قام أحد الملحدين هنا بنسخ ولصق قصة سليمان مع ملكة سبأ بطريقة منقوصة وقام بإيراد بعض الشبهات عليها وهذه ردودي على تلك الشبهات.
الآيات التي أوردها الأخ منقوصة هي التالية:

"وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ
لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ
فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ
إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ
وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ
أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ
اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ۩
قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ
اذْهَبْ بِكِتَابِي هَٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ
قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ
إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ" (النمل 20-31)
وقد أورد الكاتب بشكل خاطئ ما يعتقد أن هذه الآيات تدعو إليه وهذه ردودي:
1. أن نتعامل بخشونة مع الطيور ولانلقي بالاً لما يردّده أصحاب القلوب الرحيمة عن الرفق بالحيوان حيث أننا يجب أن نتعامل مع الطيور على أساس أنها تستطيع أن تفهم وتعقل وبالتالي فهي تستحق العقاب إذا لم تطعنا مع ملاحظة أن العقاب يجب أن يكون بالتعذيب أو بالذبح وسحقاً للرفق بالحيوان.
هدهد سليمان كان طيرا عاقلا سخره الله لسليمان كما سخر له الرياح والجن. بالتالي فالهدهد يستحق العقاب إذا لم يطع سليمان.
والآية الكريمة لا تأمرنا بتاتا أن نعذب الطيور إلخ... ما ذهبت إليه. ولا توجد آية واحدة في القرآن الكريم بأكمله تأمرنا بهذا. حقوق الحيوان محفوظة في القرآن الكريم. الآيات الكريمة تقص علينا ما قاله سليمان عليه السلام في لحظة غضب. والأنبياء أولا وأخيرا بشر وغير معصومون من الخطأ إلا في الوحي. قد يغضبون ويندمون ويضحكون ويمزحون. والمهم في النهاية أن سليمان لم يعذب الهدهد رغم أنه عاقل. فكل ما قاله إذن كان في لحظة غضب.
2. أن نتعامل مع مَن يعملون لدينا بمبدأ التهديد والشك الدائم ولانُظهر لهم أي احترام أو ثقة مهما كانت نواياهم صادقة لصالح العمل.
أنت هنا تتحامل على الآيات كعادتك وتحملها ما لا تقوله. الآيات الكريمة لم تقل ما تدعيه. عندما تذهب كصاحب عمل وترى أحد العاملين لديك غير موجود وفي رحلة مثلا ألن تغضب منه وتخصم من أجره؟ إذا جاء إليك بعذر ما ألن تحاول التأكد من عذره وإن كان صادقا أو يكذب ليهرب من فعلته؟ لا يوجد أي مانع أخلاقي في كل هذا وهذا هو ما فعله سليمان عليه السلام.
3. أننا يجب علينا ان نتعامل مع مَن يخالفونا الرأي أو العقيدة بمبدأ التهديد وليّ الذراع.
4. أننا إذا شعرنا أننا أقوى من الآخرين فيجب علينا ألا نتردد في فرض أفكارنا عليهم رغماً عنهم حيث أننا نمتلك الحق طالما أننا نمتلك القوة
أين حدث كل هذا يا رجل بالله عليك؟ لقد أرسل سليمان لهم كتابا يدعوهم فيه لعبادة الله. وملكة سبأ اعترفت بنفسها أن الكتاب كريم ولا يحمل أي تهديد أو وعيد. ما قاله سليمان أن لا يتعالوا عليه ولا شئ خطأ في هذا فالبشر يجب أن لا يتعالوا على بعضهم البعض وأن يتعاملوا سواسية مع بعضهم وطلب منهم سلميا أن يأتوه مسلمين وبالفعل ذهبت ملكة سبأ لسليمان عليه السلام وأعلنت إسلامها وهذا ما تقوله باقي الآيات التي لم تكملها والسبب معروف بالطبع. هذه هي الآيات التي لم يوردها الأخ:
" قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ
قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ
قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ۖ وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ
وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ
فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ
ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ
قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ
قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ ۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ
قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَٰذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ
قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ
فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَٰكَذَا عَرْشُكِ ۖ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ۚ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ
وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ۖ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ
قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ ۗ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" (النمل 32-44)
فكما نرى عرضت ملكة سبأ الأمر على مستشاريها فقالوا أنهم مستعدون لمحاربة سليمان ثم أرسلت لسليمان هدية ولكن سليمان قال إن كنتم تريدون حربا فسنهزمكم فلا بد أنه عرف ماذا كانوا يدبرون له ولكنه لم يرد الحرب فجاء بعرش ملكة سبأ إلى عنده ولما وصلت ملكة سبأ بنفسها صدمتها المعجزة فأسلمت مع سليمان لله رب العالمين.
فما فعله سليمان كان عمل دعوي سلمي لا أكثر ولا أقل فلم يفرض أفكاره على أحد ولم يهدد أو يلوي ذراع أحد ولم يتهجم على أحد.
(وبالتالي فلايجب علينا أن نلوم الولايات المتحدة على سياسة العنجهية التي تمارسها على الدول الأخرى)
الولايات المتحدة تقوم بفرض عقوبات وحصارات اقتصادية تسببت في موت ملايين الأطفال وتشن الحروب على المسالمين بسبب مصالحاها الخاصة. حاشا لأنبياء الله سبحانه وتعالى أن يفعلوا هذا فأرجوك لا تقارن بينهم وبين ما تفعله الولايات المتحدة اليوم لأنها مقارنة ظالمة جدا.