ان كنت تقصد بالمبدأ المبادئ المطلقة فأوافقك فلا تعلق لكلامي بها..لكن المبادئ المطلقة هي في عامتها لا وجود لها على ارض الواقع..في الواقع لا اعتراف الا بالمبادئ النسبية...المقيدة...المحددة و المقدرة...فالقتل أشد من الاسترقاق من حيث المبدأ و الفتنة اشد منهما...و لكننا نجيزه في أحوال منها المعاملة بالمثل لدفع الصائل عنك...فلا وجود لمبدأ مطلق على ارض الواقع..بل كل مبدأ أخلاقي او جمالي كما لاحظه و قرره عقلاء المهتمين بهذ المجال تختلف قيمته و وقعه من ميزان الخطأ و الصواب بحسب ارتباطه بمبادئ النفعية والحاجة و الضرورة و غيرها من المقيدات الواقعية ...و تكون الارتباطات بينها على ارض الواقع مختلفة من حيث درجة التعقيد و البساطة حيث بعض المبادئ حسابات المصالح و المفاسد في ارتباطاتها تكون بسيطة يسهل ادراكها على عامة الناس لهذا تجد شبه اجماع عليها و بعضها الآخر ارتباطاتها دقيقة و متشعبة ما يجعل التفريق بين الأحوال التي تكون مباحة فيها و الأحوال التي تكون محرمة فيها متعذرة على اغلب العقول البشرية لهذا تجد اختلافا شديدا بين الناس في تحديدها ما يفرض ضرورة الرجوع الى حكمة اعلى و اكبر من الحكمة البشرية مدركة لتعقيدات المصالح و المفاسد في الوجود ..لتحكم فيما يختلف فيه الناس...و لهذا فلا تظنن ان من قرر القاء قنبلة هيروشيما مثلا لم يكونوا على دراية بالمنظومات القيمية و الأخلاقية بل منهم من كان على تكوين عال من الناحية الحقوقية ...الاان حساباتهم لنفعية هذه الحقوق في الظروف الاستثنائية و الموازنة بين مفسدة القتل الجماعي و مفسدة استمرار حرب كونية مع انعدام مرجع اعلى من ذواتهم انفسهم في تحديد الحدود القيمية في جميع الظروف.و ذواتهم هي طرف في الصراع نفسه مما ادى الى تيقنهم بمبدأ ان القوي هو من يصنع القيم و الحقائق و الأخلاق..كل هذا ادى لعدم ضبط معيار المعاملة بالمثل و ادى الى الكارثة المعروفة ...و قد سمعت لونستون تشرشل في مجلس اللوردات أثناء الحرب يقول اننا في هذا الظرف لو استفتينا الناس الآن ان كان يجب علينا قذف مساكن المدنيين النازيين على نسائهم و اطفالهم كما يقصفونها على نسائنا و اطفالنا بالمثل لكانت النتيجة أغلبية ساحقة..و بالفعل تم تهميش المعارضة القليلة في مجلس العموم البريطاني المنادية باحترام المواثيق الدولية في عدم التعرض للمدنيين...فهذا يدلك على ان القيم و المبادئ هي نسبية..و تحديد نسبيتها و توافقها مع معيار الصواب و الخطأ قد لا تستطيع ادراكه كبار العقول البشرية لدقتها وهي اشكالية معروفة عند من درس اصول القانون الدولي و فلسفته ..و هذا في القتل الذي هو اوضح من الاسترقاق...و ضرره اوضح و مفاسده ابين..و مع ذلك فالاسلام لم يبحه مطلقا انما قيده بحالة المعاملة بالمثل ان استرقونا ..و هو اعلم بعباده و مصالحهم و الله أعلمأخي غياض أوافق على ما كتبته لكنه لا يتعلق بالمبدأ.
Bookmarks