقيمت على تقوى من الله ورضوان وتعاهدت وتعاونت على إقامة حدود الله، وفي هذا الجو العاطر، وفي هذه البيئة الصالحة، وفي هذا البيت العامر تتفتح الأذهان، وتتفتق المواهب، وتؤتي أشجار التربية أكلها، ولن تؤدي الأسرة دورها التربوي المنشود إلا إذا كانت مترابطة متعاونة متعاهدة متواصية على إقامة حدود الله.

الالتزام بآداب الإسلام:
لن تؤدي الأسرة دورها التربوي على الوجه الأمثل إلا إذا التزمت بالآداب الإسلامية في جميع شؤونها، في طعامها وشرابها، في نومها واستيقاظها، في مجالسها وأحاديثها، في جدِّها وهزلها، في أفراحها وأتراحها، وفي سائر شؤونها، وفي هذا الجو الإيماني، وفي هذا الرقي الأخلاقي ينشأ الجيل المسلم.

البعد عن التقاليد الجاهلية الراكدة والوافدة:
من أهم مقومات الأسرة المسلمة ومؤهلاتها التربوية بعدها عن جميع العادات والتقاليد الجاهلية الراكدة، التي توارثتها الأجيال، خاصة ما يحدث في المناسبات كالأفراح والمآتم والموالد من بدع جاهلية، وتقاليد بالية، فالواجب على الأسرة المسلمة أن تحذر من تسرب هذه العادات الجاهلية الراكدة إلى الأجيال الصاعدة، وأن تحذر الأولاد من خطورتها وحرمتها.
وأيضاً بالنسبة إلى العادات والتقاليد الغريبة الوافدة التي شاعت في هذه الأيام وتسربت – لاسيما عن طريق وسائل الإعلام- كعادة التبرج حيث تخرج المرأة من بيتها متعطرة حاسرة عن شعرها،كاشفة ساقيها وذراعيها مبرزة لمحاسنها ومفاتنها، ومن العادات الخطيرة التي تسربت إلى بعض أسر المسلمين - عن طريق الغرب - عادة الاختلاط، تلك العادة التي تعد من أشد معاول هدم البناء الأسري، ومن أخطر التحديات التي تواجه تربية النشأ المسلم، فعلى الأسرة المسلمة الراشدة أن تحذر منه وأن تتجنبه ما أمكنها ذلك، وإذا اقتضت الضرورة ذلك فلابد من الالتزام بالأحكام والآداب الشرعية، حتى تحافظ الأسرة على عفتها وكرامتها وتصون عرضها ومروءتها.

تحري الحلال الطيب:
قال - تعالى -: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [البقرة 168،169]، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله - تعالى - أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين))، وقال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عليمٌ}[المؤمنون51]، وقال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة 172].
عن أبي عبد الله النعمان بن بشير - رضي الله تعالى عنهما - قال سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: ((إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهنَّ كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه و عرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)).
فيجب على الأسرة المسلمة أن تتحرى الحلال الطيب، وأن تمتنع عن الحرام، وأن تتقي الشبهات حتى يبارك الله - تعالى في الذرية - قال بعض السلف: "لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع مالا بأس به حذراً مما به بأس"، وقال بعض الصحابة: "كنا ندع سبعين باباً من الحلال مخافة أن نقع في باب من الحرام"، وكان نساء السلف الصالح إذا خرج زوج إحداهن من بيته تقول له: "اتق الله فينا ولا تطعمنا حراماً؛ فإننا نصبر على الجوع، ولا نصبر على نار جهنم".
رُوى أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وصله مسك من البحرين فقال: وددت لو أن امرأة وزنت حتى أقسمه بين المسلمين، فقالت: امرأته عاتقة أنا أجيد الوزن فسكت عنها، ثم أعاد القول فأعادت الجواب، فقال: لا. أحببت أن تضعينه بكفة ثم تقولي فيها أثر الغبار فتمسحي بها عنقك؛ فأصيب بذلك فضلاً على المسلمين.
ورُوى عن أخت بشر الحافي -وهو من الزهاد العباد - أنها سألت الإمام أحمد بن حنبل قائلة: إنا نغزل على سطوحنا فتمر بنا مشاعل الظاهرية ويقع علينا شعاعها، فهل يجوز لنا؟ فقال من أنت عافاك الله؟ قالت: أخت بشر الحافي: فبكي - رحمه الله – وقال: من بيتكم يخرج الورع.

الاقتصاد في المعيشة:
على الأسرة المسلمة أن تكون مقتصدة في مطعمها ومشربها ومسكنها وملبسها وسائر شؤونها؛ فإن الترف من أسباب الفساد والانحلال – وصدق من قال:
والنَّفْسُ كَالطِّفْلِ إِن تُهْمِلْهُ شَبَّ عَلَى حُبِّ الرَّضَاعِ وَإِن تَفْطِمْهُ يَنفَطِمِ


فلا إسراف ولا تقتير قال - تعالى - :{وَالَّذِين َإِذَا أَنفَقُوا لَم يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِك َقَوَاما} [الفرقان67] أي: ليسوا مبذرين في إنفاقهم ولا بخلاء على أهليهم بل معتدلون في الإنفاق، وخير الأمور أوسطها، وقد سأل عبد الملك بن مروان ابن أخيه عمر بن عبد العزيز ما نفقته؟ فقال: الحسنة بين السيئتين، ثم تلا هذه الآية {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} [الفرقان67]
وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "كفى بالمرء سرفاً ألا يشتهي شيئاً إلا اشتراه"

الترابط والمودة:
من المقومات الأساسية للأسرة المسلمة الترابط الأسري بين جميع أفراد الأسرة، "فإذا اجتمع الزوجان على أساس من الرحمة والاطمئنان النفسي المتبادل، فحينئذ يتربى الناشئ في جو سعيد يهُبُّهَا الثقة والاطمئنان، والعطف والمودة، بعيداً عن القلق والعقد والأمراض النفسية التي تضعف شخصيته" ولقد أنشأ الله – تعالى - العلاقة الزوجية على أساس المودة والرحمة والسكينة والطمأنينة قال - تعالى –: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم21].

وما أحوج النشء إلى الحياة الهادئة الهانئة، الآمنة المطمئنة، التي تسودها روح المودة والرحمة بين جميع أفرادها، ثم إن الأسرة المسلمة تربطها بمن حولها علاقات طيبة وصلات وثيقة؛ فالأسرة المسلمة تراعي حق ذوي القربى، وحق الجوار، وسائر الحقوق، أَلا ما أحوج النشء إلى العيش في هذا الجو الإيماني؛ حتى يتعود منذ صغره على الفضائل والمكارم، والتواد والتراحم، والتآلف والتعاطف، والسكينة والطمأنينة.

المصدر